قرار المحكمة الدستورية بخصوص مشروع قانون المسطرة المدنية : تمرين دستوري يعيد بعض التوازن للسلط    لجنة عربية تطلق حملة ضد ترشيح ترامب لجائزة نوبل للسلام    استعراض عسكري مشترك في "بواكيه" يثمن العلاقات المغربية الإيفوارية    وزارة الخارجية تحتفل باليوم الوطني للمغاربة المقيمين بالخارج    الارتفاع يسم تداولات بورصة البيضاء    فشل الجزائر في قضية الصحراء المغربية يفاقم التوتر الدبلوماسي مع فرنسا    فرنسا تباشر تجهيز مطار غدامس الليبي في خطوة تكرس عزلة الجزائر    حماس تتهم نتنياهو بالتضحية بالرهائن    حكيمي يرشح لجائزة "الكرة الذهبية" مع 8 لاعبين من باريس سان جرمان    منتخب المحليين يستعد لمواجهة كينيا    الوداد يعقد الجمع العام في شتنبر    بني بوعياش.. اطلاق الشطر الاول لمشروع التأهيل الحضري    اجتماع يفكك العنف الرقمي ضد النساء        أول نسخة من "الهوبيت" تجني 57 ألف دولار            وزير الإعلام الفلسطيني : المساعدة الإنسانية والطبية العاجلة سيكون لها أثر إيجابي ملموس على حياة ساكنة غزة    عمر هلال يبرز بتركمنستان دور المبادرة الملكية الأطلسية في تنمية دول الساحل    تيمة الموت في قصص « الموتى لا يعودون » للبشير الأزمي    «دخان الملائكة».. تفكيك الهامش عبر سردية الطفولة    السرد و أنساقه السيميائية    تعيين 24 مسؤولا جديدا في مناصب المسؤولية بالأمن الوطني    المغرب.. من أرض فلاحية إلى قوة صناعية إقليمية خلال عقدين برؤية ملكية استشرافية    زيلينسكي يدعو بوتين مجددا إلى لقاء لإنهاء الحرب في أوكرانيا والرئيس الروسي يعتبر "الظروف غير متوفرة"    فرنسا تلغي إقامة مغربي أشعل سيجارة من "شعلة الجندي المجهول" في باريس (فيديو)    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    نشرة إنذارية: موجة حر وزخات رعدية قوية مصحوبة بالبرد وبهبات رياح مرتقبة من الخميس إلى الأحد بعدد من مناطق المملكة    الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية كوت ديفوار بمناسبة العيد الوطني لبلاده        أكبر حريق غابات في فرنسا منذ 80 عاما لا يزال خارج السيطرة رغم تباطؤ انتشاره    البنية التحتية للرباط تتعزز بمرآب تحت أرضي جديد    "أيميا باور" الإماراتية تستثمر 2.6 مليار درهم في محطة تحلية المياه بأكادير    يوليوز 2025 ثالث أكثر الشهور حرارة فى تاريخ كوكب الأرض    ارتفاع أسعار الذهب بفضل تراجع الدولار وسط آمال بخفض الفائدة الأمريكية    "صحة غزة": ارتفاع وفيات التجويع الإسرائيلي إلى 197 بينهم 96 طفلا    سون هيونغ مين ينضم للوس أنجليس الأمريكي    وكالة: وضعية مخزون الدم بالمغرب "مطمئنة"    صيف شفشاون 2025.. المدينة الزرقاء تحتفي بزوارها ببرنامج ثقافي وفني متنوع    المغرب يواجه ضغوطا لتعقيم الكلاب الضالة بدل قتلها    تسجيل 4 وفيات بداء السعار في المغرب خلال أشهر قليلة    "دراسة": تعرض الأطفال طويلا للشاشات يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب    من هم الأكثر عرضة للنقص في "فيتامين B"؟    