برقية تهنئة من جلالة الملك إلى رئيس جمهورية السيشل بمناسبة العيد الوطني لبلاده    اعمارة: أشكال جديدة للتشغيل غير مؤطرة قانونيا وتحرم فئات واسعة من العاملين من التغطية الصحية    بنهاشم: "اشتغلنا لتطوير منظومتنا الدفاعية وسندافع عن حظوظنا لتشريف الكرة المغربية"    وهبي: إصلاح مدونة الأسرة خطوة جريئة لتحقيق العدالة داخل الأسرة المغربية    احتجاجات مرتقبة أمام وزارة التعليم بسبب الإقصاء من الأثر الرجعي للترقية خارج السلم    بورصة الدار البيضاء .. تداولات الافتتاح على وقع الانخفاض    المغرب ‬خامس ‬قوة ‬اقتصادية ‬في ‬إفريقيا: ‬مسار ‬تحول ‬ونموذج ‬إقليمي ‬صاعد    بعد أزمة القطيع.. مطالب لمجلس الحسابات بافتحاص أموال وبرامج جمعية مربي الأغنام والماعز    جهة "سوس-ماسة" تسهم ب9.5% من التجارة الخارجية للمغرب وتستهدف تعزيز موقعها التصديري    لقجع: 85% من أنشطة المغاربة تشتغل خارج القانون    المغرب ‬يواصل ‬تموقعه ‬بقوة ‬على ‬الخريطة ‬العالمية ‬لصناعة ‬الطيران    سلطات حفتر تفرج عن جميع موقوفي "قافلة الصمود" والأخيرة تعود أدراجها في منتصف الطريق    الريسوني: من الواجب على المسلمين مساندة إيران في مواجهة العدوان الإسرائيلي    الجيش الإسرائيلي يعلن بدء موجة هجمات جديدة في منطقة طهران    الحكومة تدافع عن الوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي وتؤكد أنها مؤسسة عمومية مستقلة    شكوك حول مشاركة مبابي في مباراة ريال مدريد الافتتاحية بكأس العالم للأندية    الصفقات الجديدة تدعم صفوف مانشستر سيتي قبل مواجهة الوداد في مونديال الأندية    حان ‬الوقت ‬لسحب ‬ملف ‬الصحراء ‬المغربية ‬من ‬اللجنة ‬الدولية ‬الرابعة    حجز 8 أطنان من المخدرات بشاطئ أكلو    "أزطا أمازيغ" تنتقد سياسات الدولة وتدعو لاحترام التنوع والعدالة الثقافية    الرباط.. المحكمة الإدارية تنظر في طلب افتحاص صندوق تقاعد المحامين بمراكش    ارتفاع أسعار النفط في التعاملات الآسيوية    كأس العالم للأندية 2025.. تعادل فلومننزي البرازيلي وبوروسيا دورتموند الألماني دون أهداف    مسؤولو حسنية أكادير يفشلون في الحفاظ على الركائز بعد رحيل الشماخ    الشرعي يدرب "لويسترلو" البلجيكي    "واتساب" ينفي نقل بيانات مستخدمين إلى إسرائيل    مجازر الاحتلال تتواصل.. إسرائيل تقتل 32 فلسطينيا بغزة بينهم 11 من منتظري المساعدات    توقعات أحوال الطقس ليوم الأربعاء    كيوسك الأربعاء | أزيد من 180 ألف عملية مراقبة لحماية القدرة الشرائية للمغاربة    إضراب مفتوح ووقفة احتجاجية لعمال النظافة بشركة أوزون بالفقيه بن صالح بسبب تأخر الأجور    العثور على شاب مشنوق داخل شقة بالحسيمة في ظروف غامضة    تحول "OpenAI" إلى الربحية يشعل الخلاف مع "مايكروسوفت"    الخليج يحث على التهدئة بين إيران وإسرائيل ويؤكد دعم مساعي الاستقرار الإقليمي    من الحرير إلى الشراكة الذكية.. المغرب والصين ينسجان مستقبلًا بحكمة حضارتين    فياريال الإسباني يتعاقد مع لاعب الوسط موليرو لخمس سنوات    التصعيد الاسرائيلي – الإيراني: تأكيد خليجي على ضرورة وقف إطلاق النار ودعم جهود السلام في المنطقة    مشروع سكني بالغرب يجلب انتقادات    كأس العالم للأندية .. قمة إنجليزية مغربية وصدام إسباني سعودي    المواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران .. إشكالات وسياقات ومآلات    تأجيل محاكمة محمد