على هامش المؤتمر السادس للاتحاد العام للفلاحين بالمغرب..    إجهاض عملية تهريب دولية للكوكايين بالكركرات وحجز 92 كلغ من المخدرات    كأس العرش: نهضة بركان يتأهل إلى النهائي لمواجهة أولمبيك آسفي بعد انتصاره على المغرب التطواني    البطالة تخنق شباب الحسيمة وفندق "راديسون" يستقدم يد عاملة من خارج الإقليم    المغرب يواجه واقع المناخ القاسي.. 2024 العام الأكثر حرارة وجفافا في تاريخ المملكة    نتنياهو يقول إن إسرائيل تقترب من هدفها بتدمير البرنامجين النووي والصاروخي الإيرانيين    عدد قتلى تفجير كنيسة يرتفع بدمشق    غوتيريش يندد بدمار الشرق الأوسط        الأبواق الجزائرية تطلق كذبة جديدة        إصابة شابين في حادث خطير داخل نفق "مركز الحليب" بطنجة رغم قرار المنع    المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي يعلن عن مباراة ولوج موسمه الجامعي الجديد 2025-2026    إدارة مهرجان تكشف أسباب تأجيل "أيام وزان السينمائية"    بورصة البيضاء .. أهم نقاط ملخص الأداء الأسبوعي    حادثة دهس طفلة بشاطئ سيدي رحال تثير الرأي العام    منظمة التعاون الإسلامي تبرز جهود صاحب الجلالة لفائدة القارة الإفريقية    تجدد المطالب للدولة بالخروج من صمتها إزاء "العربدة" الصهيونية وإسقاط التطبيع    موجة الحر في المغرب تثير تحذيرات طبية من التعرض لمضاعفات خطيرة    الكلام عن الشعر بالشعر مقاربة لديوان « في معنى أن تصرخ» لفاطمة فركال    مهرجان مشرع بلقصيري الوطني 16 للقصة القصيرة (دورة أبو يوسف طه)    البرلمان الإيراني يوافق على إغلاق مضيق هرمز رداً على الهجمات الأمريكية    وزير الدفاع الأميركي: دمرنا البرنامج النووي الإيراني    مشروع لتشييد عدد من السدود التلية باقليم الحسيمة    استمرار موجة الحر وأمطار رعدية مرتقبة في الريف ومناطق أخرى    تفاصيل توقيف المتورط في دهس الطفلة غيتة بشاطئ سيدي رحال    شكل جديد للوحات تسجيل السيارات المتجهة إلى الخارج    الشرقاوي: اتحاد طنجة ليس للبيع.. ومن يختبئون وراء "التعليمات" لا يمثلون المدينة    بنكيران يعلن دعمه لإيران ضد إسرائيل: "هذا موقف لوجه الله"    مجموعة بريد المغرب تصدر دفتر طوابع بريدية لصيقة تكريماً للمهن ذات المعارف العريقة    جائزتان لفيلم «سامية» في مهرجان الداخلة السينمائي بالمغرب    تأهب دول عربية تزامنا مع الضربة الأمريكية لإيران    دراسة تكشف وجود علاقة بين التعرض للضوء الاصطناعي ليلا والاكتئاب    الركراكي يشارك في مؤتمر للمدربين نظمه الاتحاد الملكي الإسباني لكرة القدم    بين سبورت: حادث مأساوي في ليلة تتويج مولودية الجزائر بلقب الدوري الجزائري    التجارة تقود نشاط المقاولات الجديدة في كلميم-واد نون    حالة هستيرية تصيب لاعبا في مونديال الأندية    مهرجان كناوة بالصويرة يختتم دورته ال26 بعروض عالمية    تراجع في كميات الأسماك المفرغة بميناء الحسيمة خلال الأشهر الخمسة الأولى من 2025    الوكالة الذرية الدولية تعقد "اجتماعا طارئا" الاثنين بعد الضربات الأميركية على إيران    في مسيرة غزة ضد العدوان..السريتي: المغاربة مع فلسطين ومع المقاومة الباسلة    البطل المغربي أيوب الخضراوي يحقق فوزه الأول في منظمة وان تشامبيونشيب لرياضة المواي طاي الاحترافية في تايلاند"    كأس العالم للأندية: دورتموند يحبط انتفاضة صن دوانز وصحوة متأخرة تنقذ إنتر    موجة حر تمتد إلى الأربعاء القادم بعدد من مناطق المملكة    سعيد حجي .. اهتمامٌ متزايد يبعث فكر "رائد الصحافة الوطنية المغربية"    الفوتوغرافيا المغربية تقتحم ملتقيات آرل    "ها وليدي" تقود جايلان إلى الصدارة    الرجاء يواجه ناديين أوروبيين بالصيف    باحثون يوصون بمناقشة "الحق في الموت" والمساعدة الطبية على الإنجاب    لحسن السعدي: الشباب يحتلون مكانة مهمة في حزب "التجمع" وأخنوش نموذج ملهم    عضة كلب شرس ترسل فتاة في مقتبل العمر إلى قسم المستعجلات بالعرائش وسط غياب مقلق لمصل السعار    وفاة سائحة أجنبية تعيد جدل الكلاب الضالة والسعار إلى الواجهة    ضمنها الرياضة.. هذه أسرار الحصول على نوم جيد ليلا    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إنهم يطمسون الهوية المغربية ويُلهونكم "بالتطبيع"
