تغير مفاجئ.. هكذا نشرت قناة "فرنسا 3" خريطة المغرب    فلقاء الخطاط مع وزير الدفاع البريطاني السابق.. قدم ليه شروحات على التنمية وفرص الاستثمار بالأقاليم الجنوبية والحكم الذاتي    مجلس المنافسة كيحقق فوجود اتفاق حول تحديد الأسعار بين عدد من الفاعلين الاقتصاديين فسوق توريد السردين    برنامج "فرصة".. عمور: 50 ألف حامل مشروع استفادوا من التكوينات وهاد البرنامج مكن بزاف ديال الشباب من تحويل الفكرة لمشروع    الغالبية الساحقة من المقاولات راضية عن استقرارها بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة    أول تعليق من الاتحاد الجزائري على رفض "الطاس" طعن اتحاد العاصمة    جنايات الحسيمة تدين "مشرمل" قاصر بخمس سنوات سجنا نافذا    خلال أسبوع.. 17 قتيلا و2894 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية    نشرة إنذارية.. أمطار قوية أحيانا رعدية مرتقبة بتطوان    طابع تذكاري يحتفي بستينية السكك الحديدية    مقتل فتى يبلغ 14 عاماً في هجوم بسيف في لندن    الأمثال العامية بتطوان... (586)    المهمة الجديدة للمدرب رمزي مع هولندا تحبس أنفاس لقجع والركراكي!    نقابي: الزيادة في الأجور لن تحسن القدرة الشرائية للطبقة العاملة والمستضعفة في ظل ارتفاع الأسعار بشكل مخيف    الدوحة.. المنتدى العربي مع دول آسيا الوسطى وأذربيجان يؤكد على ضرورة الالتزام باحترام سيادة الدول واستقلالها وضمان وحدتها    محطات الوقود تخفض سعر الكازوال ب40 سنتيما وتبقي على ثمن البنزين مستقرا    لأول مرة.. "أسترازينيكا" تعترف بآثار جانبية مميتة للقاح كورونا    هجرة/تغير مناخي.. رئيس الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا يشيد بمستوى التعاون مع البرلمان المغربي    من يراقب محلات بيع المأكولات بالجديدة حتى لا تتكرر فاجعة مراكش    في عز التوتر.. المنتخب المغربي والجزائري وجها لوجه في تصفيات المونديال    ليفاندوفسكي: "مسألة الرحيل عن برشلونة غير واردة"    بلينكن يؤكد أن الاتفاقات الأمنية مع السعودية لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل شبه مكتملة    مساء اليوم في البرنامج الأدبي "مدارات" : المفكر المغربي طه عبد الرحمان.. بين روح الدين وفلسفة الاخلاق    ستة قتلى في هجوم على مسجد في هرات بأفغانستان    وزارة الاقتصاد: عدد المشتركين في الهاتف يناهز 56 مليون سنة 2023    توقيف نائب رئيس جماعة تطوان بمطار الرباط في ملف "المال مقابل التوظيف"    دل بوسكي يشرف على الاتحاد الإسباني    مساعد الذكاء الاصطناعي (كوبيلوت) يدعم 16 لغة جديدة منها العربية    تعبئة متواصلة وشراكة فاعلة لتعزيز تلقيح الأطفال بعمالة طنجة أصيلة    الدورة ال17 من المهرجان الدولي مسرح وثقافات تحتفي بالكوميديا الموسيقية من 15 إلى 25 ماي بالدار البيضاء    مقاييس الأمطار بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    استهداف المنتوج المغربي يدفع مصدرين إلى التهديد بمقاطعة الاتحاد الأوروبي    توقيت واحد فماتشات البطولة هو لحل ديال العصبة لضمان تكافؤ الفرص فالدورات الأخيرة من البطولة    تم إنقاذهم فظروف مناخية خايبة بزاف.. البحرية الملكية قدمات المساعدة لأزيد من 80 حراك كانوا باغيين يمشيو لجزر الكناري    "الظاهرة" رونالدو باع الفريق ديالو الأم كروزيرو    الريال يخشى "الوحش الأسود" بايرن في ال"كلاسيكو الأوروبي"    "أفاذار".. قراءة في مسلسل أمازيغي    أفلام