بودريقة إلى الأسبوع المقبل بطلب نافيا "أكل الشيك"    عائلة بودراجة تتوعد بالمتابعة القضائية    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    فاطمة الحمامصي… مسار نسائي رائد يُكرَّم في طنجة    ورزازات تحدث تحولا نوعيا في التعامل مع الكلاب الضالة بمقاربة إنسانية رائدة    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    برنامج "مدارات" يسلط الضوء على مسيرة المؤرخ والأديب الراحل عبد الحق المريني    في المغرب .. الفاشلون يطاردون المتفوقين عبر ساحات التنمر الإلكتروني    طنجة الدولية.. اختبار فرضيتي التحول والتفاعل    الصويرة ترحب بزوار مهرجان كناوة    خبير يعرف بالتأثير الغذائي على الوضع النفسي    موازين 2025… أزمة توزيع المنصات تثير استياء الجمهور    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    نصائح ذهبية لحماية المسنين من ارتفاع الحرارة    "أرواح غيوانية" يُكرّم رموز المجموعات الغيوانية ويُعيد أمجاد الأغنية الملتزمة    برلماني يطالب بالتحقيق في صفقات "غير شفافة في مستشفى ابن سينا الجديد        فقدان حاسة السمع يرفع خطر الإصابة بالخرف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محامون وخبراء وحقوقيون يدعون لتغيير شامل للمدونة
نشر في بيان اليوم يوم 20 - 11 - 2023

أجمع المتدخلون ضمنهم محامون وخبراء وحقوقيون مهتمون بحقوق الأطفال، أول أمس السبت بالدار البيضاء، في ندوة حول موضوع " مدونة الأسرة ورهان المصلحة الفضلى للطفل" نظمتها منظمة الطلائع أطفال المغرب، أنه آن الأوان، إلى تغيير شامل لمدونة الأسرة، بما ينسجم مع مصلحة الطفل الفضلى، التي تفرض أيضا، بالموازاة مع ذلك، إقرار سياسة عمومية كفيلة بالنهوض بحقوق الأطفال، والتربية على المساواة، في جميع المجالات، خاصة داخل مؤسسات التنشئة الاجتماعية، والبرامج والمناهج التعليمية، والإعلامية، وأن تكريس مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات، سينعكس إيجابا على طفلات وأطفال اليوم، الذين هم نساء ورجال المستقبل. كما دعوا إلى تجريم تزويج القاصرات والوساطة فيها واعتبارها جريمة الاتجار في البشر، مع إلغاء الاستثناء وتثبيت سن 18سنة، وتحسيس الإباء والأمهات بالآثار السلبية لتزويج الطفلات في سن مبكرة. وطالبوا أيضا بتغيير بنية المدونة القائمة على التراتبية بين الرجل والمرأة، وأن تصبح مبنية على العدل والمساواة وإلغاء كل مظاهر التمييز التي ينجم عنها العنف، مع توحيد مساطر الطلاق بالإبقاء فقط على الطلاق الاتفاقي أو بطلب من أحد الزوجين.
رشيدة الطاهري: المدونة يجب أن تكون مبنية على العدل والمساواة وإلغاء كل مظاهر التمييز
وقالت رشيدة الطاهري، الرئيسة السابقة لمنظمة الطلائع أطفال المغرب، وفاعلة حقوقية خبيرة في مقاربة النوع عن مجموعة " أوال –حريات"، إن اختيار موضوع " مدونة الأسرة ورهان المصلحة الفضلى للطفل"، للندوة يفرض ذاته، لأنه ذو أهمية قصوى ويرتبط ارتباطا وثيقا بمنظمة الطلائع التي جعلت من أهم أدوارها الأساسية حماية حقوق الأطفال والنهوض بها.
وأضافت رشيدة الطاهري، في مداخلتها، أن إصلاح مدونة الأسرة، يفرض اليوم نفسه، بعد أن خضعت هذه المدونة لمحطتين للإصلاح، الأولى سنة 1993، حيث لم تكن هناك إصلاحات عميقة وهيكلية، باعتبار أن كل حديث عن الإصلاح قبل هذا التاريخ كان ممنوعا بدعوى أن المدونة نص مقدس ولا يجب المساس به على حد تعبيرها.