الفتح الناظوري يضم أحمد جحوح إلى تشكيلته        رخص مزورة وتلاعب بنتائج المباريات.. عقوبات تأديبية تطال أندية ومسؤولين بسبب خروقات جسيمة    جو عمار... الفنان اليهودي المغربي الذي سبق صوته الدبلوماسية وبنى جسورًا بين المغرب واليهود المغاربة بإسرائيل    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    الداخلة.. ‬‮«‬جريمة ‬صيد‮»‬ ‬تكشف ‬ضغط ‬المراقبة ‬واختلال ‬الوعي ‬المهني ‬    المغرب ‬يرسّخ ‬جاذبيته ‬السياحية ‬ويستقطب ‬‮«‬أونا‮»‬ ‬الإسبانية ‬في ‬توسع ‬يشمل ‬1561 ‬غرفة ‬فندقية ‬    الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة التي فرضها ترامب تدخل حيز التنفيذ    قروض ‬المقاولات ‬غير ‬المالية ‬تسجل ‬ارتفاعا ‬بنسبة ‬3.‬1 ‬في ‬المائة ‬    في ‬دلالات ‬المضمون : ‬ توطيد ‬المسار ‬الديمقراطي ‬و ‬تطوير ‬الممارسة ‬السياسية ‬لتعزيز ‬الثقة ‬في ‬المؤسسات    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    حين يتحدث الانتماء.. رضا سليم يختار "الزعيم" ويرفض عروضا مغرية    نحن والحجاج الجزائريون: من الجوار الجغرافي …إلى الجوار الرباني    اتحاديون اشتراكيون على سنة الله ورسوله    من الزاويت إلى الطائف .. مسار علمي فريد للفقيه الراحل لحسن وكاك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الانتخابات التشريعية بين ''لإسلام و الطوفان'' في المغرب
نشر في الجديدة 24 يوم 09 - 10 - 2016

span lang="AR-SA" style="font-size:14.0pt;line-height:150%;font-family:" adobe="" arabic","serif";="" mso-fareast-font-family:"times="" new="" roman";mso-fareast-language:fr"=""تعد نتائج الانتخابات التي جرت عبر التراب الوطني بالأمس ذات دلالات عميقة تعبر عن ضبابية المنظومة السياسية بأكملها، حيث اكتسح حزب العدالة والتنمية الساحة الانتخابية بكثلة ناخبة مجيشة و معبئة إيديولوجيا، لا يهمها إلا "أنصر أخاك المسلم على أعداءه!"، و حزب الأصالة والمعاصرة الذي أُحدث مؤخراً، ويعد حزبا إداريا بامتياز، استطاع هو الآخر نيل المرتبة الثانية أمام أحزاب وطنية تآكلت من span lang="AR-MA" style="font-size:14.0pt;line-height:150%;font-family:" adobe="" arabic","serif";="" mso-fareast-font-family:"times="" new="" roman";mso-fareast-language:fr;mso-bidi-language:="" ar-ma"=""جراء span lang="AR-SA" style="font-size:14.0pt;line-height:150%; font-family:" adobe="" arabic","serif";mso-fareast-font-family:"times="" new="" roman";="" mso-fareast-language:fr"=""كثرة احتكاكها بالأجهزة المخزنية، وهكذا تمت هندسة الخريطة الانتخابية بمرجعية عقائدية، و مرجعية مخزنية، و لا أحد يعلم مآل هذه الهندسة في المستقبل، خصوصا أمام هذا التجييش الإسلاموي الذي أصبح واضحا الآن في الساحة المغربية، و فكرة "أخونة المجتمع"، تبدو قريبة جداً من هذا السياق. span dir="LTR" style="font-size:14.0pt;line-height:150%; font-family:" adobe="" arabic","serif";mso-fareast-font-family:"times="" new="" roman";="" mso-fareast-language:fr"=""
span lang="AR-SA" style="font-size:14.0pt;line-height:150%;font-family:" adobe="" arabic","serif";="" mso-fareast-font-family:"times="" new="" roman";mso-fareast-language:fr"=""
