لم تعد الجامعات العربية مكانا لتلقي العلم فحسب، إذ صارت ايضا فضاء لحكايات الحب التي تنسج بين شباب وشابات تجمعهم قاعات الدروس والمختبرات . فكم من قصة تولد هنا وتموت هناك، ، يعتقد البعض انهم مثل ابطال الروايات التي كانوا قد قرؤوها في مرحلة المراهقة وتأثروا بأحداثها تماما مثل روميو وجوليت…جميل وبثينة… قيس وليلى …ولكن هل يمكن لقصص الحب هذه ان تنمو وتعيش وتزدهر في حرم الجامعة؟ ام ان نهاياتها باتت معروفة للجميع كما هي نهايات الروايات المعروفة: الفشل. ما هو رأي الطلاب والطالبات في علاقات الحب الجامعية وهل تمتلك هذه العلاقات الاسس الصحيحية للوصول الى النهاية السعيدة ام انها مجرد أحلام كأمواج البحر التي تتكسر على صخور الشاطئ؟ علاقات تفتقر للنضج …. والنظرة الثاقبة…والمنطق في كثير من الأحيان, ويبقى السؤال مطبق على الشفاه وحوله الكثير من إشارات التعجب والاستفهام…؟؟؟ لماذا تبدأ هذه العلاقات؟! ولما تزول ؟ ومن يا ترى المسؤول…. الشاب أم الفتاة أم الظروف الاجتماعية والاقتصادية؟ تبدأ الحكاية من نقطة البداية . من لحظة ولوج الطلاب المرحلة الجامعية …حاملين معهم احلامهم وامالهم وافكار استلهموها من المسلسلات والافلام العربية والروايات المتخيلة عن المرحلة الجامعية وعن تلك العلاقات العاطفية التي تنشأ في قاعات المحاضرات ومقاهي الجامعة وحدائق الكليات….وكأن الحياة الجامعية حديقة محاطة بالأزهار والأشجار ولا يوجد فيها سوى ثنائيات مكونه من روميو وجوليت… فنجدهم يبحثون وبشكل عفوي عن فتاة أو فتى الأحلام…منتظرين لحظة الاصطدام وتبعثر الكتب والأوراق,لالتقاطها من جديد….هذه هي أحد المشاهد التي اعتدنا على رؤيتها في بعض المسلسلات ، أما على أرض الواقع وبعيداً عن أحلام اليقظة فالأمر لا يحتاج إلى مثل هذه التعقيدات. تجد هذه العلاقات تربتها الخصبة في الجامعات المختلطة وتنمو بيسر وسهولة لكنها سرعان ما تصطدم بالواقع والقيم والأخلاق فتذبل وتموت. ولمعرفة اسباب هذا الفشل المحتوم التقينا بعض الطلاب في عدد من الجامعات العربية المختلطة، فتنوعت آراءهم حول هذه القضية . · فشل مؤكد تقول (هناء ) وهي طالبة أدب انكليزي في احدى الجامعات العراقية "أصبحت أفضل علاقات الزمالة والصداقة في الجامعة على العلاقات العاطفية فهي أكثر قابلية للاستمرار" وأضافت ان معظم العلاقات التي تأتي في المرحلة الجامعية مصيرها الفشل وكلامي هذا نابع عن تجربتي الشخصية" وحول اسباب الفشل برأيها قالت:" لايمكنني أن ألقي أسباب فشل هذه العلاقات على الشاب أو الفتاة، وأفضل أن أرجح ذلك الى الظروف الاجتماعية والاقتصادية لكليهما ، فالشاب في بداية حياته يلزمه الكثير من الوقت لتأمين نفسه والاستعداد لمرحلة الخطبة…أما الفتاة فيمكنها الارتباط في أي سنة من الجامعة عندما تصادف الشخص المناسب. أما (حليمة ) طالبة حقوق سنة ثالثة في جامعة فاس بالمغرب فقالت :" بصراحة..