في خطوة تربوية جريئة – أو فلنقل بهلوانية – أصدرت وزارة التربية الوطنية مذكرة وزارية تدعو إلى إدماج فنون "الهيب هوب" و"البرنكيغ" في المؤسسات التعليمية. نعم، لم تقرأوا العنوان خطأ، فبعد سنوات من التراشق بالمقررات الثقيلة والبرامج المجترة، قررت الوزارة أن تدخل على الخط بإيقاع جديد: " إيقاع الشارع " يبدو أن القائمين على الشأن التربوي بالمغرب استيقظوا ذات صباح على إيقاع أغنية راب، فأضاءت عندهم لمبة الحداثة التربوية: "لم لا نُعلّم أبناءنا كيف يلوون أجسادهم على الأرض بدل أن يلووا أعناقهم في محاولة فهم الرياضيات؟". فكرة عبقرية فعلاً، فمن يحتاج إلى قواعد اللغة العربية إذا كان بإمكانه أن "يقافز" على إيقاع البيتبوكس في ساحة المدرسة؟ " الطفل المغربي الجديد، حسب الرؤية الوزارية، سيكون نصفه شاعر شارع، ونصفه الآخر راقص رصيف " المثير في المذكرة ليس فقط محتواها، بل توقيتها. ففي الوقت الذي يعيش جل التلاميذ فيه ضغطا نفسيا و ذهنيا بسبب الانهماك في امتحانات آخر الموسم الدراسي ، وفي ظل خصاص في الأساتذة، وانعدام المرافق الرياضية، وأقسام مكتظة أشبه بعلب السردين، خرجت الوزارة بحل سحري: دعوا التلاميذ "يكسرون الأرض" بدل أن "تكسر رؤوسهم" في محاولة الفهم. ربّما الفشل الدراسي سببه نقص في "الأكروبات "، لا في المناهج أو تدبير الموارد. فلتستعد المدارس إذن، لا لحصص الفيزياء أو الفلسفة، بل لدروس "كيف تكون رابر محترفاً في خمس حصص"، و"مدخل إلى الفريستايل التربوي"، و"تاريخ البرنكيغ من البريك دانس إلى البكالوريا". وإن استمرت الأمور على هذا المنوال، فلا نستبعد أن تدرج الوزارة في امتحانات الباكالوريا أسئلة من قبيل: "أكتب 16 بيتا تنتقد فيها نظام التقويم المعتمد، مستخدماً قافية داخلية ومجازاً مركباً." باختصار، نحن أمام سياسة تعليمية قررت أن تُلهي الطفل عن ضعف التعليم بإمتاعه بإيقاعه. فلا إصلاح جذري، ولا مراجعة للبرامج، فقط قليل من الهيب هوب لتزيين المشهد... وكثير من السخرية المرة.