ركراكي: حققنا الأهم بالظفر بنقاط الفوز وتحقيق العلامة الكاملة في ثلاث مباريات    المنتخب المغربي يتألق بتحقيق فوز عريض ضد الكونغو برازافيل    مانشستر يونايتد يبقي المدرب تين هاغ    عمالة الأطفال بالمغرب تواصل التراجع.. و69 ألف طفل يقومون بأشغال خطيرة    اليونسكو.. تسليط الضوء على "كنوز الفنون التقليدية المغربية"    اليد الربعة: تجربة جديدة في الكتابة المشتركة    لوحات فريدة عمرو تكريم للهوية والتراث وفلسطين والقيم الكونية    أقصى مدة الحمل بين جدل الواقع وسر سكوت النص    باليريّا تعلن عن 15 رحلة يومية إلى المغرب خلال عملية "مرحبا"    تطورات مهمة في طريق المغرب نحو اكتشاف جديد للغاز    إطلاق مشروع "إينوف فير" لتعزيز انخراط الشباب والنساء في الاقتصاد الأخضر    هلال: تقرير المصير لا يعني الاستقلال    توقعات أحوال الطقس لنهار اليوم الأربعاء    توقيع على اتفاقية شراكة للشغل بالمانيا    القناة الرياضية … تبدع وتتألق …في أمسية فوز الأسود اسود    "الأسود" يزأرون بقوة ويهزون شباك الكونغو برازافيل بسداسية نظيفة    محكمة فاس توزع 20 سنة حبسا نافذا على "شبكة الإتجار في الرضع"    الركراكي: يلزمنا الاشتغال بشكل أكبر وتحقيق النقاط هو الأهم    غباء الذكاء الاصطناعي أمام جرائم الصهيونية    انتخابات 2026: التحدي المزدوج؟    أفاية: الوضع النفسي للمجتمع المغربي يمنع تجذّر النقد.. و"الهدر" يلازم التقارير    الركراكي: ماتبقاوش ديرو علينا الضغط الخاوي    ولاية امن تيزنيت… توقيف سيدة وشقيقها بتهمة ترويج مواد طبية مهربة    إعادة تهيئة مسارات مغادرة الرحلات الدولية والوطنية بمطار طنجة ابن بطوطة لاستقبال أزيد من مليوني مسافر    منتخب "أسود الأطلس" يدك شباك الكونغو بسداسية في تصفيات المونديال    ندوة أطباء التخدير والإنعاش تستعرض معطيات مقلقة حول مرضى السكري    طقس الأربعاء.. أمطار رعدية مرتقبة بهذه المناطق    مديرية آسفي "تتبرأ" من انتحار تلميذة    تدعم "البوليساريو".. استقالة نائبة سانشيز من قيادة "سومار"    المغرب استقبل أكثر من 5.9 مليون سائح خلال 6 أشهر بما فيهم مغاربة يقيمون في الخارج        الأمثال العامية بتطوان... (622)    جمعية هيئة المحامين بتطوان تتضامن مع الشعب الفلسطيني    من المغرب.. وزيرة خارجية سلوفينيا تدين إسرائيل وتدعو لوقف تام لإطلاق النار بغزة    فرنسا.. اليسار يتجمع بعد تيه ورئيس حزب "الجمهوريون" يريد التحالف مع اليمين المتطرف في الانتخابات التشريعية    المغرب وسلوفينيا عازمان على إعطاء دينامية أكبر لعلاقاتهما الثنائية    الأخضر يغلق تداولات بورصة البيضاء    العثور على جثة فتاة داخل حفرة يستنفر السلطات الأمنية بمرتيل    وفاة المعلم علال السوداني، أحد أبرز رموز الفن الكناوي    عيد الأضحى: المكتب الوطني للسكك الحديدية يبرمج حوالي 240 قطارا يوميا    صندوق الإيداع والتدبير يعلن عن صرف المعاشات بشكل مسبق ابتداء من 12 يونيو    وهبي يعلن بدء استخدام الذكاء الاصطناعي في محاكم المغرب    سفر أخنوش يؤجل الجلسة الشهرية بمجلس المستشارين    مصرع نائب رئيس ملاوي و9 أشخاص آخرين في حادث تحطم طائرة    المغرب يرحب بقرار مجلس الأمن الدولي    وهبي: أدوار الوساطة تحتاج التقوية .. ومنصة رسمية تحتضن الإعلانات القضائية    رفيقي يكتب: أي أساس فقهي وقانوني لإلزام نزلاء المؤسسات السياحية بالإدلاء بعقود الزواج؟ (2/3)    شركة "آبل" تطلق نظاما جديدا للتشغيل في أجهزتها قائما على الذكاء الاصطناعي التوليدي    الفنانة التشكيلية كوثر بوسحابي.. : أميرة تحكي قصة الإبداع من خلال لوحاتها    بوطازوت وداداس يجتمعان من جديد في المسلسل المغربي "أنا وياك"    الفنان عادل شهير يطرح كليب «دابزنا» من فرنسا    السعودية تحظر العمل تحت أشعة الشمس اعتبارا من السبت القادم    المغرب يلتزم بإدماج التقنيات النووية السليمة في مختلف القطاعات    ارتفاع درجات الحرارة من أكبر التحديات في موسم حج هذا العام (وزارة الصحة السعودية)    خبراء يوصون باستخدام دواء "دونانيماب" ضد ألزهايمر    دراسة علمية أمريكية: النوم بشكل أفضل يقلل الشعور بالوحدة    الرسم البياني والتكرار الميداني لضبط الشعور في الإسلام    الوفد الرسمي المغربي للحج يحط بجدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مذكرة من الدكتور أحمد الريسوني (عضو المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح): قضية الصحراء المغربية والواجب الإسلامي
نشر في التجديد يوم 23 - 01 - 2010

إن الصحراء الممتدة جنوب المملكة المغربية، والمعروفة باسم الساقية الحمراء ووادي الذهب أوالصحراء الغربية حسب تسمية الدوائر الاستعمارية لم يُعرف عنها عبر التاريخ سوى أنها جزء من كيان الدولة المغربية
الذي نؤكده، هو أن هذه القضية هي فعلا قضية الدولة والحكومة، بل هي من أهم قضاياها ومن أوجب واجباتها، ولكنها قبل ذلك وفوق ذلك، قضية شعب ووطن، بل هي قضية من قضايا شعوب المنطقة... وكل موقف سلبي في هذه القضية هو موقف ضد الشعب المغربي وتاريخه ووحدته ومصالحه العليا، بل هو ضد شعوب المنطقة ومصالحها
أدعو بصفة خاصة إخواننا وأبناءنا سكان الصحراء الجنوبية ، إلى الانخراط الفعال في تنفيذ الحل العادل والممكن والمريح، وهو المبادرة الملكية الرامية إلى إقامة حكم ذاتي لسكان الأقاليم الصحراوية، يضمن لهم تدبير شؤونهم الإقليمية والمحلية، في ظل الأخوة والكرامة والدولة الواحدة
منذ أكثر من ثلاثة عقود تمكن المغرب من تصفية جزء كبير من مخلفات الاستعمار على أرضه، وذلك بتحرير صحرائه الجنوبية بإقليميها الساقية الحمراء، ووادي الذهب، منذ ذلك الحين وهو يواجه مناورات ومؤامرات لإجهاض هذا الإنجاز الوطني التاريخي.
ورأس الحربة في هذه المؤامرة هم حكام القطر الجزائري الشقيق، وهو الجار الذي شاركه المغرب وتقاسم معه السراء والضراء، والتمازج على مختلف الأصعدة طيلة قرون. وتتعزز المؤامرة بجهات غربية ترى في استمرار المشكلة أداة لخدمة سياسات التدخل في المنطقة واستنزاف قدراتها وابتزاز دولها لصالح مشاريع التطبيع والتنصير والتغريب والتفتيت، والتي أسفرت عن وجهها الجلي في الآونة الأخيرة بوضوح مستفز.
ولَمَّا كانت الجهات المعاكسة للمغرب ولإنجازه الوحدوي، الداعمةُ لخيار التجزئة والانفصال، ما فتئت تختلق الأسباب لتمديد عمر المشكلة وإفشال أي حل أو تجاوزٍ لها، فإن هذا يضاعف من واجب المغاربة قاطبة، وسائرِ الداعمين للوحدة والاستقرار والتنمية لبلدان المنطقة، في أن ينخرطوا في المواجهة المباشرة والمتواصلة، لهذا العبث بمصائر الشعوب والمصالح العليا للمنطقة وشعوبها.
ونظرا لما نلمسه من غبش وتأرجح ما زالا يخيمان على طبيعة هذه القضية وأبعادها، وواجبِ العرب والمسلمين وكافة المواطنين تجاهها، كان لا بد من التوضيح والتأكيد لجملة من الحقائق والمواقف.
.1 القضية قضية أمة وشعب
يرى العديد من الناس أن قضية الصحراء إنما هي قضية من قضايا الدولة المغربية والحكومة المغربية، وأن القضية متروكة لها ولتدبيرها، مثل سائر القضايا والمشاكل التي تضطلع الدولة والحكومة بحلها وتتحمل كامل متطلباتها. وبعض الناس يرون أنهم ما داموا معارضين للنظام المغربي أو سياساته، فمن الطبيعي أن يتخذوا موقفا مناوئا أو متشفيا لا مباليا في هذه القضية أيضا.
