الجديدة.. توقيف مواطن أجنبي متهم بالاحتيال على مهاجرين بعقود عمل مزورة    ضعف الاحترام وغياب النظام والنظافة.. استطلاع يسجل عدم رضى المغاربة عن السلوك المدني في الفضاء العام    موسكو: حموشي يشارك في الاجتماع الدولي الثالث عشر لكبار المسؤولين المكلفين بقضايا الأمن والاستخبارات    حريق يلتهم عشرات الهكتارات من غابة هوارة واستنفار أمني ينتهي بإيداع مشتبه فيه سجن طنجة    النيابة العامة بطنجة تفتح تحقيقا في حريق غابة هبّوارة وتوقف مشتبها به بحوزته ولاعات ومخدرات    الأحرار في طنجة بين نيران العائلة ومؤسسات الدولة .. من يطفئ الأزمة ؟    حركة "صحراويون من أجل السلام" بديلا عن جبهة البوليساريو    أخنوش يعطي الانطلاقة الرسمية لخارطة طريق التجارة الخارجية    "حماس" تعلن الاتفاق على إطار عام مع أمريكا بشأن وقف حرب غزة    ست ضحايا من النساء والأطفال في فاجعة بحرية جديدة قبالة سواحل الكناري    لقجع: مونديال2030 موعد تاريخي يرسخ جسور التعاون بين ضفتي المتوسط    بين ثقل التاريخ وحدّة الطموح.. تشيلسي وبيتيس وجها لوجه في نهائي المؤتمر الأوروبي    رئيس النيابة العامة يستقبل وفدا كينيا    حماس توافق على هدنة دائمة في غزة    رئيس الحكومة يعطي الانطلاقة الرسمية لخارطة طريق التجارة الخارجية للفترة 2025-2027    الرجاء الرياضي يعلن عن تفعيل الشركة الرياضية وقدوم مستثمر مؤسساتي    فاتح ذي الحجة يومه الخميس وعيد الأضحى يوم السبت 7 يونيو 2025    ربع المغاربة يفكرون في الهجرة.. أوروبا الوجهة المفضلة    الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية أذربيجان بالعيد الوطني لبلاده    لجنة ال24.. امحمد أبا يبرز دينامية الدعم الدولي لمغربية الصحراء ولمخطط الحكم الذاتي    الفرحة تعم إقليم الحسيمة بعد صعود شباب الريف الحسيمي إلى القسم الوطني الأول هواة    ملعب مرتيل الجديد جاهز …    أزيد من 90 ألف مترشح للامتحانين الجهوي والوطني للبكالوريا بجهة طنجة – تطوان – الحسيمة    نجوم الفن ينعون الراحلة نعيمة بوحمالة    "العالم القروي في منظومة الرياضة للجميع" شعار قافلة رياضية بإقليم ميدلت    حمضي يعطي إرشادات ذهبية تقي من موجات الحرارة    جمعية نسائية تدخل على خط ملف "خديجة مولات 88 غرزة"    أساتذة التعليم الأولي يصعدون ويحتجون أمام وزارة التربية مطالبين بالإدماج الفوري وإنهاء التهميش    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    بداية الإنتاج الأولى لشركة "Aeolon Technology" الصينية في المغرب    ترامب يخير كندا: الانضمام إلى أمريكا أو دفع 61 مليار دولار للاستفادة من "القبة الذهبية"    وفاة الممثلة المغربية نعيمة بوحمالة عن عمر يناهز 76 عاما    2 مليون وحدة إنتاجية غير مهيكلة بالمغرب.. والمدن تستحوذ على النصيب الأكبر    موريتانيا تكشف حقيقة سقوط طائرة الحجاج    الممثلة المغربية نعيمة بوحمالة تغادرنا إلى دار البقاء    خبراء يحللون أبعاد وأثر البرنامج الحكومي لدعم الكسابة    زيدان يعلن جاهزيته لتدريب منتخب فرنسا بعد مونديال 2026    مدير الأونروا: نظام المساعدات الأمريكي في غزة "إلهاء عن الفظائع"    مستحضرات التجميل الصينية.. نموذج للتحول الذكي والتوسع الدولي    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    البنك الإفريقي للتنمية يتوقع أن يبلغ نمو الاقتصاد المغربي 3.9% سنة 2025    الوداد ينهزم وديا أمام إشبيلية… وتحضيرات حثيثة لمونديال الأندية في أمريكا    وداعا نعيمة بوحمالة… الساحة الفنية تفقد إحدى قاماتها    الصين تطلق ثورة حوسبة فضائية: مشروع "كوكبة الحوسبة ثلاثية الأجسام" يضع الذكاء الاصطناعي في مدار الأرض    موريتانيا تتحرك عسكريًا لحماية حدودها وتوجه رسائل حازمة لبوليساريو والجزائر    إندونيسيا مستعدة للتطبيع مع إسرائيل    فويرتيفينتورا تحتفي بالتنوع الثقافي في الدورة الخامسة من مهرجان "ما بين الثقافتين"    محمد سعد العلمي ضيف برنامج "في حضرة المعتمد" بشفشاون    عبير عزيم في ضيافة الصالون السيميائي بمدينة مكناس    تتويج عبد الحق صابر تيكروين بجائزة "زرياب المهارات" تقديرا لمنجزه الفني في مجال التأليف الموسيقي    كيف تحمون أنفسكم من موجات الحر؟    تزامناً مع موجة الحر.. الدكتور حمضي يكشف عن إجراءات مهمّة لتجنب المخاطر الصحية    دراسة: الموز يساعد على خفض ضغط الدم بشكل طبيعي    التهراوي: تسجيل تراجع بنسبة 80 في المائة في عدد حالات الحصبة بفضل حملة التلقيح    الخوف كوسيلة للهيمنة: كيف شوّه بعض رجال الدين صورة الله؟ بقلم // محمد بوفتاس    السعودية: 107 آلاف طائف في الساعة يستوعبها صحن المطاف في الحرم المكي    حجاج التنظيم الرسمي مدعوون للإحرام في الطائرات حين بلوغ ميقات "رابغ"    بلاغ جديد من وزارة الأوقاف للحجاج المغاربة    









"كُورُونَا": بين الصّيامِ والصّوم!
