أوضاع الشغيلة الجماعية بجماعة الحسيمة تثير استياء المكتب النقابي    وفد من المستثمرين الصينيين يطلع على البنيات الصناعية لقطاع النسيج بطنجة        البطولة الاحترافية "إنوي" للقسم الثاني لكرة القدم (الدورة ال 27).. النادي المكناسي يصعد إلى القسم الأول    توقعات بارتفاع درجة الحرارة بمدينة الحسيمة    ندوة بالفنيدق تلامس دور التكوين وتنوع مصادر التمويل في تحفيز الاستثمار    ضمنهم سيدتان وضابط أمن.. توقيف شبكة إجرامية للهجرة السرية والاتجار بالبشر    حكيم زياش يتوج رفقة غلطة سراي بلقب الدوري التركي الممتاز    حماس تطلق صواريخ على تل أبيب للمرة الأولى منذ شهور    الجزائر : المغرب يجدد التأكيد على دعم المملكة للقضية الفلسطينية    أمن ميناء طنجة يحبط محاولة تهريب 467 كيلوغراما من مخدر الشيرا    حزب الاستقلال يجمد عضوية دانييل زيوزيو المتهم باختلاس أموال في بنك بتطوان    مونديال "الفوتسال".. القرعة تضع المنتخب المغربي في المجموعة الخامسة    مانشستر يونايتد يحسم قراره بشأن أمرابط    الاستقلال يجمد عضوية دانييل زيوزيو المتابع باختلاس أموال    الملك محمد السادس يهنئ رئيسة جورجيا بمناسبة العيد الوطني لبلادها    سعر صرف الدرهم يرتفع أمام الدولار    دخان في قمرة القيادة يجبر طائرة ألمانية على الهبوط    بنعبد الله يرد على "الأحرار" بعد انتقادات حادة بحق وزرائه السابقين    الإذاعي عبد الصادق بن عيسى في ذمة الله    مؤشرات إيجابية تقرب بريطانيا من الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء    حصيلة العدوان ضد غزة تلامس 36 ألف شهيد    "تعنت" ميراوي يفاقم أزمة طلبة الطب ويضع الامتحانات الجامعية على كف عفريت    5 مغاربة يرفعون كؤوس التتويج في 3 قارات مختلفة خلال يوم واحد    مسجد المتقين بالعاصمة البلجيكية بروكسل ينظم لقاء تواصليا مع أبناء الجالية    المغربية أسماء المدير تدعم فلسطين من قلب "كان"    السعودية تعين سفيرا لدى سوريا للمرة الأولى منذ 2012    "القسام" تقصف تل أبيب    المغرب – الجزائر: نداءات عديمة الفائدة    مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة: النجم العالمي سامي يوسف يتحف الجمهور بعرض رائع واستثنائي    وزارة الفلاحة تتوقع انخفاضا كبيرا في انتاج الحبوب هذه السنة    عملية أمنية مشتركة بين إسبانيا والمغرب توقف تهريب شحنة حشيش ضخمة    توقعات أحوال الطقس لليوم الأحد    في رسالة مفتوحة للائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان إلى المسؤولين : المطالبة بالتدخل العاجل لتحرير أزيد من مائتي مغربي من الاحتجاز والتعذيب بميانمار    أشادت بالمبادرة الأطلسية التي أطلقها جلالة الملك لفائدة دول الساحل : زامبيا تجدد التأكيد على دعمها للوحدة الترابية للمغرب ولمخطط الحكم الذاتي    وكالة بيت مال القدس الشريف تطلق إستراتيجيتها الرقمية 2024-2027    بعد تتويجه.. رحيمي يرد على اهتمام الأندية السعودية بالتعاقد معه    تجديد الثقة في الناشر طارق السليكي رئيسا لاتحاد الناشرين المغاربة    الطالبي العلمي مهاجماً "رفاق بنعبد الله": قتلتكم الارتجالية وفهمكم للسياسة ظل حبيس الماضي    أكادير تحتضن فعاليات مؤتمر دولي للطماطم بمشاركة 500 فاعل ومتدخل في العالم    الأسباب الحقيقية والجهات المستفيدة من اختلالات النظام الغذائي العالمي    المنتخب االمغربي لكرة القدم لمبتوري الأطراف يتأهل إلى نهائي كأس إفريقيا    المخرج الأمريكي شون بيكر يتوج بالسعفة الذهبية عن فيلم "أنورا" في "مهرجان كان"    دراسة: ثقة متزايدة في توسيع أساطيل السيارات بالمغرب رغم التباطؤ التقني    العاصمة المكسيكية تسجّل درجة حرارة قياسية    دراسة: النظام الغذائي النباتي يحد من تطور سرطان البروستاتا    النادي السينمائي لسيدي عثمان يطلق مسابقة الأفلام المغربية الروائية القصيرة بالبيضاء    عبد الرفيع زويتن، من السجن إلى استقبال الأميرة للا حسناء    مراكش عاصمة منظمة التعاون الإسلامي    رقم قياسي .. دولة تسجل 3 ملايين مسافر جواً في يوم واحد    عمالة أزيلال تقيم حفلا لتوديع حجاج الإقليم    تفاهة أكل أموال الناس.. إلى متى!    "القاضي الرحيم" يزف خبرا سارا .. وداعا للسرطان    نشرات "كوفيد-19" تتأرجح بين "استغراب المغاربة" والحاجة للتوعية الوقائية    دراسة حديثة تربط بين العناصر الغذائية في حمية البحر المتوسط وتباطؤ شيخوخة الدماغ    دراسات.. هذه فوائد وتأثيرات شرب القهوة والشاي على الصحة    في‭ ‬رحاب‭ ‬زاكورة‭ ‬والزاوية‭ ‬الناصرية‭ ‬‮: حين‭ ‬كانت‭ ‬تامكروت‭ ‬محطة‭ ‬في‭ ‬الطريق‭ ‬إلى‭ ‬الله‮!‬‭    الفوج الأول من الحجاج المغاربة يصل إلى المدينة المنورة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في وداع المناضل اليساري الدكتور رفعت السعيد
نشر في بيان اليوم يوم 25 - 08 - 2017

رحل يوم الخميس 2017/8/17في بيته في المقطم بالقاهرة المحروسة المناضل اليساري الدكتور رفعت السعيد عن عمر 85 عاما، (ولد في11 أكتوبر 1932) قضاها في ساحات النضال الوطني اليساري، معارضة سياسية وكتابة وبحثا في الحقائق والوثائق وتعزيز العلم والمعرفة.
في رحيله، تفقد مصر قامة نضالية وطنية يسارية كبيرة، وأكاديمية وإعلامية متميزة، تشهد له مؤلفاته وصراعاته من أجل حرية الفقراء وكرامة الغلابة في جمهورية مصر العربية. أدرك منذ شبابه الفوارق الطبقية والاجتماعية، وانحاز الى الطبقات الكادحة والمسحوقة والمستضعفة، وعبر طريق الكفاح بمشقاته وصعوباته وتحمل جراءه ما يتعرض له المناضل اليساري في تلك الظروف وتحت حكم تلك السلطات.
عرف من موقعه الفكري وانتمائه السياسي في ساحات الكفاح الوطني واليساري، تمثيله للحزب الشيوعي المصري في المؤسسات الدولية، في الحفاظ على السلم الدولي، وتوسيع نشر الفكر التقدمي، وفي العلاقات الإنسانية مع العالم من أجل شعب مصر ومستقبله وخياراته وإرادته. كما عرف عنه دوره القيادي السياسي والفكري والنهضوي والريادي الذي حسب له وسجل في دفتر أعماله وصفحات تاريخه.
في قيادته لحزب التجمع التقدمي الوحدوي، اليساري، أعاد للعمل السياسي فعاليته، رغم كل الحصار والقمع والسجن والمنع والتضييق والظلم والاضطهاد، بكل أشكاله وأنواعه وأساليبه ووسائله. عارض بقوة وكتب بوضوح وناضل بشرف من أجل أن يعيش شعب مصر، بعماله وفلاحيه ومثقفيه، بكل الكادحين فيه، بكرامة ورفاهية واحترام وتقدير لسعيهم وكفاحهم ونضالهم الوطني والاجتماعي المتواصل، منذ أن انطلقت أولى التنظيمات النقابية في العالم العربي، وأولى التجمعات الشعبية والحزبية في مصر وإرسال اشعاعاتها الى المنطقة العربية والإفريقية وخارجهما.
ألف العديد من الكتب عن تاريخ الحركة الاشتراكية في مصر، وعن صحافة اليسار، وعن رموز مصرية بمختلف ألوانهم ومشاربهم، وعن الفكر اليساري العالمي وفي تطبيقاته وتنظيراته العربية وتطوراته. ولم يهدأ له بال وهو يمارس نقاشاته وجداله الأكاديمي والفكري والاعلامي من أجل الحقيقة والمصداقية والأمانة الثقافية والفكرية بما يخدم شعب مصر والوطن العربي.
رحل السعيد بهدوء، وقد سلم الأمانة للشباب الذين تربّوا على أفكاره وسيرته النضالية ودفاعاته الموثقة وسجالاته التقدمية التي تظل شاهدة عنه وله، وتراثه والفكر اليساري والتجمع ولكل المناضلين المصريين والعرب في هذه الحقبة الزمنية من عصرنا المتجدد دائما.. لقد ناضل من أجل أن تسطع العدالة والحرية في سماء مصر، صمودا ضد الجهل والخرافات والضلال والتضليل. وبنى معماره الفكري مسجلا في الكتب والصحف والندوات والشهادات.