واعتبرت الطاهري، أن سنة 1993كانت بداية لفتح النقاش حول نصوص المدونة، والتعامل معها كقانون وضعي قابل للمراجعة والتعديل والتغيير، وبالتالي كان مناسبة للمطالبة بالإصلاح والترافع من أجل إصلاح فعلي يضمن المساواة بين الرجال والنساء.
أما المحطة الثانية للإصلاح فتعود إلى سنة 2004، وهي المحطة، التي عرفت إصلاحات في مجموعة من مواد المدونة، حيث أشارت الأستاذة الطاهري في هذا الصدد، إلى أنه تم حذف كل المفاهيم الحاطة بكرامة المرأة، من قبيل، الزواج هو عقد للنكاح، وأن المرأة عليها طاعة زوجها، مضيفة أنه تم تنقية نص المدونة من هذه المفاهيم وإدراج مقتضيات تحاول الإنسجام مع مقتضيات اتفاقية محاربة كل أشكال التمييز ضد المرأة، مع التنصيص على المسؤولية المشتركة بين الزوجين، ورفع سن الزواج، وإلغاء الولاية على الراشدة.
وعن دواعي إصلاح المدونة اليوم، قالت الأستاذة الطاهري، إن مجموعة من الاختلالات وثغرات قانونية ظهرت أثناء تطبيق المدونة طيلة عشرين سنة الماضية، مما يقتضي مراجعتها، إضافة إلى أسباب أخرى، تتمثل في كون المغرب عرف تطورات مهمة في شتى الميادين، وعرف أيضا دستورا جديدا سنة 2011 ، وانخرط في مجموعة من المعاهدات الدولية، بالإضافة إلى ولوج المرأة لمجالات متعددة كانت في وقت سابق حكرا على الرجل.
و أكدت بالمناسبة، على ضرورة توحيد المرجعيات والانفتاح على مذاهب فقهية أخرى عوض الاقتصار على المذهب المالكي، مع استحضار مرجعية إمارة المؤمنين ودستور 2011 ، والمعاهدات الدولية التي وقع عليها المغرب، ضمنها اتفاقية حقوق الأطفال.
كما أشارت إلى ضرورة تحقيق المساواة وعدم التمييز مع مراعاة المصلحة الفضلى للطفل، والعمل على تفعيل الاتفاقيات الدولية بعد نشرها في الجريدة الرسمية، كما أن على المدونة أن تساير التحولات التي يعرفها المجتمع المغربي وتتكيف معها، وأن تجد حلولا للإشكاليات المطروحة.
وطالبت بتغيير بنية المدونة القائمة على التراتبية بين الرجل والمرأة، وأن تصبح مبنية على العدل والمساواة وإلغاء كل مظاهر التمييز التي ينجم عنها العنف، مع توحيد مساطر الطلاق بالإبقاء فقط على الطلاق الإتفاقي أو بطلب من أحد الزوجين.
وعن موضوع الإرث، أكدت الأستاذة الطاهري، أن هناك جهات تحاول الركوب على الموضوع، من خلال تحريف النقاش، واعتبارنقاش موضوع الإرث وكأنه خروج عن الشرع، والحال توضح الأستاذة الطاهري، أن هناك تأويلات مختلفة لقراءة النصوص القرآنية، وأن التعصيب مثلا ليس له سندا شرعيا سواء في القرآن أو السنة، داعية إلى مقاربة جميع الآراء، والإنصات للرأي والرأي الآخر، في أفق الوصول إلى مدونة منصفة للرجل والمرأة على حد سواء مع استحضار مصلحة الأطفال في حال الطلاق بين الزوجين، مطالبة في الوقت نفسه بإلغاء التعصيب وحصر الإرث في الفروع والأصول وتساوي الأنصبة بالنسبة للذكور والإناث.
مراد فوزي: تزويج القاصرات والوساطة فيه يدخل ضمن جريمة الاتجار في البشر
أما الأستاذ مراد فوزي، المحامي بهيئة المحامين بالدار البيضاء، ورئيس جمعية "حقوق وعدالة"، فقد استهل مداخلته تحت عنوان" تزويج القاصرات… "،أن مدونة الأسرة هي من أحدثت الاستثناء بمقتضى المادة 20، في الوقت الذي كانت فيه مدونة الأحوال الشخصية قد حددت سن الزواج في 18 سنة بالنسبة للفتى وسن 15 سنة بالنسبة للفتاة.
