العيون.. توقيع اتفاقية إطار للتعاون بين مجلس المستشارين وشبكة البرلمانيين الأفارقة لتقييم التنمية    نقابة الصحافة تطالب بتحقيق عاجل بعد تسريب تسجيل لاجتماع لجنة الأخلاقيات    انخفاض الرقم الاستدلالي للأثمان خلال شهر أكتوبر    أكادير.. الدريوش تزور عددا من الوحدات الصناعية البحرية وورشين لبناء السفن بجهة سوس–ماسة    الجيش الملكي يتوج بلقب دوري أبطال إفريقيا للسيدات    وزارة الأوقاف تعلن السبت أول أيام جمادى الآخرة في المغرب    كأس العرب لكرة القدم (قطر 2025)..طارق السكتيوي: "سنخوض المنافسة ونحن عازمون على التتويج وتشريف المغرب"        لفتيت يحذر المشبوهين بالابتعاد عن الانتخابات وإلا سيتم إبعادهم    القضاء المغربي يدين مغني الراب حمزة رائد على خلفية احتجاجات جيل زد    إحباط محاولة تهريب 10 كيلوغرامات من الشيرا بمطار طنجة ابن بطوطة    توقيف التيكتوكر مولينيكس بمطار مراكش ونقله إلى طنجة للتحقيق    بن هنية: "صوت هند رجب" يتخلّد حين يصل نفس الشعور إلى كافة الناس    وزارة التربية الوطنية تحدد المناطق النائية ... و"اللجنة" تواصل دراسة التقليص    بورصة البيضاء تنهي التداولات بارتفاع    السكتيوي يتفادى نقاش استبعاد زياش    "العدالة والتنمية" يرفع مقترحاته لتحديث مبادرة الحكم الذاتي للصحراء    الداخلة: المركز الدولي للأبحاث حول الوقاية من تجنيد الأطفال يوقع أربع مذكرات تفاهم مع مؤسسات إفريقية لمكافحة تجنيد الأطفال    النفط يواصل التراجع نتيجة ارتفاع الدولار    الحسيمة.. فتح تحقيق أمني بعد سماع دوي طلق ناري في بني بوعياش    توظيف مالي مهم من فائض الخزينة        يونيسف تحصي مقتل طفلين فلسطينيين على الأقل يوميا في غزة منذ وقف إطلاق النار    الاتحاد الأوروبي يصفع دعاة الانفصال ويجدد عدم الاعتراف بالكيان الوهمي    صاحبة الجلالة أم "صاحبة جلال"    وفاة رضيع في الطرامواي تولد في العراء الطبي بسلا تهز الرأي العام    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    صحف إسبانية .. المغرب يؤكد مكانته على قمة كرة القدم العالمية    المنتخب المغربي للسيدات داخل القاعة ينهزم أمام نظيره الأرجنتيني    الاتحاد العام للفلاحين يتدارس ملف إعادة تشكيل القطيع الوطني    المطر يُعرّي أخطاء البشر !    من 28 نقطة… النص الحرفي لخطة ترامب لوقف الحرب في أوكرانيا    حكيمي وبن صغير في القوائم النهائية لجوائز "غلوب سوكر"    بعد الهدنة في لبنان.. حصيلة دموية ثقيلة إثر استهدافات الإسرائيلية    لوحة بورتريه لفريدا كاهلو تصبح أغلى عمل فني من إنجاز امرأة    اختتام مهرجان سينما الذاكرة المشتركة بالناظور وتتويج أبرز الأعمال    القوة الجوية المغربية تقتني 10 مروحيات "إتش 225 إم" من إيرباص    "الأول يكشف تفاصيل استنطاق "بوز فلو".. الرابور أمام القضاء بسبب اتهامات مرتبطة بمضامين أغانيه    تتويج سفير المغرب لدى الأرجنتين ضمن "قادة التحول في أمريكا اللاتينية"    سيراليون تجدد دعمها للوحدة الترابية للمغرب وتعبر عن ارتياح بالغ باعتماد القرار التاريخي 2797    مهرجان الدوحة السينمائي 2025 يفتتح فعالياته معززاً مكانة قطر في المشهد السينمائي العالمي    خطف 52 تلميذا من مدرسة بنيجيريا    المغرب يرتقي إلى المرتبة السادسة عالميا في مؤشر الأداء