احب بلاده وقضاياها، وارتبط بالقضايا العربية المشروعة والإنسانية العادلة. رحل وهو شاهد على عصره، ووثيقة ناطقة لمراحل من تاريخ مصر والمنطقة، ورمز نضالي لا يغيب، اختلافا او اتفاقا معه، في طروحاته وسجالاته وسجله الكفاحي. وخسره شعبه بكل طبقاته، والفكر العربي اليساري، قيمة وقامة وقيادة، باحثا رصينا، وواثقا من نصه وسرده وابداعه، كما قال في آخر كلمات له في آخر ندوة حضرها في مقر التجمع: "لم أكتب شيئا ليس موثقا أو يعبر عن وجهة نظري وليس مدعما بالوثيقة أو المعلومة المؤكدة". ومهما كانت المواقف والآراء فإنها تبقى شاخصة وتعبيرا عن جهد وسعي للتقدم والبناء والتطوير والتحديث. مؤكدة سيرته، سياسيا وكاتبا وحزبيا وبرلمانيا ومفكرا، حاملا كل هذه الصفات بجدارة كاملة.. وفرادة وطنية يشهد له بها، كل من عرفه او قرأ او تعلم منه، معتبرا أنه فارس اليسار ومقاتله الفكري ومحاربه الحزبي ومناضله السياسي.
كتابات النعي ورسائله من كل أطياف مصر وخارجه تنير لرحيله تاريخا خطاه خطوة خطوة من أجل دولة مدنية حديثة وعدالة اجتماعية واحترام حقوق الانسان والتنمية المستدامة. حيث كان في سيرته المثال والنموذج، والمثقف العضوي الذي ربط نضاله السياسي بالواقع المصري والطبقات الكادحة فيه.
عبّر من خلال إصداره أول كتاب له وآخر كتاب عن قناعاته، ومواقفه، من عنوانهما يقدم درسا وعبرة لأجيال العرب، ويضيء دورا ومواقف، شهادة عن فكر الراحل واتجاهه الثقافي والتربوي، فكان أول كتاب بعنوان "ثلاثة لبنانيين في القاهرة"، صدر في عام 1973، تحدث فيه عن ثلاثة مناضلين وهبوا حياتهم، بحسب وصفه، دفاعا عن الاشتراكية، فلسفة وتطبيقا، ومحاولة لتأمل دور المفكرين اللبنانيين في تكوين وتطوير الفكر الاشتراكي في مصر عبر عدة مراحل. وتوثيقهم دليلا على نشاطهم ومواقفهم واتصالاتهم مع المناضلين والمفكرين المصريين. وآخر كتاب حمل اسم: "مقاربات مع ثلاثة رؤساء ومشير"، كشف فيه عن العديد من الكواليس التي دارت بينه وبين رؤساء مصر السابقين، بالإضافة إلى تفاصيل ما دار في المطبخ السياسي في فترة ما بعد ثورة 25 يناير. أي أنه رصد وسجل ما حصل وما دار في أيامه الأخيرة. وفي الكتابين كما يلاحظ جزء من اهتماماته ونشاطاته وثقته بالدور والموقف. وقد تشهد هذه العناوين لكل ما كتب ونشر وأبدع بين فترتيهما من كتب تبقى مراجع ومصادر لمجالاتها واختصاصها.
رحل الدكتور السعيد سعيدا بما ترك لشعبه وحزبه والأجيال الجديدة، وهي بحد ذاتها تعبر عنه وتضع بصماته في تاريخ حافل، تبقيه علما من أعلام مصر واليسار العربي، ومرجعا متكاملا، تستقى منه الدروس والعبر وهذا وحده كاف لرجل مناضل يساري. وداعا أيها الرفيق المناضل.. أتذكر لقاءاتنا ونقاشاتنا في مواقع عديدة، بعيدا عن القاهرة وفي المحروسة أيضا، في مكتبك وفي تسجيل حوارات معك منشورة ومبثة تلفزيونيا، وفيها صفحات من حياتك ونضالك وأيامك التي لا تنسى، والتي لم تعد تتكرر لنا.
في رحيلك وفقدك، اليوم تظهر أمام الجميع أو يعترف الكثيرون في بلدك وخارجها بشهادة إثبات لما قدمت ولما أنجزت ولما أبدعت ولما يخلدك في قادم الأيام ولشعبك واليسار العربي، الذي هو الآن بأمس الحاجة لك ولدورك ونضالك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.