والذي نؤكده، هو أن هذه القضية هي فعلا قضية الدولة والحكومة، بل هي من أهم قضاياها ومن أوجب واجباتها، ولكنها قبل ذلك وفوق ذلك، قضية شعب ووطن، بل هي قضية من قضايا شعوب المنطقة، نظرا لما لها من انعكاسات بليغة على وحدتها وأخوتها واستقرارها ومصالحها. ومن هنا لا يبقى مجال لموقف اللامبالاة أو الحياد، أو تفويض الاختصاص، أو التفرج والانتظار، فضلا عن اتخاذ موقف المعاكسة للإنجاز الوحدوي المغربي. وكل موقف سلبي في هذه القضية هو موقف ضد الشعب المغربي وتاريخه ووحدته ومصالحه العليا، بل هو ضد شعوب المنطقة ومصالحها.
.2 مغربية الصحراء: حقيقةٌ لا يَعرف التاريخ غيرها
إن الصحراء الممتدة جنوب المملكة المغربية، والمعروفة باسم الساقية الحمراء ووادي الذهب - أوالصحراء الغربية حسب تسمية الدوائر الاستعمارية - لم يُعرف عنها عبر التاريخ سوى أنها جزء من كيان الدولة المغربية. وهي حقيقة لم تنقطع حتى تحتاج إلى إعادة إثبات. واحتلال هذه المنطقة من طرف إسبانيا لفترة من الزمن، هو كاحتلالها لشمال المغرب ومناطقَ أخرى من جنوبه، لا يغير من الواقع التاريخي والسكاني شيئا. ولم يعرف التاريخ أبدا على أرض هذه الصحراء، دولةً ولا شبهَ دولة. فالصحراء موضوعُ المنازعة لم تكن دولة احتلتها إسبانيا، ولا دولةً ضمها المغرب إليه، بل هي امتداد عضوي للمغرب وأرضه وسكانه وسيادته. وإن علاقات البيعة والولاء الثابتة بين ملوك المغرب وسكان هذه المنطقة، لَهِيَ من أبرز الأدلة التاريخية على طبيعة الوضع القانوني والسياسي لها عبر التاريخ، باعتبارها إقليما مغربيا بجميع المعايير، إضافة إلى الاشتراك والتطابق في كل شيء بين سكان الصحراء وغيرهم من سكان المغرب: فالقبائل مشتركة، والعوائل مشتركة، والأراضي مشتركة، واللغة واللهجات مشتركة، والدين واحد، والمذهب واحد. فمِن أين جاءت فكرة الدولة والانفصال إلا من سياسة التمزيق والتقطيع، التي تغذيها الحزازات والأطماع السياسية لهذا الطرف أو ذاك؟!
.3 استرجاع الصحراء إنجاز إسلامي شرعي
إن مقتضى ديننا هو التمسك بالوحدة الإسلامية وبكل مبادرة وبكل خطوة تحققها أو تستعيدها أو تدعمها أو تمهد سبيلها، باعتبارها هي الأصل بين الشعوب الإسلامية، وكذلك الوقوفُ ضد كل مبادرة أو خطوة انفصالية تضاف في جسم الأمة الإسلامية. ولذلك فإن نجاح المغرب في استعادة جزء من جسمه وكيانه، مباشرة من يد الاحتلال الإسباني، هو قيام بواجب شرعي صحيح لا غبار عليه. فالمغرب لم يتسلم من إسبانيا دولة قائمة في الواقع، ولا دولة عرفها التاريخ في يوم من الأيام، بل حرر من قبضتها منطقة من أرضه كانت محتلة ومغتصبة. فالواجب على كل مسلم تأييد هذا الإنجاز الإسلامي التحريري الوحدوي، ودعمه والدفاع عنه بكل السبل الممكنة.
وإن مما يوجب ويعزز من هذا التوجه الداعم لخيار مواجهة سياسات الانفصال، ما نراه من اندفاع جزء أساسي من قوى التيار الإنجيلي التنصيري المتطرف في كل من إسبانيا وأمريكا، نحو استغلال القضية لضمان موقع لمشاريع التنصير في المنطقة وتعميق تجزئة دولها، مثل ما حصل في تجارب عدة في العالم الإسلامي، مثل تيمور الشرقية مع الكنسية الأسترالية، وجنوب السودان مع مجلس الكنائس العالمي، مما يجعل نصرة خيار الوحدة ومناهضة التجزئة في قضية الصحراء المغربية، محطة لمواجهة سياسات الاستهداف التنصيري للعالم الإسلامي.
