نايف أكرد يغادر معسكر المنتخب المغربي    أخنوش: الحكومة تواصل تنزيل برامجها وتضع التنمية الترابية في صلب دينامية "المغرب الصاعد"    أسعار البيض بالمغرب تسجل ارتفاعا صاروخيا    أشرف حكيمي يطمئن جماهيره بصور جديدة خلال مرحلة التعافي    "إعادة" النهائي الإفريقي.. المغرب في مواجهة مصيرية مع مالي بدور ال16 لكأس العالم    أمينة الدحاوي تتوج بذهبية التايكواندو    نيجيريا تواجه الكونغو الديمقراطية في نهائي الملحق الأفريقي بالرباط    دراسة أمريكية: الشيخوخة قد توفر للجسم حماية غير متوقعة ضد السرطان    وفاة شخصين على الأقل إثر عاصفة قوية بكاليفورنيا    نقابة تشكو الإقصاء من منتدى جهوي    "الجمعية" تسجل العودة المكثفة للقمع والاعتقالات وتؤكد التراجع في حريات التعبير والتظاهر    النسخة الثانية من الندوة الدولية المنعقدة بوجدة تصدر اعلانها حول الاقتصاد الاجتماعي والتضامني    خبير يدعو لمراجعة جذرية للنموذج الفلاحي ويحذر من استمرار "التذبذب المناخي" في المغرب    تأجيل اجتماع بوتين وترامب ببودابست    مهرجان الدوحة السينمائي يعرض 20 فيلماً قصيراً في المسابقة الدولية للأفلام القصيرة    بريطانيا تتجه إلى تشديد سياسات اللجوء سعياً لخفض الهجرة غير النظامية    الإنعاش الميداني يجمع أطباء عسكريين‬    حكم قضائي يقضي بإفراغ محلات بالمحطة الطرقية "أولاد زيان"    دراسة علمية تؤكد أن الشيخوخة تمنح الجسم حماية من الأصابة بالأورام السرطانية    ماكرون يعلن إطلاق سراح الفرنسي كاميلو كاسترو الموقوف في فنزويلا منذ أشهر    إدراج ملف جمهورية القبائل في الأمم المتحدة يزلزل أركان الجزائر    تفكيك شبكة دولية لقرصنة تطبيقات المراهنة.. الامن يوقف خمسة اجانب بمراكش    "تلوثٌ في منطقة الفوسفاط يفوق الحدود المسموح بها".. دراسة تكشف ما يحدث في تربة آسفي الصناعية    سفير أنغولا: تكريم الملك الراحل الحسن الثاني يعكس عمق الصداقة التاريخية بين المغرب وأنغولا    من الاستثمار إلى التحالف: زيارة سفيرة كينيا على رأس وفد هام إلى العيون تفتح فصلًا جديدًا في العلاقات الثنائية    طقس الأحد.. أجواء غائمة مع نزول أمطار بعدد من مناطق المملكة    عمر هلال: الدبلوماسية المغربية، تحت القيادة المستنيرة لجلالة الملك، ترتكز على فلسفة العمل والفعل الملموس    مديرية الأمن الخارجي بفرنسا تشيد بتعاون المغرب في مجال مكافحة الإرهاب    هل تمت تصفية قائد الدعم السريع في السودان فعلا؟    إيران تدعو إلى الأخوة والسلام بالمنطقة    حموشي يقرر ترقية استثنائية لمفتش شرطة بآسفي تعرّض لاعتداء عنيف    الذكاء الاصطناعي يراقب صناديق القمامة في ألمانيا لضبط المخالفين    بلباو تُهدي فلسطين أمسية تاريخية.. مدرجات تهتف والقلب ينبض    سيدات الجيش الملكي يواجهن مازيمبي الكونغولي في نصف نهائي أبطال إفريقيا    لبنان سيقدم شكوى ضد إسرائيل لبنائها جدارا على حدوده الجنوبية تجاوز "الخط الأزرق"    اليونان تفوز على اسكتلندا في تصفيات كأس العالم    أكاديمية محمد السادس، قاطرة النهضة الكروية المغربية (صحيفة إسبانية)    أكنول: افتتاح الدورة التاسعة لمهرجان اللوز    ابن الحسيمة نوفل أحيدار يناقش أطروحته حول تثمين النباتات العطرية والطبية بالريف    الناظور .. افتتاح فعاليات الدورة 14 للمهرجان الدولي لسنيما الذاكرة    المغرب... دولة الفعل لا الخطاب    رياض السلطان يقدم مسرحية الهامش وموسيقى لؤلؤة البحيرات العاجية ولقاء فكري حول ذاكرة المثقف    عامل العرائش و السلة الفارغة: كيف أنهى الأسطورة و تحققت نبوءة الانهيار!    