كيف أنسى ذلك اليوم وأنا السبعيني الذي عايش ثلاثة ملوك    غاب عن جل الأحزاب    في بلاغة الغياب وحضور التزييف: تأملات في بيان حزب الأصالة والمعاصرة بالعرائش !    وكالة المياه والغابات: أقاليم الحسيمة والعرائش ووزان وتطوان وإفران وتاونات أكثر المدن عرضة للحرائق    ملتقى الثقافة والفنون والرياضة يكرم أبناء الجالية المغربية بمسرح محمد الخامس بالرباط    عادل شهير يوقع أحدث أعماله بتوقيع فني مغربي خالص    السكتيوي: مواجهة الكونغو حاسمة وفرصة لإثبات جاهزية المنتخب المحلي    سفارة الصين بالرباط تحتفي بالذكرى الثمانين لانتصار الحلفاء بعرض وثائقي صيني    أوجار: مأساة "ليشبون مارو" رسالة إنسانية والمغرب والصين شريكان من أجل السلام العالمي    تطوان تحتضن انطلاقة الدورة الثالثة عشرة من مهرجان أصوات نسائية    هيئة: 105 مظاهرة في 58 مدينة مغربية نصرة لغزة واستنكارا لاستهداف الصحفيين الفلسطينيين    صيادلة المغرب يعلنون التصعيد ضد الحكومة    فوز مثير لليفربول على بورنموث برباعية في مستهل المشوار بالدوري الإنجليزي    الواحدي يقود جينك للفوز بثنائية في الدوري البلجيكي    النصر يعلن ضم كومان من بايرن ميونخ حتى 2028    أسعار النفط تسجل خسائر أسبوعية بفعل ضغوط الطلب والمخاوف الجيوسياسية    طلبة الأقسام التحضيرية يلوحون بالاحتجاج رفضا لطريقة توزيع مقاعد مدارس المهندسين    ارتفاع العائدات السياحية إلى ما يناهز 53 مليار درهم خلال النصف الأول من 2025    تسويق 6.14 مليار درهم من منتجات الصيد البحري إلى غاية نهاية يوليوز المنصرم    قمة ألاسكا.. ترامب يطلع زيلينسكي والقادة الأوروبيين على نتائج لقائه مع بوتين    "الغارديان": هل مهد الإعلام الألماني الطريق لقتل الصحفيين الفلسطينيين في غزة؟    صحيفة أرجنتينية تسلط الضوء على عراقة فن التبوريدة في المغرب    مشروع قانون يثير الجدل بالمغرب بسبب تجريم إطعام الحيوانات الضالة    الدفاع الحسني الجديدي لكرة القدم يختم موسمه الرياضي بعقد الجمع العام العادي    النقابات تستعد لجولة حاسمة من المفاوضات حول إصلاح نظام التقاعد    الدرهم يرتفع أمام الدولار ويتراجع مقابل الأورو    مأساة وادي الحراش في الجزائر... دماء الأبرياء تكشف كلفة سياسات عبثية    بولمان.. اكتشاف ثلاث أسنان متحجرة لديناصورات عملاقة تعود إلى حقبة الباثونيان    زيلينسكي يلتقي ترامب في واشنطن    دورة سينسيناتي لكرة المضرب: الكازاخستانية ريباكينا تتأهل لنصف النهاية على حساب بسابالينكا    كيوسك السبت | البطاطس المغربية تعود بقوة إلى الأسواق الدولية في 2025    مريدو الطريقة البودشيشية في ليبيا يعلنون دعم مشيخة منير البودشيشي ويراسلون الملك محمد السادس    راب ستورمي وحاري في "رابأفريكا"    مقتل 11 وإصابة أكثر من 130 في انفجار بمصنع في موسكو        موسم مولاي عبد الله... تكدّس، غياب تنمية، وأزمة كرامة بشرية    بطولة أمم إفريقيا للاعبين المحليين 2024: نهائي قبل الأوان بين المغرب والكونغو الديمقراطية    نائبة رئيس محكمة العدل الدولية: الرب يعتمد عليّ للوقوف إلى جانب إسرائيل    القصر الكبير: التنسيقية الجمعوية المحلية تدق ناقوس الخطر حول الوضع البيئي المقلق بالمدينة    كينيدي يخوض معركة جديدة ضد صناعة المكملات الغذائية في أمريكا    أسعار النفط تترقب قمة ترامب وبوتين    صرف