افتتح البرلمان، بغرفتيه، أمس الجمعة، دورة أبريل للعام التشريعي الرابع، وذلك وفق ما ينص عليه الدستور والنظامان الداخليان لمجلسي النواب والمستشارين، ومما لا شك فيه أن الظرفية السياسية الانتخابية المميزة لهذه السنة وللتي تليها ستجعل المؤسسة التشريعية في عمق الحدث الوطني، ووسط السجال المتأجج بين الأحزاب هذه الأيام. دورة أبريل البرلمانية يتوقع أن تشهد نقاشات ساخنة، سواء بخصوص مشاريع النصوص التي ستعرض عليها، أو أثناء الجلسات الأسبوعية للأسئلة الشفوية وفي أعمال اللجان، أو أيضا خلال الجلسات الشهرية مع رئيس الحكومة، وبعض الأطراف الحزبية ستتعامل مع كل هذه الفضاءات المنبرية فقط كوسيلة للدعاية الانتخابوية ولتأجيج الملاسنات والتوترات الهامشية، وإن تفادي هذا المآل يعتبر اليوم تحديا ومسؤولية بالنسبة لكل مكونات البرلمان بغرفتيه. الدورة البرلمانية الربيعية يجب، بدل ما سلف، أن تنجح في تقوية المنتج التشريعي الوطني، وأن تعمل على إخراج القوانين التنظيمية والعادية والآليات والهياكل ذات الصلة، وذلك حتى يتيسر استكمال ما كانت الحكومة قد عرضته ضمن مخططها التشريعي للولاية الحالية... من جهة ثانية، نحن على أبواب انطلاق مسلسل انتخابي عامر بالرهانات، ودورة البرلمان يجب أن تقدم للمغاربة عرضا سياسيا وتواصليا جاذبا وراقيا ومحفزا على المشاركة ومجسدا لمصداقية السياسة وجديتها ونبلها، وإذا فشلت في ذلك، فإن النفور سيتقوى والعزوف سيترسخ، والبلاد ستكون قد أضاعت فرصة أخرى لتأهيل منظومتها السياسية والمؤسساتية. الدورة البرلمانية الجديدة تنعقد وسط نقاش كان قد انطلق من قبل حول ضرورة تمتين أداء البرلمانيين أنفسهم والرفع من جودته، وتقوية التزام المشرعين ومحاربة الغياب، واليوم تتاح فرصة جديدة لأعضاء الفرق ليبرهنوا عن جديتهم والتزامهم، وعن حس المسؤولية لديهم. إن إنتاج القوانين، ومنح الحياة والمعنى العملي لما ينص عليه الدستور على هذا المستوى، والنهوض بالأداء البرلماني وتقوية حرفيته وجدية البرلمانيين والتزامهم، وتطوير مستوى الحوار السياسي داخل مختلف لجان وجلسات البرلمان، كلها تمثل اليوم مؤشرات قياس لنجاح الدورة أو عدم نجاحها، وعلى كل الفرقاء الحرص على تمكين بلادنا من إنجاح هذا المسار، وأن تكسب التحدي. البرلمان يعتبر الفضاء المؤهل ليكون حاضنا للحوار السياسي الوطني، وأن تلتف حوله كل الإرادات من أجل تمتين ديناميتنا الديمقراطية والمؤسساتية العامة، وهذا الوعي يجب أن يحضر اليوم لدى مختلف الأطراف الحزبية والتمثيلية، كما يجب على بعض الأطراف الحزبية المعروفة أن تتفادى استغلال منبر البرلمان لنقل وإعادة إنتاج الممارسات والتصريحات والمواقف التي اقترفتها في الشهور الأخيرة ضد خصومها السياسيين، وإذا عمدت إلى ذلك، فمعناه أن الدورة البرلمانية ستفقد كل المطلوب منها، وسيتكرس الابتذال في كامل منظومتنا السياسية. هي دورة عادية في أجندة البرلمان، لكنها ليست عادية أبدا بحكم الظرفية السياسية الوطنية، وبموجب ما هو منتظر منها... فليتحمل الجميع المسؤولية. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته