الخط : إستمع للمقال يبدو أن حميد المهداوي استفرَد بالتشريع في مجال الصحافة بالمغرب، بعدما انبرى يُحدِّد مبادئ التجريم، ويَستعرِض أسباب الإباحة، ويَشرَح ظروف التشديد المرتبطة بالنشر والتدوين في شبكات التواصل الاجتماعي. بل إن حميد المهداوي تَأسَّى كثيرا بحمورابي، وصار يُفصِّل أخلاقيات المهنة على هواه، ويُقصي من الزملاء كل من يَختلِف معه في الرأي، بل إنه هو الوحيد، بعد "عبد الإله بنكيران"، الذي يَجُوز له نعت المسؤولين المغاربة ب"السلاكط"، لأنه يَتوفر على عُذر مُعفي من العقاب تحت مسمى "النضال السلكوط"! أكثر من ذلك، سيتجاسر حميد المهداوي كثيرا عندما تَدخَّل في عمل المؤسسات الأمنية الوطنية، وأعطى لنفسه الحق في التقرير مَكانها، وتحديد نوعية البرامج التي يَجب أن يُشارك فيها المسؤولون الأمنيون! ومن هم المذيعون والمنشطون الإذاعيون الذين يَجب الحُضور في برامجهم! فبحسب قوانين حميد المهداوي المفعمة بالسخرية: لا يَجوز لأي مسؤول أمني أن يُشارك في برنامج إذاعي ينشطه شخص أو سيدة يُعادِيانه أو يَختلفان معه في الرأي! فحميد المهداوي أمسى من الثوابت العليا للوطن، وعلى عبد اللطيف حموشي أن يُصدِر تعليمة لمرؤوسيه بهذا الخصوص. بل على المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني أن يَطلُب معلومات قبلية على أي صحفي أو صحفية يَطلبان استقبال مسؤول أمني في برامجهما! فإذا كان الصحفي صاحب الطلب مُسجل ضمن المغضوب عليهم في سِجل "حميد المهداوي"، فيتوجب تَذييل الطلب بالرفض فورا. فمن غير المقبول، ولا المستساغ، أن نُغضِب حميد المهداوي! الذي صار يَتوسَّم في نفسه سُلطة "فَموية" أعلى من كل السُلط، بل أضحى يَتدخل، بلا وجل ولا خجل، في عمل المؤسسات السيادية بدعوى "النصيحة النرجسية". فأي مَنطق أعوَج هذا الذي يهدي بهديه حميد المهداوي؟ فالرجل صار يَتدثر بالقداسة، ويُسجي نفسه بأردية "الربوبية"! فكل من دخل معه في تراشق لفظي أو سجال كلامي، يَتوجب أن تبغضه المؤسسات الأمنية ويلعنه اللاعنون!! وهذه المنطق السَمج ليس بغريب على حميد المهداوي! أليس هو من ادعى بأن دَفعه لهدم بناية عشوائية وغير مرخصة لن يَخدِم القضية الوطنية؟! أليس هو من ربط بين هدم فيلا غير مرخصة في ملكيته وبين الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية للمملكة؟ أليس هو من اتهم السلطات المغربية بخدم أجندات البوليساريو لأنها رفضت الإذعان له وأمرت بهدمه لفيلا عشوائية كان قد بناها في ضواحي تيفلت؟ إنه المنطق ذاته! فحميد المهداوي كلما اعتلى هَودج اليوتيوب يَتَوهَّم بأنه يحمل تاج الإمارة وصولجان التشريع والتقنين! فيعتقد واهما بأنه صار بمقدوره الإفتاء حتى داخل رحاب مؤسسات الأمن والقضاء. لكن المفارقة الغريبة والشوفينية، هي أن حميد المهداوي يُحلِّل لنفسه ما يُحرمه لغيره من الأشخاص الطبيعيين والمعنويين. فهو من حقه أن يَستقبل عزيز غالي الذي يُنافح من أجل تقرير المصير وبلقنة الدولة والوطن! لكن غيره ممنوع من استقبال مسؤولة أمنية تتحدث عن الممارسات الفضلى في مجال السير والجولان. ومن حق حميد المهداوي أن يَستقبِل عائلة النصاب هشام جيراندو، الذي يَخدِم أجندات إجرامية عابرة للحدود الوطنية، لكن غيره ممنوع عليه أن يَستقبل عناصر الأمن للحديث عن أحوال السير على الطريق! ومن حق حميد المهداوي أن يَستضيف توفيق بوعشرين الذي اغتصب العديد من النساء، لكن غيره لا يُمكنه استضافة شرطية برتبة قائدة لحراس الأمن، بدعوى أن مُنشِطة البرنامج كانت قد تَلفظت بعبارات جارحة في حق حميد المهداوي! فهل صار حميد المهداوي من الطابوهات المجتمعية؟ وهل أضحى من المقدسات والثوابت العليا للوطن؟ أم أن تأثير مُشاهَدات اليوتيوب يُرتِب أعراضا وتَداعيات مَرضية على الناس، تجعلهم يفقدون إحساسهم الصادق بواقعهم وحجمهم الحقيقي؟ الوسوم الجزائر المغرب حميد المهداوي فرنسا