بنسعيدي تتلقى الإشادة في تطوان    الملك محمد السادس يهنئ عاهل السويد    ثمن الإنتاج يزيد في الصناعة التحويلية    صور تلسكوب "جيمس ويب" تقدم تفاصيل سديم رأس الحصان    دراسة علمية: الوجبات المتوازنة تحافظ على الأدمغة البشرية    ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34 ألفا و535 شهيدا منذ بدء الحرب    التنسيق الوطني بقطاع الصحة يشل حركة المستشفيات ويتوعد الحكومة بانزال قوي بالرباط    فرنسا تعزز أمن مباني العبادة المسيحية    العثور على رفاة شخص بين أنقاض سوق المتلاشيات المحترق بإنزكان    عرض فيلم "الصيف الجميل" للمخرجة الإيطالية لورا لوتشيتي بمهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط    فيلم من "عبدول إلى ليلى" للمخرجة ليلى البياتي بمهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط    "النهج" ينتقد نتائج الحوار الاجتماعي ويعتبر أن الزيادات الهزيلة في الأجور ستتبخر مع ارتفاع الأسعار    مدينة طنجة توقد شعلة الاحتفال باليوم العالمي لموسيقى "الجاز"    تكريم الممثل التركي "ميرت أرتميسك" الشهير بكمال بمهرجان سينما المتوسط بتطوان    توقعات طقس اليوم الثلاثاء في المغرب    حمى الضنك بالبرازيل خلال 2024 ..الإصابات تتجاوز 4 ملايين حالة والوفيات تفوق 1900 شخص    المفاوضات بشأن اتفاق الاستعداد للجوائح بمنظمة الصحة العالمية تدخل مرحلتها الأخيرة    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    الأمثال العامية بتطوان... (584)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار صحفي مع المعتقل السياسي الدكتور محمد الأمين الركالة
نشر في دنيابريس يوم 23 - 11 - 2010

في هذا الحوار الخاص ، مع الرجل الثاني في حزب البديل الحضاري الدكتور محمد الأمين الركالة. تطرقنا الى أخر تطورات ملف المعتقلين السياسيين الستة ؛ بالإضافة إلى قضية إصلاح القضاء وأراء حزب البديل الحضاري في الواقع السياسي المغربي وأفاق الجهوية الموسعة.
اجرى الحوار نورالدين علوش-المغرب
1- دعنا نبدأ من الإضراب المفتوح عن الطعام و الاختلاف الذي برز بين المعتقلين السياسيين. هل لنا معرفة أسباب ذلك؟
لقد كان قرار خوض الإضراب عن الطعام يوم 22 مارس 2010 و قرار تعليقه يوم 09أبريل 2010 قرارين جماعيين. إذ تمكنا على هامش جلسات المحاكمة أن نتخذ قرارا بخوض الإضراب، ثم بعد تدخل هيأة دفاعنا و مناشدة الهيآت الحقوقية و التزام السيد وزير العدل بتوفير شروط محاكمة عادلة – الهدف من الإضراب – سمحت لنا إدارة السجن بلقاء كل المضربين عن الطعام فاتخذنا قرار جماعيا بتعليقه.
مع صدور الأحكام الجائرة في حقنا وحق جميع المعتقلين تبين لنا أن لا شيء تغير، أن قرار إدانتنا لا زال ساريا ضدا على العدالة و ضدا على القانون.
بالطبع، بعد المحاكمة لم تعد هناك إمكانية اللقاء لأن المعتقلين السياسيين الخمسة موزعون على عزلتي حي “جيم” و حي “دال” بينما يوجد باقي المعتقلين بحي” ميم 1 ” و حي “ميم2′′ لذا كان قرار استئناف الإضراب عن الطعام قرارا فرديا، إذ قرر الأخ الدكتور العبادلة ماء العينين استئناف إضرابه عن الطعام ابتداء من شهر رمضان غير أن بعض الجهات تدخلت فأجله إلى ما بعد عيد الفطر.
وبعد عيد الفطر أخبرنا الأخ محمد المرواني بقرار استئناف الإضراب عن الطعام. على إثر ذلك حاولنا فتح نقاش تبين لنا من خلاله أن هنالك اختلافا في تقديرنا لطبيعة المعركة و كيفية خوضها و الأهداف المتوخاة منها.
