سانشيز: غزة تشهد "إبادة جماعية"    الهزيمة الثالثة.. الوداد يودع مونديال الأندية بخسارة أمام العين الإماراتي    الوالي التازي يواصل حملة تحرير الشاطئ البلدي لطنجة    6 مليارات دولار و200 شركة تكنولوجية صينية في الأفق: المغرب يجذب استثمارات صينية غير مسبوقة في الصناعة والتكنولوجيا    التاريخ يتأزم في الشرق... والمغرب يشحن مناعته بالجنوب    المحكمة تستدعي لطيفة رأفت في قضية إسكوبار الصحراء    حفل جماهيري ضخم.. ديانا حداد تحقق رقمًا قياسيًا في الحضور بالمغرب    بولعجول يوضح شروط لوحات الترقيم للسير الدولي ويطمئن المسافرين المغاربة    الحسيمة.. تفكيك شبكة للتهجير السري وحجز قوارب ومبالغ مالية    الكونغرس الأمريكي يناقش مشروع قرار لتصنيف "البوليساريو" منظمة إرهابية    الوزارة تدعم العمل الثقافي والمهرجانات بأزيد من 9 ملايين درهم سنة 2025    تعيين محمد رضا بنجلون مديرا جديدا للمركز السينمائي المغربي    الصحافي رضا بن جلون مديرا للمركز السينمائي المغربي    مرسوم جديد لتحديث وضعية أساتذة كليات الطب والصيدلة    الزيات يعلن ترشحه لرئاسة الرجاء ويعد بمرحلة جديدة مع تفعيل الشركة    الطالبي العلمي: حل الدولتين السبيل الوحيد لتحقيق السلام وإنهاء الصراع في الشرق الأوسط    ارتفاع مؤشر الإنتاج في قطاع المعادن بأكثر من 10 في المائة    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأخضر    النيابة العامة تتحرك لتتبع صعوبات المقاولات    إحداث "Uni Fiber" و"Uni Tower" لتسريع نشر شبكات الألياف البصرية والجيل الخامس    رئيس الحكومة يترأس الدورة الثامنة للجنة الوطنية للاستثمارات المحدثة بموجب ميثاق الاستثمار الجديد    الصحراالمغربية: برلمان أمريكا الوسطى يجدد تأكيد دعمه لمخطط الحكم الذاتي وللوحدة الترابية للمملكة    بعد غياب 6 سنوات..المعرض الوطني للكتاب المستعمل يعود في نسخته الثالثة عشر بالدارالبيضاء    ادريس الروخ يشرع في تصوير مسلسل درامي جديد    الطالب الباحث عبد الفتاح موليم ينال شهادة الماستر في القانون العام بميزة مشرف جدا            الحسيمة.. تحويط حريق بغابة "ثاندا إفران" وجهود متواصلة لإخماده    أخنوش يدعم السكوري ويقرر إعفاء مديرة "لانبيك"    في الأمم المتحدة.. المغرب يدعو لتحرك جماعي لحماية المدنيين من الفظائع    وفاة رجل أضرم النار في جسده وسط الشارع العام بطنجة إثر خلاف تجاري    عواصف عنيفة تضرب فرنسا وتخلف قتلى ودمارا واسعا    جمعيات تحذر الوزارة الوصية من "تفويت" 54 مركزا للشباب    مونديال الأندية.. إنتر يتفوق على ريفر بليت ويعتلي الصدارة ومونتيري يعبر برباعية    الذكاء الاصطناعي و"كابسولات الميوعة"..حين تتحوّل التقنية إلى سلاح لتفكيك الهوية المغربية    عبد الكبير الخطيبي: منسي المثقفين    أسعار الذهب ترتفع وسط تراجع الدولار الأمريكي    مغاربة العالم يعقدون ندوة حوارية بباريس حول الورش الملكي الخاص بالجالية    "الحسنية" تأذن بسفر المدرب الجديد    الرباط تحتضن دوري الراحل بوهلال    الابتزاز وراء عقوبتين بالكرة النسوية    الاحتيال يهدد زبائن تأجير السيارات    توقعات طقس اليوم الخميس بالمغرب    معرض يستحضر الأندلس في مرتيل    إدانة رابطة مغربية لتأخير رحلة Ryanair بمطار الرباط    طفل في كل فصل دراسي مولود بالتلقيح الصناعي ببريطانيا    احذر الجفاف في الصيف .. هذه علاماته وطرق الوقاية منه    سوق الكوكايين العالمية تحطم أرقاما قياسية    كأس العالم للأندية لكرة القدم.. فلومينينسي يعبر إلى ثمن النهائي عقب تعادل سلبي أمام صنداونز    تثبيت كسوة الكعبة الجديدة على الجهات الأربع مع مطلع العام الهجري    الداخلية تشرع في إعداد لوائح المجندين الجدد تنفيذا للتعليمات الملكية    دراسة تحذر: انتكاسات كبيرة في برامج التلقيح تعرض الأطفال لخطر الأمراض القاتلة    عودة الدواجن البرازيلية إلى الأسواق المغربية بعد زوال المخاطر الصحية    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في وداع المناضل اليساري الدكتور رفعت السعيد
نشر في بيان اليوم يوم 25 - 08 - 2017

رحل يوم الخميس 2017/8/17في بيته في المقطم بالقاهرة المحروسة المناضل اليساري الدكتور رفعت السعيد عن عمر 85 عاما، (ولد في11 أكتوبر 1932) قضاها في ساحات النضال الوطني اليساري، معارضة سياسية وكتابة وبحثا في الحقائق والوثائق وتعزيز العلم والمعرفة.