نشر في الصحيفة يوم 28 - 05 - 2022

تكثف تنظيمات الإسلام السياسي أنشطتها التخريبية للهوية المغربية ( ثقافة ، قيما ، سلوكا، أزياء ،فنونا ..). واتسعت هذه الأنشطة المستهدِفة لمقومات الشخصية المغربية لتشمل المدن والقرى . إلا أن الملاحظ في السنوات الأخيرة تسريعها من وتيرة هذه الأنشطة لتشمل الفئات الصغيرة والشابة ضمن إستراتيجية أسلمة المجتمع والهيمنة عليه كمقدمة للهيمنة على الدولة . وتستغل هذه التنظيمات تساهل الدولة الذي أملته ظروف تاريخية وسياسية ارتبطت بفترة الحرب الباردة والتقاطبات الإيديولوجية ، حيث لجأت الأنظمة السياسية العربية إلى دعم تنظيمات الإسلام السياسي لنشر إيديولوجيتها الدينية المتطرفة في مواجهة الإيديولوجيات المرتبطة بالمعسكر الشرقي ( الماركسية ، الشيوعية ، الاشتراكية ،العروبية) التي رأت فيها تهديدا لسلطتها. والمغرب واحد من الدول التي وفرت الدعم الكافي لهذه التنظيمات منذ بداية سبعينيات القرن الماضي . وازداد الدعم لها مع نجاح الثورة الخمينية في السيطرة على الحكم وذلك بتمكينها من المساجد وفتح دور القرآن والمكتبات الإسلامية التي غزت كل المدن . وقد سبق لوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية السابق عبد الكبير العلوي المدغري أن صرح ، في حوار صحفي ، بدخول آلاف الأطنان من الكتب والأشرطة المحرضة على التطرف إلى السوق المغربية فضلا عن التمويل السخي للجمعيات الدعوية المتطرفة . وكان من نتائج هذا التواطؤ الرسمي مع تنظيمات الإسلام السياسي التفجيرات الإرهابية ليلة 16 ماي 2003 . ساعتها أدركت الدولة خطورة السماح للتنظيمات الخارجة على المذهب الرسمي للمغرب ، لكنها لم تتصد لإستراتيجيتها الرامية إلى اختراق المجتمع بنفس الحزم الذي تصدت به لمخططات الإرهابيين وخلاياهم . لهذا ظلت تنظيمات الإسلام السياسي خاصة : حركة التوحيد والإصلاح ، الجمعيات السلفية الوهابية تمارس أنشطتها "الدعوية" التخريبية لهوية المغاربة ونسيجهم المجتمعي بكل حرية .
بل تمت تزكية تلك الأنشطة من طرف حكومة البيجيدي بزيارة مصطفى الرميد ، وزير العدل والحريات في حكومة بنكيران، للسلفي المغراوي صاحب سلسلة المدارس القرآنية التي تخرج منها إرهابيو "شمهاروش" قتلة السائحتين الدنمركيتين نواحي مراكش ، بعد أن أغلقت السلطات تلك الدور عقب فتوى تزويج القاصرات. وما يدل على الارتباط القوي بين تنظيمات الإسلام السياسي وتكامل الأدوار رغم الاختلافات الموجودة بينها ، خروج حمادي القباج ، المنسق العام للتنسيقية المغربية لجمعيات دور القرآن، بمقال يشيد فيها بتلك الزيادة ويهاجم منتقديها مزكيا قرار السلفيين التصويت لصالح مرشحي البيجيدي بقوله: "وهل يعقل أن يمنح السلفيون أصواتهم لغير الحزب الذي يعتز بالمرجعية الإسلامية؟وهل يتصور أن يتخلفوا عن دعم من أثبت مواقف صريحة في مواجهة الفساد والمفسدين، واستنكر شططهم في استعمال السلطة التي منحهم الشعب إياها (على فرض النزاهة)؟
وهل يتوقف دعمهم –والحال هذه- على زيارة وزير العدل لدار القرآن؟؟". وسبق لحزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح أن استنكرا قرار إغلاق دور القرآن المغراوية . ومعلوم أن مصطفى مشهور ، المرشد العام لجماعة الإخوان أرسل توجيها رسميا إلى إسلاميي المغرب يأمرهم فيه باعتماد إستراتيجية إنشاء المدارس القرآنية والهيمنة على المدارس العتيقة كالتالي: (عليكم التوسع في إنشاء المدارس الخاصة وجمعيات تحفيظ القرآن ومد نفوذكم إلى المدارس الدينية "العتيقة"). رغم إستراتيجية الإسلاميين وخططهم الواضحة والمتآمرة على هوية المغاربة ، ظلت الدولة تمنح التراخيص لإنشاء مدارس قرآنية جديدة تابعة ، سواء لحركة التوحيد والإصلاح أو للجماعات السلفية .