ارتفاع سعر صرف الدرهم ب 0,2 في المائة مقابل الدولار الأمريكي ما بين 6 و12 نونبر 2025    تطور جديد في ملف "إنتي باغية واحد".. متابعة دي جي فان بتهمة تهديد سعد لمجرد    لحمداني ينال "جائزة العويس الثقافية"    وزارة الثقافة تعلن الإطلاق الرسمي لمشروع تسجيل "فن زليج فاس وتطوان" على قائمة يونسكو للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية    نواب "العدالة والتنمية" يطالبون بلجنة تقصّي حقائق في صفقات الدواء وسط اتهامات بتضارب المصالح بين الوزراء    "ترانسافيا" تطلق أربع رحلات أسبوعياً بين رين وبريست ومراكش على مدار السنة    إطلاق الموسم الفلاحي الجديد مع برنامج بقيمة 12.8 مليار درهم وتوزيع 1.5 مليون قنطار من البذور المختارة    منظمة الصحة العالمية تعترف بالمغرب بلدًا متحكمًا في التهاب الكبد الفيروسي "ب"    وزارة الصحة تطلق حملة وطنية للكشف والتحسيس بداء السكري    دراسة: ضعف الذكاء يحد من القدرة على تمييز الكلام وسط الضوضاء    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زمن “التيه الحقوقي”
نشر في برلمان يوم 06 - 06 - 2020

المشهد الحقوقي في قضية الضحية “محمد آدم” هو غيره “المشهد المنمّق” الذي ألفناه في المغرب، والذي كان فيه المعطي منجب وخديجة الرياضي وعزيز غالي والرفاق يتظاهرون بالدفاع الخالص لوجه حقوق الإنسان، مشهرين يافطة الانتصار لحقوق وحريات الضحايا المنتهكة حقوقهم.
وكان لا بد من انتظار قضية هتك عرض الضحية محمد آدم بالعنف واحتجازه في غرفة دامسة حالكة، ليعرف الجميع بأن المعطي منجب وكتيبته لا يدافعون عن حقوق الإنسان، وإنما يخاصمون الدولة سياسيا، وأنهم لا ينافحون عن حقوق الأقليات بقدر ما يبحثون عن قضايا زجرية عرضية، ينثرون عليها توابل السياسة وبهارات التدويل، لضمان جرعة إضافية في زمنهم الافتراضي الذي مات واقعيا مع أفول النظريات الاشتراكية والماركسية والشيوعية في حاضنتها الأولى وأقطابها الجديدة.
المعطي منجب.. وأوهام التدويل
يدرك المعطي منجب بأن قدرته على التعبئة و”الحشد الشعبي” بالمغرب لا يمكنها أن تتجاوز أصابع البنان، بدليل أن وقفاته “النضالية” لم تكن تتخطى حاجز بضعة أشخاص في ناصية شارع محمد الخامس بالرباط، بمن فيهم خديجة وعبد الحميد وعزيز والآخرين. كما أن المعطي منجب يعلم جيدا بأن شباب “التيك توك” وأجيال الألفية الثالثة (Hi-tech) لا يعلمون عنه وعن نضالاته المؤدى عنها أي شيء، والدليل على ذلك هو النزر القليل من الأشخاص الذين تابعوا ندوته الافتراضية الأخيرة، والتي استأجر لها وجوها من “حاحا وملاحة”، فكان المولود أقل من المخاض بكثير.
ولعلّ هذا الإحساس الحقيقي بواقع المعطي منجب، هو الذي دفعه للبحث عن تدويل القضايا الجنائية بالمغرب، إذ أصبح ينهض بدور “وزير خارجية الجمعيات الحقوقية” التي تحركها أطماع السياسة، وأضحى يتقمص مهام وصلاحيات جديدة هي “عضو لجنة التضامن مع سليمان الريسوني المكلف بالعلاقات الخارجية”. فالمعطي منجب الذي تكلف بترديد ترجمة انجليزية مكتوبة بنبرة “دكالية صَلدة”، وكان بين الفينة والأخرى يُذكّر المتدخل الأمريكي بأمور يسلاها وينساها، في إخراج رديء لمشهد مسرحي غير مرتجل، إنما كان يحاول ترويج الكذب ونقل الافتراءات إلى الخارج، بدعوى أن المغرب”يضطهد حقوق الصحفيين ويزدري حرية التعبير”.
