العرائش : انطلاق فعاليات مهرجان ماطا الدولي في دورته الثالثة عشر بحضور عدد من المسؤولين الكبار و سفراء الدول الأفريقية    تعييب منشآت عمومية في أكادير    12 جريحا في هجوم بسكين داخل محطة قطارات بهامبورغ.. والشرطة تعتقل امرأة مشتبه بها    "جائزة المغرب للشباب" تحتفي بأفكار ومشاريع شبابية إبداعية فريدة    غوتيريش يندد ب"الفترة الأكثر وحشية" في حرب غزة    تحالف مغربي-إماراتي يطلق مشروعا عملاقا في طنجة لتعزيز الأمن الطاقي بالمملكة    إضرام النار يوقف قاصرين بابن جرير    طفرة جديدة في المداخيل الضريبية لتتجاوز 122 مليار درهم خلال 4 أشهر فقط    منتدى برلماني بمراكش يدعو إلى وقف الحرب في قطاع غزة المحاصر    آلاف المغاربة يحتجون نصرة لغزة    مرصد يطالب بفتح تحقيق في وفاة سجين من الحسيمة بسجن وجدة    نهضة بركان يشكو سيمبا ل"الكاف"    رسمياً.. توجيهات بمنع بيع الأضاحي بإقليمي الناظور والدريوش خلال عيد الأضحى    بلاغ جديد من وزارة الأوقاف للحجاج المغاربة    الأزمي «البليكيه»    الرد الشامل على اللغو السافل: باب ما جاء في انسحاب الاتحاد من العبث    "الهيئة الوطنية للوقاية من الرشوة" تدخل على خط ملف "بيع الشهادات الجامعية" والدولة المغربية تنتصب كطرف مدني    ملتمس الرقابة بين عبث العدالة والتنمية ورصانة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية    الركراكي يكشف عن لائحة الأسود يوم الثلاثاء استعدادا لتونس والبنين    وزارة الأوقاف: حجاج التنظيم الرسمي مدعوون للإحرام في الطائرات حين بلوغ ميقات "رابغ"    يهم حجاج الناظور.. وزارة الأوقاف تدعو إلى الإحرام في الطائرات    نشرة إنذارية: زخات رعدية قوية مرتقبة بعدد من مناطق المملكة اليوم الجمعة    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    بسبب تسجيل مكالمة تتضمن ألفاظ "نابية".. المحكمة للناصيري: "الله لا يحب الفاحشة والتفحش في الكلام"    مبابي يُتوج بجائزة أفضل لاعب في ريال مدريد لموسم 2024-2025    مهرجان تريفيزو يحتفي بالتنوع الثقافي    جبور: الهزة الأرضية متوسطة القوة .. ومحطات الرصد المغربية أكثرُ دقة    بلقصيري تحتضن مهرجان سينما المرأة والطفل في دورته الثانية    تعيين عزيز الذنيبي مدربا جديدا للنادي الرياضي المكناسي لكرة القدم    نائب رئيس مجلس النواب من مراكش: التجارة الدولية تواجه الأنانيات القطرية وشعوب الجنوب تدفع ثمن التلوث    الباروك يلاقي الأندلسي والتصوف الإفريقي في فاس.. إيطاليا تُبدع كضيفة شرف لمهرجان الموسيقى العريقة    حسن الادريسي منصوري نجم مغربي واعد في سماء الكرة الطائرة العالمية    حفل كبير يُتوِّج تظاهرة الأيام المفتوحة للأمن الوطني    الشروع في إحداث موقف بجوار ملعب طنجة الكبير بطاقة تستوعب آلاف السيارات    "هنا".. عندما تتحول خشبة المسرح إلى مرآة لحياة أبناء "ليزاداك"    مهدي مزين وحمود الخضر يطلقان فيديو كليب "هنا"    مقتل 4 أشخاص وفقدان 17 آخرين في انهيارات أرضية بالصين    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بارتفاع    رونالدو يشعل مواقع التواصل الاجتماعي بعد شائعة ارتباطه بالوداد    الله أمَر بالسّتْر ولم يأمُر ببيْع الماسْتَر !    دراسة: الولادة المبكرة قد تكون مفيدة في حالة الأجنة كبيرة الحجم    بريطانيا تدرس استخدام الإخصاء الكيميائي الإلزامي لمعاقبة بعض المعتدين جنسيا    سلوفاكيا تساهم في الزخم المتزايد لفائدة مغربية الصحراء    انتشار الأفران العشوائية يزعج الفدرالية المغربية للمخابز    قطر تخصص 36.5 مليون دولار جوائز في كأس العرب 2025    حديقة الحيوانات بالرباط تعلن ولادة أزيد من 80 حيوانا من الأنواع النادرة    بكين.. الصين وهولندا تعززان شراكتهما الاستراتيجية    المغرب يعزز قدراته العسكرية بوحدات خاصة لمواجهة تهديدات الأنفاق باستخدام تقنيات متقدمة    انطلاق أيام التراث بمراكش احتفاء بالماء والحدائق    النيجر تعيد رسم خريطة التحالفات في الساحل: تكريم صدام حفتر صفعة جديدة للنظام الجزائري    الأزمي: تضارب المصالح ينخر عمل الحكومة وملتمس الرقابة كان ضرورة سياسية ودستورية    بطاريات المستقبل تصنع بالقنيطرة .. المغرب يدخل سباق السيارات النظيفة    الحكومة تُطلق دعما مباشرا لحماية القطيع الوطني وبرنامجا لتحسين السلالات    السعودية تجري أول عملية لزرع جهاز ذكي داخل الدماغ في الشرق الأوسط    وزير الصحة المغربي يجري مباحثات ثنائية مع المدير العام لمنظمة الصحة العالمية    لإيقاف السرطان.. التشريح المرضي وطب الأشعة الرقمي أسلحة مدمرة للخلايا الخبيثة    البرازيل في ورطة صحية تدفع المغرب لتعليق واردات الدجاج    في مجاز الغيم: رحلة عبر مسجد طارق بن زياد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النجاعة الإنتخابية
نشر في التجديد يوم 07 - 09 - 2015

إن المسلسل الديموقراطي لأي دولة يقاس بمستوى العرض السياسي الذي تقدمه الأحزاب السياسية خلال الإستحقاقات الإنتخابية، سواء كانت إنتخابات جماعية أو تشريعية، فهذا العرض السياسي يكون بمثابة بارومتر الفعالية السياسية، و يترجم مستوى التعبئة و التأطير السياسي الذي تنهجه هاته الأحزاب خلال مرحلة زمنية معينة، وفق ما هو مقرر في الدستور و القانون التنظيمي للأحزاب السياسية.
و مما لاشك فيه أن محطة رابع شتنبر 2015، شكلت إختبارا لمختلف الفاعلين السياسيين على مدى صدقية هذه المقولة السياسية، لتكون العِبْرة المستخلصة منها على قدر النتائج المحققة في العملية الإنتخابية، و التي تعكس في نفس الوقت قدرة على التجاوب مع المرحلة السياسية الراهنة. فما هي مؤشرات النجاعة الإنتخابية التي أفرزتها الإنتخابات الجماعية والجهوية الأخيرة؟
إن السياق العام الذي طبع الإنتخابات الجهوية و الجماعية إرتبط بمحيط جيو-سياسي عربي و إقليمي عنوانه البارز اللإستقرار الذي تشهده مجموعة من دول المنطقة العربية. وقد تميزت الأجواء العامة التي مرت بها هذه الإنتخابات، و التي عرفت متابعة من لدن عدد مهم من الملاحظين الوطنيين و الأجانب، بالمسؤولية و التنظيم الجيدين، مما دفع بمسؤول بوزارة الخارجية الأمريكية إلى إعتبار هذه المحطة خطوة مهمة وإيجابية في إطار جهود الحكومة المغربية نحو اللامركزية وتعزيز القرب من المواطنين.
