تولى، بشكل رسمي، "إليو دي روبو" زعيم الائتلاف الحاكم في بلجيكا و رئيس الحزب الاشتراكي، في السادس من الشهر الجاري، مهام رئيس الحكومة الجديدة، حيث قام رفقة الأعضاء الآخرين بتأدية القسم أمام العاهل البلجيكي الملك "ألبرت الثاني". و لقد حظي هذا الحدث باهتمام السياسيين و المؤرخين على حد سواء، خصوصا و أن بلجيكا بقيت، طيلة سنة و نصف تقريبا، بدون حكومة، مما يعده المتتبعون للشأن السياسي مدة قياسية في تاريخ السياسة العالمية المعاصرة. و لقد فشل الساسة البلجيكيون في تشكيل حكومة في وقت أقل بسبب خلافات، منها ما هو إيديولوجي محض، على اعتبار أن بلجيكا منذ سنين تعيش تجاذبا سوسيو- ثقافيا بين الجالية الفرنسية و الفلمنكية، و منها ما هو اقتصادي تمثل في خطة بلجيكا التي سمتها "برنامج الإصلاح البنيوي و ميزانية 2012" و رفعتها إلى "المفوضية الأوروبية" محاولة تجنب تكبد غرامات دول الاتحاد الأوروبي التي حددت في 700 مليون أورو إن لم تقلص الدولة من عجز ميزانيتها الخاصة. لهذه الأسباب و غيرها تأخر الإعلان عن تشكيل الحكومة المكونة من 18 وزير بقيادة رئيس الحكومة إليو دي روبو. و في المغرب، حيث أفرزت الانتخابات التشريعية يوم الجمعة 25 نونبر 2011 تصدر حزب العدالة و التنمية المشهد السياسي المغربي، الشيء الذي أعطى للسيد الأمين العام للحزب الفائز الحق في تقلد منصب رئيس الحكومة المقبلة. و هكذا توالت الأحداث و المواقف السياسية للأحزاب الفائزة في الانتخابات المنصرمة، فمنها من نأى بنفسه و وقف في صف المعارضة، و منها من انسلخ عن جلدته و " بدل الفيستة" ليستفيد من حقائب وزارية معينة، و منها من وافق على المشاركة في إشعال مصباح الحزب الفائز معللا موقفه بأن التوجه السياسي و الإيديولوجي للحزب الفائز لا يختلف كثيرا عن توجهه الخاص. و في هذا و ذاك، تظهر أوجه تشابه كثيرة بين السيد "عبد الإله بن كيران" رئيس الحكومة المغربية و السيد "إليو دي روبو"، بغض النظر عن المرجعيات الدينية و الإيديولوجية، و التي تتجلى في كون كلا الوزيرين لقيا صعوبة في إقناع باقي الفرقاء السياسيين من أجل المشاركة في الحكومة، و كلاهما يواجه نفس المشاكل الاقتصادية و المرتبطة أساسا بالعجز في الموازنة، و كلاهما أكدا على تقليص عدد الوزراء كخطوة أولية ضمن إطار حسن تدبير أموال و طاقات الدولة... لكن، و بالمقابل، هناك وجه تناقض بين رئيسي الحكومتين، و هو أن بلجيكا استغرقت سنة و نصف لتشكيل الحكومة، و نحن نسارع الزمن لتشكيلها في أيام معدودات. نعم، قد تكون الظروف غير متشابهة للبلدين، لكن ذلك لا يمنعنا من طرح التساؤل التالي: هل سنكون أسرع من بلجيكا في الوصول إلى الديمقراطية و العدالة و التنمية ؟