الدرهم يرتفع مقابل الدولار    موجة حر مع "الشركي" وزخات رعدية من الجمعة إلى الاثنين بعدد من مناطق المملكة    منظمة الصحة العالمية تحذر من استمرار تدهور الوضع العالمي للكوليرا            الملك محمد السادس يهنئ رئيسة جمهورية الهند بمناسبة عيد استقلال بلادها    الحكومة تراهن على "التوازن" بين رعاية الحيوانات الضالة والأمن العام    منظمة حقوقية تشكل لجنة لتقصي أسباب حرائق شفشاون    كرنفال وعروض موسيقية وفروسية في افتتاح مهرجان وادي زم    العين يفتقد رحيمي في افتتاح الدوري    اختتام المؤتمر العالمي الخامس للتصوف بفاس بإعلان تأسيس "التحالف العالمي لأهل التصوف"    "كارثة طبية" أدت لوفاة العشرات في الأرجنتين    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في النقاش حول النموذج التنموي ودور الدولة
نشر في بيان اليوم يوم 03 - 06 - 2020

النقاش الجاري في بلادنا هذه الأيام، كما في بلدان أخرى عبر العالم، حول سبل النهوض بالوضع الاقتصادي وأولوياتنا الوطنية عقب الخروج من أزمة “كوفيد – 19″، يبقى مهما وحيويا، لكن الأهم منه هو نجاحنا الجماعي كوطن أن نستوعب دروس الأزمة غير المسبوقة التي ضربت البشرية، ومن ثم أن يرتقي النقاش العمومي لكي يشمل مقومات النموذج التنموي المطلوب، ولكي لا يبقى التفكير مختنقا في المعادلات المالية والمحاسباتية الظرفية، وكيف نسد العجز الآني ونستعيد نموا عابرا ومضللا، أي أن يتركز الانشغال حول كيفية العودة إلى ما كانت عليه البلاد عشية الجائحة، وذلك بدل اعتبار أن هذه الأزمة قد هوت بكثير أشياء عبر العالم، ويجب أن نلتقط دلالة كل الرجات التي وقعت، والانطلاق منها لصياغة أسس منظومة متكاملة يجسدها نموذج تنموي آخر، يختلف عما ألفته حليمة ضمن عاداتها القديمة.
وفِي هذا الإطار يبقى النقاش حول دور الدولة أساسيًا ومركزيا اليوم، وهذا ليس كلاما إيديولوجيا محنطا يخرج من جبة ماضي الحرب الباردة كما يعتقد بعض الكسالى وفقيري الخيال، وإنما هو معطى أساسي أبرزته أحداث اليوم، هنا وفِي كل مكان، وأكسبته شرعيته الواضحة.
عند التصدي لتفشي الوباء وخوض حرب ضده صونا للصحة العامة، وحدها الدولة كانت في الواجهة، وشعبنا لم يجد سوى مؤسسات الصحة العمومية لتقود المعركة…
وبرزت الدولة أيضا من خلال القوات العمومية والتعليم العمومي والسلطات الإدارية، ونجحت في تدبير مختلف شؤون البلاد والعباد.
وهذا حدث أيضا في مختلف دول العالم، بما في ذلك في كبريات البلدان الرائدة في الليبرالية واقتصاد السوق…
وببساطة، يعني هذا ضعف قطاعنا الخصوصي وهشاشته، وعجزه عن القيام لوحده بمسؤوليته تجاه المجتمع، ويعني، تبعا لذلك، أن البشرية وقفت على حقيقة مؤداها أهمية امتلاك الدولة لدور مركزي.
في بلادنا، يجب أن يرتكز هذا النموذج التنموي المطلوب على دور تنموي للدولة تجاه الاقتصاد الوطني، أي أن تحرص على تقوية وتجويد الاستثمار العمومي، وعلى التوجيه والتقنين، وعلى توطيد القطاع العمومي، وبالتالي تعتبر الدولة هي القادرة اليوم على تحمل مسؤولية توفير الموارد الضرورية للدفع بنمو الاقتصاد، ولتحقيق أهداف كبرى مثل التصنيع الحقيقي، وإنعاش القطاعات الاقتصادية المتضررة في مجالات مثل: الصناعة، السياحة، الصناعة التقليدية، البناء، النقل والخدمات، ومن أجل الاستثمار في صناعة وطنية أساسية، وفِي الرقمنة، وفِي الاقتصاد الأخضر….