و إذا كانت نسبة المشاركة السياسية المسجلة خلال هذه الإنتخابات وفق منظور مقاربات علم السياسة تجديد للثقة في مؤسسات الدولة، فهي تعكس أيضا مصالحة شعبية مع السياسة، على إعتبار أن الإنتخابات الجماعية و الجهوية تهم تدبير المجالات القريبة من المواطنين. فمشاكل الإنارة و تدبير النفايات و تراخيص البناء و غيرها من الصلاحيات تبقى مجالات القرب بإمتياز التي تشكل حلقة وصل جوهرية بين الناخبين و المنتخبين.
ذلك أن الإنتخابات التشريعية، في نهاية المطاف، ترسم خريطة سياسية تفرز نخبة تتولى تدبير المشاكل "الماكرو-سياسية" على مستوى الغرفة الأولى. في حين أن الإنتخابات الجماعية عموما تتصل بعمق مشاكل المواطنين و همومهم، و تسجيل نتائج إيجابية لفائدة الأغلبية مؤشر على نجاح البرامج الحكومية و تفويض شعبي على مواصلة الإصلاح. كما تشكل هذه الإنتخابات أيضا فرصة سانحة لإستعادة دينامية التواصل السياسي مع المواطنين عبر المهرجانات الخطابية و الوسائط التواصلية المختلفة من شبكة عنكبوتية و وسائل إعلام مسموعة و مرئية.
و إن قراءة أولية في نتائج هذه الإنتخابات الجماعية و الجهوية، تعكس خاصية متجلية أساسية، و هي إمتداد شعبية حزب العدالة والتنمية بحكم أنه الحزب الوحيد الذي حقق نسبة تصاعدية مقارنة مع إنتخابات سنة 2009، إذ سجل زيادة قياسية في عدد المقاعد المحصل عليها و التي ناهزت 3500 مقعد، و هو أمر سيمكنه من تعزيز موقعه السياسي في مجلس المستشارين محققا بذلك أهم إنجاز له في هذا الصدد على مستوى تجربته البرلمانية.
و هذا المعطى يعد ظاهرة صحية للمشهد السياسي، ذلك أن المنطق الديموقراطي في البلدان التي تشهد نظام الثنائية البرلمانية يحتاج إلى تواجد أغلبية سياسية في كلا الغرفتين لضمان السلاسة التشريعية.
و علاوة على ما تقدم، فإن النتائج التي تم تحقيقها خلال هذه الإنتخابات، ترجمت الارتفاع المتواصل لمنسوب الثقة في الخيار الديمقراطي والبناء المؤسساتي للمغرب، على الرغم من طروحات الأحزاب المعارضة التي كيفت برامج الإصلاح التي تم تطبيقها من لدن الأغلبية الحكومية، بكونها تمس بدرجة أساسية الطبقات الشعبية من ذوي الدخول المحدودة، و تنبأت بالمقابل أن تصويتا عقابيا سيطال أحزاب الأغلبية خلال إنتخابات رابع شتنبر 2015.
غير أن هذه النتائج، و إن جعلت حزب الأصالة و المعاصرة و حزب الإستقلال في المرتبتين الأولى و الثانية على مستوى عدد المقاعد المحصل عليها، لكنها بوأت حزب العدالة والتنمية مكانة الصدارة من حيث عدد الأصوات، و التي ناهزت مليون و نصف مليون صوت، متقدما بذلك على حزب الأصالة و المعاصرة الذي حصل على مليون صوت و حزب الإستقلال الذي لم تصل الأصوات التي حصدها عتبة المليون.
