الخط : إستمع للمقال بعد اختيار المغرب بمعية إسبانيا والبرتغال بشكل رسمي، كبلدان مستضيفة لكأس العالم فيفا 2030، من قبل الجمعية العمومية للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، خلال اجتماعها في 11 دجنبر 2024 في دورة استثنائية، تنخرط السلطات الحكومية في الاستعداد لاحتضان هذا الحدث الكروي العالمي، من خلال عقد سلسلة من الاجتماعات، للوقوف عند مدى التقدم الحاصل في مجالات إعداد البنية التحتية، من ملاعب وإيواء ونقل، خاصة بالمدن الستة المقرر أن تستضيف مباريات هذه التظاهرة العالمية. وإذا كان المشاركون في هذه الاجتماعات، يحثون على مضاعفة الجهود من أجل إنجاح تنظيم كأس العالم 2030، كان من المفيد إدراج ملف الصحافة والإعلام بصفة عامة والصحافة الرياضية بصفة خاصة التي تعد من الأدوات الرئيسية، في إطلاع الرأي العام الوطني والدولي، عن الأحداث الرياضية وتزويده بالمعلومات والمعطيات، لأنه لا رياضة بدون إعلام. لكن إذا كانت الصحافة الرياضية، تعرف على المستوى العالمي، تطورا متناميا، يفوق في كثير من الأحيان التخصصات الأخرى في مجال الإعلام، من صحافة سياسية واقتصادية وثقافية، فإنها ظلت – كما هو شأن الإعلام بصفة عامة- في وضعية دون مستوى التطلعات والرهانات، بعجزها المزمن عن مجاراة ما بلغته كرة القدم. إن رهان تنظيم كأس العالم في كرة القدم سنة 2030، لا يقف عند حدود توفير البنيات التحتية، على أهميتها، ولكن كذلك الاستعداد اللازم والناجع للإعلام، من خلال الإسهام في تأهيل الصحافيين الرياضيين، وإعدادهم مهنيا، لما للصحافة والإعلام من أهمية قصوى في ضمان نجاح هذه التظاهرة الكروية العالمية، لكونها مدخلا حاسما في تسويق صورة المغرب في تعدديته الحضارية، لأن مونديال 2030، يشكل حدثا ثقافيا بامتياز. إن من شأن الأخذ بعين الاعتبار التحديات التي تفرضها البيئة الرقمية على الممارسة الصحافية والإعلامية، وتأثير التكنولوجيا الحديثة وتحديات الذكاء الاصطناعي لدورهما في تشكيل الرأي العام، أن يساهم في إنجاح هذه التظاهرة العالمية، التي هي ليست حدثا رياضيا فقط. وفي هذا الصدد يمكن التساؤل عن مدى تكيف وسائل الإعلام ومن ضمنها الصحافة الرياضية، مع هذه المتغيرات، وتمكنها من مواجهة تحديات الثورة الرقمية؟ وهذا ما يستدعي اعتماد رؤية جديدة ومغايرة في التعامل مع ورش الصحافة والإعلام قبل انطلاق المونديال 2030، من خلال سن سياسة إعلامية رياضية متعددة الأبعاد، وإيلاء أهمية خاصة للتكوين، لتجويد الممارسة الإعلامية، بما يتلاءم مع الحاجيات التي تتطلبها مواكبة حدث كبير من قبيل كأس العالم بالمغرب وإسبانيا والبرتغال. لكن يظل الأمل مطروحا في أن يدشن احتضان المونديال لمرحلة جديدة تساهم في توفير بيئة سليمة وتجاوز النظرة النمطية للإعلام القطاع الاستراتيجي، الذي يعد من بين رافعات التنمية، فضلا عن تطوير وسائل الإعلام بتأهيله في التعاطي مع مجتمع كأس العالم الذي يفرض تعاملا مختلفا في العلاقة الجمهور، وهو ما يتطلب استراتيجية شاملة، منها ربط البعد الأمني بالبعد الحقوقي ومحاربة الكراهية والعنصرية، ويفتح آفاقا إعلامية جديدة، تستند على رؤية واضحة المعالم. كما يتطلب الأمر العمل وباستعجال، على تطوير المهارات في مجالات متعددة منها الصناعة الرياضية والتخصص الصحافي والتعليق الرياضي، والانفتاح على التكنولوجيات الحديثة، خاصة منها الإنترنت والذكاء الاصطناعي، وهو ما حاولت مقاربته في الإصدار الأخير بعنوان "الإعلام ومونديال 2030" الذي "نُعيد من خلاله اكتشاف حدث "المونديال"، باعتباره أكثر من مجرد مسابقةٍ في الكرة، حيث يُحاول الكاتب بالعين المُجربة للصحافي أن يُعدِّدَ زوايا النظر لموضوع استضافة المغرب للتظاهرة الأشهر في عالم الرياضة الأكثر شعبية فوق الأرض"، كما يوضح الجامعي والكاتب حسن طارق على ظهر الكتاب الصادر في طبعته الأولى عن منشورات دار التوحيدي. ويضيف الأستاذ حسن طارق بأن مؤلف الكتاب "يقترح أن نفكر بذكاءٍ أكبر في حدث المونديال، وأن نتسلح في سبيل ذلك بمقاربات ثقافية واجتماعية، تَنْظر إلى أن الحدث كلقاءٍ جديد بين المغرب والعالم، ثم يستعير – في الآن نفسه- عُدة الباحث وهو يُعيد بناء موضوعه بالكثير من دقة التجرد ووضوح المسافة لذلك ينتبه إلى أن المَطلوب ليس دائما إعادة إنتاج لحظة الانبهار وخطابات الاطمئنان، وأن نفكر بذكاءٍ أكبر في حدث المونديال، وأن نتسلح في سبيل ذلك بمقاربات ثقافية واجتماعية، تَنْظر إلى أن الحدث كلقاءٍ جديد بين المغرب والعالم". كما جاء في تقديم هذا المؤلف الذي دبجه ادريس جبرى منسق ماستر التميز في الصحافة والإعلام بجامعة السلطان مولاي سليمان ببنى ملال "فأخيرا، يتنفس المغاربة الصعداء، وهم يفتخرون بهذا الشرف الذي ناله المغرب والمغاربة بتنظيم هذه التظاهرة الكروية الكونية، وفي الوقت ذاته، يضعون أيديهم على قلوبهم، وهم يدركون صعوبة هذا التنظيم، وما ينتظرهم من تحديات ورهانات، يتعذر استسهالها أو التقليل من خطورتها، تجاه المنتظم الدولي، وتجاه المغاربة أنفسهم، ملكا وحكومة وشعبا وأمة". وهكذا يظل مونديال فيفا 2030 الذى يحتضنه المغرب بمعية إسبانيا والبرتغال، وإن كان ظاهريا حدثا رياضيا عالميا، فإنه بالمقابل فعل إعلامي وثقافي بامتياز. الوسوم المغرب الملك محمد السادس