المغرب يُحدث قفزة تشريعية في مكافحة الاتجار بالبشر والجريمة المنظمة    أحداث الشغب.. تقديم 31 متهماً بينهم 16 قاصراً أمام محكمة طنجة    وسيط المملكة يؤكد أن المغرب مستهدف وأن للتطبيقات المستخدمة بين التعبيرات الشبابية رهانات واستراتيجيات    لجنة التعذيب.. الوجه الخفي للنظام العسكري الجزائري الذي يرهب أبناءه    وهبي يُدخل تعديلات على تشكيلة "الأشبال" أمام المكسيك    الفتح الرياضي يهزم اتحاد طنجة بثلاثية نظيفة برسم الدورة الرابعة من البطولة الاحترافية    وفاة مواطن خلال الأحداث التي شهدتها منطقة سيدي يوسف بن علي لا أساس له من الصحة (الوكيل العام للملك)    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    تقديم 17 موقوفا أمام النيابة العامة على خلفية أحداث سيدي الطيبي بالقنيطرة    إحباط محاولة لتهريب 33 كيلوغرامًا من الكوكايين الخام بميناء طنجة المتوسط    قصف متواصل وإسرائيل تتحدث عن تقليص عمليتها بغزة تجاوبا مع خطة ترامب                حماس توافق مبدئيًا على خطة ترامب لوقف الحرب في غزة وتبادل الأسرى    بيتيس يعلن إصابة سفيان أمرابط        العثماني: نعيش مرحلة صعبة... مطالب شباب جيل "Z" مشروعة وجميع وعود "أخنوش" لم تتحقق    باحث فرنسي متخصص في الشأن المغربي: احتجاجات "جيل زد" في المغرب تكشف أزمة ثقة عميقة بين الشارع والمؤسسات    أين اختفى هؤلاء "المؤثرون" في خضمّ الأحداث الشبابية المتسارعة بالمغرب؟    مسرح رياض السلطان يواصل برنامجه لشهر اكتوبر    رسالة اجتماعية وأرقام قياسية.. أغنية "الهيبة" تحقق صدى واسعًا    تجربة إبداعية فريدة تجمع بين الشعر والموسيقى    الاتحاد الإسلامي الوجدي يهدد انطلاقة شباب المحمدية والمغرب التطواني يبحث عن تصحيح الأوضاع    صحيفة إلكترونية أمام لجنة الأخلاقيات بسبب نشر محتوى محرض على العنف    انخفاض سعر صرف الدرهم مقابل الدولار والأورو    الاتفاق الفلاحي الجديد... أوروبا تعترف عمليًا بالسيادة المغربية على الصحراء    لماذا يتجاهل بعض التونسيين أزمتهم الداخلية ويركزون على المغرب؟    ترامب يعلن عن "يوم كبير" ويشيد بدور دول عربية في خطة إطلاق الرهائن    إلَى جِيل Z/ زِيدْ أُهْدِي هَذا القَصِيدْ !    رئيس "اليويفا": إستبعاد إسرائيل من مسابقات كرة القدم غير مطروح    أكادير: أرباب مطاعم السمك يحتجون الاثنين تزامناً مع دورة مجلس الجماعة    تعيين محمد فوزي واليا على مراكش وخالد الزروالي واليا على فاس    المنظمة المغربية لحقوق الإنسان تدعو إلى إطلاق سراح النشطاء المحتجزين من طرف إسرائيل و تندد بخرق القانون الدولي    آلاف المغاربة يتظاهرون في عشرات المدن للتنديد بقرصنة أسطول الصمود العالمي    البرلمان الهولندي يدعو إلى الإفراج الفوري عن ناصر الزفزافي وباقي السجناء السياسيين في المغرب    جينك يعلن خضوع الواحدي لعملية جراحية في الكتف    الحكم بالسجن أربع سنوات وشهرين على ديدي    الكاتب عبد اللطيف اللعبي يوجّه رسالة تضامن إلى شباب الاحتجاجات في المغرب    الأمين العام يأسف لوقوع أعمال عنف أثناء المظاهرات في المغرب        فيدرالية اليسار تجمع أحزابا ونقابات وجمعيات حقوقية لدعم حراك "جيل زد"                    تداولات بورصة البيضاء تتشح بالأخضر        فقدان حاسة الشم بعد التعافي من