وأوضح المحامي فوزي، أن مدونة الأسرة حددت سن الزواج في 18 سنة بالنسبة للفتى والفتاة، مع إمكانية تزويج الفتاة، دون هذا السن، لكن شريطة أن يأذن بذلك القاضي، لكن، يضيف المتدخل، أن المدونة لم تتحدث عن الحد الأدنى بالزواج المراد احترامه من طرف القاضي مهما كانت الظروف، وبالتالي تم فسح المجال لتزويج قاصرات في سن 12 في بعض المناطق.
وأكد المحامي، أن القاضي كان يعتمد على شرطين أساسيين قبل إذنه للزواج للفتاة القاصر، وهما البحث الاجتماعي والخبرة، والحال يؤكد المحامي، أن هذين الشرطين لا يتم احترامهما بالشكل المطلوب، مما جعل ظاهرة تزويج الفتيات القاصرات تعرف تصاعدا خطيرا على مستوى الأرقام، وتحول بالتالي الإستثناء إلى قاعدة على حد تعبيره,
وأكد المحامي فوزي بالمناسبة، أن الرقم المهول لنسبة تزويج الطفلات مرده لأسباب مختلفة ومترابطة فيما بينها، ثقافية واقتصادية خصوصا استغلال الفقر والحاجة لأسر القاصرات.
واعتبر أن الإحصائيات المتوفرة لا تعكس الحجم الحقيقي للظاهرة على اعتبار أنها تتعلق بأذونات تزويج القاصرات الصادرة عن قضاة محاكم الأسرة بناء على طلبات المعنيين بالأمر من أولياء أمور القاصرات، حيث أنها لا تأخذ بعين الاعتبار التزويج عن طريق قراءة "الفاتحة" وأشكال أخرى دون المرور عن طريق القضاء إلا بعد بلوغ سن الرشد، حيث يتم سلوك مسطرة ثبوت الزوجية قبل إيقاف العمل بها، وهي نسب مهولة أيضا.
وشدد على دور المشرع، في أن لا يضع نصب عينيه الاستجابة لبعض المعتقدات في جهات معينة، كما لو أنه يحاول إيجاد حلول لتملص الحكومات والمؤسسات المعنية من مسؤولياتها في إيجاد حلول وفق مقاربة شمولية من حيث البنية التحتية لتسهيل التنقلات لإتمام الدراسة، وبناء دور طالبات، والمؤسسات التعليمية لمحاربة الهدر المدرسي، مع إدراج دروس في المواد التعليمية في سبيل رفع الوعي بآثار التزويج قبل بلوغ سن الرشد القانوني..
ودعا إلى تجريم تزويج القاصرات والوساطة فيها واعتبارها جريمة الاتجار في البشر، مع إلغاء الاستثناء وتثبيت سن 18 سنة ، وتحسيس الأباء والأمهات بالآثار السلبية لتزويج الطفلات في سن مبكرة.
محمد أملو: مدونة الأسرة لم تستحضر بقوة حقوق الأطفال لكونها تماهت مع النزعة الذكورية الموجودة في الفقه
أما الأستاذ محمد ألمو محام بهيئة المحامين بالرباط، وفاعل حقوقي مهتم بحقوق المرأة والطفل، فركزفي مداخلته، على ما أسماه بتغييب مدونة الأسرة للمصلحة الفضلى للأطفال في مختلف الأحكام الواردة فيه، سواء أثناء العلاقة الزوجية أو بعدها، داعيا إلى ضرورة حماية حقوق الأطفال من النزاع الأسري، واحترام اتفاقيات حقوق الأطفال.
وأوضح الأستاذ ألمو، أن المشرع في مدونة الأسرة، حاول الالتفاف على بعض هذه الاتفاقيات خصوصا المصادق عليها من طرف المغرب، كما هو الحال في المادة 54 في باب الزواج، التي تتضمن حقوق الأطفال على أبويهم، وهي الحقوق التي تبقى في باب الأماني والتطلعات دون أن يلزم المشرع مايفيد بتطبيقها .
