لم يكتب للديربي البيضاوي رقم 109 أن يقام في تاريخه المحدد، وذلك بسبب بعض الإكراهات التي حالت دون ذلك، وإن كانت أمنية اكثر منها مادية، باعتبار أن المعطى الثاني يبقى هو الهاجس الأكبر بالنسبة للفريقين البيضاويين، خاصة أن مثل هذه المباريات تحل العديد من المشاكل بالنسبة لفريقي العاصمة الإقتصادية. وإذا كانت الحالة الأولى مقبولة، أي أن سبب تأجيل هذه المباراة عن وقتها المحدد كان لاعتبارات سياسية، خاصة ان الأمر كان يتطلب تجنيد كل مكونات اسرة الأمن لإنجاح الحدث التاريخي الذي عاشته مدينة الدارالبيضاء يوم الأحد 28 نونبر الماضي والمتمثل في المسيرة الضخمة التي شارك فيها قرابة 3 مليون مواطن جاءوا من كل مدن المغرب للتنديد بالحملة الشرسة التي يشنها الحزب الشعبي الإسباني على وحدتنا الترابية. فإن الحالة الثانية تبدو غير مفهومة، والتي تم اختزالها في بلاغ مقتضب للجامعة تعلن فيه عن تاجيل المباراة إلى السبت المقبل بداية من الساعة الثالثة بعد الزوال، دون ان تنشر الاسباب الحقيقية وراء هذا التأجيل، حيث أن العديد من أنصار الفريقين تلقوا خبر إلغاء المباراة أمام الملعب. لكن الواقع ان المسالة الامنية كانت حاضرة بقوة وهي التي كانت من وراء التأجيل مرة ثانية، حيث أن مصادر من هناك هي التي طلبت من الجامعة تأجيل هذا العرس الكروي للمرة الثانية، نظرا للأمطار الغزيرة التي عرفتها الدارالبيضاء بالخصوص والتي شلت حركة المرور في العديد من النقط الرئيسية للمدينة. لقد كان لتاجيل الديربي هذه انعكاسات كبيرة سواء على استعدادات الفريقين أو بالنسبة لتسويق النقل التلفزي للمباراة، خاصة أن العديد من القنوات كانت تعتزم نقل هذا اللقاء، إضافة إلى الكساد الذي عرفته السوق السوداء لبيع التذاكر. بالنسبة للنقطة الأولى فقد كثف الفريقان استعداداتهما طيلة الاسبوع من خلال إقامة تربصات مغلقة، وإن كان الوداد البيضاي أكثر ضررا من هذه الناحية بعدما فضل منتجع الغولف الملكي بالجديدة للإستعداد هناك وما تتطلبه من مصاريف مادية، في الوقت الذي فضل فيه الغريم الرجاء مركب ويلناس ببوسكورة للتربص هناك بتكاليف أقل. وقد تكون الأضرار البسيكولوجية للاعبين أكثر نظرا لطول الإنتظار وكذا مما تتطلبه هذه المباريات من تركيز كبير خوفا من الهزيمة التي عادة ما تكون عواقبها وخيمة على الجانبين، إضافة إلى الملل الذي يتسرب إلى الجميع من كثرة التأجيلات، خاصة ان الفريقين معا لم يخوضا أي لقاء رسمي منذ مايقرب 20 يوما، وهذا من شأنه أن يؤثر على مردوية الفريقين معا، دون الحديث عن الخسائر التي تكبدتها فصائل «الإلترات» في إعداد التيفو يوم المباراة. فلجنة البرمجة لم تكن موفقة هذا الموسم في ضبط تواريخ مباريات البطولة كما هو الشأن بالنسبة للموسم الماضي، باعتبار الإكراهات التي اعترضتها من جهة، وكذا لسوء برمجة بعض المباريات من جهة ثانية، مما أجج غضب العديد من الأندية التي اشتكت كثيرا من هذه اللجنة التي مازالت تتعامل بمنطق العواطف والصداقات بالنسبة لفرق تحظى بمكانة خاصة لدى الجامعة. فلجنة البرمجة تسرعت نوعا ما في برمجة مباراة الديربي في توقيت وزمان غير مناسبين لأنهما لم يتزامنا مع يوم عطلة لأغلب الشرائح الإجتماعية التي يستهويها الديربي البيضاوي، وما كانت ستخلفه من أضرار على مستوى الحضور الجماهيري، وإن كانت كل التذاكر قد تم بيعها بالكامل قبل أسبوع من المباراة. كما أن هذا التأجيل كانت له انعكاسات كبيرة بالنسبة للجالية المغربية بالخارج التي كانت تمني النفس بحضور الديربي البيضاوي بعدما تحملت عناء السفر دون أن تحقق مبتغاها لتعود لتوها، ناهيك عن انصار الفريقين من مختلف المدن المغربية التي كم كانت خيبة أملهم كبيرة حول قرار التأجيل. لقد وجدت لجنة البرمجة نفسها ملزمة بتقديم كل الأعذار في تأجيل هذه المباراة بسبب الإكراهات السالفة، لكنها لم تجد تبريرا واحدا حول برمجة المباراة النهائية لنيل كاس العرش في وسط الاسبوع قبل المباراة النهائية لكأس الإتحاد الإفريقي، دون مراعاة ما لحق بلاعبي الفتح الرياضي في إرهاق بدني ونفسي، إضافة إلى تراكم المباريات المؤجلة لهذا الأخير.