span lang="AR-SA" style="font-size:14.0pt;line-height:150%;font-family:" adobe="" arabic","serif";="" mso-fareast-font-family:"times="" new="" roman";mso-fareast-language:fr"="" و لن نفشي سرا إن أشرنا إلى أن النظام سيتحمل وزر التبعات التي ستترتب عن هذه الانتخابات، دون ذكر عامة الشعب التي لا زالت تعاني من ويلات الاختيارات السياسية والاقتصادية الخاطئة الماضوية والراهنة، إذ لازالت في وضعية الانتظار (span dir="LTR" style="font-size:14.0pt; line-height:150%;font-family:" adobe="" arabic","serif";mso-fareast-font-family:="" "times="" new="" roman";mso-fareast-language:fr"=""standbyspan lang="AR-SA" style="font-size:14.0pt;line-height:150%;font-family:" adobe="" arabic","serif";="" mso-fareast-font-family:"times="" new="" roman";mso-fareast-language:fr"="") تحلم بإقلاع سياسي واقتصادي وشيك.span dir="LTR" style="font-size:14.0pt;line-height:150%;font-family:" adobe="" arabic","serif";="" mso-fareast-font-family:"times="" new="" roman";mso-fareast-language:fr"=""
span lang="AR-SA" style="font-size:14.0pt;line-height:150%;font-family:" adobe="" arabic","serif";="" mso-fareast-font-family:"times="" new="" roman";mso-fareast-language:fr"=""
span lang="AR-SA" style="font-size:14.0pt;line-height:150%;font-family:" adobe="" arabic","serif";="" mso-fareast-font-family:"times="" new="" roman";mso-fareast-language:fr"=""إن معدل المشاركة في الانتخابات، والذي حددته وزارة الداخلية في 43٪ بعدما كان لا يتعدى 10٪ طيلة صباح يوم الجمعة، شهد هو الآخر بعض الانحرافات عن المسار الديمقراطي عبر تعبئة مرتجلة للمواطنين من طرف بعض المرشحين في مناطق عدة، إذ حين لوحظ تراجع نسبة المشاركة في الصباح، قام الكثير من مرشحي الأحزاب بشحن المواطنين على مثن شاحنات إلى مكاتب التصويت بغرض تكثيف نسبة المشاركة في عدة مناطق بالمغرب، و ذلك قصد الاستفادة من ارتفاع نسبة الأصوات، وكل هذا تم في أجواء عادية بغض الطرف من لدن بعض المسؤولين في وزارة الداخلية، لأن نسبة المشاركة هي بمثابة مرآة تعكس مصداقية الانتخابات.
span lang="AR-SA" style="font-size:14.0pt;line-height:150%;font-family:" adobe="" arabic","serif";="" mso-fareast-font-family:"times="" new="" roman";mso-fareast-language:fr"=""
span lang="AR-SA" style="font-size:14.0pt;line-height:150%;font-family:" adobe="" arabic","serif";="" mso-fareast-font-family:"times="" new="" roman";mso-fareast-language:fr"=""في حقيقة الأمر، لقد وضعت هذه الانتخابات الدولة أمام مسؤولية تاريخية ملحة، إذ لا بد لها الآن من ترسيخ مبادئ الديمقراطية بالمغرب على مستوى أهل القاع، فبدون تأهيل الشعب للممارسة الديمقراطية، و دون السهر على تجديد النخب السياسية، وتوجيه عملها الميداني، سيظل المسار الديمقراطي واجهة مبلطة للنظام، و تستفيد منها فقط تلك الأحزاب التي تستطيع تأطير أتباعها إيديولوجيا، و تقنعهم برؤيتها للوجود.