كما يمثل الابتزاز الصهيوني المستمر للمغرب من أجل مقايضته بدعم غربي موهوم، بالانخراط في سياسات التطبيع والسماح لمؤسسات الاختراق الصهيوني بأن تفعل فعلها في المنطقة، أحد الأسباب المؤكدة لخيار الوحدة وإسناده بما يقي دول المنطقة وشعوبها من مخططات الابتزاز الخارجي.
ومما يدعو إلى الاستغراب والارتياب، أن نجد معظم دول العالم تقف موقف الإدانة والرفض للحركات والمحاولات الانفصالية، رغم كونها تمثل أقليات عرقية أو دينية أو مذهبية مخالفة، ورغم كونها تعبر عن معاناة ومشاكل حقيقية لتلك الأقليات مع الأغلبية السكانية السائدة، ثم نجد بالقابل بعض هذه الدول تدعم الصراع والانفصال والتجزئة في حالة صحرائنا المغربية، مع أنه لا يوجد فيها أدنى تميز أو اختلاف أو خصومة بين السكان هنا وهناك! {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} (سورة الحشر : 2)
.4 فكرة الانفصال ضرر على جميع الأطراف
في كثير من الصراعات والنزاعات يكون هناك متضرر ومستفيد، ورابح وخاسر من أطراف هذا النزاع. ولكن هناك صراعات يكون الجميع فيها خاسرين ومتضررين. والصراع المفتعل جنوب المغرب، والرامي إلى فصل صحرائه عنه وجعلِها كيانا مستقلا، هو من هذا النوع الأخير. فها هي عدة عقود قد مضت على هذا النزاع وما يكتنفه من صراعات وتكاليف باهظة على جميع أطرافه، ويمكن تمديده وإذكاؤه لعقود أخرى وعقود إضافية، دون أن يحصد منه أحد شيئا سوى الخسائر والأضرار على جميع الأصعدة.
فماذا استفاد الانفصاليون سوى تشتيت سكان المنطقة وقبائلها، وزرع الفتنة والفرقة بينهم، وتعطيل فرص الاستقرار والتنمية.
وماذا ربح النظام الجزائري من احتضانه الكامل للمشروع الانفصالي وتبنيه المتواصل لسياسة معاكسة المغرب، سوى خلق أجواء التوتر والتنافس الهدام، وتعطيلِ مشروع اتحاد المغرب العربي وغيره من مشاريع التعاون والتكامل بين دول المنطقة، مع استنزاف الخزينة الجزائرية وتحميلها نفقات فادحة، ما أحوج الشعب الجزائري إليها.
وماذا جنت أو ستجني دول قريبة وأخرى بعيدة، تدعم مشروع الانفصال والتوتر، سوى إضعاف المغرب وصرف اهتماماته وطاقاته عن وجهتها الصحيحة، بينما استقرار المغرب والمنطقةِ عموما، يتيحان استفادة الجميع وحلهم لمشاكل مشتركة عديدة، من خلال التعاون الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والأمني.
وهكذا يظهر أننا جميعا ورغم أنوفنا خاسرون متضررون في هذا الصراع العبثي الذي يظل قابلا للتمديد والتطويل بهذا الشكل أو غيره من الأشكال، إلى أجل غير مسمى.
وإن كان هناك من مستفيد أو رابح من هذا النزاع وتداعياته، فلن يكون سوى من يريدون لأمتنا وشعوبنا دوام التمزيق والإنهاك والضعف والتخلف بسبب العداوة أو الانتهازية.
.5دعوة ونداء
لأجل هذا فإن المغاربة في الداخل والخارج، وأشقاء المغرب والمغاربة، من عرب ومسلمين وحركات قومية وإسلامية، مدعوون إلى تقوية الانخراط في تعبئة شاملة لتعزيز الوحدة والأخوة، والتصدي لفكرة الانفصال والانشقاق، سواء على الصعيد الداخلي أو على الصعيد الخارجي، بما في ذلك محاورة المعارضين للموقف المغربي والحق المغربي، والمتشككين في طبيعة القضية وأبعادها الإسلامية والقومية.
وأدعو بصفة خاصة إخواننا وأبناءنا سكان الصحراء الجنوبية ، إلى الانخراط الفعال في تنفيذ الحل العادل والممكن والمريح، وهو المبادرة الملكية الرامية إلى إقامة حكم ذاتي لسكان الأقاليم الصحراوية، يضمن لهم تدبير شؤونهم الإقليمية والمحلية، في ظل الأخوة والكرامة والدولة الواحدة.
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.