وهي التي تستطيع كذلك أن تساند المقاولة الوطنية نفسها للحفاظ على مناصب الشغل، وتدعم القطاعات ذات القدرة على توفير مناصب أخرى جديدة لامتصاص البطالة، ولكي يتم إنعاش الطلب الداخلي، وصيانة القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين…
إن دور الدولة يجب أن يكون أساسيًا كذلك في القطاعات الاجتماعية الأساسية مثل التعليم والصحة والحماية الاجتماعية، وأيضا في تطوير البحث العلمي، والحرص عبر سياساتها الاجتماعية على تمكين المغربيات والمغاربة من حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية، وعلى تطوير مستويات عيشهم، وعلى إنماء وعيهم العام.
كل هذه الأدوار والمهمات لم يستطع قطاعنا الاقتصادي الخصوصي الاستجابة لها والمساهمة الجدية في إنجازها، ومن ثم يصعب التعويل عليه في ذلك، أو التأكيد على أنه يقدر على إخراج الاقتصاد الوطني من واقعه الحالي.
ليس الأمر تجنيا على المقاولين وأوساط المال والأعمال، ولكن أغلبهم اليوم يصرحون بمثل هذا الكلام ويتبنون ذات التشخيص، كما أن بروز ملايين الأسر المغربية التي تقتات من مهن هامشية أو من عملها المضني في القطاع غير المهيكل، كل هذا يجعل شعبنا في غالبيته العظمى يعيش داخل الهشاشة والفقر الكبيرين، وأنشطتنا الاقتصادية يوجد أغلبها خارج أي هيكلة أو تقنين أو دورة إنتاج منتظم، وهذا يسائل الدولة بشكل عميق اليوم، ويسائل أيضا النخبة الاقتصادية، ويطرح أمام البلاد تحديات خطيرة تتجاوز البعد الاقتصادي، لتطرح سؤال استقرار المجتمع ومستوى العدالة الاجتماعية وسط المغاربة، ومدى ثقتهم واطمئنانهم للمستقبل داخل وطنهم.
وهنا يصير هذا الحديث مكتسبا لبعد سياسي واضح، يتطلب اليوم بعد النظر وتخطيطا إستراتيجيا لبناء المستقبل.
بعض المتحذلقين اليوم يجترون كلاما ديماغوجيا حول الحرية الاقتصادية والقطاع الخصوصي كما لو أن الأفكار والنظريات تعيش معلقة في السماء ولا تتجسد عبر سياسات عملية على أرض الواقع جربها المغاربة وشعوب أخرى، وهم أيضا لا يستحضرون ما أحدثته كورونا من زلازل ورجات، وبالتالي يبدون كما لو أنهم وصلوا عندنا جد متأخرين ليكرروا أدبيات الأورتودوكسية الليبرالية الاقتصادية التي عرت الأزمة الحالية كل عوراتها، وتحول التفكير عند بعضهم إلى انحياز بدائي للسوق، وذلك بما يشبه كثيرا أصولية نيوليبرالية مستجدة و… عمياء.
ينسى هؤلاء أن العولمة نفسها أبانت هذه الأزمة عن هشاشتها تجاه قرارات الدول اقتصاديا وأمنيًا وسياسيا، واحتمى كل العالم بحدوده ولم يعد يفكر إلا داخل سيادته الوطنية، كما أن كثير أزمات اجتماعية تعمقت، بما في ذلك في بلادنا، على غرار الفقر والهشاشة والأمية وضعف الوعي وتدني مستوى القراءة والمعارف، وعجز القطاع الصحي الخصوصي، والتعليم الخصوصي، وأيضا المخاطر البيئية وندرة الماء وباقي تجليات التدهور في الطبيعة، وكل ذلك يؤكد ضعف المسؤولية الاجتماعية لدى أوساط المال والأعمال، وهو ما حان الوقت اليوم للانكباب عليه، أي لتعافي الاقتصاد وتطوره المستقبلي، ولحماية بيئة مجتمعية مستقرة وآمنة ومشجعة على الاستثمار والربح، يجب على الأثرياء المساهمة الحقيقية في تمويل ذلك والسعي لتحقيقه، أي تمتين مسؤوليتهم تجاه مجتمعهم وشعبهم لصيانة مصالح الجميع ومستقبل الجميع.
واضح إذن أن الحديث عن دور الدولة في هذه المرحلة يكتسب أهمية مركزية، والنموذج التنموي المطلوب يجب أن يقوم أساسا على وجود دولة قوية وديمقراطية وناجعة، مع حماية دور داعم ومواكب للقطاع الخصوصي، الذي يجب أن يكتسب، بدوره، متانته اللازمة، وأن تتقوى مسؤوليته الاجتماعية.
كل هذا يفرض توفر الإرادة القوية والرؤية الشاملة والبعيدة، والحرص على مرتكزات ومقومات الاختيار الديمقراطي لبلادنا.
محتات ‬الرقاص


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.