كنا نأمل أن نصل إلى اتفاق لكننا فوجئنا بخبري استئناف الإضراب عن الطعام عن طريق الصحف.
2 تناقلت بعض الصحف أن الخلاف جاء على خلفية توقيع معتقلين آخرين وهو شيء، كما قيل اعترضتم عليه، فهل هذا صحيح؟
هذا كلام غير صحيح، ذلك ، أولا لأننا خضنا مع هؤلاء الإخوة الإضراب المفتوح عن الطعام وعلقناه بمعيتهم و باتفاق معهم ، ثانيا لأننا وقعنا معهم أكثر من بيان ، ثالثا لأننا نؤمن بمظلوميتهم، رابعا لأننا لم نلتق معهم و لم نتشاور حول استئناف الإضراب عن الطعام، خامسا لأنه لم يكن في علمنا قرارهم خوض الإضراب من جديد، سادسا،لأنه لم يعرض علينا أي مشروع لمناقشته و توقيعه و سابعا، لأن البيانين الصادرين بهده المناسبة أحدهما خاص بالأخ العبادلة ماء العينين و الآخر موقع من طرف محمد المرواني، و هما بيانان اطلعنا على مضمونهما عن طريق الإعلام.
يحق لنا على ضوء كل هذا أن نتساءل عن هوية هذه المصادر المجهولة التي نسبت إليها هذه الادعاءات، و لماذا سعت إلى اختلاق أحداث كاذبة؟
ألا يكون الهدف من ذلك وبكل بساطة صرفنا جميعا عن معركتنا الحقيقية والتشويش على المعركة التي يخوضها هؤلاء الإخوة؟ يجب علينا جميعا أن نرتقي بوعينا و نعلم بأن المعركة ليست بين من أضرب عن الطعام ومن لم يضرب، و إنما هي معركة من أجل الحرية.. معركة واحدة و إن تعددت أدواتها ووسائلها.
3 جاء في بيان لهيأة دفاعكم أن ثمة إمكانية التحاقكم بالإضراب المفتوح عن الطعام فما الذي تغير بين الأمس و اليوم؟
إن المشاركة في أية معركة ما، تقوم بالضرورة، من وجهة نظري، على القناعة وهو ما لا يتأتى بدون نقاش و حوار ينفتح على تعددية الآراء و الأفكار و يصل إلى توافقات و اتفاقات تشكل لحمة المشاركين في المعركة.
إنه لا يمكن لنا أن نخوض أية معركة من موقع التبعية. لذا أؤكد أننا لن نلتحق بأي إضراب. قد نستأنف إضرابنا عن الطعام وفق منطلق و خارطة طريق محددة، و حينما يحين وقت ذلك سنعلن عنه بكل وضوح و مسؤولية. ولكل مقام مقال.
4 ننتقل إلى صلب القضية. بعد انتهاء التقاضي في المرحلة الأولى و الثانية بقيت قضيتكم مفتوحة، ما الأفق برأيك؟
لقد كان واضحا أن اعتقالنا فتح جبهة جديدة للصراع من أجل الديمقراطية، لذلك فمحاكمتنا لم تشكل ساحة نزال قانوني تقارع فيه الحجة القانونية نظيرتها و تناقش فيها الأدلة و الإثباتات و تستدعى فيها الفصول القانونية لتأييد هذا الطرح أو ذاك. لقد اتخذ قرار إدانتنا حتى قبل اعتقالنا، و كنا و مازلنا، نحن وكل الهيآت الحقوقية الوطنية و الدولية و كل الشرفاء داخل هذا الوطن و خارجه، مؤمنين ببراءتنا.
لهذا فالصراع كان بين أنصار الديمقراطية تتقدمهم هيأة دفاعنا و بين مستبدين متسترين خلف القضاة و سلطة الإدعاء، ولذلك فالقضية لا يمكن أن تظل إلا مفتوحة مادام الصراع من أجل الديمقراطية مستمرا. لقد حققت الجهات التي صنعت هذا الملف ما أرادت حينما استصدرت من قضاء تابع، بشهادة المنظمات الحقوقية الوطنية و الدولية، حكما بإدانتنا. و نجحنا نحن من جهتنا في كشف عورات القضاء و زيف شعارات العدالة و المحاكمة العادلة و قدمنا برهانا جديدا على غياب الديمقراطية ببلادنا.