واعتبر المتدخل أن مدونة الأسرة لم تستحضر بقوة حقوق الأطفال، لكونها تماهت مع النزعة الذكورية الموجودة في الفقه وانتصرت للرجل وعادت المرأة، مؤكدا أن هناك مقتضيات قانونية متسمة بالغرابة إما لطبيعة الأوضاع التي تنظمها أو إقرارها لأحكام مسيئة للمرأة ولكرامتها، كما أن الاعتماد الحرفي على الإرث الفقهي أدى إلى تأطير نوازل متقادمة لا تستوعبها البنية الاجتماعية والثقافية لعصرنا الحالي، وأعطى مثالا لذلك، مفاده أنه رغم اقتران الرجل بالمرأة وإبرام عقد الزواج، فإن هذا الوضع لا يشفع للزوجة باستحقاق النفقة الواجبة على زوجها إلا بعد الدخول بها، أو إذا دعته للدخول ورفض، وهذا ما اكدته المادة 194من مدونة الأسرة. ويبدو من خلال هذا المقتضى القانوني، حسب الأستاذ ألمو، أن المشرع كرس تصورين غريبين للحياة الزوجية متماهيا بذلك مع العقلية الذكورية السائدة في المجتمع، التصور الأول: جعل الدخول أوالممارسة الجنسية محور بدء سريان الالتزامات الزوجية، والتصور الثاني يتجلى في إلزام المرأة بمطالبة زوجها بممارسة الجنس عليها إن هي أرادت استحقاق النفقة .ويبدو هذا الشق من المادة أعلاه ما يثير الغرابة من حيث الغاية من تنظيم المشرع لمثل هذه الأمور الحميمية والجنسية من جهة. ومن جهة أخرى، فإن إعمال هذا المقتضى القانوني لا يتاتى تطبيقيا إلا برفع الزوجة التواقة إلى الدخول بها دعوى قضائية لمطالبة الزوج الرافض بالدخول بها مما تطرح معه التساءلات التالية: ماهي حيثيات هذه الدعوى؟ وكيف سيكون منطوق الحكم ؟ وماذا لو رفض الزوج تنفيذ الحكم القضائي؟ وكيف يمكن إثبات واقعة التنفيذ إن تمت أو العكس ؟ وهل يمكن إثارة صعوبة واقعية في التنفيذ اذا ما وجدت الأسباب المبررة لذلك ؟
وقدم مثالا آخرا عن الصداق كمقابل للاستمتاع الجنسي بالزوجة، حيث أفاد في هذا الصدد، أنه حسب مقتضيات المادة 26 من المدونة، فالصداق هو مايقدمه الزوج لزوجته كتعبير منه على الرغبة في الاقتران وتكوين أسرة مستقرة وأساسه الشرعي قيمته المعنوية والرمزية وليس المادية، مضيفا أنه رغم التنصيص المذكور على رمزية الصداق، فان المواد اللاحقة تعكس طابعة المادي وتجعل منه مقابلا للاستمتاع الجنسي بالمرأة، ويتضح ذلك من خلال المقتضيات التالية: تستحق الزوجة الصداق كله بالبناء (أي الممارسة الجنسية )، (المادة 32 الفقرة الأولى)، لا تستحق الزوجة الصداق قبل البناء اذا وقع رد الزواج بسبب عيب في الزوجة ، الفقرة الثالثة من نفس المادة. إذا علم الزوج بالعيب قبل العقد وطلق قبل البناء لزمه نصف الصداق (المادة 110). يحق للزوج أن يرجع بقدر الصداق على من غرر به أو كتم عيب الزوجة عنه قصدا (المادة 109).
محمد حجيوي: الحاجة ماسة إلى تغيير شامل لمدونة الأسرة بما ينسجم مع مصلحة الطفل الفضلى
وكان الأستاذ محمد حجيوي، رئيس منظمة الطلائع أطفال المغرب، قد افتتح هذه الندوة بكلمة، اعتبر فيها أن موضوع "مدونة الأسرة .. والمصلحة الفضلى للطفل" يكتسي أهمية كبرى، بالنسبة لمنظمة الطلائع، لكونها منظمة تربوية ذات منشأ حقوقي تعنى بقضايا وبحقوق الأطفال في شمولياتها، ويكتسي ذات الأهمية أيضا بالنسبة لمجتمعنا وأسرنا في الظرف الراهن الذي يتميز بالنقاش العمومي الدائر حول ورش إصلاح مدونة الأسرة.
