كالحوت لا يجتمعون إلا في طاجين !    الشرطة الأمريكية تعثر على جثة المشتبه به في تنفيذ عملية إطلاق النار بجامعة براون    البورصة تبدأ التداولات على وقع الأخضر    حمد الله يختتم مشواره الكروي بالذهب العربي ويعتزل دوليا    مندوبية التخطيط: انخفاض التضخم بنسبة 0,3 بالمائة خلال نونبر الماضي    تقرير: المغرب من أكثر الدول المستفيدة من برنامج المعدات العسكرية الأمريكية الفائضة    "الصحة العالمية": أكثر من ألف مريض توفوا وهم ينتظرون إجلاءهم من غزة منذ منتصف 2024    زلزال بقوة 5.7 درجات يضرب أفغانستان    نقابة المكتب الوطني للمطارات تضع خارطة طريق "لإقلاع اجتماعي" يواكب التحولات الهيكلية للمؤسسة    ميناء الحسيمة : انخفاض كمية مفرغات الصيد البحري    "فيفا" يعلن تقاسم السعودية والإمارات المركز الثالث في كأس العرب    حمد الله: "الانتقادات زادتني إصرارا على التألق.. والله جلبني لهذه الكأس في سن ال35 ليعوضني عن السنين العجاف مع المنتخب"    رئاسة النيابة العامة تقرر إلزامية الفحص الطبي للموقوفين تعزيزا للحقوق والحريات    رئاسة النيابة العامة تؤكد إلزامية إخضاع الأشخاص الموقوفين لفحص طبي تعزيزا للحقوق والحريات (بلاغ)    استمرار تراجع أسعار النفط للأسبوع الثاني على التوالي    الرباط تحتضن مقر الأمانة الدائمة للشبكة الإفريقية للوقاية من التعذيب    نادي الإعلام والدراسات السياسية بكلية الحقوق المحمدية : ندوة علمية لمناقشة الواقع الإعلامي المغربي    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    "الكان" يربك حسابات الأندية الأوروبية    جلالة الملك يهنئ أعضاء المنتخب الوطني المغربي الفائز ببطولة كأس العرب    ملك الأردن يقرر منح الجنسية للمدرب جمال السلامي وهذا الأخير يؤكد استمراره مع "النشامى"    انخفاض الذهب والفضة بعد بيانات التضخم في الولايات المتحدة    "أساتذة التعاقد": اعتقال نزهة مجدي سياسي وانتقامي في حق نضالات التنسيقية    كيوسك الجمعة | ودائع الأسر المغربية تتجاوز 959 مليار درهم    ترامب يوقف برنامج قرعة "غرين كارد" للمهاجرين    حمداوي: انخراط الدولة المغربية في مسار التطبيع يسير ضد "التاريخ" و"منطق الأشياء"    هياكل علمية جديدة بأكاديمية المملكة    إدارة ترامب تعلّق قرعة "غرين كارد"    المحافظة العقارية ترفع رقم المعاملات    فرض رسوم التسجيل في سلك الدكتوراه يثير جدلاً دستورياً وقانونياً داخل البرلمان    انخفاض جديد في أسعار الغازوال والبنزين بمحطات الوقود    طقس الجمعة.. أجواء باردة نسبيا وصقيع بالمرتفعات    البرلماني رفيق بناصر يسائل وزير الصحة حول العرض الصحي بمدينة أزمور والجماعات المجاورة    شبهة تضارب مصالح تُقصي إناث اتحاد طنجة لكرة اليد من قاعات التدريب    معدل ملء حقينة السدود يناهز 33٪    الدولة الاجتماعية والحكومة المغربية، أي تنزيل ؟    أسفي بين الفاجعة وحق المدينة في جبر الضرر الجماعي    الحكومة تُغامر بالحق في الصحة: إصلاح بلا تقييم ولا حوار للمجموعات الصحية الترابية    المهندس المعماري يوسف دنيال: شاب يسكنه شغف المعمار .. الحرص على ربط التراث بالابتكار    من المغرب.. رمضان يعلق على إدانته بالحبس    من هم "الحشاشون" وما صحة الروايات التاريخية عنهم؟    