المناخي 2026    أجهزة قياس السكري المستمر بين الحياة والألم    زلزال بقوة 5,5 درجات يضرب بنغلادش    المكسيكية فاطمة بوش تتوَّج ملكة جمال الكون بعد جدل واسع    اليوم.. فتيان الأطلس يواجهون البرازيل بأمل المرور إلى نصف نهائي المونديال    إصدار جديد من سلسلة تراث فجيج    أجهزة قياس السكر المستمر بين الحياة والألم: نداء أسر الأطفال السكريين لإدماجها في التغطية الصحية    جمعية "السرطان... كلنا معنيون" بتطوان تشارك في مؤتمر عالمي للتحالف الدولي للرعاية الشخصية للسرطان PCCA    الفنان المغربي إِلياه والنجم المصري محمد رمضان يجتمعان في أغنية جديدة    في الحاجة إلى فلسفة "لا"    معمار النص... نص المعمار    الوصايا العشر في سورة الأنعام: قراءة فقهيّة تأمليّة في ضوء منهج القرآن التحويلي    ارتفاع معدلات الإصابة بارتفاع ضغط الدم لدى الأطفال والمراهقين بواقع الضعف خلال العقدين الماضيين    أطباء يوصون بتقليل "شد الجلد" بعد الجراحة    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المسيرة البيضاء
نشر في بيان اليوم يوم 29 - 11 - 2010

دأب الشعب المغربي على الخروج إلى الشارع العام مشيا على الأقدام.. للتعبير، بشكل سلمي وحضاري، عن موقف موحد من قضية ما، أي قضية تشغل ضميره الجمعي ووجدانه العميق ولا يجد بدا من التظاهر لتوجيه رسالة موحدة حولها. وهنا نتذكر المسيرات المليونية العظيمة التي خرج فيها المغاربة، في صف وحدوي متراص، للتنديد بالمذابح التي يقترفها الصهاينة في فلسطين المحتلة، وباجتياح الولايات المتحدة وحلفائها للعراق، وبقصف إسرائيل للبنان، ومسيرة ائتلاف «وطننا» للمطالبة بإطلاق سراح مواطنينا المحتجزين في تيندوف.. أضف إلى ذلك تلك المظاهرات والوقفات الاحتجاجية التي تقيمها، هنا وهناك، بعض التنظيمات السياسية والمنظمات الحقوقية والنقابية للتنديد بالخروقات التي ترتكبها السلطات العمومية أو للمطالبة بحقوق ديمقراطية واجتماعية للشباب والنساء والعمال وسائر الشرائح السوسيو مهنية... ناهيك عن المسيرات الكبرى التي تقيمها المركزيات النقابية بمناسبة فاتح ماي...
بهذا يكون المغاربة قد راكموا تجارب غنية في مجال التظاهر السياسي في الشارع العمومي، وأصبحوا متمكنين من إواليات هذا التقليد الجماهيري، وأبدعوا في تأطيره وتنظيمه، وتفننوا في تأثيثه بنفس احتفالي يفي بالغرض السياسي، وصاروا يحرصون على تثبيثه وتوريثه للأجيال القادمة كمكسب ديمقراطي يدخل في نطاق ما تحقق بفضل نضال الشعب المغربي وقواه الحية من مكتسبات حقيقية في مجال الحريات العامة، لا سيما ما يتعلق بحرية الرأي والتعبير، ومن ضمنها الحق في التظاهر كشكل من أشكال الاحتجاج السلمي والديمقراطي.
مسيرة أمس الأحد بالدار البيضاء تندرج، من دون شك، ضمن هذا التقليد، ولعلها تزيد على ذلك بكثير. فإذا كانت مسيرة 1975 موسومة باللون الأخضر لِما يرمز إليه هذا اللون من قيم السلم والعطاء والخصوبة والإيمان العميق والصادق بعدالة القضية الوطنية الأولى؛ فإن مسيرة الدار البيضاء يصح أن توصف بالبيضاء. والبياض هنا يعكس ذلك الشعور الفياض للأمة، ويتمثل خفقان الوجدان العام للشعب، ويكشف عن الشفافية المطلقة للدولة، حتى أنه يميل نحو تجاوز معنى اللون باستعادة الرمزية والقيم التي استندت عليها المسيرة الخضراء.
