طنجة.. مواطن يتعرض للتعنيف داخل مخفر الشرطة بسبب تمسكه بالحديث بالأمازيغية    إجراءات ضريبية محفزة لمغاربة العالم لا يعرفها الكثيرون    الأمم المتحدة تعلن رسميا المجاعة في غزة وتحمل إسرائيل المسؤولية المباشرة    ضبط زورق محمل بطنين من الشيرا وتوقيف سبعة أشخاص    برقية تهنئة إلى جلالة الملك من العاهل الإسباني بمناسبة عيد الشباب    تيكاد-9 .. عندما يتحول التسلل الانفصالي إلى إذلال دبلوماسي    مشروع قانون يُثير الجدل.. استحداث "مجلس أمناء" على رأس جامعات المغرب يفقدها آخر ما تبقى من استقلاليتها    بورصة الدار البيضاء تفتتح على ارتفاع طفيف في مؤشراتها الرئيسية        صندوق النقد الدولي: ارتفاع النمو الاقتصادي للصين في 2025    الفرنسي كوندي يجدد عقده مع برشلونة حتى 2030    مأساة كروية في الأرجنتين.. 19 إصابة خطيرة و111 موقوفاً بعد أحداث عنف مروعة            تَعرضُ باشا بطنجة إلى اعتداء وسلب هاتفه ومحفظته بالقوة        الخنوس يقترب من فريق جديد    بعد التدخل المفاجئ لأخنوش: من يحمي حياة المواطنين وسط تغوّل الحسابات السياسية والمالية؟        أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    توقيف مختل متشرد أنهى حياة شرطي خلال عمله بإيموزار    زفاف مغربي بلمسة إماراتية يجمع اللاعب المصري محمد النني بزوجته الثانية المغربية    زلزال بقوة 7,5 درجات يضرب ممر دريك قبالة سواحل الشيلي    بطولة أمم إفريقيا للاعبين المحليين.. العزيمة والإصرار مفتاحا التفوق على تنزانيا (طارق السكتيوي)    الاصابة تبعد الهولندي فريمبونغ عن ليفربول ثلاثة أسابيع    جاكوب زوما من قلب غانا.. دعم جديد لمغربية الصحراء يربك حسابات خصوم الوحدة الترابية    الصين: شينغ-تسانغ... ستة عقود من الإنجازات الاقتصادية والاجتماعية    مدينة يابانية توصي بحصر استخدام الهواتف الذكية في ساعتين يومياً    المغرب يتصدر مستوردي الغاز الإسباني    تركيا تستعد لإطلاق شبكة الجيل الخامس ابتداء من سنة 2026    بين الديون والاختلالات.. طنجة بلا قيادة في لحظة حرجة    إرجاء العمل بالمسطرة الموحدة لتأطير عمليات مراقبة مطابقة الدراجات بمحرك باستعمال جهاز قياس السرعة (بلاغ)    إعادة برمجة خلايا الدم إلى خلايا جذعية مستحثة متعددة القدرات يفتح آفاقا واسعة في مجال العلاج الشخصي والبحث العلمي (صابر بوطيب)    دراسة: عدم شرب كمية كافية من الماء يسبب استجابة أكبر للإجهاد    إسرائيل تتوعد بتدمير مدينة غزة    الهواء المسموم... نفايات إلكترونية تتحول إلى كارثة بيئية في الخليل            نادي سينما الريف يطلق العنان لإبداع الشباب السينمائي        أفلام مغربية تتألق في بانوراما تونس    بنك المغرب يصدر قطعة نقدية تذكارية بمناسبة الذكرى ال62 لميلاد الملك محمد السادس    تصفيات كأس العالم 2026: المغرب يفتتح ملعبه الجديد بمواجهة النيجر المرتقبة    أزمة جديدة في استيراد العجول .. حجز شاحنتين بميناء طنجة المتوسط        وفاة القاضي الرحيم عن 88 عاما.. صوت العدالة الذي أنصف المهاجرين    انطلاق فعاليات مهرجان الرمى والطلبة والخيالة بمركز صخور الرحامنة مبادرات راائدة في التضامن الترابي (صور)    ابتكار جهاز من الماس يرصد انتشار السرطان دون مواد مشعة            إطلاق فيديو كليب "رمشا الكحولي" بتوقيع المخرج علي رشاد    اختتام فعاليات الدورة الرابعة للمهرجان الدولي للفن المعاصر بمدينة ميدلت    المركز الفرنسي للسينما يكرّم المخرجة المغربية جنيني ضمن سلسلة "الرائدات"    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مطربات ومطربون مغاربة تغنوا بالأم بإحساس راق جدا
نشر في بيان اليوم يوم 03 - 02 - 2019

تحضر الأم سواء بصفتها المجسدة أو الرمزية، في العديد من الإنتاجات الغنائية المغربية، حاملة مختلف المعاني التي ترمز إليها والتي تشكل طباعها الخاصة. الأمومة إذن نالت ما تستحقه من الاهتمام في ربرتوار الأغنية المغربية المعاصرة، وهذا شيء طبيعي بالنظر إلى المكانة الرفيعة التي تتبوأها في الحياة الإنسانية.