كورونا قد يستمر مدى الحياة (دراسة أمريكية)    علماء يجددون توصيتهم بالتقليل من اللحوم في النظام الغذائي    حمية الفواكه والخضراوات والمكسرات "قد تمنع" ملايين الوفيات عالميا    وزارة الأوقاف تخصص خطبة الجمعة المقبلة: عدم القيام بالمسؤوليات على وجهها الصحيح يٌلقي بالنفس والغير في التهلكة    ارتفاع ضغط الدم يعرض عيون المصابين إلى الأذى    عندما يتحول القانون رقم 272 إلى سيفٍ مُسلَّط على رقاب المرضى المزمنين        بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



متى كان الاحتفال والفرح الجماعي يحتاج إلى فتوى ؟
نشر في الصحيفة يوم 14 - 01 - 2022

تعالت من جديد أصوات شيوخ التطرف ويتامى السلفية الوهابية التكفيرية مع حلول رأس السنة الأمازيغية تحريما للاحتفال بها ؛ علما أن المغاربة درجوا على اتخاذ هذه المناسبة فرصة للفرح والابتهاج .فالاحتفال بالسنة الأمازيغية ليس طارئا على الشعب المغربي ، بل يعود إلى عشرات القرون . لقد تعايشت تقاليد الشعب المغربي وأفراحه مع مختلف الديانات السماوية ولم يحتجْ إلى فتوى من كاهن أو راهب أو قسيس أو فقيه تجيز له التعبير عن فرحه واحتفاله. وقد تعددت الاحتفالات وتنوعت بين إقامة حفلات عائلية وإعداد الأطعمة التقليدية الشيقة واللذيذة إيذانا ببداية السنة الفلاحية التي قسّموها إلى "منازل"، أي فترات زمنية حسب فصول السنة ،ولكل منها خصوصيتها الطبيعية ( برد ، حر ، أمطار، خصوبة . لنجد مثلا : منزلة سعد الذابح ،وتمتد من 04يناير إلى 16 منه ، وتتميز بشدة البرودة وغزارة الأمطار " سَعْدْ الذَّابَح لا وُجُوه تَتْشَابَه لا كْلابْ تَتْنَابحْ، وَلاَ عطَّار رابْحْ"، منزلة سعد السعود، وتمتد من30يناير إلى 11 فبراير، وتتميز ببداية اعتدال الحرارة وتفتق الأزهار :"سعد السّْعُود يْخْرَج فِيه النمس و الكَنْفُود وَ تْزَنْزَنْ النَّحْلَة في العُودْ ولا تموت بالبْرُودْ"). على امتداد كل هذه الحقب الزمنية الطويلة ، ظلت شعوب شمال إفريقيا تحتفل ،بانسجام مع الطبيعة وتناغم مع ما تجود به من خيرات ، ولم ينعق ناعق بالتحريم حتى استيقظ شيوخ الوهابية التكفيرية من سباتهم السحيق في أعماق كهوف التخلف الحضاري وفقه الكراهية التي أدخلتهم فيه فتاوى ابن تيمية وسيّجتهم داخله . فتاوى لم يعهدها الشعب المغربي ، وظل يلفظها كما تلفظ الأجسام السليمة الأدْران والزوائد. هكذا خرج الشيخ التكفيري حسن الكتاني ، عبر صفحته الفيسبوكية ، بفتاوى تحرّم على المغاربة الاحتفال ب"ينّاير" (رأس السنة الأمازيغية) وتكفّر المحتفلين به؛ وهو الذي لم يسْتفْته أحد ولا طلب منه رأيا . لكن العطالة الفكرية التي يتخبط فيها بعد أن جفّفت الأجهزة الأمنية ، مشكورة، مشاتل الإرهاب ، بحيث لم يعد له ولأمثاله المتطرفين ، مجال للتحريض على "الجهاد" وقتل الأبرياء وتفجير الأحزمة الناسفة؛ عاد ينعق ويملأ المواقع الاجتماعية نهيقا وضجيجا لن يسترشد به أحد . فالتعبير عن الفرح لا يحتاج إذنا ولا فتوى . لكن السلفية الوهابية التكفيرية تظل عقائد تشيع وتتغذى على الكراهية والتكفير . فهي تحرّض على التكشير والحزن وتخشى الفرح والبشاشة والابتسامة . وليس غريبا على من تشبع بعقائد السلفية التكفيرية أن يستكثر على الشعب الفرح والاحتفال بأي مناسبة حتى ولو كانت دينية (تحريم الاحتفال بالمولد النبوي) .
