اعتقالات و"اقتحام" وإضراب عام تعيشه تونس قبيل الاستحقاق الانتخابي    توقعات أحوال الطقس لليوم الثلاثاء    الإعلان عن موعد مقابلتين للمنتخب المغربي برسم التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2026    عجز الميزانية المغربية يفوق 1,18 مليار درهم عند متم أبريل    العثور على باندا عملاقة نادرة في شمال غرب الصين    إسطنبول.. اعتقال أمين متحف أمريكي بتهمة تهريب عينات مهمة من العقارب والعناكب    اتفاقية مع "عملاق أمريكي" لتشغيل 1000 مهندس وباحث دكتوراه مغربي    قناة أرضية تعلن نقلها مباراة الإياب بين بركان والزمالك    بنموسى يكشف العقوبات ضد الأساتذة الموقوفين    إسبانيا ترد على التهديد الجزائري بتحذير آخر    كيف بدأت حملة "مقاطعة المشاهير" التي اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي؟    أمل تيزنيت يكتفي بالتعادل خارج ميدانه أمام إتحاد سيدي قاسم    بنموسى يعلن قرب إطلاق منصة رقمية لتعلم الأمازيغية عن بعد    لماذا يجب تجنب شرب الماء من زجاجة بلاستيكية خصوصا في الصيف؟    مخرج مصري يتسبب في فوضى بالمهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة    الصحافة الإسبانية تتغنى بموهبة إبراهيم دياز    ميراوي محذرا طلبة الطب: سيناريو 2019 لن يتكرر.. وإذا استمرت المقاطعة سنعتمد حلولا بخسائر فادحة    القوات المسلحة الملكية.. 68 عاماً من الالتزام الوطني والقومي والأممي    انقلاب سيارة يخلف إصابات على طريق بني بوعياش في الحسيمة    "إسكوبار الصحراء".. هذه تفاصيل مثول لطيفة رأفت أمام محكمة الاستئناف بالبيضاء    وزير التربية متمسك بالمضي في "تطبيق القانون" بحق الأساتذة الموقوفين    المكتب المديري لأولمبيك آسفي يرفض استقالة الحيداوي    الأمثال العامية بتطوان... (597)    جماهري يكتب: هذه الحكومة لا بد لها من درس في الليبرالية...!    جائزة أحسن لاعب إفريقي في "الليغ 1" تعاكس المغاربة    تنظيم الدورة ال23 لجائزة الحسن الثاني لفنون الفروسية التقليدية "التبوريدة"    الجمعية المهنية تكشف عدد مبيعات الإسمنت خلال أبريل    اليابان عازمة على مواصلة العمل من أجل تعاون "أوثق" مع المغرب    أمن ميناء طنجة يحبط تهريب الآلاف من الأقراص الطبية    الاتحاد الأوروبي يرضخ لمطالب المزارعين ويقر تعديلات على السياسة الفلاحية المشتركة    المركز الثقافي بتطوان يستضيف عرض مسرحية "أنا مرا"    أضواء قطبية ساحرة تلون السماء لليوم الثالث بعد عاصفة شمسية تضرب الأرض    النيابة العامة التونسية تمدد التحفظ على إعلاميَين بارزَين والمحامون يضربون    أوكرانيا تقر بالنجاح التكتيكي لروسيا    المندوبية العامة لإدارة السجون تنفي وجود تجاوزات بالسجن المحلي "تولال 2" بمكناس    طقس الثلاثاء.. عودة التساقطات المطرية بعدد من الأقاليم    رشيد الطالبي العلمي في زيارة عمل برلمانية لجمهورية الصين الشعبية    شح الوقود يهدد خدمات الصحة بغزة    الطلب والدولار يخفضان أسعار النفط    الزمالك يشهر ورقة المعاملة بالمثل في وجه بركان    سي مهدي يثور في وجه بنسعيد    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    إضراب وطني يفرغ المستشفيات من الأطباء والممرضين.. والنقابات تدعو لإنزال وطني    الارتفاع يطبع تداولات بورصة الدار البيضاء    الدرس الكبير    السينما في الهوامش والقرى تشغل النقاد والأكاديميين بالمعرض الدولي للكتاب    هل انفصلت فاطمة الزهراء لحرش عن زوجها؟    مصر على أبواب خطر داهم..    الأساطير التي نحيا بها    فيلم الحساب يتوج بالجائزة الكبرى في برنامج Ciné Café    نقابة تُطالب بفتح تحقيق بعد مصرع عامل في مصنع لتصبير السمك بآسفي وتُندد بظروف العمل المأساوية    وفاة أول مريض يخضع لزرع كلية خنزير معدل وراثيا    مركز متخصص في التغذية يحذر من تتناول البطاطس في هذه الحالات    الأمثال العامية بتطوان... (596)    العنف الغضبي وتأجيجه بين العوامل النفسية والشيطانية!!!    القضاء المغربي يصدر اول حكم لصالح مواطنة اصيبت بمضاعفات صحية بسبب لقاح كورونا    المغرب..بلد عريق لا يبالي بالاستفزازات الرخيصة    هل يجوز الاقتراض لاقتناء أضحية العيد؟.. بنحمزة يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكم الجراحة التجميلية للاحتلال
نشر في التجديد يوم 07 - 01 - 2015

غالبا ما ترتبط دولة أو حكومة ما بشخصيات سياسية تمنحها وجهها الآني والتاريخي. ويأتي البرنامج السياسي والانجازات لتضيف ملامح المرحلة ونوعية العلاقة ما بين الحكومة، خاصة اذا كانت منتخبة ديمقراطيا، والشعب. لذلك، تفرز الأنظمة الحاكمة ساسة ورؤساء أو أصواتا تميزها عن غيرها، سواء كانت الشخصيات موسومة بالأنسانية أو الدكتاتورية أو البلادة والجنون، سواء كانت محبوبة أو محتقرة أو مثيرة للخوف. وهذه حالة تتساوى فها أنظمة الدول العظمى والصغرى.
