ترامب يطلق إجراءات لتصنيف جماعة الإخوان "منظمة إرهابية"    إقليم سطات .. العثور على جثة داخل أحد الآبار    مرشح لرئاسة "الإنتربول" يشيد بالنجاحات المتتالية في التجربة المغربية    برادة: أتولى ممارسة المسؤولية الحكومية في احترام تام للمساطر القانونية    الشرطة القضائية توقف إلياس المالكي بالجديدة    السودان.. قوات الدعم السريع تعلن هدنة إنسانية من طرف واحد لثلاثة أشهر    المنتخب البرتغالي يتخطى البرازيل ويتأهل لنهائي مونديال الناشئين    إدارة السجن المحلي العرجات 1 تنفي دخول السجين محمد زيان في إضراب عن الطعام    بنسعيد : الحكومة لا يحق لها التدخل في شؤون مجلس الصحافة    وفد إماراتي يحل بالحسيمة لبحث فرص الاستثمار السياحي    الPPS يرفع مذكرته إلى الملك لتحيين مبادرة الحكم الذاتي بالصحراء المغربية    إخفاق 7 أكتوبر يعصف بكبار قادة الجيش الإسرائيلي    إضراب وطني يشل بلجيكا ويتسبب في إلغاء رحلات جوية    الرئيس النيجيري يعلن تحرير 38 مختطفا من إحدى الكنائس    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    "اتحاد حماية المستهلكين" يوضح بشأن سلامة زيت الزيتون المغربي    انتخاب سفير المغرب في المملكة المتحدة نائبا لرئيس الدورة ال34 لجمعية المنظمة البحرية الدولية    "تشويه لسمعة البلاد".. بووانو ينتقد تسريبات "لجنة الصحافة" ويتهم الحكومة ب"الشطط"    المنصوري: إعادة بناء أزيد من 53 ألف منزل في المناطق المتضررة من زلزال الحوز    طلبة "العلوم التطبيقية" بأكادير يعتصمون وملفات التحرش والابتزاز تُعاد إلى الواجهة    "لبؤات القاعة" يحصدن أول إنتصار في المونديال أمام الفلبين    سلا .. بنعليلو يدعو إلى ترسيخ ثقافة تقييم أثر سياسات مكافحة الفساد    أول رد رسمي على "تسريبات المهداوي".. بنسعيد يرفض الإساءة للأخلاق التدبيرية    تداولات إيجابية لبورصة الدار البيضاء    الرباط : افتتاح الدورة التاسعة لمنتدى شمال إفريقيا لحكامة الأنترنت    تعزيز الدبلوماسية البرلمانية في صلب مباحثات الطالبي العلمي ونظيره الكازاخستاني    عقد أولى جلسات محاكمة المتهم في قضية مقتل الفنان "سوليت" بالحسيمة    بنعلي : إفريقيا مطالبة بحماية مواردها وتحويل ثرواتها الجيولوجية لتنمية مستدامة    معركة الاستراتيجيات والطموحات – هل يستطيع برشلونة اختراق دفاع تشيلسي؟    حكيمي يطمئن المغاربة: عدت أقوى... والكان هدف أمامي        الرّمادُ والفَارسُ    محمد صلى الله عليه وسلم في زمن الإنترنت    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    ميناء الحسيمة : انخفاض نسبة كمية مفرغات الصيد البحري    دراسة علمية تشير لإمكانية إعادة البصر لمصابي كسل العين        ألونسو: هذه هي الكرة حققنا بداية جيدة والآن النتائج لا تسير كما نتمنى    سيناتور يمينية متطرفة ترتدي "البرقع" بمجلس الشيوخ الأسترالي وتثير ضجة بالبرلمان    إسرائيل ترفع تأهب الدفاع الجوي غداة اغتيالها قياديا ب"حزب الله".. وتستعد لردود فعل    تسوية قضائية تُعيد لحمزة الفيلالي حريته    وفاة الممثل الألماني وأيقونة هوليوود أودو كير عن 81 عاماً    احتجاجات صامتة في الملاعب الألمانية ضد خطط حكومية مقيدة للجماهير    تتويج أبطال وبطلات المغرب للدراجات الجبلية في أجواء ساحرة بلالة تكركوست    مملكة القصب " بمهرجان الدوحة السينمائي في أول عرض له بشمال إفريقيا والشرق الأوسط    المخرج ياسر عاشور في مهرجان الدوحة السينمائي يتحدث عن فيلم "قصتي" حول الفنان جمال سليمان:    لجنة الأفلام في مدينة الإعلام – قطر تُبرم شراكة مع Parrot Analytics لتعزيز استراتيجية الاستثمار في المحتوى    من الديون التقنية إلى سيادة البيانات.. أين تتجه مخاطر الذكاء الاصطناعي؟    تحديد ساعات التدريس من منظور مقارن        دراسة: استخدام الأصابع في الحساب يمهد للتفوق في الرياضيات    أجهزة قياس السكري المستمر بين الحياة والألم    إصدار جديد من سلسلة تراث فجيج    جمعية "السرطان... كلنا معنيون" بتطوان تشارك في مؤتمر عالمي للتحالف الدولي للرعاية الشخصية للسرطان PCCA    معمار النص... نص المعمار    الوصايا العشر في سورة الأنعام: قراءة فقهيّة تأمليّة في ضوء منهج القرآن التحويلي    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قلعة أربعاء تاوريرت "فوسينا" .. معلمة مِن تراثنا الضائع

ما فتأت كل أُمة على وجه الأرض إلاٌ و تتفانى في العناية بمقوماتها الحضارية و التاريخية التي تعبٌر عن كينونتها و واقعها وسط هذا العالم المختلف اللغات و الثقافات و العقليات.