فمسيرة الدار البيضاء تجاوزت ذلك الطابع الاحتجاجي والمطلبي المتداول في أشكال المظاهرات المعروفة عالميا، لأنها كانت، بحق وحقيق، مسيرة وجود. فالشعب المغربي قاطبة، من أعالي البوغاز إلى تخوم الصحراء، أصر على أن تطأ أقدامه في لحظة محددة، وفي ظرف زمني قياسي، أرض أكبر مدينة بالمغرب لخوض معركة الكرامة والكينونة والوجود، وكأنه يتجند لمقاومة استعمار غاشم.
حدث المسيرة البيضاء صنعه المغرب الجديد بكل طبقاته وشرائحه وحساسياته الاجتماعية، بكل أجياله وأعمار بناته وأبنائه، بكل ألوان أطيافه السياسية والإيديولوجية، بكل تنظيماته النقابية والمدنية، النسائية والشبابية والعمالية والحقوقية والثقافية والرياضية، بكل جهاته ومناطقه ومدنه ومداشره، بكل أشكال تعدده اللغوي والثقافي والإثني والديني، بكل عناصر مشهده الإعلامي، بكل مكونات نسيجه الاقتصادي والتجاري، بكل مؤسساته ومسؤوليه ومنتخبيه...
حدث المسيرة البيضاء أثبت، لمن يحتاج إلى إثبات، أن المغرب يمارس سيادته على كامل ترابه الوطني، ليس فقط بالمعنى السياسي المتعارف عليه كونيا في القاموس الدبلوماسي للأمم المتحدة، ولكن أيضا بمعنى آخر ينجلي في توحد نبض قلوب المغاربة بإيقاع واحد موحد.
حدث المسيرة البيضاء ترجم درجة عليا من الالتفاف الوطني بلغت في شموخها سمو الوطن والانتماء للتربة المغربية الإسلامية، الأمازيغية، العربية، الإفريقية، المتوسطية...
حدث استطاع أن يلفت أنظار العالم إلى عدالة قضيتنا، لكنه استطاع أيضا أن يزعزع أركان خصوم وحدتنا الترابية، بفضل هذه الحشود من نساء ورجال المغرب الأحرار التي خرجت عن بكرة أبيها لتصرخ بصوت واحد:
لا للتدخل الجزائري في شؤوننا،
لا للنزعة الانفصالية،
لا للاحتواء الإعلامي وتزييف حقيقة قضيتنا المقدسة،
لا لرموز أوروبا الاستعمارية،
لا للكراهية والنزعات العدوانية والعنصرية،
لا لكل أشكال التضييق السياسي والدبلوماسي على المغرب،
هذه اللاءات الوحدوية، إن كانت تستمد قوتها من التاريخ والجغرافيا والحضارة، فإنها تجد امتداداتها اليوم في عمق دلالة الصورة والمعنى، انطلاقا من قلب مدينة الدار البيضاء. وهنا يحق لنا أن نتصور ردود فعل الشعب الإسباني والشعب الجزائري اللذين لا تستهدفهما المسيرة ولكنهما معنيان بدلالاتها. ولنا أيضا أن نتصور ذلك الارتباك الذي سيحصل في دواليب حكام الجزائر وصنيعتهم، والإحراج الذي ستخلقه المسيرة في نفوس الذين عبأتهم الآلة الجزائرية ضد بلادنا، كما يحق لنا أن نتوقع ذلك الأثر الذي ستحدثه المسيرة في نفوس الديمقراطيين ودعاة السلم والأمن في العالم...
إنها رسالة واضحة لا غبار عليها. رسالة من شعب يأبى الظلم والإهانة، رسالة قوية بمضمونها الإنساني، وبشكلها الحضاري، سيتلقاها العالم ويقرأها بعناية، وسيتفاعل معها بما من شأنه أن يعيد الأمور إلى نصابها من أجل إنصاف المغرب والتاريخ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.