[email protected] يعتمد الإنسان في حياته على الهواء الذي يعتبر أحد المكونات الأساسية في عملية الاستنشاق، ويتألف من عدة غازات أهمها الأكسجين، وإذا ما تلوث هذا الهواء يصبح الإنسان مهددا بالأمراض والأوبئة. فالبيئة تلعب دورا مهما على مستوى الصحة وعلى مستوى التكوين الفيزيولوجي والجسمي للإنسان. فغياب المساحات الخضراء، بمحيطنا، أصبحنا مهددين بالتلوث البيئي، حقيقة لامفر منها جراء الغازات المنبعثة من السيارات، ومحركاتها التي تعتمد على وقود الكازولين المهرب، والذي يحتوي على كمية كبيرة من الرصاص، بالإضافة إلى الغبارالكثيف المتواجد حولنا، نتيجة الضغط الممارس على القشرة الأرضية، مما حول مظهر الشوارع، إلى شبه ملاعب الثيران، وإذا ما هبت الرياح ترى الغبار والأكياس تتطاير في السماء، كأنها زوبعة رملية هبت من الصحراء، مما شوه وجه المباني والمدينة. وأحيانا يتسأل المرء : أنحن حقا في المدينة؟ مدينة ولكن بدون مقومات البنية التحتية، فحتى المنازل بالداخل لم تنجو من الغبار، في ظل غياب الشوارع المزفته، التي كان من الأجدر على ملاك الأراضي تجهيزها وتزفيتها قبل بيعها للمواطن، فأشير هنا أن منطقة الدريوش، مرت بمرحلة تهافت التهافت، ليس تهافتا على العلم أو المصلحة العامة، وانما تهافت ذوي الأموال على الأراضي كيفما كان شكلها ونوعها، مما أفرز أحياء ودور عشوائية تفتقد الى التجهيزات. في الوقت الذي كانت بعض الجمعيات والتعاونيات ترغب في اقتناء البقع الارضيه، لتجهيزها وتزفيتها، لكنها سرعان ما فشلت أمام زحف سياسة تبييض الأموال، ومافيات العقار. فالمواطن لم يعي بعد، بسلبيات الغبار وأثاره على الصحة، وعلى المكان الذي يعيش فيه، حيث ترى البعض منهم، يظل يوما كاملا في حرث الشوارع لا يأبه بالغبار ولا بالتلوث، لايتوقف عن استعمال السيارة، ولو لمسافة 200 متر ذهابا وايابا، اما بعض الشباب المتهور، بدل أن يلجأ إلى تعليم الخياطة على الثوب، يستبدلوها بخياطة الشوارع، للتحرش على الفتيات والنساء، على متن دراجات نارية، بمختلف الأحجام والأنواع، تملأ الكون غبارا وتحدت ضجيجا وصخبا وإزعاجا للمارين والجالسين. فالغالبية العظمى من الناس، تجهل بأن الغبار يشكل هو الأخر خطرا على البيئة، فحسب البحوث التي يقوم بها الاتحاد الجغرافي الدولي للبيئة، حيث استخلص البر فسور أندري جودي ( عالم بارز مختص في شؤون البيئة، أستاذ بجامعة أوكسفورد ) في أحد مؤتمرات الجغرافيين، أن الكميات الكبيرة من الغبار التي تهب على الأرض قد يكون لها عواقب وخيمة، وتؤثر على صحة الإنسان والشعب المرجانية، وتلعب دورا في التغير المناخي، وقال جودي أنه في أجزاء من شمال افر يقيا زاد إنتاج الغبار عشرة أضعاف في الخمسين عاما الأخيرة. فالغبار يؤثر تأثيرا كبيرا على الجهاز التنفسي، ويسبب أعراضا كثيرة، كالربو والكحة والحساسية، وهذه حقيقة أصبحنا نعيشها في واقعنا. وأمام هذه الوضعية البيئية الخطيرة، التي أصبح الإنسان يهدد بها الاستقرار الكوني، لابد من مراجعة سلوكنا في المحيط الذي نعيشه، حتى نحافظ على التوازن البيئي، وذلك بتوفير المساحات الخضراء، والاعتماد على تزيين الشوارع بالأشجار والنباتات، والاهتمام بالنظافة وجمع النفايات والقمامات في أماكن خاصة، بعيدة عن التجمعات السكانية. وقد عنونت المقال بيوم دون سيارة الذي يعادل يوما دون غبار، الذي أصبح يشكل هاجسا لدى ساكنة الدريوش، وتنبيها كذلك للخطورة التي تشكلها وسائل النقل داخل المدار الحضري، ومحاولة الاستغناء عنها في المسافات القصيرة، والاعتماد على وسائل بديلة. إسهاما منا في إشاعة الوعي وثقافة المحافظة على البيئة، من أجل سلامتنا وسلامة أطفالنا فالجسم السليم في البيئة السليمة. فالأمة تحتاج إلى أجيال في صحة وعافية ليخدمها، لا إلى جيل مريض عقليا وجسديا، بالتلوث والسجائر وأنواع المخدرات والمسكرات، وكل المهلكات.