لم يجد الصحافي علي أنوزلا ما ينصح به القضاء والسلطات المغربية في قضية سليمان الريسوني سوى تهديدهما وتذكيرهما ب "الكلفة السياسية الباهظة والكارثة الوشيكة المفترضة التي سيتسبب فيها الاستمرار في إضراب المعتقل سليمان الريسوني عن الطعام، مع انتفاء وجود أي بوليصة تأمين من شأنها تسديد (ديّة) المخاطر والأضرار المحدقة بأمن المغرب واستقراره في حال وفاته". ولتمرير رسائل التهديد والوعيد للسلطات المغربية في قضية سليمان الريسوني المتابع في قضية هتك عرض بالعنف والاحتجاز، كان على علي أنوزلا أن يتسلح بالجسارة في الكذب والبسالة في الطرح، وأن يعلق على مشجب الدولة "مسؤولية الأزمة المالية التي تسببت فيها أطماع ورثة توفيق بوعشرين في حياته"! وهنا يحق لنا أن نتساءل: ألم يسمع علي أنوزلا صرخات المسؤول السابق عن تدبير جريدة أخبار اليوم عندما كان يدق ناقوس الخطر المحدق بأموال الصحفيين والأجراء بسبب أطماع الزوجة والأخت والمحامي الإخواني؟ ألم يطالع علي أنوزلا تدوينات التخوين بين طاقم الجريدة والمحامي المطرود من طرف وزارة الداخلية من إحدى المجالس البلدية بالرباط لإخلاله بالنزاهة وعدم تصريحه بممتلكاته؟ لا يعتقد الكثيرون بأن علي أنوزلا لم يقرأ التدوينات والتراشقات الفايسبوكية التي تتهم هذا المحامي برغبته التدليسية في الحصول مجانا على تحويلات شهرية من مالية الجريدة؟ ويكاد يجزم العديد من الناس بأن علي أنوزلا إنما اطلع وطالع ما كتبه الصحفيون من الداخل عن رغبة التملك الجامحة عند آل بوعشرين وهو ما أفسد مالية الجريدة التي كان يديرها من الباطن وبالوكالة محمد رضا. ومع كل هذه الأطماع المشفوعة بانعدام منسوب القناعة، يصر علي أنوزلا على اتهام الدولة بأنها "مارست التضييق المالي على الجريدة! فما هي مصلحته الغائية من ذلك؟ وما هي أهدافه المتعدية القصد من وراء تبييض جشع آل بوعشرين وإقحام الدولة في هذه "اللهفة العائلية" الممزوجة بسوء التسيير المالي؟ والظاهر أن إصرار علي أنوزلا على تقديم استيهاماته المسبقة على أنها قناعة موضوعية، وتصوير انطباعاته المبدئية على أنها تحليلات جادة، جعلاه يفقد بوصلة الزمن ويدخل في حالة من الشرود. فعلي أنوزلا يتحدث جازما عن رابطة "الزمالة" وآصرة "الإشراف الإداري" بين سليمان الريسوني وتوفيق بوعشرين، والحال أن الأول لم يزامل الثاني ولو دقيقة واحدة ولم يعمل تحت إشرافه نهائيا، ويمكن لعلي أنوزلا أن يراجع العمود اليومي للعاملين في جريدة أخبار اليوم، ليدرك بأن سليمان الريسوني التحق كرئيس تحرير احتياطي في يوم الاثنين الموالي للجمعة التي تم فيها الاعتقال بسبب جرائم الاتجار بالبشر وهتك العرض والاغتصاب والتحرش الجنسي. واللافت للانتباه أيضا، هو أن علي أنوزلا حرص على أن يكون وفيّا لطبعه ومخلصا لشعاره "ولو طارت معزة". إذ أصر على نشر انطباعاته الذاتية ومواقفه المسبقة رغم قيام الدليل على مجانبتها للحقيقة ومناقضتها للواقع، وذلك في تجسيد موغل في التطرف لمفهوم التعصب. فالرجل يقول في مقاله (القطري بفتح القاف والطاء) بأن القضاء والسلطات المغربية متشبثون بتمطيط محاكمة سليمان الريسوني والإسراف في اعتقاله احتياطيا في مرحلة ما قبل المحاكمة! وهنا يحق لأسرة الدفاع عن الضحية عادل (أ) أن تسائل علي أنوزلا أمام ضميره وأمام الرأي العام: ألم تطالع فعلا تدوينات الضحية وهو يطالب بالإسراع بالبت في قضية سليمان الريسوني جبرا لضرره النفسي والجسدي من جهة وتحقيقا لمقومات العدالة "الناجزة" من جهة ثانية؟ ألم تطّلع حقيقة على عرائض وملتمسات دفاع الضحية وهو يستبرئ من محاولات التمطيط الصادرة عن المتهم ودفاعه؟ ألم تسمع فعلا أن هيئة دفاع المتهم تبسط دفوعات غير منتجة للأثر القانوني، في محاولة لتأخير الملف بحثا عن تسوية غير قضائية خارج ردهات المحاكم، تراهن على الضغط الإعلامي والتهديد الفايسبوكي مثلما يقوم به حاليا علي أنوزلا وكورال المبتزين للقضاء؟ وتؤكد أيضا أسرة دفاع الضحية في ملف سليمان الريسوني "إذا كان علي أنوزلا لم يطلع فعلا على كل ذلك، رغم ما أثير حول هذا الموضوع من نقاش عمومي وسجال قانوني محتدم، فإنه يهيم على وجهه خارج السياق ولا ينبغي له إعطاء الدروس والمواعظ المحفوفة بنبرة الوعيد والتهديد. أما إذا كان على علم مسبق وتحاشى استحضار ذلك في مقالاته العابرة للحدود الوطنية، فإنه متواطؤ في جَلْد الضحية ومساهم أيضا في التشهير به على مذبح المزايدة على الدولة. وفي كلتا الحالتين، يجدر به أن يتسلح بالموضوعية والحياد لا أن يكون نطفة دافقة ضمن نزوات المغتصب".