السعودية تمنع التصوير داخل الحرمين خلال الحج    منظمة الصحة العالمية تدق ناقوس انتشار سريع لسلالة جديدة من الإنفلونزا    7 طرق كي لا يتحوّل تدريس الأطفال إلى حرب يومية    سلالة إنفلونزا جديدة تجتاح نصف الكرة الشمالي... ومنظمة الصحة العالمية تطلق ناقوس الخطر    متحف اللوفر يفتح أبوابه جزئيا رغم تصويت موظفيه على تمديد الإضراب    توقيف مروج للمخدرات والمؤثرات العقلية بطنجة وحجز أزيد من 1200 قرص طبي    خبراء التربية يناقشون في الرباط قضايا الخطاب وعلاقته باللسانيات والعلوم المعرفية    الموت يفجع أمينوكس في جدته    غوغل تطور أداة البحث العميق في مساعدها الذكي جيميناي    مركز وطني للدفاع يواجه "الدرونات" في ألمانيا    الرباط تحتضن مهرجان "أقدم قفطان" .. مسار زي مغربي عابر للأجيال    مركب نباتي يفتح آفاق علاج "الأكزيما العصبية"    التحكم في السكر يقلل خطر الوفاة القلبية    استمرار إغلاق مسجد الحسن الثاني بالجديدة بقرار من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية وسط دعوات الساكنة عامل الإقليم للتدخل    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ترانسفير غزّة
نشر في الصحيفة يوم 17 - 11 - 2022


1. الرئيسية
2. آراء
ترانسفير غزّة
عبد الحسين شعبان
الخميس 19 أكتوبر 2023 - 19:24
"بصفتي يهوديًا "إسرائيليًا"، من نسل ناجين من الهولوكوست، أعتقد أن المقارنة بين الظروف في فلسطين، وتلك التي سبقت المحرقة، ليست مبرّرة فحسب، وإنما ضرورية أيضًا، فقد أصبحت "إسرائيل" مستعدّة أيديولوجيًا لتنفيذ عملية إبادة جماعية ضدّ الفلسطينيين في الوقت الحالي"، هذا ما كتبه "الإسرائيلي" أميتاي بن أبا، كاتب القصص التأملية التي تستشرف المستقبل في العام 2018، وهو يُشاهد التلفاز، فيرى صورة نتانياهو وترامب يبتسمان بهدوء، بينما يحمل الفلسطينيون قتلاهم في الجانب الآخر. فما أشبه اليوم بالبارحة، حين نستمع إلى نتنياهو وبايدن وهما يزاودان على بعضهما بشأن عقاب غزّة.
فمنذ عملية "طوفان الأقصى"، في السابع من أكتوبر / تشرين الأول الجاري، والتصعيد "الإسرائيلي"،اتّخذ منحىً غير مسبوق، وذلك بتنفيذ عملية كبرى للترانسفير والتهجير العرقي والتغيير الديمغرافي، تلك الذي ظنّ البعض أنها خفتت منذ أواسط السبعينيات، وإن استمرّت فعلى نحو ناعم وفردي، حتى وإن شملت عشرات الألاف.
عملية الترانسفير اليوم تطلّ برأسها من بوابة غزّة بكل قوّة، والتي يعمل المحتل "الإسرائيلي" على إفراغها من سكّانها بُغية ما سمّاه بدء الحرب البريّة، فقد وجدت "إسرائيل" الفرصة سانحة لها لتنفيذ عملية الإجلاء القسري العلني، بغطاء دولي، وتعاطف كبير من جانب الدول الغربية، وخصوصًا الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وغيرها، مع توظيف دعائي ناجح لهذه الحرب الهمجية.
الخشية أن يكون الإجلاء القسري في غزّة مدخلًا لإحياء مخططات "الوطن البديل"، فسكان غزّة، بعد أن عاشوا حالة حصار مدمّر منذ العام 2007، يُمنعون اليوم من الماء والغذاء والدواء والكهرباء، ويعيشون أسرى في سجن كبير، وفوق ذلك يُجبرون على الرحيل تحت القصف، بل أن قوافل الشهداء تزداد خلال عملية الإجلاء أيضًا، إذْ لا تتورّع القوات "الإسرائيلية" عن رمي القنابل فوق الرؤوس، دون أي اعتبار لقواعد القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف لعام 1949.