هناك تشرتشل وبريطانيا، ديغول وفرنسا، هتلر وألمانيا، روسيا وستالين. وصورة العراق ارتبطت بصدام حسين على مدى عقود، وجنوب أفريقيا بنيلسون مانديلا،، والصين بماوتسي تونغ، والجزائر بهواري بو مدين، وتونس بالحبيب بورقيبة، وليبيا بمعمرالقذافي، ومصر بجمال عبد الناصر، وأيران بآية الله الخميني.
واذا كان التقييم الآني لا يرحم لأنه منسوج بالعواطف وعدم القدرة على الرؤية بوضوح لشدة الأقتراب من الصورة التي يراد تقييمها، فأن التاريخ أقل رحمة لأنه سيحتفظ بالصورة الأكبر على حساب التفاصيل.
أما أمريكا، فانها اختارت أن تمنح العالم جورج بوش الأبن، صوتا لها، في حقبة تاريخية، أصبحت السمة المميزة لعقود لانزال نحياها، أطلقت عليها أسم «الحرب على الأرهاب».
ساهم جورج بوش، بتصريحاته الخارقة التي ساهمت بتفتيت بوصلة أمريكا الأخلاقية بعد ان كانت مكسورة فقط. فمن مقولته «من ليس معنا فهو ضدنا» و»نحن نخوض حربا صليبية» إلى «نحن لانعذب» ووجوب محاربة دول «محور الشر».
ماذا عن العراق؟ اين أو من هو/ هي صوت / وجه عراق ما بعد «التحرير»؟
ان قائمة الاسماء التي أبرزتها أجهزة الأعلام لتملأ ساعات البث الفضائي طويلة. معظمها، ممن دخل العراق صحبة الغزاة، من علمانيين وأسلاميين على حد سواء، مما لَوٌثوا وجوهم بسخام المحتل، حتى قبل سماع أصواتهم. فرأينا العلماني يقتل العلماني، والأسلامي يغتال الأسلامي، من ذات الطائفة او من غيرها، تبييضا للوجه. هناك، أيضا، من كان موجودا بالبلاد وتلُون كالحرباء مستبدلا مرجعية الطائفة بدلا من ايديولوجية الحزب الواحد، مثلما كان بعضهم قد استبدل الحزب بعد الحزب، واستبدل الإسم والطائفة كونها خيارا غير مكتوب. وهذه حالة متكررة وشديدة الشيوع في أكثر المجتمعات بدرجات تتصاعد مع الأزمة والفوضى.
ولكن حتى أكثر العصور فوضى وأكثر الحكومات شتاتا لابد، بالمحصلة، ان تلد وجها أو صوتا يمثلها. هناك من يقول بأن المرجع الديني آية الله السيستاني هو المرشح ليكون سمة «التحرير». وهو استحقاق لن يكون مدعاة للنقاش لولا ان البلد، منذ عام 2003، محتل، حتى باعتراف الادارة الأمريكية نفسها، والرجل صامت.
كما ان قلة قليلة من ساسة الاحتلال العراقيين، وقلة من وكلاء للمرجعية، يعدون على أصابع اليد الواحدة، هم من رأوا وجه السيستاني أو سمعوا صوته . مما يجعله رمزا افتراضيا لا يُرى ولا يُسمع. أي انه بمعزل عن الشعب والتفاعل مع قضاياه كحضور أنساني حقيقي، خلافا لبابا المسيحيين، مثلا، الحاضر في كل ما يمس الأمة المسيحية، من المؤتمرات إلى زيارات البلدان أودور الأيتام، أو القس ديزموند توتو، رفيق نيلسون مانديلا في نضاله لتحريرجنوب أفريقيا، أو رهبان أمريكا اللاتينية، ممن أغتيل عدد منهم، وهم يساندون شعبهم في حركة التحرر من الاحتلال والهيمنة الأمريكية. مقارنة بصور هؤلاء فلدينا، والحق يقال، عدد من الصور الضبابية للسيستاني، يُكرر عرضها تلفزيونيا بين الفينة والفينة، لإثبات انه لايزال حيا، بينما يقوم وكلاء له بنقل صوته إلى مقلديه. وعند حدوث شك ما بصحة فتاويه ونصائحه، يُبرز الوكلاء شهادات موقعة من قبله، لإثبات مصداقية وجوده ومصداقية نقلهم للفتوى، في بلد تباع فيه الشهادات والتوقيعات بالكيلو، بسعر أقل من سعر قنينة ماء، من أعلى إلى أدنى مسؤول حكومي ووكيل ديني.