أيها السلفيون التكفيريون ، اعلموا أنه ما عاد لكم بيننا مكان يسمح لكم بتنميط تفكيرنا وتوجيه سلوكنا وهندسة نظام حياتنا. فحتى كهوف المغرب ومغاراته لن ترْض بكم لتتحولوا من جديد إلى "أهل الكهف". وحدها كهوف تورا بورا ومغاراتها في أفغانستان تليق بكم وبأفكاركم وعقائدكم التكفيرية . فارحلوا عنا إليها ، فهناك طالبان بنظامها الهمجي الذي لا يعاقِب إرهابيا ولا يظلِم تكفيريا ،حيث ستعيدكم إلى العيش في الزمن الغابر الذي تحلمون به . فلا احتفالات هناك ولا أفراح ولا ملذات، فقط جوع وسوط وإعدام. أما كهوف المغرب فهي زاخرة بالحياة تشهد بنقوشها ولُقاها وحفرياتها بأن الإنسان المغربي عريق في صنع الحضارة وابتكار الحلي ونسج الألبسة والتعبير عن أفراحه وممارسة احتفالاته بكل عفوية . لقد دلّت الحفريات على أن المغربي إنسان يحب الحياة ويتطلع للأفضل ، إنسان منفتح ومتسامح ، إنسان صانع الفرجة وصاحب نكتة. من هنا ، لا مكان لتطرفكم بيننا ، ولن تكون بلادنا مطرحا لنفايات السلفية الوهابية بعد أن تخلى عنها أصحابها ورعاتها وحضنتها . لقد تبرأت السعودية من وهابيتها التكفيرية ، وانقلبت على فتاواها بعد أن أخرست عتاة شيوخها التكفيريين أمثال سلمان العودة وعائض القرني وعلي العمري وغيرهم. انقلاب على الوهابية أحدثه الأمير محمد بن سلمان وأقرّه في تصريح لوسائل الإعلام:"الوهابية تهمة وخطأ من الماضي يجب التخلص منه"، وأنها نتاج للحرب الباردة : "جذور الاستثمار السعودي في المدارس والمساجد تعود إلى فترة الحرب الباردة، عندما طالب الحلفاء السعودية باستخدام مواردها لمنع الاتحاد السوفييتي من تحقيق نفوذ في الدول الإسلامية".
لا جدال إذن ، أن السلفيين التكفيريين ، سواء في المغرب أو في أي دولة أخرى، هم "نفايات" الحرب الباردة وأسلتها بعدما فقدت صلاحيتها . وكما أغلقت السعودية أفواه الشيوخ التكفيريين المناهضين لمشروع ولي العهد التحديثي "رؤيا 2030" ، فإن حماية المجتمع المغربي من فتاواهم وفتنهم صار واجبا ،ضمانا للأمن الروحي والفكري . وأولى مداخل الحماية هي سن قانون يجرّم التكفير ويشدد عقوبته . لحسن حظ شيوخ السلفية التكفيرية أنْ شمَلهم عفو ملك رؤوف لم يأخذهم بجريرة فتاواهم عساهم يتراجعوا عنها ويراجعوها. لكن يظهر أن السجن القصير كما العفو الكريم لم يُحدثا الأثر المطلوب الذي أحدثاه في غيرهم من الشيوخ.
إن استمرار هذه الأصوات النشاز في النعيق بالتحريم يتنافى مع الدستور ومع قيم ومبادئ حقوق الإنسان . فهي تحرض على العنصرية والكراهية وتشيع الفتن المذهبية في المجتمع وتمزق نسيجه الثقافي والمذهبي. وإذا كان الدستور المغربي ينص على تعدد روافد الهوية المغربية وتنوعها ، فإن شيوخ التكفير يناهضون هذا التعدد ويسعون إلى طمس الهوية المغربية. سنة أمازيغية سعيدة لكل الشعب المغربي ، وكل عام والوطن بأمان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.