والذين يعلمون هوس المعطي بالمال وبالتحويلات، يدركون تمام الإدراك بأن “قضية سليمان الريسوني” تقاس عنده بما تسيله من عملات أجنبية، لا بما تثيره من نقاش حقوقي، ولعل هذا ما جعله ينتقي دائما مهمة التواصل مع الأجنبي، تاركا لخديجة الرياضي مهمة “مسح سُوميلة حدائها في شارع محمد الخامس”، ولمحمد رضى مهام “التطاول على القانون والإفتاء فيه بدون علم عبد الرزاق السنهوري وعبد الواحد العلمي ومامون القزبري وباقي فقهاء القانون المدني والجنائي”.
والتدويل المسيس والممنهج لقضايا المتابعات الجنائية بالمغرب، يقتضي طبعا بعض مساحيق الكذب والتحريف. لذلك تجد المعطي منجب يزايد دائما في أرقام الشرطيين الذين شاركوا في توقيف شخص ما، أو وجهوا له الاستدعاء، أو قاموا بالبحث معه. ففي قضية علي أنوزلا كانوا ثمانية عشر شرطيا، وفي توفيق بوعشرين تضاعف العدد وأصبح أربعين أمنيا، وفي واقعة سليمان الريسوني صاروا خمسة عشر شخصا، وكأن المعطي يحنُّ إلى أيام “الصبا والرُبى”، حيث كان الجميع يتغنى بأغنية جزيرة الكنز الخيالية، التي تتحدث عن خمسة عشر رجلا ماتوا من أجل صندوق.
وإذا كان الإعلام قد تناقل شريطا يوثق لحديث بين ثلاثة أمنيين وسليمان الريسوني، قبل اقتياده لمقر ولاية الأمن وإخضاعه للبحث التمهيدي، فإن المعطي منجب يصر على الجهر بخلاف ذلك، مُمعنا في الكذب على العالم وعلى صديقه الأمريكي الذي شاركه الندوة وهو يهمس في أدنه” لقد كانوا خمسة عشر شرطيا”. والمفارقة الغريبة هنا، أن قياديا بارزا في الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان طالب من باقي مكونات الائتلاف أن تستنكف عن ترويج المغالطات حول واقعة التوقيف، مشددا بقوله “ لم يكن هناك أي تجمهر كبير أو استنفار لأجهزة الأمن..فقط ثلاثة نفر من الأمن مدنيين”.
وهنا يثار التساؤل التالي: لماذا يمعن المعطي منجب في ترويج الكذب حول واقعة التوقيف؟ ولماذا وصفها ب”العملية الهوليودية” قبل أن يحذف هذا النعت لاحقا من تدويناته الفايسبوكية؟ ولماذا يزايد في أرقام الشرطيين رغم أن القانون لم يحدد سقفا معينا لضباط الشرطة وأعوانهم الذين يشاركون في إجراءات الضبط والتوقيف؟ فالقانون يساوي بين الإيقاف الذي يشارك فيه شرطيان والتوقيف الذي يشترك فيه مائة موظف، فالعبرة هي باحترام ضمانات التوقيف وليس بعدد الشرطيين المشاركين.
إن “هرولة” المعطي منجب، أو بالأحرى غير النجيب، نحو التدويل، لا تمليها الثقافة الحقوقية، وإنما تقتضيها الحاجة للتحويلات الأجنبية، والاستئثار بالمهام الخارجية في لجان التضامن لا تزكيها اللغات التي يتقنها الرجل، بدليل شوهة الانجليزية خلال الندوة المعلومة، وإنما تغذيها أطماع ” المحميون الجدد”،الذين يحاولون التقعيد “للإفلات من العقاب” من خلال المراهنة على الضغط الأجنبي، حتى وإن اقتضى الحال تسخير كاتب أمريكي تعيش بلاده تحت وطأة انتهاك حقوق الإنسان والميز العنصري، ليعطينا الدروس في الوقت الخطأ على احترام الحقوق والحريات.