نشر في الصحيفة يوم 08 - 03 - 2021


شهرُ رمَضان، يأتِي في زَمَن فيرُوسِ "كُورُونَا"..
يتَزامنُ مع الحِجرِ الصّحّي للفَيرُوس.. ومَعهُ تَبرُزُ ازدِواجيّةٌ لمَفهُومِ رَمضان: الصّيام والصّوم..
الصيّامُ في شهرِ رمَضان، هو الإمسَاكُ عن الأكلِ والشّربِ وكلّ ما يُفطِر..
وهذا هو صيامُ التّغذيّة..
ويُقابلُه الصّومُ.. وهو مُرتَبطُ بالأخلاق: الابتِعادُ عنِ الكذِب، والكلامِ الفاحِش، والزّور، والنّمِيمة، والسُّخريّة، والتّحرِيض، والتّشهِير، والإشاعَة، والعَداوَة، والفِتنَة، والبَغضَاء...
ازدِواجيةٌ فيها صيّامُ التّغذيةِ البَدَنيّة، وبتعبيرٍ آخر: صيّامُ المَعِدة.. وفي الواجِهة: الصّومُ عن الكَلام.. تَجنُّبُ الكلامِ البذئ.. والإمساكُ عن كلّ ما يسئُ للآخَر، لَفظًا وسُلُوكًا، قَولاً وفِعلاً...
و"كَم من صَائمٍ ليس له من صَومِه إلا الجُوعُ والعطَش"..
ومَن لا أخلاقَ له، لا صَومَ ولا صِيامَ له.. الأخلاقُ هي الأساس.. لماذا؟ لأنّ الأخلاقَ تهُمّ علاقاتِ الفردِ بالناس، بينما صيامُ التّغذيةِ لا تَهُمّ إلا الشّخص وحدَه..
وتبقى الأخلاقُ رابطةً تعامُليّةً سُلوكيّةً بين الفردِ وكلّ الناس..
* قُل خيرًا، أو اسكُت!
هناك فرقٌ بين الصومِ اللفظِي، والصيامِ الغذائي..
وقد يكونُ الصّومُ اللّفظِي أصعبَ من صِيامِ المَعِدة .. فقَد يَصبِرُ المَرءُ عن الطعامِ والشّراب، ولا يَصبِرُ عنِ التّواصُلِ مع الناس..
وما أحوجَ المَرءَ إلى التّدرّبِ على الصّمت، وقتًا كلّ يوم!
* وقد قِيل: "الصمتُ هو الصديقُ الوحيدُ الذي لن يخُونَك أبداً"..
وَوَرَدَ في القُرآن بشأن الصّوم الذي يعنِي الصّمت: "قَالَ رَبِّ اجْعَل لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَ لَيَالٍ سَوِيًّا"..
كما قال القُرآنُ في توجيهِ السيّدة مَريم إلى الصّوم عن الكَلام: "إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا"..
وهذا هو صَومُ الصّمتِ عن الكَلام..
وبتَعبيرٍ آخر: "صَومُ الصّمتِ" رياضةٌ مُفِيدةٌ للمرء، يُرتّبُ بها أفكارَه، ويُحدّدُ الأسبقيّات، ويُريحُ نفسيّتَه، ويَجعلُ عَقلَه يتَحرّك في تحليلاتٍ خياليةٍ مُفِيدة، وفي استِرخاءٍ ذِهني، لإعدادِ نفسِه لما بعدَ الاستِراحةِ من ضُغوطاتِ الحياةِ اليومية..
وفي مِصرَ الفِعونيّة كان يُقال: "الإنسانُ الصامِتُ هو الأكثرُ حِكمة"..
بينما يُنظَرُ نظرةً مُناقِضةً إلى مَن يُكثِرُ الكلام، ويُعتَبَرُ الثّرثارُ تافِهًا بلا جَدوَى..