span lang="AR-SA" style="font-size:14.0pt;line-height:150%;font-family:" adobe="" arabic","serif";="" mso-fareast-font-family:"times="" new="" roman";mso-fareast-language:fr"=""
span lang="AR-SA" style="font-size:14.0pt;line-height:150%;font-family:" adobe="" arabic","serif";="" mso-fareast-font-family:"times="" new="" roman";mso-fareast-language:fr"=""إن فوز حزب العدالة والتنمية بالانتخابات الحالية يدخل في السياق ذاته المذكور أعلاه، و يأتي في ظل عزوف أغلبية صامتة من المغاربة ومقاطعتها للعملية الانتخابية، و ذلك لعدم ثقتها بالنخب المترشحة، و مما يضع الدولة في مأزق خطير أمام تزايد أعداد المنتسبين إلى جماعة عقائدية ذات توجه إيديولوجي إسلاموي لا علاقة له بالقضايا المحلية، و لا بالمشاكل الاقتصادية والثقافية التي يعيشها البلد، فلنكن واضحين، من صوت اليوم على العدالة والتنمية لم يصوت على برنامج اقتصادي وسياسي متكامل، و لا علم له بالمشاريع السياسية والاقتصادية التي يطرحها الحزب إن توفرت لديه، و لا إلمام له بالعملية الديمقراطية. صوت هذا الشخص فقط لكي يتضامن مع "أخيه المسلم"، رفيقه في الدرب والكفاح من أجل "إعلاء كلمة الحق ورفع راية الإسلام"....إذن فما دور الملك في هذا البلد؟! وما دور الدستور، ذلك التعاقد بين الملك والشعب حول حماية الملة والدين؟!
span lang="AR-SA" style="font-size:14.0pt;line-height:150%;font-family:" adobe="" arabic","serif";="" mso-fareast-font-family:"times="" new="" roman";mso-fareast-language:fr"=""
span lang="AR-SA" style="font-size:14.0pt;line-height:150%;font-family:" adobe="" arabic","serif";="" mso-fareast-font-family:"times="" new="" roman";mso-fareast-language:fr"="" صوت هذا الشخص كذلك ضد التحكم، كما جاء على لسان بن كيران، حيث قاد حملته الانتخابية بأكملها تحت شعار محاربة التحكم، و من المفارقات المكشوفة، هو أن المترشح نفسه، هو من نادى خلال ولاية حكومية سابقة بأنه يحارب العفاريت و التماسيح، وكأننا نعيش في غابة يتجول بين أدغالها دون كيشوت، ذلك المحارب الذي استهلك عقودا من الزمن وهو يصارع طواحين الهواء!؟
span lang="AR-SA" style="font-size:14.0pt;line-height:150%;font-family:" adobe="" arabic","serif";="" mso-fareast-font-family:"times="" new="" roman";mso-fareast-language:fr"=""
span lang="AR-SA" style="font-size:14.0pt;line-height:150%;font-family:" adobe="" arabic","serif";="" mso-fareast-font-family:"times="" new="" roman";mso-fareast-language:fr"=""نجح حزب العدالة والتنمية في حربه الوهمية ضد الدولة العميقة رغم أنه انخرط في دواليب الحكم، وأعاد إنتاج الاستبداد بأشكال عدّة، و الحال كما تبدو عليه المنظومة، هو أن الدولة تسمح للإسلامويين بالممارسة السياسية تحت لواء التفتح الديمقراطي، و بتزكية من الدول الحليفة، و نذكر بالخصوص الولايات المتحدة.
span lang="AR-SA" style="font-size:14.0pt;line-height:150%;font-family:" adobe="" arabic","serif";="" mso-fareast-font-family:"times="" new="" roman";mso-fareast-language:fr"=""
span lang="AR-SA" style="font-size:14.0pt;line-height:150%;font-family:" adobe="" arabic","serif";="" mso-fareast-font-family:"times="" new="" roman";mso-fareast-language:fr"=""نسجلها للتاريخ فقط: توجد الملكية حاليا في مأزق سياسي لا تحسد عليه، إذ يجب أن نعي جيدا خطورة الوضع الآن، هناك أنصار مؤطرون يساندون الإيديولوجية الإسلاموية، و هم في سباق محموم لأخونة الدولة والمجتمع. و يوما بعد يوم يكتسبون مساحات وأنصار، و سيأتي اليوم الذي يجد المغرب نفسه فيه محاصرا بتفكير غيبي أسطوري لا يستطيع المجتمع مقاومته، ولا محاربة أفكاره، خصوصا مادامت الدولة تنخرط في نفس الخطاب بتقعيد لجهالة مقدسة حسب تعبير أركون، و إنتاجها في مؤسسات تربوية و جامعية تعمل على نشر أفكار لاهوتية لا يمكن مناقشتها بمنطق العلم والتجربة.