في رحيله، تفقد مصر قامة نضالية وطنية يسارية كبيرة، وأكاديمية وإعلامية متميزة، تشهد له مؤلفاته وصراعاته من أجل حرية الفقراء وكرامة الغلابة في جمهورية مصر العربية. أدرك منذ شبابه الفوارق الطبقية والاجتماعية، وانحاز الى الطبقات الكادحة والمسحوقة والمستضعفة، وعبر طريق الكفاح بمشقاته وصعوباته وتحمل جراءه ما يتعرض له المناضل اليساري في تلك الظروف وتحت حكم تلك السلطات.
عرف من موقعه الفكري وانتمائه السياسي في ساحات الكفاح الوطني واليساري، تمثيله للحزب الشيوعي المصري في المؤسسات الدولية، في الحفاظ على السلم الدولي، وتوسيع نشر الفكر التقدمي، وفي العلاقات الإنسانية مع العالم من أجل شعب مصر ومستقبله وخياراته وإرادته. كما عرف عنه دوره القيادي السياسي والفكري والنهضوي والريادي الذي حسب له وسجل في دفتر أعماله وصفحات تاريخه.
في قيادته لحزب التجمع التقدمي الوحدوي، اليساري، أعاد للعمل السياسي فعاليته، رغم كل الحصار والقمع والسجن والمنع والتضييق والظلم والاضطهاد، بكل أشكاله وأنواعه وأساليبه ووسائله. عارض بقوة وكتب بوضوح وناضل بشرف من أجل أن يعيش شعب مصر، بعماله وفلاحيه ومثقفيه، بكل الكادحين فيه، بكرامة ورفاهية واحترام وتقدير لسعيهم وكفاحهم ونضالهم الوطني والاجتماعي المتواصل، منذ أن انطلقت أولى التنظيمات النقابية في العالم العربي، وأولى التجمعات الشعبية والحزبية في مصر وإرسال اشعاعاتها الى المنطقة العربية والإفريقية وخارجهما.
ألف العديد من الكتب عن تاريخ الحركة الاشتراكية في مصر، وعن صحافة اليسار، وعن رموز مصرية بمختلف ألوانهم ومشاربهم، وعن الفكر اليساري العالمي وفي تطبيقاته وتنظيراته العربية وتطوراته. ولم يهدأ له بال وهو يمارس نقاشاته وجداله الأكاديمي والفكري والاعلامي من أجل الحقيقة والمصداقية والأمانة الثقافية والفكرية بما يخدم شعب مصر والوطن العربي.
رحل السعيد بهدوء، وقد سلم الأمانة للشباب الذين تربّوا على أفكاره وسيرته النضالية ودفاعاته الموثقة وسجالاته التقدمية التي تظل شاهدة عنه وله، وتراثه والفكر اليساري والتجمع ولكل المناضلين المصريين والعرب في هذه الحقبة الزمنية من عصرنا المتجدد دائما.. لقد ناضل من أجل أن تسطع العدالة والحرية في سماء مصر، صمودا ضد الجهل والخرافات والضلال والتضليل. وبنى معماره الفكري مسجلا في الكتب والصحف والندوات والشهادات.