عزيز غالي ومحمد رضى.. لخبطة حقوقية
لا يمكن للمتتبع للمشهد الحقوقي في مرحلة ما بعد اندلاع قضية الضحية “محمد آدم” إلا أن يسجل ما يشبه “اللخبطة والتيه” عند بعض الفاعلين الحقوقيين. فلأول مرة، نسمع أن فاعلا حقوقيا يرفض الاستماع والإصغاء لأحد أفراد الأقلية الجنسية بدعوى أن “نفسه حارة”، أو ” أنه نيف” كما يقول أشقاؤنا الجزائريون. فرئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أخذته العزة بالإثم ورفض الاستماع للضحية محمد آدم بدعوى أنه أساء في حقه، وأنه يتوجب عليه الاعتذار أولا! وأنه سوف يتخلى عن مهام الحماية الحقوقية ويكتريها من الباطن لشخص آخر، ما لم يبادر الضحية بالاعتذار!!
إنه العبث عندما يتجسّم فاعلا حقوقيا. وإنها شخصنة حقوق الإنسان وتأطيرها على أساس “المزاجية والفردانية”. فليس من حق عزيز غالي ولا غيره أن يتحدث بصفته الشخصية عند تفريد قضايا حقوق الإنسان، كما ليس من حقه أن يزيد من نكاية جروح الضحية محمد آدم، ويطالبه بامتهان كرامته مرة أخرى من باب طلب الاعتذار. كما ليس من حق رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أن يختار من هم أولى بالدفاع من دونهم، ولا من صلاحياته أيضا أن يفوت مهام الدفاع والاصطفاف الحقوقي لغيره، بحسب مدى قربه أو بعده من الضحايا.
ومن مظاهر “اللخبطة والتيه الحقوقيين” أيضا، أن محمد رضى المحسوب على منتدى البيجيدي لحقوق الإنسان، والعضو المتطوع في جميع لجان التضامن ” الكوكوت مينوت” كما وصفها أحد أعضاء حزب الطليعة، اختلطت عليه “العرارم” كما يقول المغاربة بلغتهم العامية، حيث انبرى يناقش- بشكل خاطئ-شكليات ومعايير الاختصاص الترابي للشرطة القضائية والنيابة العامة، والحال أن هذه دفوعات شكلية يتم الحسم فيها بين مرافعة المحامي وملتمسات النيابة العامة وقرارات قاضي الهيئة. كما أنه تحدث عن الحق في مؤازرة المحامي وكأنه من صميم النظام العام، أي أن الشرطة القضائية والنيابة العامة هي من تبادر بإثارته تلقائيا، والحال أن المادة 80 من قانون المسطرة الجنائية تتحدث عن “طلب صادر عن الشخص الموضوع تحت الحراسة النظرية”، وعن ” ترخيص من النيابة العامة”. فالمتهم الذي لا يطلب هذا الحق، يكون كمن تخلى عنه في مرحلة الحراسة النظرية، والمحكمة لا يمكنها أن تحكم بأكثر مما طلبه الأطراف كما تقول القاعدة القانونية، إذأن أجهزة العدالة الجنائية لا يمكنها أن تفرض على متهم استيفاء هذا الحق ضدا عن رغبته!
إنه فعلا زمن ” التيه أو الخروج الكبير” لفريق الحقوقيين، لكن ليس بالمعنى اللاهوتي أو الديني للمصطلح عند اليهود، بل هو بمعنى “الشرود واللخبطة والانكشاف الكبير” أمام الضحية محمد آدم أولا، وأمام المجتمع المغربي ثانيا.. وأمام بعض التمثيليات الدبلوماسية الأجنبية المعتمدة بالمغرب التي يراهن عليها المعطي منجب في تأمين التحويلات المالية. فهذه الأخيرة منشغلة حاليا بتقييم قاموس عبد المولى الماروري ومحمد زيان وعزيز غالي الذي يزدري أصحاب الميولات الجنسية ويصفهم ب”الشواذ وسليل قوم لوط” وغيرها من العبارات الإقصائية والتمييزية… واعتقد أن هذا المعجم كاف لوحده لإقفال صنبور الدعم المالي الأجنبي الذي كان يجد طريقه، للأسف، نحو الحسابات الشخصية والعائلية لممتهني حقوق الإنسان (والامتهان هنا ينصرف للمهانة والمهنة معا).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.