عندما تجول في الشوارع وتنظر في اللوحات المخصصة للإشهار تجد إشهارا وفيه كف بلون أحمر وكتب في وسطها عبارة ما تقيش بلادي. ويبدو أن هذا الإشهار وطني فهو في مختلف مدن البلاد ومرتبط بأحداث 16 من ماي وبما أن عددا كبيرا من الناس يصعب عليهم فهم العلاقة بين الإشهار المعروض وأحداث السادس عشر من ماي خاصة وأن كلمة ما تقيش بلادي غير مستعملة في جميع أنحاء البلاد ومن يستعملها فهو ينطقها بالسين لا بالشين. أقول تحتاج هذه العبارة إذن لبعض الشرح: أولا: ماهي بلادي التي يخاطب الإشهار كل من يريدها بسوء أن يكف شره وآذاه عنها إن هوية بلادي معروفة فهي بلد عربي مسلم متمسك بإسلامه وبلغته العربية ووحدته الترابية وملكيته الدستورية. فمن الذي يستهدف هذا الإشهار ويقول له ما تقيس بلادي؟ إنهم بالتأكيد أولائك المعتدون الذين وضعوا المتفجرات في الأماكن العامة فقتلت من كل الفئات ولكن هل هؤلاء وحدهم الذين يتوجه إليهم هذا الإشهار. ماذا نقول في الذين يتآمرون على إسلامنا ويريدون أن يركبوا على الأحداث المؤلمة للتحريض على التدين نفسه ومساواته بالإرهاب بلا تفريق؟ ماذا نقول في الذين يشيعون الفاحشة بأقلامهم وصحفهم ومجلاتهم ويرون ذلك سبيلا إلى تجفيف التدين في البلاد ويفرحون لكل فجور ويهللون لكل فسوق. ماذا نقول في الذين يحاربون كل مبادرة لإحياء فريضة الزكاة وإدخال بدائل عن الربا إلى الاقتصاد الوطني. ماذا نقول في الذين يغرقون الأسواق بالخمور ويشجعون على تجارة السجائر وأنواع من التجارات المحرمة في ديننا. ماذا نقول في الذين يعرون بناتنا ويعبثون بأجسادهن بدعوى اختيار ملكات الجمال؟ ماذا نقول في الذين يتاجرون بمعاناة أولادنا ويأخذون منهم الأموال الباهضة مقابل وعود بالهجرة إلى أروبا ثم يغدرون بهم أو يأخذونهم إلى عرض البحر ويغرقونهم. ماذا نقول في الذين يستأثرون بخيرات البلاد العامة عن طريق الامتيازات التي لاحق لهم فيها وتتركز ثروة الأمة في أيد قليلة من المحظوظين. ماذا نقول في الذين يتجرأون على مقدسات بلادي باسم حرية الرأي وحرية الصحافة؟ ماذا نقول في الذين يحاربون كل جهد للتعريب ويعرقلون كل خطوة في هذا الاتجاه ويفتعلون الصراع بين اللغة العربية والأمازيغية ويريدون أن تكون فتنة؟ إذن الذين يخاطبهم هذا الإشهار أنواع كثيرة وحبذا لو كتب تحت هذا الإشهار على سبيل الشرح: ما تقيس ديني، ما تقيس لغتي، ما تقيس أولادي، ما تقيس بناتي. أما رمزية الكف من هذا الإشهار فالاعتقاد الشعبي أي الكف (الخميسة) تدفع العين والحسد اعتقاد باطل، فهي لا تدفع شيئا والذي يحصن بلادي ويحميها 1 الدعاء والتضرع إلى الله تعالى فهو سبحانه القادر على أن يبعث علينا عذابا من فوقنا ومن تحت أرجلنا أو يلبسا شيعا ويذيق بعضنا يأس بعض 2 العدل ولا يكون العدل إلا بشرع الله تعالى فالحصن الحصين لبلدنا هو الاعتصام بحبل الله المتين وأن تكون كلمتنا واحدة >هو سماكم المسلمين". 3 أن يقوم كل واحد بواجبه وأن يقف في وجه من يريد سوءا أو شرا بالوطن وأهله. وكنا نود أن يكون مثل هذا الإشهار بآية من كتاب الله تعالى أو حديث من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي يحمد الله كثيرا مثل قول الله تعالى: (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق) أو قوله تعالى: (ولا تعثوا في الأرض مفسدين) أو قوله سبحانه: (لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون) (والله لا يحب الفساد) (من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا) أو قوله صلى الله عليه وسلم: "اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن". ويكون هذا أحسن من كف أحمر وفيه جملة ما تقيش بلادي. الدكتور محمد عز الدين توفيق