احب بلاده وقضاياها، وارتبط بالقضايا العربية المشروعة والإنسانية العادلة. رحل وهو شاهد على عصره، ووثيقة ناطقة لمراحل من تاريخ مصر والمنطقة، ورمز نضالي لا يغيب، اختلافا او اتفاقا معه، في طروحاته وسجالاته وسجله الكفاحي. وخسره شعبه بكل طبقاته، والفكر العربي اليساري، قيمة وقامة وقيادة، باحثا رصينا، وواثقا من نصه وسرده وابداعه، كما قال في آخر كلمات له في آخر ندوة حضرها في مقر التجمع: "لم أكتب شيئا ليس موثقا أو يعبر عن وجهة نظري وليس مدعما بالوثيقة أو المعلومة المؤكدة". ومهما كانت المواقف والآراء فإنها تبقى شاخصة وتعبيرا عن جهد وسعي للتقدم والبناء والتطوير والتحديث. مؤكدة سيرته، سياسيا وكاتبا وحزبيا وبرلمانيا ومفكرا، حاملا كل هذه الصفات بجدارة كاملة.. وفرادة وطنية يشهد له بها، كل من عرفه او قرأ او تعلم منه، معتبرا أنه فارس اليسار ومقاتله الفكري ومحاربه الحزبي ومناضله السياسي.
كتابات النعي ورسائله من كل أطياف مصر وخارجه تنير لرحيله تاريخا خطاه خطوة خطوة من أجل دولة مدنية حديثة وعدالة اجتماعية واحترام حقوق الانسان والتنمية المستدامة. حيث كان في سيرته المثال والنموذج، والمثقف العضوي الذي ربط نضاله السياسي بالواقع المصري والطبقات الكادحة فيه.
عبّر من خلال إصداره أول كتاب له وآخر كتاب عن قناعاته، ومواقفه، من عنوانهما يقدم درسا وعبرة لأجيال العرب، ويضيء دورا ومواقف، شهادة عن فكر الراحل واتجاهه الثقافي والتربوي، فكان أول كتاب بعنوان "ثلاثة لبنانيين في القاهرة"، صدر في عام 1973، تحدث فيه عن ثلاثة مناضلين وهبوا حياتهم، بحسب وصفه، دفاعا عن الاشتراكية، فلسفة وتطبيقا، ومحاولة لتأمل دور المفكرين اللبنانيين في تكوين وتطوير الفكر الاشتراكي في مصر عبر عدة مراحل. وتوثيقهم دليلا على نشاطهم ومواقفهم واتصالاتهم مع المناضلين والمفكرين المصريين. وآخر كتاب حمل اسم: "مقاربات مع ثلاثة رؤساء ومشير"، كشف فيه عن العديد من الكواليس التي دارت بينه وبين رؤساء مصر السابقين، بالإضافة إلى تفاصيل ما دار في المطبخ السياسي في فترة ما بعد ثورة 25 يناير. أي أنه رصد وسجل ما حصل وما دار في أيامه الأخيرة. وفي الكتابين كما يلاحظ جزء من اهتماماته ونشاطاته وثقته بالدور والموقف. وقد تشهد هذه العناوين لكل ما كتب ونشر وأبدع بين فترتيهما من كتب تبقى مراجع ومصادر لمجالاتها واختصاصها.
رحل الدكتور السعيد سعيدا بما ترك لشعبه وحزبه والأجيال الجديدة، وهي بحد ذاتها تعبر عنه وتضع بصماته في تاريخ حافل، تبقيه علما من أعلام مصر واليسار العربي، ومرجعا متكاملا، تستقى منه الدروس والعبر وهذا وحده كاف لرجل مناضل يساري. وداعا أيها الرفيق المناضل.. أتذكر لقاءاتنا ونقاشاتنا في مواقع عديدة، بعيدا عن القاهرة وفي المحروسة أيضا، في مكتبك وفي تسجيل حوارات معك منشورة ومبثة تلفزيونيا، وفيها صفحات من حياتك ونضالك وأيامك التي لا تنسى، والتي لم تعد تتكرر لنا.
في رحيلك وفقدك، اليوم تظهر أمام الجميع أو يعترف الكثيرون في بلدك وخارجها بشهادة إثبات لما قدمت ولما أنجزت ولما أبدعت ولما يخلدك في قادم الأيام ولشعبك واليسار العربي، الذي هو الآن بأمس الحاجة لك ولدورك ونضالك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.