لعل أبسط ما يمكن أن يقوم به المبدع سواء في مجال الغناء أو غيره، هو أن يكرس جزءا من تجربته الإبداعية والفنية، لإبراز المكانة الاعتبارية لبعض الأشخاص في حياته، وطبعا يأتي من ضمن هؤلاء الأم، بالنظر لدورها في وجوده وحياته، منذ الولادة وحتى قبلها، «حملته أمه وهنا على هن»، كما جاء في الذكر الحكيم.
لقد جسدت الأغنية المغربية، سواء الشعبية أو العصرية، مختلف مزايا الأم، هناك علاقة عاطفية عصية على التحديد وعلى الوصف، يتم تناولها في مجموع الإنتاجات التي تتغنى بالأم، إنها منبع الحنان، إنها أسمى المعاني على حد تعبير إحدى الأغاني المغربية.
عادة نجد أغنية ما تشكل أيقونة الإنتاجات التي تتغنى بالأم، فمثلا على صعيد العالم العربي، إذا كانت أغنية «ست الحبايب» للمطرب الراحل محمد عبد الوهاب، تعد بمثابة أيقونة أغاني الأم، حيث هناك من مطربينا من يردد هذه الأغنية بالذات في بعض المناسبات التي يتم فيها استحضار الأم؛ فأي الأغاني المغربية يمكن اعتبارها بدورها أيقونة على هذا المستوى؟
قد نتفق وقد نختلف حول تعيين أغنية محددة، لكن من المؤكد أن الساحة الغنائية المغربية أفرزت لنا إنتاجات كرمت الأم، إنتاجات جاءت متكاملة من جميع الجوانب: لحنا وتأليفا وأداء وعزفا وتعبيرا.. إنتاجات تستحق أن نصغي إليها بحب ونتأمل تلك التعابير الرقيقة التي تم توظيفها لإبراز المكانة الرفيعة التي تحتلها الأم في وجداننا.
سميرة بنسعيد: أنا يا أمي مغلوبة
تتردد كلمة الأم على شكل نداء استغاثة في أغنية “وعدي” للمطربة سميرة بنسعيد، وهي من كلمات: أحمد الطيب العلج، ولحن: حسن القدميري.
إن الأم في هذه الأغنية بمثابة ملجأ أمان، عليها يعلق الأمل للبحث عن حلول ومخرج من القلق العاطفي بالخصوص. هناك حيرة تستولي على صاحب هذه القطعة الغنائية، ولا أحد باعتقاده يمكن أن يبدد هذه الحيرة غير الأم، إنها تحسن الإصغاء للشكوى، ولها من التجارب والحنكة ما يجعلها تتصرف بحكمة، جاء في مطلع أغنية “وعدي”:
“سرقوه يا أمي وداوه
سرقوه حالي الله عالم به
كيفاش نصبر ونداري
كيفاش نصبر
وأنا يا أمي مغلوبة
بين الناس شاع خباري”
لقد كان ملحن هذه القطعة الغنائية موفقا إلى حد بعيد، حيث أوجد لها إيقاعا موسيقيا يبعث على الشجن ويترجم ذلك الإحساس الفياض للبنت وهي تخوض تجربة عاطفية جديدة، هذه التجربة المطبوعة بالقلق، إن الأم فضلا عن كونها قد حنكها الزمن، فهي هنا تعد خزان أسرار وموضع ثقة للحفاظ على هذه الأسرار من الإفشاء، وتشكل مناعة ضد المؤثرات السلبية للشائعات.
أحمد الغرباوي: أماه
هناك أغاني لمطربين مغاربة يكاد لا يذكرها أحد، سواء من هذا الجيل أو من الأجيال السابقة، لسبب أساسي وهو أنها لم تحظ بالانتشار، كما أن الإذاعة والتلفزيون تهاونت عن بثها رغم أنها توجد في خزانتها الموسيقية، ويمكن اعتبار كذلك أن المطرب نفسه كان يتحمل قسطا من المسؤولية في محدودية انتشار بعض أغانيه، فعلى سبيل المثال، عرف المطرب أحمد الغرباوي بخمس أو أربع مقطوعات غنائية، تأتي على رأسها أغنية “ملهمتي”؛ بالنظر إلى أنه رحمة الله عليه، كان يواظب على المشاركة بها في الحفلات الغنائية وفي غير ذلك من اللقاءات، لكن له أغنية تتغنى بالأم، تحمل عنوان “أماه”، وهي من لحنه وأدائه بطبيعة الحال، ومن كلمات شاعر غنائي مغمور هو الحوزي طموح.
يقول مطلع هذه الأغنية:
“أماه، يا زهر دربي
يا معبدي، يا رجائي
أرعاك ما بين جنبي
دنياك لا زيف فيها
والروح بصفو سترك
آنستني عبر عمري
ألهمتني طهر قلبك
من لي إذا الشوك أدمى
خطوي سواك وربي”
إنها مقطوعة تكرم الأم أبلغ ما يكون التكريم والاحتفاء، وتقوم بتعداد أفضالها التي لا تقدر بثمن، كأن لسان حال صاحب هذه المقطوعة الغنائية يعترف لها بأنه مهما قاله عنها فإنه لن يوفيها حقها.