وأكد أن تركيز منظمة الطلائع، على محورية وأهمية الطفل في المشروع الإصلاحي لمدونة الأسرة، يأتي لكون بعض مقتضيات مدونة الأسرة، أصبحت متجاوزة ومتناقضة مع المواثيق الدولية وفي مقدمتها الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل التي وقع عليها المغرب سنة 1990، ولدستور سنة 2011 مما يستوجب في نظره مراجعتها وتعديلها بما يتلاءم والحاجيات الراهنة.
وأكد بالمناسبة، على أن منظمة الطلائع أطفال المغرب تلقت باهتمام وباعتزاز كبيرين، مضمون الرسالة الملكية السامية التي وجهها جلالته يوم 26 شتنبر 2023 إلى رئيس الحكومة وكلفه بمباشرة إصلاح مدونة الأسرة، على أن يعهد الإشراف العملي لهذا الإصلاح إلى وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة، من أجل بلورة مقترح مشروع، في أفق لا يتجاوز الستة أشهر، ومن ثمة، يقول رئيس المنظمة، إن الغاية من إثارة النقاش في موضوع هذه الندوة الوطنية، هي جعل "مصلحة الطفل الفضلى" في صلب النقاش الدائر الآن حول إصلاح مدونة الأسرة، وذلك بالاعتراف الصريح بالأطفال كأصحاب حقوق، انطلاقا من المرجعيات الأساسية التي تؤطر اهتمام المنظمة بحقوق الطفل، وتسند مقاربتنا الترافعية، والمتمثلة أساسا في الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل التي وقع عليها المغرب سنة 1990 وفي دستور المملكة الذي أقره المغاربة سنة 2011، بالإضافة إلى انخراط المغرب في الآليات الأممية المرتبطة بحماية حقوق الإنسان بشكل عام وحقوق الطفل بشكل خاص، قبل أن يستدرك، أن الواقع يؤكد أنه لازال هناك نوع من الضبابية في مفهوم حقوق الطفل وفي كيفية تأويل بنود هذه الاتفاقية، خاصة كيفية تفسير مصلحة الطفل الفضلى وماهيتها ومضمونها.
بعد ذلك عرج على مجموع الاختلالات التي تطرحها مدونة الأسرة في شكلها الحالي، ( الولاية، النسب، تزويج القاصرات)، التي لا تراعي في نظره مبدأ مصلحة الطفل الفضلى الذي يعتبر وحدة قياس عندما تتنافس عدة مصالح، ويبقى ملزما ليس فقط للمؤسسات الرسمية كالقضاء والمرافق العامة بل لكافة المؤسسات التي تعمل على تماس مع الأطفال.
وأكد أن الحاجة إلى تغيير شامل لمدونة الأسرة، بما ينسجم مع مصلحة الطفل الفضلى، تفرض أيضا، بالموازاة مع ذلك، إقرار سياسة عمومية كفيلة بالنهوض بحقوق الأطفال، والتربية على المساواة، في جميع المجالات، خاصة داخل مؤسسات التنشئة الاجتماعية، والبرامج والمناهج التعليمية، والإعلامية، وأن تكريس مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات، سينعكس إيجابا على طفلات وأطفال اليوم، الذين هم نساء ورجال المستقبل.
ودعا إلى وضع "مدونة خاصة بالطفل" وهو المطلب الذي يعتبر اليوم، ملحا، من أجل تمكين الطفل من إطار تشريعي شامل، متكامل ومنسجم، قادر على تعزيز حمايته القانونية وتعزيز حقوقه، من خلال اعتماد رؤية شمولية، انطلاقا من مبدأ "مصلحة الطفل الفضلى" ووفق مقاربة تشمل مختلف القضايا المرتبطة بالطفل والحقوق التي يجب أن يتمتع بها منذ الولادة إلى حدود بلوغ سن الرشد، وتعزيز سبل حمايته ووقايته من مختلف أنواع العنف أو الوقوع في مختلف أشكال الانحراف، وضمان حماية متعددة المستويات لحقوق الطفل، سواء، كان جانحا أو ضحية للعنف، أو في وضعية صعبة، أو في وضعية الشارع، أو في نزاع مع القانون. خاصة وأن المقتضيات القانونية المتعلقة بالطفل حاليا مبعثرة بين مختلف فروع القانون.
حسن عربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.