ولم تنتبه الدولة أن إستراتيجية الإسلاميين والسلفيين واحدة وهي إعداد مجتمع موازي وأجيال من المواطنين لا ولاء لهم للوطن هوية وتاريخا وثقافة وقيما . أجيال تناهض الدولة المدنية وقوانينها ودستورها وتحلم بدولة الخلافة وبتحكيم الشريعة . إنه لخطأ جسيم أن تسمح الدولة ، مهما كانت حساباتها، بتنشئة أبناء المغاربة في مشاتل التطرف والكراهية التي تشرف عليها وتديرها تنظيمات الإسلام السياسي ، إخوانية وسلفية وهابية. هذه المشاتل تربي المنتمين إليها من أطفال المغرب على تكفير الأنظمة السياسية ووصف الحكام "بالطواغيت" ، كما تحرض على رفض الديمقراطية وحقوق الإنسان؛ ومن ثم تعوق تحقيق مشروع المجتمع الحداثي الذي أكد ملك ، في خطاب 29 ماي 2003 عزمه على صيانة هذا المشروع وحمايته ( وسيظل المغرب وفيا لالتزاماته الدولية مواصلا بقيادتنا مسيرة إنجاز مشروعنا المجتمعي الديمقراطي الحداثي بإيمان وثبات وإصرار. وسيجد خديمه الأول في مقدمة المتصدين لكل من يريد الرجوع به إلى الوراء، وفي طليعة السائرين به إلى الأمام، لكسب معركتنا الحقيقية ضد التخلف والجهل والانغلاق ). إن الأمر جدي والخطر قادم ما لم تغيّر الدولة إستراتيجيتها في التعامل مع تنظيمات الإسلام السياسي التي لم تزد الشعب إلا تمزيقا لنسيجه الثقافي ،والوطن إلا تهديدا لاستقراره .
وإذا كانت الدولة بتساهلها تشجع تلك التنظيمات على نخر أسس استقرار الوطن ووحدة الشعب وتهدد أمنه الروحي، فإن الأحزاب والمثقفين والهيئات المدنية تتجاهل التخريب المتواصل لقيم الشعب وهويته الثقافية والدينية. فقد أظهرت فيديوهات مسرّبة لمئات الأطفال والطفلات المنتمين لمدارس قرآنية إخوانية وسلفية في عمق البوادي المغربية وهم بأزياء موحدة(أفغانية أو وهابية أو إخوانية/خليجية ) مخالفة جذريا للأزياء المحلية التي تميز كل منطقة . أكيد لم يعتد المغاربة على رؤية اللباس الأفغاني أو الإخواني أو الوهابي السلفي في الدواوير والمداشر والقرى ، لكنهم سيطبّعون معه ومع ما يرتبط به من قيم الانحطاط وثقافة الغلو وفقه الكراهية. ومن أجل إبعاد الأنظار عن هذا الواقع الذي يتشكل في البوادي والقرى بتخطيط من تنظيمات الإسلام السياسي ، تلجأ هذه الأخيرة إلى جر عدد من الأحزاب والجمعيات والنشطاء المدنيين إلى مواجهة مفتعلة مع الدولة على خلفية قرار استئناف العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل . هكذا حشدت هؤلاء جميعا في معركة "ضد التطبيع" موهمة إياهم أنها معركة مصيرية ضد سعي إسرائيل إلى اختراق المغرب دولة وشعبا . في حين أن الخطر الحقيقي الذي يتهدد المغاربة هو خطر التطبيع مع التطرف والكراهية اللذين تنشرهما المدارس القرآنية الإخوانية والسلفية وأفواج المتطرفين الذين يتخرجون منها. أما التطبيع مع إسرائيل فله مكاسب شتى : عسكرية ، أمنية ، اقتصادية ، صناعية وإستراتيجية ، مكنّت المغرب من تطوير قدراته الصناعية والعسكرية جعلت أعداءه يحسبون له ألف حساب .لقد آن الأوان لتتصدى الحكومة لهذا الخطر الذي يتهدد هويتنا وأمننا الروحي بتطبيق الدستور وتوجيهات جلالة الملك بحظر الجماعات الدينية الخارجة عن المذهب الرسمي للمغاربة والمحتكرة للنطق باسم الدين ( وباعتبار أمير المؤمنين مرجعية دينية وحيدة للأمة المغربية ، فلا مجال لوجود أحزاب أو جماعات ، تحتكر لنفسها التحدث باسم الإسلام أو الوصاية عليه ). فلا حاجة لهذه الجماعات "الدعوية" التكفيرية (مغراوية وسلفية وإخوانية) التي تطمس هوية المغرب السياسية والمذهبية والثقافية ، وهو الدولة التي تميزت ، عبر تاريخها بكونها (دولة مغربية مستقلة عن الخلافة المشرقية متميزة بالعمل في ظل وحدة إمارة المؤمنين وبالسماحة الدينية وبوحدة المذهب المالكي )(خطاب الملك 29 ماي 2003).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.