ولا يُستبعد أن تكون عملية ترانسفير غزّة، هي مقدّمة لترانسفير أوسع، قد يشمل الضفّة الغربية في مرحلة لاحقة، وبالنسبة "للإسرائيليين" إن كل فلسطيني هو مقاوم، وهكذا يصبح الفلسطينيون جميعهم إرهابيين أينما كانوا وحيثما وجدوا، حسب وجهة النظر هذه، وإذا ما نجحت خطة الترانسفير، حينها تكون "إسرائيل نظيفة" و"نقية"، وفقًا لقانون يهودية الدولة، الذي تمّ إقراره من جانب الكينيست في 19 يوليو / تموز 2018، والذي عرّف إسرائيل بأنها "دولة قومية للشعب اليهودي".
وحكاية الترانسفير Transfer ليست جديدة، فقد بدأت قبل تأسيس دولة "إسرائيل" من جانب الميليشيات، وهي تعني مجموعة عمليات وإجراءات لترحيل أكبر عدد من السكان العرب لإحلال يهود محلّهم، وهو ما نظّر له ثيودور هيرتزل في كتابه "دولة اليهود" في العام 1896، وما تقرّر في المؤتمر الصهيوني الأول في مدينة بال السويسرية، الذي أعقبه في العام 1897.
ولهذه الأسباب سعت "إسرائيل" لعرقلة أي جهود لتطبيق القرار 194، الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 1948 بشأن "حق الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم...".
إذا كان القرار 181 الصادر عن الأمم المتحدة، والمعروف باسم قرار التقسيم قد منح اليهود نحو 54% من مساحة فلسطين التاريخية، فإنها بعد العام 1967 احتلّت ما تبقّى منها، بما فيها القسم الشرقي من القدس الشريف، وأصدرت القوانين والقرارات لمصادرة أملاك الغائبين وبناء المستوطنات، وصولًا إلى بناء جدار الفصل العنصري، وارتفعت الدعوات لترحيل العرب من الجانب الشرقي لنهر الأردن، إلى الأراضي الأردنية.
لم يكن شعار "فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"، الذي روّج له المفكّر اليهودي إسرائيل زانجويل، والذي طرحه اللورد البريطاني شافتسبري، بلا مغزى، فقد تمّ الاشتغال عليه ليكون أمرًا واقعًا، وهو اليوم يطبّق في غزّة بأبشع صورة، بإجراءات يصنّفها القانون الدولي "جرائم إبادة جماعية" و"جرائم ضدّ الإنسانية" و"جرائم حرب".
فخلال حرب العام 1948، تمّ تدمير 531 قرية، وهجّر أكثر من نصف سكان فلسطين، وبعد عدوان 5 حزيران / يونيو 1967، مارست "إسرائيل" ما سمّي بالترانسفير الهادئ، ليصل عدد الفلسطينيين الذين تمّ إجلاؤهم ما يزيد عن ربع مليون، ومُنع نحو 140 ألف فلسطيني من سكان الضفة من العودة إلى مدنهم وقراهم، بعد مكوثهم في الخارج لمدّة ثلاث سنوات ونصف السنة. واستخدمت سلطات الاحتلال ما سمّته "سياسة الجسور المفتوحة"، لطرد عشرات الآلاف من المقدسيين الذي غادروا المدينة لفترة زادت عن 7 أعوام إلى الخارج. يكفي أن أشير إلى أن عدد المسيحيين في القدس، عشية قيام "إسرائيل"، كان يزيد عن 50 ألف، في حين أن عددهم اليوم يقل عن 5 آلاف.
ومثلما مارست "إسرائيل" الدعاية السوداء في السابق، فإنها تمارسها اليوم عبر "الترانسفير الزاحف" في غزّة، وذلك بعد مجازر مروّعة، وهو الأسلوب الذي استخدمته في نحو 25 مذبحة، من أبرزها مذبحة "دير ياسين" 1948، ومذبحة "كفر قاسم" 1956.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.