الخط : إستمع للمقال أفاد تقرير حديث صادر عن شركة مايكروسوفت بأن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد أداة تقنية داعمة، بل تحوّل إلى المحرك الأساسي لنشوء جيل جديد من المؤسسات أطلقت عليها الشركة وصف "شركات الريادة المستقبلية"، حيث تعتمد هذه المؤسسات بشكل متزايد على وكلاء رقميين – أنظمة ذكية مؤتمتة – للقيام بالأعمال التشغيلية اليومية، في الوقت الذي يُعاد فيه تعريف دور البشر ضمن بيئة العمل ليتركز حول الإبداع واتخاذ القرار والتواصل. وأشار التقرير الذي حمل عنوان "مؤشر اتجاهات العمل السنوي لعام 2025′′، إلى أن الذكاء الاصطناعي غيّر قواعد اللعبة، حيث تحوّل من مورد نادر ومكلف إلى تقنية متاحة وسهلة الاستخدام يمكن تشغيلها حسب الحاجة، ما يمنح الشركات قدرة غير مسبوقة على توسيع عملياتها بوتيرة مرنة وفعالة، كما يعكس هذا التحول ثقة واسعة بين قادة الأعمال، إذ عبّر 82% منهم عن توقعاتهم بالاعتماد على حلول الذكاء الاصطناعي لرفع كفاءة القوى العاملة خلال الفترة المقبلة. في المقابل، كشف التقرير عن تزايد الضغط على الموظفين، إذ أشار 80% من العاملين إلى معاناتهم من ضيق الوقت والطاقة الكافية لإنجاز المهام اليومية، بينما يرى أكثر من نصف القادة أن هناك حاجة ملحة لرفع الإنتاجية، كما توضح البيانات أن بيئة العمل الحالية أصبحت تعاني من الانقطاعات المستمرة، حيث يتعرض الموظف لمقاطعة كل دقيقتين في المتوسط، إضافة إلى ارتفاع كبير في حجم الأنشطة التي تُجرى خارج أوقات العمل الرسمية، مثل الرسائل الفورية والاجتماعات العابرة للمناطق الزمنية. ودعت مايكروسوفت من خلال التقرير إلى إعادة التفكير في شكل العمل نفسه، من خلال "فصل الإنسان عن المهام المعرفية المتكررة"، بحيث يتولى الذكاء الاصطناعي تنفيذ الأنشطة الروتينية، فيما يتفرغ البشر للمهام التي تتطلب إبداعا، حكما أخلاقيا، وتفاعلا إنسانيا. وبهذا تتحول العلاقة بين الإنسان والتقنية إلى علاقة قيادة وإشراف، حيث يصبح "إدارة الوكلاء" تعبيرا جديدا عن ممارسة العمل، بدلا من تنفيذ المهام بشكل مباشر. وبحسب التقرير، فالمؤسسات التي تنطبق عليها صفة "شركات الريادة المستقبلية"، هي تلك التي بدأت فعلا في توظيف الذكاء الاصطناعي كجزء لا يتجزأ من بنيتها التشغيلية، وتُظهر نضجا رقميا متقدما، وتخطط لتوسيع استخدام الوكلاء الرقميين. ومن خلال عينة شملت 844 موظفا في هذه الشركات، تبين أن 71% يرون مؤسساتهم مزدهرة، مقابل 37% في المؤسسات التقليدية، كما عبّر 93% منهم عن تفاؤلهم بمستقبلهم المهني، وهي نسبة تفوق المعدل العالمي ب16 نقطة مئوية. واستعرض التقرير قصصا حقيقية تسلط الضوء على التغيير الحاصل، مثل شركة ناشئة مؤلفة من خمسة أشخاص تمكنت من رفع أرباحها بنسبة 20% باستخدام الذكاء الاصطناعي لمحاكاة مشاريع البناء وتحليل الأسواق، أو رائد أعمال فردي في مجال التوظيف استطاع استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لتحقيق إيرادات سنوية تقترب من مليوني دولار، دون الحاجة إلى فريق عمل تقليدي. ورغم هذا التحول الكبير، يحذر التقرير من النظر إلى الذكاء الاصطناعي كبديل كامل للبشر، مؤكدا أن مستقبل العمل قائم على التكامل بين الإنسان والآلة. وينقل عن الخبير الاقتصادي دانيال سسكند أن هناك ثلاثة معايير تحافظ على حضور العمل البشري: الحاجة إلى التعاون، التفضيلات الإنسانية، ومتطلبات الأخلاق والمسؤولية. في مجالات مثل القانون والمالية واللوجستيات، يظل القرار الإنساني حاسماً في التعامل مع الحالات الاستثنائية وحماية البعد الأخلاقي للعمل. ويخلص التقرير إلى أن مواجهة هذا التغير الجذري تتطلب من العاملين تطوير مهارات جديدة، أبرزها التفاعل الذكي مع الذكاء الاصطناعي، القدرة على التفويض، تحسين جودة النتائج عبر التغذية الراجعة، واكتشاف الأخطاء المنطقية. وفي بيئة العمل الجديدة، لن يُقاس النجاح بكمية المهام المنجزة، بل بقدرة الفرد على قيادة التكنولوجيا وتسخيرها لتحقيق أهداف أكبر. الوسوم الذكاء الاصطناعي تقرير مايكروسوفت