إن قضيتنا قضية سياسية و قضية رأي و من ثم فإن الأفق لا يمكن أن يكون إلا سياسيا.
5 جل المراقبين و منظمات حقوق الإنسان لا تتوان على التأكيد أن القضاء عاجز عن حسم هذا الملف الذي أسال مدادا كثيرا. من وجهة نظرك كيف يمكن حل هذا الملف؟
بكلمة، الحل لا يمكن أن يكون إلا سياسيا، و الحل السياسي يتطلب تفعيل ومواكبة أربع جبهات:
• الجبهة الأولى هي جبهة القضاء، رغم أننا فقدنا ثقتنا في القضاء المغربي و لا نكاد ننتظر منه شيئا، فإننا لم نتوان عن طرق باب المرحلة الأخيرة من التقاضي لدى المحاكم المغربية إقامة للحجة وإبراء للذمة.
• الجبهة الثانية هي الجبهة الحقوقية، بما تعنيه من معارك على المستوى المحلي و الإقليمي والدولي و حشد التأييد لقضيتنا في مختلف المحافل.
• الجبهة الثالثة هي جبهة الرأي العام، بما يتطلب ذلك من جهد تواصلي و تعبوي لتبقى قضيتنا قضية حية تحظى باهتمام الناس ودعمهم وترفع من منسوب التضامن معنا.
• الجبهة الرابعة هي الجبهة السياسية وما يستلزم ذلك من استمرار انخراطنا في معركة الانتقال إلى الديمقراطية اقتراحا و حشدا للهمم و تعبئة للمظالم السياسية والاقتصادية والاجتماعية و الحقوقية من أجل أن يستفيد شعبنا من سيادته على نفسه.
و قبل هذا و بعده الوقوف بباب الله العزيز الحكيم دعاء و تضرعا عله يمن على عباده المستضعفين فرجا و تمكينا.
6 هناك إرادة ملكية معلنة لإصلاح القضاء و مع ذلك مرت فترة لا بأس بها دون أن يفتح هذا الورش, ماهي الأسباب الكامنة وراء إعاقة هذا المسار.
إن إعاقة مسار إصلاح القضاء جزء لا يتجزأ من إعاقة الانتقال إلى الديمقراطية و تكمن وراءه جهات مستفيدة من الوضع الذي عليه القضاء اليوم ومستفيدة من غياب الديمقراطية. إنها جهات استطاعت أن تمسك بالقضاء وتخضعه ترغيبا و ترهيبا من أجل حماية مصالحها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وقهر خصومها ضدا على القانون و ضدا على أية منافسة شريفة.
وعلى الرغم من كل هذا فإن جبهة إصلاح القضاء هي اليوم أقوى من أي وقت مضى، إذ هي مدعومة بإرادة ملكية واضحة وحاسمة مما يلزمها بخوض معركة الإصلاح بقوة و بصيرة ووعي بمستلزمات هذا الإصلاح و شروطه.
ذلك أن أي إصلاح لا يأخذ بعين الاعتبار مقاومة الجهات المتغلغلة في جسد القضاء و درجة الفساد و الضرر الذي ألحقته به لا يمكن أن ينجح.
هذا شرط لكن هناك شروطا أخرى أذكر منها:
• إصلاح دستوري يقر بوجود سلطة قضائية مستقلة و يضمن فصلا حقيقيا للسلط،
• إعادة النظر في سلطات وزارة الداخلية و الحد من تدخلها و تدخل المؤسسات الأمنية في سير باقي المؤسسات و على رأسها القضاء،
• تحمل رجال و نساء القضاء لمسؤولياتهم في هذا الإصلاح، فهم الأعلم بالفساد المتغلغل في مؤسستهم و الفاسدين المفسدين المتواجدين بينهم،
• وجود هيآت مدنية مستقلة قادرة على رصد و متابعة سير القضاء ببلادنا و فضح الانحرافات التي تطال مساره.
