_ العلامة المقرئ إبراهيم بن المبارك بن علي الهلالي الذي رفع تقريرا بظاهرة الفساد في تحرير المصاحف ، هو من مواليد عام 1320 ه كما جاء في ترجمته الموجزة في آخر كتابه « التبيان» هو ممن أبلوا البلاء الحسن في خدمة القرآن الكريم وعلومه، سواء بنشاطه العلمي في ميدان القراءات، أم بمواقفه ومبادراته ومشاركته العملية ونضاله السياسي، مما كان له ولجهوده صدى طيب وأثر حميد في المطالبة بإحداث المؤسسات المتعلقة بالقرآن، وفي التصدي للظهير البربري الصادر عن الحماية الفرنسية بالمغرب بتاريخ 16 ماي 1930 م فقام مع قادة الحركة الوطنية بفاس ومكناس وغيرهما بمقاومة آثار هذا الظهير في قبائل الأطلس التي كانت هي الهدف الأول لترسيخ التفرقة بين العنصر العربي الأمازيغي بها، ونشر التعليم بلغة المستعمر المحتل بدلا من اللغة العربية، وفي هذا الصدد اتجه الأستاذ الهلالي إلى تأسيس المدارس الحرة وخاصة في مكناس حيث شارك في تأسيس أربع مدارس (1948-1950م) إلى أن ألقي عليه القبض غداة نفي الملك محمد الخامس سنة 1953م حيث حكم عليه بعامين حبسا قضاهما في السجن مع كبر سنة وتقدم العمر به. «ولما خرج من السجن واصل كفاحه التحريري، إلى أن نال المغرب استقلاله، فاختاره المغفور له محمد الخامس لعضوية المجلس الاستشاري بالمغرب، وقضى في عضويته ثلاثة أعوام...».»وفي سنة 1980م انتدبته وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمغرب لعضوية لجنة تصحيح « المصحف الشريف» على رواية عيسى بن مينا قالون الأصم، وذلك بالقطر الليبي».»وفي سنة 1981م انتدبته وزارة الأوقاف أيضا لعضوية لجنة التحكيم في المؤتمر السنوي الدولي الثالث لحفظ القرآن الكريم وتجويده وتفسيره بالمملكة العربية السعودية»، «وفي سنة 1981م كان من المؤسسين لرابطة تجويد القرآن العظيم بمكناس العاصمة الإسماعيلية، وهو في هذه الرابطة عضو شرفي، وقد التف حوله أساتذة وطلبة لأخذ روايات في القراءات السبع بالجمع والإفراد. وكان مما قاله الأستاذ الهلالي رحمه الله في تقريره: «وقد راجت إشاعات كثيرة في الأوساط مفادها أن مصاحف مطبوعة تروج بها قلب، وللتحقق من صحة الإشاعة وعدمها قمت ببحث جاد في الموضوع، فعثرت على مصاحف ثمانية».ثم أخذ في تفصيل ما وجده في كل مصحف منها مركزا على العلة، وهي خلوها من محل الطبع وذكر من أنفق عليها. وقال:» لقد توصلت أولا بمصاحف أربعة من إمام المسجد الكبير بمكناس، وبعد اطلاعي على ما فيها من القلب والتحريف لكتاب الله العظيم يظهر والله أعلم أن ذلك كان مقصودا وعملا باليد، وبيانه أن ثلاثة منها لم يذكر محل طبعها ولا من أنفق عليها». ثم بعد أن ذكر الأستاذ الهلالي ما اشتمل عليه كل مصحف من المصاحف الثمانية من الأخطاء والسقط الذي بلغ في عدد منها إلى إسقاط 36 آية، وفي بعضها سقوط ما بين سورة «الحاقة» في حزب «تبارك»، إلى أثناء سورة «الأعلى» من حزب سبح اسم ربك الأعلى، أي ما يتجاوز حزبين ونصف الحزب، قال:»والحقيقة والواقع بكل أسف وحسرة أن مئات من تلك المصاحف الثمانية التي سجلناها ومما هو على شاكلتها مما لم نقف عليه الآن، بيع ووزع على ما هو عليه في المساجد والبيوت ويقرؤه من لا يحفظ القرآن». في الحلقة القادمة : (كيف كانت الاستجابة العملية للحسم النهائي في خروقات الطبعات التجارية للمصحف المغربي ؟ )