أشعر بالغيرة من زميلاتي عندما أرى نفسي بدون ارتباط عاطفي في الكلية, فالحياة الجامعية مملة وأعتقد أن مثل هذه العلاقات قد تكسر الروتين الجامعي" واعزت سبب فشل معظم العلاقات في المرحلة الجامعية الى ان معظم الشباب غير قادرين على تحمل المسؤولية في هذه المرحلة وهم يتخلون عن فتاة احلامهم مع أول مشكلة تواجههم اقتصاديا او اجتماعيا رغم أنهم في البداية يتحدثون للفتاة عن بطولاتهم واستعدادهم للتضحية في سبيل الحب. · قسمة ونصيب محمد الرشيد طالب في كلية طب الاسنان في جامعة الرباط يتحدث عن هذه القضية قائلا: "في بداية حياتي الجامعية كنت أعتقد أنني سأعثر على الحب الحقيقي بالجامعة ولكن بعد تجربتي الشخصية وتجارب عدد من زملائي اكتشفت أنه من الصعب جدا الاستمرار في ظل الظروف المحيطة بالشاب... وخاصة أنه في معظم الأحيان يرتبط بعلاقة عاطفية مع زميلته في نفس السنة وهنا ينعدم فارق السن وهو برأي الخاص شرط أساسي لنجاح واستمرار أي علاقة جدية,فالحب يجب أن يتوج بالخطبة ومن ثم الزواج, ولا أستطيع أن ألقي اللوم في حال انسحاب أحد الطرفين على اي منهما فمن حق كل طرف اختيار الشخص الأنسب . وأضاف محمد:"أنصح كل شاب وفتاة بنسيان المآسي والذكريات المؤلمة والتطلع نحو المستقبل...وكل شيء قسمة ونصيب".. · فراغ عاطفي نسرين طالبة أدب فرنسي في جامعة البتراء الاردنية ، تقول:" أجد أن المشكلة تكمن في الفراغ العاطفي الذي يعاني منه الكثير من طلابنا وطالباتنا, فالخوض في تجربة عاطفية وحيدة كافية لتفتح أعيننا على عالم آخر مفعم بالمشاعر والعاطفة. ان الماساة الحقيقة تبدأ بعد فشل تلك العلاقة وخلق ما يسمى بالفراغ العاطفي اذ نلاحظ أن سجل الكثير من الشباب حافل بالعلاقات الفاشلة ، وتتنوع أسباب الفشل فتقع أحيانا على عاتق احد الطرفين وفي اخرى نتيجة لموقف الأهل من هذه العلاقات. وفي كل من الحالات المذكورة....يعود الطرف المتضرر للبحث عن شريك جديد لنسيان الحبيب السابق ....عملا بنصيحة هاني شاكر"نسيان كصعب أكيد ملوش غير حل وحيد". أما عن بشر وهو طالب اقتصاد في جامعة بغداد فيقول ان الحياة الجامعية فيها الكثير من الذكريات المتناقضة ويؤكد انه لا يستطيع ان ينسى هذه المرحلة أبدا. ويضيف :" رغم أنني لم أجتمع بالفتاة المناسبة حتى الآن وأنا اليوم على أبواب التخرج ولكني مازلت متفائلا بلقائها " ويرى بشر ان سبب فشل تلك العلاقات يعود الى التسرع وسوء الاختيار . أن الحب الصادق يصعب العثور عليه في الجامعة وهذه المشاعر التي تخالج نفوسنا تقترب كثيراً من الحب وتطمح أن تصل إلى منزلته... · يتنافى مع الاسلام بالنسبة ل ( احمد وفاطمة ) وهما طالبين يدرسان في كلية الشريعة في جامعة بغداد، فقد أكدا على رفضهما لهذه العلاقات العابرة لانها تتنافى مع تعاليم ديننا الاسلامي الحنيف. واضافا ان الاسلام وضع الأسس الشرعية للزواج كما أن الحب الحقيقي يأتي بعد الزواج وليس قبله فلا يجوز ان يلتقي الشاب مع الفتاة خارج العلاقة الزوجية. تنوعت الآراء بين الطلاب في الجامعات العربية من المشرق الى المغرب ،لكن جميعهم يؤكدون على حقيقة واحدة مفادها ان الحب الحقيقي هو الحب الصادق والناتج عن الاختيار الصحيح، والقدرة على تحمل مسؤولية بناء اسرة سليمة. وان العلاقات العابرة في الجامعة مصيرها الفشل لأنها غير ناضجة وليست مبنية على أسس قويمة. انه وهم الحب الذي نجد صداه يتردد داخل افئدة الكثير من الطلاب ولكنه يبقى مجرد وهم ومصيره الفراق والألم .