ولكن ماذا عن ساسة العراق الجديد؟
بعربهم وكردهم، على اختلاف أديانهم وطوائفهم؟ من الجلبي إلى الهاشمي والبارزاني، من المالكي ومقتدى الصدر والشهرستاني إلى علاوي والجبوري وعادل عبد المهدي، من حنان الفتلاوي إلى النجيفي وهادي العامري، وغيرهم؟
إن من يراجع انجازات الأسماء المذكورة أعلاه وغيرها في هيكلة حكومات الاحتلال المتعاقبة المبنية على الفساد والطائفية والصراع الدموي على السلطة ناهيك عن الاستقواء بالمحتل، لأصابته الحيرة فيمن يختار، وجها للحقبة؟
واذا كانت الأدارة الأمريكية تستحق ان تفوز بالمركز الأول في تسويق أبشع الممارسات اللاأنسانية، كالتعذيب، بتغليف مصطلحي مزوق، فأن ساسة النظام العراقي، يبذلون أقصى جهدهم لمحاكاتها. النتيجة؟ منافسة حادة، بطريقة فجة، في المزايدة على الشعب العراقي، لا تقل حدة عن مسابقات البرامج والأفلام من الدرجة العاشرة في ضحالة الموضوع والانتاج والاخراج.
ولأن الامور لا تجري وفق المنطق في العراق اليوم، فأن اختيار وجه يمثل العراق، سيكون، بالضرورة لا منطقيا.
لذلك، أرى ان أفضل صوت لهذه الفترة المظلمة، هو وزير الخارجية ونائب رئيس الوزراء، والأمين العام السابق لحزب الدعوة الطائفي ابراهيم الجعفري الذي يحتاج، ليفهمه الناس، مترجما إلى اللغة العربية، لا لأنه يتكلم لغة أجنبية بل لأنه لا يجيد أية لغة كانت، ويجد متعة قصوى في الثرثرة بلا نهاية، مطلقا أصواتا يظنها اكتشافا فلسفيا لم يتوصل اليه أحد غيره.
آخر اكتشافاته الطريفة أطلقها اثناء لقائه وزير الخارجيّة الكويتيّ الشيخ صباح خالد الحمد الصباح 28/12/2014، قائلا بأن العراق والكويت يشهدان انعطافة حقيقيّة في العلاقات السياسيّة.
لماذا؟
«لأنَّ هاتين الدولتين مُستقِلَّتان، ودولتان حضاريّتان لهما تاريخهما، ولهما ثرواتهما المُتعدِّدة، ولهما دورهما في المنطقة والعالم؛ إذ تتجمَّع الثروة، ويلتقي التاريخ بالجغرافية، وتلتقي المُجتمَعيّات المُتنوِّعة، والمُتآلِفة، والمُتجانِسة». هكذا يتكلم الجعفري. أليس هذا اكتشافا نادرا؟
واذا كان اساس أية حكومة وزرائها ومدى التزامهم وتطبيقهم برنامجها، فأن وزراء الحكومة العراقية، يتصرفون وكأن كل واحد منهم يمثل حكومة مستقلة بحد ذاتها، واذا ما حدث والتقى أحدهم بالآخر، يتم الأعلان عن اللقاء باعتباره حدثا دبلوماسيا بين بلدين. أما ترتيب لقاء بين وزراء المركز (وهو مصطلح شاع استخدامه)، وأحد وزراء اقليم كردستان فأنه يتطلب شهورا من التحضيرات عالية المستوى. اذا ما اضفنا إلى ذلك، محاولة كل وزير تغليف أعماله بالوطنية وأنها فريدة من نوعها، لأدركنا حجم المأساة التي يعيشها ابناء الشعب.
هذه الخلطة من الساسة، بحكم موقعهم السياسي وبعيدا عن الشخصنة، باتت ارضا خصبة لاستنساخ المزيد ممن يضاهون الجعفري في «بلاغته وحكمته». يستخدمهم المحتل لأنتاج الطائفية والفرقة والتطرف. ولن يرتدعوا ما لم يرفض الشعب صوتهم الأجوف الزائف ليستشرف مستقبله وخياراته بنفسه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.