لقد ارتأى أن يكون الخطاب الموجه إليها مباشرا وصريحا، حتى يستطيع أن يعبر عن ما يشعر به نحوها.
وكما رأينا في المقطوعة السابقة لسميرة بنسعيد، فإن الأم هنا كذلك تعد ملجأ أمان، في مواجهة واقع مفروش بالأشواك، إنها الحضن الذي يتم اللجوء إليه للتخفيف من الآلام سواء كانت هذه الآلام حسية أو معنوية:
نعيمة سميح وشمس الدين: حوارية بين الأم وابنها
من بين الحواريات النادرة التي تجري بين الأم وابنها في الساحة الغنائية المغربية، تبرز إلى الوجود أغنية “لا تلوموني” التي أدتها المطربة القديرة نعيمة سميح برفقة ابنها الفنان شمس الدين في انسجام تام على مستوى الأداء، ومما أضفى شحنة عاطفية على هذه الأغنية التي كتب كلماتها ولحنها المبدع هشام عسوي، ذلك التعلق الكبير بين الأم وابنها.
إن حضور الأمومة في هذه الأغنية التي جرى تلحينها بإيقاع ثوري إذا شئنا القول، يفرض وجوده في كل مقطع من مقاطعها، الأم (نعيمة سميح) تضفي حنانها وعطفها على الابن (شمس الدين)، وهذا الأخير يعبر عن امتنانه لها.
نجاة عتابو: لا تبكيش الميمة
مرت المطربة الشعبية نجاة عتابو من تجربة حياتية مريرة في طفولتها ويفاعتها، بسبب تعاطيها الغناء في أسرة محافظة، لا تقبل أن ينشأ بين أفرادها من يمارس الفن، خصوصا إذا تعلق الأمر بالغناء وكان هذا الفرد العائلي أنثى، لقد كانت النزعة الذكورية داخل البيت، قاسية جدا على فنانة تشق طريقها في درب الغناء، ولم تكن تجد غير حضن الأم للعطف عليها، وامتنانا من نجاة عتابو لهذا الصدر الحنون أدت أغنية تتغنى بالأم، فجرت فيها ما تختزنه بدواخلها من حب وامتنان، جاء في مطلع الأغنية:
“لا تبكيش الميمة
ولا تسيلي دموع
اللي مكتاب راه مكتاب”
خطاب فيه تحد وفيه مواساة للأم على القدر اللعين، غير أن صوت عتابو وهي تؤدي هذه المقطوعة الغنائية، لم يكن مهادنا بل كان يترجم قوة شخصية قادرة على معاكسة هذا الواقع البئيس وفرض ذاتها، وبالفعل فقد استطاعت مطربتنا الشعبية أن تنجح في رفع التحدي وبالتالي خلق مصالحة بينها وبين محيطها الأسري.
نعمة السحنوني: أمي
لعل أشهر الأغاني التي تغنت بالأم برقة عالية في اعتقادي، هي أغنية نعمى السحنوني التي تحمل عنوان: “أمي”، وهي من كلمات: عبد اللطيف التاقي، ولحن: عبد اللطيف السحنوني.
لقد اشتهرت المطربة نعمى بأغنيتها تلك، إلى حد أنه يمكن اعتبارها مطربة الأغنية الواحدة، صحيح أن لها إنتاجات غنائية أخرى، غير أن أغنية أمي غطت على انتشارها، فضلا عن أن مطربتنا تعد مقلة في الغناء، وقد انسحبت من الساحة الغنائية منذ مدة ليست بالقصيرة، وما أحوجنا إلى أصوات من هذه الطينة، حيث الإطراب والصدق في الأداء وحسن اختيار المقطوعة الغنائية التي لها دلالة ولها عمق إبداعي وفكري كذلك.
تقول أغنية “أمي”:
“أمي يا أسمى المعاني
يا دنيا زاهية وجميلة
أمي يا عالم كله حنان
تشهد بيه كل إنسان
سكنك قلب والوجدان
وحار ف مدحك كل فنان”
تعابير رقيقة مسترسلة تنم عن امتنان لهذه المرأة التي كدت وتعبت من أجل منحنا الحياة والسعادة، وقد أضفى على هذه التعابير الجميلة مزيدا من الحسن، الإيقاع اللحني الذي يقوم على إثارة حرقة في القلب، خاصة وأن الأغنية مؤداة من طرف صوت نسائي عذب.
***
يبقى لحضور الأم في الأغنية المغربية، طعم خاص، باعتبار أن الكلمات التي تعبر عن الامتنان لهذا الكائن الإنساني عادة ما تكتنز بالرقة والعذوبة، هناك شحنة عاطفية قوية يتم ترجمتها بكل الأحاسيس، بالنظر إلى الارتباط الشديد الذي يكون بين الأم وأبنائها، ارتباط مطبوع بالعطف والحنان وكل المشاعر النبيلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.