7 يشهد الواقع السياسي ركودا اللهم إلا من بعض التسخينات المرتبطة باستحقاقات 2012. لماذا انخفض طموح الأحزاب السياسية؟
إن الواقع السياسي في المغرب واقع مركب و معقد يتطلب الإمساك به في عمومياته استعارة منهج توماس كون Thomas khun في دراسته لتاريخ العلوم، أي بتوظيف مفهوم النموذج الإرشادي Paradigme لاستقراء تحولات الواقع السياسي المغربي.
باعتماد هذا المنهج إذا،يمكن القول بأن العمل السياسي ببلادنا مر منذ الاستقلال إلى الآن، بمرحلتين: مرحلة أولى حكمها النموذج الإرشادي “الصراع على السلطة” ومرحلة ثانية مازلنا نعيشها اليوم محكومة بنموذج إرشادي آخر هو “خدمة السلطة”.
فبالأمس كانت شرعية ومشروعية الأحزاب ترتهن إلى خزان جماهيري يدعمه في صراعها على السلطة. لكن اليوم أصبح مصدر مشروعية الأحزاب السلطة نفسها. فلا غرابة إذن أن يكون التنافس بين أغلب الأحزاب يتغيى لقب من يخدم السلطة أفضل ومن ينفذ أحسن ومن يمثل أكثر.
أكيد أن هنالك استثناءات لكنها استثناءات غير مؤثرة و محرم عليها ولوج حمى السلطة. وأكيد أيضا أن ما نعيشه اليوم لم يحصل بين عشية و ضحاها و إنما هو نتيجة سيرورة استطاعت خلالها السلطة اختراق الأحزاب و إضعافها و تمزيقها.
لكن إذا كان الصراع ينتج عنه بالضرورة ربح معارك و خسارة أخرى، فما يعاني منه الجسم الحزبي المغربي هو عجزه عن إيجاد صيغ مبتكرة و إبداع آليات جديدة للتأثير في موازين القوى بما يحقق له موقعا متقدما في معركة النضال الديمقراطي.
8 لماذا برأيك كلما اقتربت ساعة الانتخابات كلما شرع الجميع في الحديث عن العزوف و ضعف المشاركة الانتخابية و السياسية. أليست الأحزاب السياسية هي من تتحمل نصيب الأسد من المسؤولية؟
إن حديث الجميع عن العزوف يعني اعترافهم بوجود طرف ثالث في المعادلة السياسية . طرف يرفض أن يشارك في مسرحية مكلفة نفسيا و اقتصاديا و اجتماعيا و سياسيا. طرف فهم ووعى أن مدار الانتخابات ليس هو التداول على السلطة بهدف خدمة الشعب و إنما مدارها هو خدمة السلطة، طرف يرفض أن تمثل عليه الأحزاب دور المنقذ بعرضها برامج متشابهة و متطابقة يعرف هو وتعرف الأحزاب و تعرف السلطة أنها لن تجد لها مكانا في القرارات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية التي تتحكم في حاضره وترهن مستقبله.
العزوف بحسب رأيي، يشكل مرحلة أولى عفوية و جنينية في مقاومة مدنية قيد التشكل. و إذا لم تع الأحزاب هذه الدلالة و تساءل ذواتها وتقوم بمراجعات جذرية لاختياراتها وأولوياتها، فقد لا يبقى لها ما يبرر وجودها في المستقبل المنظور.
9 كيف تنظر إلى ساحة سياسية ب 35 حزبا أو أكثر؟
غالبا ما يثار عدد الأحزاب كمعيق أمام تطور ونضج الواقع السياسي المغربي. ولي وجهة نظر مخالفة لهذا، إني أقدر أن التلويح بكثرة الأحزاب المغربية، خاصة حينما يثيره خدام السلطة، يكون الهدف منه التستر على مسألتين أساسيتين:
أولاهما غياب الديمقراطية و ثانيهما تحكم السلطة في تأسيس الأحزاب بما يعني غياب حرية التنظيم. وحتى إذا ما استطاع حزب أن يتجاوز هذا التحكم فإنه يتعرض إلى التضييق وإلى الحل كما وقع لحزب البديل الحضاري.