فلو اخترقنا مجاهل الأدغال الأفريقية لرأينا مثلا كيف حافظ السكان "البيغمي" على فنون رقصهم و الشكل العجيب لمساكنهم القصبية حتى في الأحياء القريبة من المدن، و ليس بالضرورة نتيجة فقر معظمهم. و لو أطللنا مثلا على "ماتشو بيتشو" بدولة بيرو بأمريكا اللاتينية لرأينا كيف يتفانى الجميع سكانا و سلطات رسمية لترميم كلِ حجرة تسقط من ذلك الصرح الأعجوبة الذي توارثوه عبر تعاقب الأجيال و القرون. و لو عبرنا صوب اليابان الدولة العلمانية و الصناعية الأولى في العالم بامتياز، لهالنا مدى محافظتها على أي تمثال لبوذا و لو كان من حجم راحة اليد.
أذكُرُ هذا لمٌا رأيتُ بأمٌ عيني ما يقع لأحد المعالم التاريخية و المعمارية الموجودة بإقليم الحسيمة. إنها "قلعة أربعاء تاوريرت" التي تبعد عن مدينة الحسيمة بحوالي أربعين كيلومترا. لقد تمٌ بناؤها سنة 1941 من القرن الماضي، و هي من تصميم و انجاز الكولونيل الأسباني إيميليو بلانكو إيزاغا، الذي نفس الشيء فعل بكلٌ من مسجد اسنادة (الذي تحوٌل إلى أطلال) و مسجد امزورن (الذي صار في خبر كان) و مسجد أجدير الذي يصارع الزمن و البناية المتاخمة للمدخل الجنوبي للملعب البلدي للحسيمة (الذي حُوٌل إلى روض للأطفال) و غيرها...
تقع البناية فوق إحدى التلال المتاخمة لنهر النكور، تُمكٌن الشخص الذي يصعد إلى أعلاها من رؤية أقصى مكان على ضِفتيْ الوادي، و هي عبارة عن قلعة إقطاعية، و مخزن جماعي للحبوب، و زريبة لجمع الحيوانات أيام الحرب، و برج متين يستحيل الدخول إليه عُنوة.
أي المكتب، Oficinaكانت أيام الاستعمار تُسمى ب "فوسينا"
حيث كانت فيها قيادة إدارية لقضاء أغراض الناس من وثائق و غيرها.
قُمتُ بزيارة للمكان يوم الأربعاء 15 يوليو 2009 حيث غادرتُ مكان السوق الأسبوعي قاطعا النهر الذي سيلانُ الماءِ فيه شبهُ منعدم في تلك الفترةِ من السنة، و صعدتُ التل مخترقا عشرات أقافير النحل المتكاثرة هناك. و ممٌا أضحكني و أحزنني أيضا أن أول و آخر من استقبلني في زيارتي لذلك المكان الذي كُنتُ متلهفا على رؤيته هو كلب ملأ الفضاء بنباحه المتواصل، الذي لو لم يكُنْ مربوطا بسلسلة حديدية، لرُبٌما افترسني.
و مِمٌا يحُزٌ في نفسي و أنا أدخُل المكان الموحش الذي أُقتُلعتْ جُلٌ أبوابه ونوافذه انه صار مرتعا لكل الحيوانات، سواء الأليفة منها أو المتوحشة، فروثُ البغال و الحمير هنا، وخثيُ البقر هنالك، و بعرُ الغنم و الماعز في كل مكان. أمٌا الجدران فتوشك على السقوط من فرط التصدٌعات التي أوْقعها به زلزال 2004، و تلاحقُ السنوات. حتٌى اللون الأحمر الذي يتميٌز به البناء الشامخ بدأت تعصف به عوامل التعرية الطبيعية.
و إنني الآن أتساءل، هل تعلمُ وزارتُنا في الثقافة بوجود هذا الصرح التراثي الفريد؟. هل ستُترك هذه المعْلمة الحضارية للاحتضار؟ هل من أحد يستطيع ترميمها قبل فوات الأوان؟
لقد لاحظتُ الترميمات التي تقوم بها الدولة للقصبات في أقاليم ورزازات و الراشيدية و مراكش و التي تستقبل آلاف السياح خلال طول السنة من جميع أرجاء المعمور. أليستْ المواقع الأثرية بإقليم الحسيمة أهلا لذلك؟
هناك من يتبجٌح بأن هذه الأماكن من بقايا الاستعمار، فلا داعي إذن لإصلاحها. فإذا تشبٌثنا بنفس المبرٌر فما على دولة أسبانيا الجارة إلاٌ أن تهدم "خيرالدا" إشبيلية، شقيقة "كتبية" مراكش، و تدُكٌ قصر الحمراء بغرناطة و تبدٌد بساتينه، كوْن هذه الآثار المصنٌفة ضمن التراث الإنساني من مخلفات "الاستعمار" العربي للأندلس.
فمن هذا المنبر أُناشدُ وزارة الثقافة أن تفعل ما بِوُسعهِا لإنقاذ القلعة التراثية. كما أُناشدُ زميلي و صديقي المحترم الأستاذ عمر لمعلم رئيس جمعية ذاكرة الريف أن لا يكُفٌ عن المطالبة بذلك، بما عرفناه به من الوقوف بعين مكان جميع المواقع الأثرية و التراثية في كل الشمال المغربي، و أتمنى أن يلقى هذا النداء الآذان الصاغية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.