كثيرة هي العادات السلبية التي تفشت في مجتمعنا بشكل لافت نتيجة لسلوك وتصرفات تصدرعن بعض الصائمين، وهي ظاهرة يربطها البعض بشهر الإمساك. فبعض الناس بسبب الامتناع عن الأكل والشرب والابتعاد عن التدخين والمنبهات المعتاد تناولها في أوقات محددة.. يصبح رمضان بالنسبة إليهم سببا في الغضب والانفعال، وارتفاع ضغط الدم، ومناسبة كذلك لإبراز القوة، إلى درجة القيام بتصرفات طائشة ليست إلا من طباع المجانين. وهي سلوكات تكون في غالب الأحيان عواقبها وخيمة،وقد تصل تداعياتها إلى أقسام الشرطة. ليس منا إلا وقد تعرض لموقف يثير غضبه بطريقة أو أخرى في رمضان، لكن العاقل من يملك نفسه ساعة الغضب، كما أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم: «ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب»، ومن السهل جداً ذلك، إذا ما عزم الإنسان على ذلك، واتبع بعض الأمور التي تساعده في ذلك ومنها الاستعاذة بالله. والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو لماذا تستفحل هذه السلوكات والتصرفات خلال شهر رمضان؟. وهل التغير الذي يطرأ على الحياة اليومية خلال هذا الشهر هو السبب الرئيسي وراء هذه السلوكات؟. وهل تحول شهر رمضان عند البعض من شهر للعبادة والعمل إلى شهر للنرفزة؟،ولا أخال ذلك، فهذه العادة السيئة مرتبطة بالتربية أولا وقبل كل شيء و ألصقت بشهر رمضان ظلما. فقد تحول شهر رمضان عند الكثير من الناس من شهر لنكران الذات والملذات وتطهير النفس من كل شوائب الدنيا وآثامها إلى شهر للخصومات وتبادل اللكمات في الأسواق وعلى الطرقات المزدحمة وفي كل مكان فيه درة من الازدحام،وذلك لأسباب تافهة حيث يتحول هذا الشهر الفضيل لدى هذه العينة من الصائمين إلى شهر لإبراز السلوكات السلبية. فمن منا لم يصادف خلال أيام شهر رمضان أناس يغضبون ويثورون لأتفه الأسباب ويثيرون شجارات لها أول وليس لها آخر قد تصل إلى حد وقوع مالا يحمد عقباه، من بين هؤلاء من يصبح بحالة مزاجية سيئة وسوادوية لمجرد سؤاله أكثر من مرة أو القليل من الانتظار من أجل قضاء غرضه... ليتحول إلى حالة من النرفزة فيشتم هذا ويكشر عن انيابه في وجه الآخر. فلا ينسجم مع هذا ولا يبتسم في وجه ذاك... وبعض هؤلاء «لمتنرفزين «يتحجج بالعطش أو الجوع،ومع كل «نرفزة» يردد اللهم إني صائم.. ويستغفر الله! وهكذا إلى غاية أدان صلاة المغرب حين ذلك تنفرج أسارير وجهه ويصير إنسانا عاديا. لكن هؤلاء الناس بصومهم على هذه الطريقة، يتناسون أن من شروط رمضان حفظ اللسان عن الكلام القبيح ونهي النفس عن المعاصي وكظم الغيظ والصبر عند كل امتحان؛ طمعاً بتحصيل أجر هذا الشهر الفضيل الذي وعد الله به عباده: (الْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).