المشكل ليس مشكل عدد الأحزاب بل المشكل مشكل السياق العام الذي تتحرك فيه هذه الأحزاب، ذلك أنه إذا قاربنا الحزب السياسي باعتباره مؤسسة تسوق لخدمات ممثلة في مقترحات لحل المشاكل العالقة و لتحقيق نوع من الرفاه والاستقرار، فإنه في سياق ديمقراطي سيكون العرض كفيل في أن يتحكم في عدد الأحزاب وفرة أو ندرة بحسب كفاءتها ووفائها بالتزاماتها.
لكن لننظر لسوق السياسة في بلادنا ولنساءل المعايير المتحكمة فيه.
سنجد أن معيار الطلب الوحيد الضابط و المنظم لهذه السوق هو”خدمة السلطة” وهو بالضرورة طلب محدود لا يمكن أن يستوعب كل العروض المطروحة، خاصة مع وجود أحزاب تقلبت في هذه الخدمة منذ زمن ليس بالقصير فلا عجب أن تكون هي الأكثر ترويجا لمقولة “أن كثرة الأحزاب السياسية معيق للعمل السياسي”.
إن المشكل ليس كثرة الأحزاب بل احتكار السلطة و غياب الديمقراطية.
إن الديمقراطية إن وجدت، كفيلة بتنظيم الساحة السياسية و تبقى الأحزاب التي لها مؤهلات الاستمرار.
10 أنتم في حزب البديل الحضاري، المنحل بقرار إداري من الوزير الأول عباس الفاسي، كيف تنظرون إلى وضعكم في ظل الحديث عن بناء الأقطاب السياسية الكبرى؟
باعتبار السياق العام الذي يؤطر الوضع الحزبي المغربي فإن الكلام عن الأقطاب السياسية الكبرى لا يعدو أن يكون أحد أمرين، إما حالة من الجدل العقيم أو عملية تشويش عن المشاكل الحقيقية التي يعيشها الواقع السياسي والحزبي ببلادنا.
لماذا نريد أن نؤسس أقطابا سياسية كبرى ما دام أنه ليس هناك تداول سلمي على السلطة؟ و ما دامت الأحزاب لا تملك من أمرها شيئا ولا تستطيع أن تطبق من برامجها أي بند؟ !
لماذا نلهث وراء بناء الأقطاب السياسية الكبرى ما دامت قنوات صناعة القرار هي خارج نطاق السلطة التشريعية و التنفيذية؟ ! من هذا المنطلق فإن حزب البديل الحضاري لا يجد نفسه معنيا بهذا النوع من الحديث، كما أن حله الجائر من طرف الوزير الأول يجعله اليوم منشغلا بمظلوميته و ذلك على ثلاث واجهات. تتمثل الواجهة الأولى في العمل على إبطال المرسوم الظالم لعباس الفاسي بلجوئه إلى القضاء من جهة و بحشد الدعم و التأييد لقضيته من جهة أخرى. وتتحدد الواجهة الثانية في تمتين موقعه الفعلي و العملي في الساحة الوطنية و الدولية بانخراطه في كل المعارك السياسية و الحقوقية و استمراره كقوة اقتراحية فاعلة، أما بالنسبة للواجهة الثالثة فتتعلق بتطوير البديل الحضاري معرفيا و أداء.
أود في الأخير، و لرفع أي التباس، أن أشير إلى أني أميز بين منطق بناء الأقطاب السياسية ومنطق التحالفات. فالتحالفات يمكن أن تتم في أي وقت ما دامت هناك معارك مشتركة، بينما بناء الأقطاب السياسية يتطلب بالضرورة وجود تداول حقيقي على السلطة أي في نهاية المطاف وجود ديمقراطية.
11 برأيك هل المغرب يتقدم باتجاه الديمقراطية؟ إذا كان الجواب نعم، ما هي مظاهر هذا التقدم؟ وإذا كان الجواب لا، ما هي معيقات ذلك؟
أريد أن أنطلق في جوابي على سؤالكم من تعريف إجرائي للديمقراطية يحددها في ثلاث إجراءات متكاملة و غير قابلة للفصل وهي: 1 حرية التعبير و التنظيم 2 مساواة جميع المواطنين أماما القانون 3 التداول السلمي على السلطة.