و بديهي أن نمط الاقتراع المعمول به في الإنتخابات الجهوية و الجماعية لا يعطي الفائز بأكبر عدد من الأصوات أكبر عدد من المقاعد، مما يسوغ قراءة أخرى لنتائج هذه الإنتخابات، و التي تكشف على أن حزب العدالة و التنمية الذي لم يتخط عتبة 460 ألف صوت في انتخابات 2009، أصبحت بحوزته اليوم 1,5 مليون صوت، مما يظهر تقدمه الملحوظ في هذه الإستحقاقات الإنتخابية الأخيرة.
و تجدر الإشارة في هذا الصدد، إلى أن هذا الوضع الإنتخابي الذي أفرزته نتائج الإنتخابات الجماعية الأخيرة دليل على إحترافية في تدبير الإستحقاقات الإنتخابية من لدن حزب العدالة و التنمية.
فمنذ سنة 1997 عمد الحزب إلى إعتماد منهجية الملاءمة التصاعدية لعدد مرشحيه مع الدوائر الترابية التي تتقدم فيها شعبيته، مما يؤسس لنموذج من العمل الحزبي الموضوعي، ذلك أنه بقدر تضاعف عدد مرشحيه في هذه الإنتخابات بقدرما تتضاعف عدد المقاعد المحصل عليها و كذا الأصوات التي ربحها، و ذلك في تناسب منطقي يعكس رصانة التدبير الحزبي و يبرز النجاعة الإنتخابية التي تعكسها أجهزته المؤسساتية، و لاسيما الدور الذي تقوم به لجنة التخطيط و المتابعة و الإفتحاص في ما يخص مراجعة وتتبع وملاءمة وتدقيق برامج الحزب.
إن قراءة في نتائج هذه الإنتخابات من منظور سوسيولوجيا السلوك الإنتخابي للناخب المغربي، تدفع إلى تسجيل التفوق الحاصل لفائدة حزب العدالة و التنمية لاسيما في الحواضر، مما يترجم القوة النوعية للكتلة الناخبة التي صوتت بكثافة لحزب العدالة والتنمية، و التي هي من الطبقة المتوسطة.
وهذا دليل على الرهان الذي تضعه هذه الشريحة الإجتماعية، التي تعد رمز التغيير المجتمعي، في برامج الحزب و قيادته للتجربة الحكومية الحالية. كما يعكس ذلك أن السلوك الإنتخابي الحضري قد أصبح أكثر عقلانية و تجاوبا مع البرامج السياسية التي تنقل هواجسه و آماله و تطلعاته في التغيير و الإصلاح.
و النتيجة المنطقية لهذا المعطى، أبانت عن تصدر حزب العدالة و التنمية لنتائج عدد مهم من المدن الكبرى كالرباط و الدار البيضاء و أكادير و مراكش و فاس و طنجة، و بالمقابل ستفرز عن حركية في دينامية و دوران النخبة المحلية، مما يعزز الموقع التدبيري لحزب العدالة والتنمية على النحو الذي يتواءم مع الدور الذي سيقود به التدبير المحلي خلال المرحلة المقبلة، و التي ستعرف تنزيلا لمقتضيات الفصل 146 من الدستور المتعلق بتحديد الإختصاص، و شروط تدبير الجهات و الجماعات الترابية و تطبيق قواعد الحكامة المتعلقة بحسن تطبيق مبدأ التدبير الحر و مبدأ التفريع و إقرار ضوابط المحاسبة.
و مما لاشك فيه، أن المرحلة القادمة حافلة بالرهانات المتعددة، نظرا لكونها ستكشف عن الأسس الذي ستتحكم في التحالفات بين الأحزاب المحرزة على الأغلبية في مختلف الجماعات الترابية. فلا مجال للهجانة أو الهلامية التي دبرت بها نتائج إنتخابات سنة 2009، حيث المصلحة البرغماتية تعلو عن العقيدة السياسية. فالتحالف الذي لا يخضع لمنطق سياسي معين سيقوض أركان المكاسب الإنتخابية. لذا يفترض أن دائرة التحالف لتشكيل الأغلبيات القادمة على مستوى الجماعات الترابية لن تخرج عن منسوب المعقول السياسي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.