* إنّ ازدِواجيّةَ الصّيامِ الغذائي، والصّومِ الكلامِي، حاضِرةٌ في كلّ الأديَان، وهي ليسَت ثلاثةَ أديانٍ فقط، بل هي كثيرة، منها الزُّردُشتِية، اليهُودية، المسيحيّة، الإسلام، وأديانٌ أخرى...
أديانٌ كثيرةٌ يقولُ القرآنُ بشأنِ مُرسَلِيها: "مِنهُم مَن قصَصنا عليكَ ومِنهُم مَن لم نَقصُص عليك"..
ولكُلّ من هذه الأديان زمانُها ومَكانُها، وطريقتُها في الصّيام، أي الامتِناع خلال مُدّة مُعيّنةٍ عن الأكلِ والشّربِ والمُفطِرات، وأيضًا في الصّومِ عن الكلام، لتعليمِ مُؤمِنيها أنّ الصيامَ مُفيدٌ للجَسَد، لأنه يُعالجُ حتى مِن أمراض.. في حينٍ يقومُ الصّومُ، الذي هو أخلاق، بتقويمِ السّلوكات، وجعلِ الناسِ تُحسِنُ التواصُلَ مع بعضِها، وتَحتَرِمُ بعضَها، وتُحسِنُ التعامُلَ مع بعضِها..
* وفي اللاّدينيّينَ أيضًا من يصُومُون!
أشخاصٌ لا علاقةَ لهُم بأيّ دين، ومع ذلك يُواظبُون على "صيامِ الأغذيةِ" في أوقاتٍ مُحدّدة، لأنهم يَجدُون في الصيامِ عن الأكلِ عِلاجًا لأمراض..
وخلالَ أوقاتِ الصيامِ عن الأكل والشّرب، يُواظبُون أيضًا على "صَومِ الكَلام"، لتهذيبِ أخلاقِهم وتعامُلِهم مع الناس..
ويَجِدُون في الصّيام عن الأكل، والصّومِ عن الكلام، ما يَجعَلُهم أكثرَ انفِتاحًا وتَواصُلاً، وأحسَنَ صِحّة..
وهذه الفئةُ لا علاقةَ لها بأيّ دين..
فئةٌ تَستَفيدُ مِمّا يقعُ في الطبِيعة.. ومن الطبيعةِ تستَمِدّ كيفيةَ الصّيامِ الغذائي، والصّومِ الأخلاقي..
وهذه الفوائدُ موجودٌ في الطبيعةِ النباتية والحيوانية..
* إنّ النباتاتِ أيضا تصُومُ بطريقتِها، وهي كالتالي: عناصرُ التغذية تتسرّبُ من الأوراق إلى الجُذور.. والماءُ يقومُ بِحمايةِ النباتِ من الجَفاف، وبالتالي يَحفَظُها من أجلِ استمراريةِ الحياة..
والنباتاتُ تتَواصلُ مع بعضِها، وتُقدّم معلُوماتِها إلى نباتاتٍ أخرى، فتكُونُ الحياةُ مُشتَرَكةً بين كلّ النباتات..
وإلى جانبِ الأشجار، والحيواناتِ، وكلّ ما يدُبّ على الأرض، يُوجدُ الصّيام.. ويَشملُ كافةَ الحشراتِ والبَرمائيات، والرّخويات، والقَشريّات، واللاّسِعات، وشَوكيّات الجِلد وغيرِها...
الصّيامُ الغَذائي مَوجودٌ في شتّى الكائنات، وبأنواعٍ منَ الصّيامات، وعلى العُموم في شكلِ سُباتٍ شَتوِي قد يَمتدّ شُهورا، ثم تَستَعِيدُ هذه الكائناتُ اليَقَظة، وتَستأنِفُ حياتَها الطبيعية..
* ومن الطبيعةِ نَتعلّم...
والصّيامُ هو من طَبائع كلّ الكائنات التي تعيشُ في الطبيعة، وهي أدرَى بما يُعرَفُ بالطبّ البدِيل، وهو التّغذيةُ مِمّا في الطبيعة، لاكتِسابِ المَناعة..
ويذهبُ بعضُ الخُبراءِ إلى أنّ الصّيامَ يُقوّي جهازَ المناعَة لدَى أشخاصٍ أصحّاء، خاصّةً عندما يَضبِطُون عَاداتِهم الغذائية، وأنّ الصيّامَ يُمكّنُهم من مُقاومةِ الجسمِ للأمراض، لدَى الأشخاصِ المُسِنّين..
* وبإيجاز: أنْ يَصُومَ المرءُ أو لا يَصُوم، هذا شأنُهُ وَحدَه.. وما يَربِطُهُ بغيرِه هُو واحدٌ فقط: حُسنُ التّعامُل..
إنّ الأخلاقَ هي الأسَاس.. هي الهدفُ الذي يَقُودُ الصّيامَ الغذائي إلى صيانةِ اللّسانِ والتّواصُل، وصَلاحِ الفكرِ والسّلوك..
وبِنَاءِ الإنسَان!
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.