لنحاول الآن أن نستقرئ واقع كل إجراء من هذه الإجراءات الثلاث. فحرية التعبير و التنظيم غائبة في بلادنا، ما هو موجود هو هامش ممنوح من الحرية يتسع بوسع صدر السلطة ويضيق بضيقه. أما الحرية كمبدأ سام لا يجوز المساس به من أي جهة كانت، إلا لما يقتضيه القانون، فإنه غائب. لذلك نرى هذا التضييق على الصحف و الجرائد و المدونات. و التعددية في المجال السياسي تتحكم فيها السلطة وهي مجرد تعددية حزبية لم ترتق إلى مستوى التعددية السياسية . و تأسيس الجمعيات تخضع إلى رقابة خارج القانون لوزارة الداخلية و أجهزتها الأمنية. أما بالنسبة للمساواة أمام القانون فالواقع يشهد، على علاته،أنه لا يطبق إلا على المستضعفين أما علية القوم فهم كائنات فوق قانونية.
وفيما يخص التداول السلمي على السلطة فهو الغائب الأكبر عن الفعل السياسي المغربي. لكل هذا أقول بأنه ليس هنالك ديمقراطية، كل ما هنالك هوامش ظرفية تتفاعل ضيقا و اتساعا.
أما معيقات الديمقراطية في بلادنا فأستحضر منها معيقين اثنين:
• غياب قوة جامعة قادرة على الانتقال إلى الديمقراطية،
• غياب نظرية واضحة للانتقال الديمقراطي.
12 تعكف مند مدة اللجنة الجهوية المكلفة بإعداد مشروع الجهوية الموسعة. برأيك هل هذا المشروع هو تعبير عن تطور طبيعي لممارسة السلطة أم جاء لإيجاد مخرج لقضية الصحراء المغربية؟
إن اعتبار مشروع الجهوية الموسعة تطورا طبيعيا لممارسة السلطة يقتضي بالضرورة وجود مسار ديمقراطي يبتدئ بمرحلة الانتقال الديمقراطي ثم مرحلة الديمقراطية المركزية فالجهوية الموسعة باعتبارها محطة متقدمة في هذا المسار تتأسس على ما قبلها و تستدعي توزيع السلط بين المركز و الجهات بما يمنح للسلطات الجهوية الموسعة المقترح اليوم لا يعبر عن تطور طبيعي في المسار الديمقراطي بقدر ما يستجيب لمنطلق إيجاد حل دائم لقضية وحدتنا الترابية.
كيف ما كان الحال، فهناك لجنة منكبة على إعداد مشروع نأمل أن يتجاوز هذا المنطلق و يجعل من الجهوية الموسعة عنوانا لمرحلة نتدارك فبها ما فاتنا ونعمل على إيجاد مقاربة جديدة تجعل من الجهوية الموسعة مدخلا وإطارا للديمقراطية و التنمية .غير أن هذا لا يمكن أن يتم إلا إذا توفرت مجموعة من الشروط أذكر منها:
• إرادة سياسية حقيقية تترجم عمليا، من جهة، بإصلاحات دستورية عميقة تستجيب لمتطلبات المرحلة و لمستلزمات الجهوية الموسعة، ومن جهة أخرى برفع وصاية وزارة الداخلية عن الجهات و حذف مناصب الولاة و العمال بما يضمن وجود هيآت منتخبة تسير الجهات وتخضع للمحاسبة،
• وجود ثقافة وحدوية تستوعب التعدد الجهوي و تحفز على التكامل و التعاون بين الجهات و تعمق الانتماء إلى الوطن الواحد و تحول دون تحول الجهات إلى مشاتل للانفصال،
•تمكين كل جهة من مشروع اقتصادي ضخم يشكل قاطرة لتنمية الجهة و نهوضها الاقتصادي و هذا شرط نسجل بارتياح أنه تم التقدم في إنجازه.
13 ننهي معك هدا الحواربوضعيتك في السجن، ماهي انشغالاتك اليوم داخل السجن؟ هل هنالك من جديد؟
أحاول أن أرتقي بمستواي المعرفي و الفكري عبر المطالعة. الجديد هذه السنة أني التحقت بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بسلا قصد متابعة دراسة العلوم الاقتصادية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.