span lang="AR-SA" style="font-size:14.0pt;line-height:150%;font-family:" adobe="" arabic","serif";="" mso-fareast-font-family:"times="" new="" roman";mso-fareast-language:fr"=""
span lang="AR-SA" style="font-size:14.0pt;line-height:150%;font-family:" adobe="" arabic","serif";="" mso-fareast-font-family:"times="" new="" roman";mso-fareast-language:fr"=""لنقولها بصراحة: يجب على النظام تحمل مسؤوليته التاريخية، إما بالعودة للحكم الاستبدادي، و هذا سيعتبر مفارقة صارخة و ضربا من الخيال في عالم ما بعد الحداثة، و إما بإرساء ديمقراطية حقيقية ترتكز على تأطير الشعب سياسيا و تجديد النخب السياسية ، والقطيعة مع السماسرة و رجالات الدولة التي تشتري الأصوات والذمم...
span lang="AR-SA" style="font-size:14.0pt;line-height:150%;font-family:" adobe="" arabic","serif";="" mso-fareast-font-family:"times="" new="" roman";mso-fareast-language:fr"=""
span lang="AR-SA" style="font-size:14.0pt;line-height:150%;font-family:" adobe="" arabic","serif";="" mso-fareast-font-family:"times="" new="" roman";mso-fareast-language:fr"=""ليس هناك خيار آخر أمام النظام، إما أن يلتجأ إلى مقاربة علمية لمقاربة تطبيق شروط الديمقراطية بالمغرب، و إما أن تستمر أجهزة الدولة في التدخل في اللعبة السياسية بدوافع أمنية، مما قد يفسدها، ويضع المجتمع أمام اعتباطية السيناريوهات المصرية مستقبلا.
span lang="AR-SA" style="font-size:14.0pt;line-height:150%;font-family:" adobe="" arabic","serif";="" mso-fareast-font-family:"times="" new="" roman";mso-fareast-language:fr"=""
span lang="AR-SA" style="font-size:14.0pt;line-height:150%;font-family:" adobe="" arabic","serif";="" mso-fareast-font-family:"times="" new="" roman";mso-fareast-language:fr"=""لا سبيل للنظام الحاكم إلا أن يضع أسسا متينة للممارسة الديمقراطية، وإلا سيجد نفسه في صراع ثنائي في مواجهة المد الإسلاموي دون سند شعبي، و ما يشير إلى مثل هذه التوقعات، هو ما وقع بالأمس، حيث أن الانتخابات أفرزت نجاح كثلة مؤطرة مأدلجة لم تأتي إلى صناديق الاقتراع بدافع التصويت على برامج انتخابية، بقدر ما جاءت لتدافع عن الدين، ومن يحميه في إطار تصورها هو حزب العدالة والتنمية، تلك حرب وهمية و شرسة على المكتسبات الدينية بالبلد، وهذا التمثل يضع علامات استفهام عن مدى تراجع دور حامي الملة والدين في الذهنية الإسلاموية، إذن فما دور الملك حتى نصوت على بن كيران بوصفه ناصر الملة والدين، و ماذا سينتظر الشعب المغربي من حزب يؤطر أفراده جناحا دعويا لا علاقة له بأمور السياسة والاقتصاد، وهو بمثابة الأم (الواليدة، حسب تعبير بن كيران) التي تنجب شباب الحزب و تحتضنه.
span lang="AR-SA" style="font-size:14.0pt;line-height:150%;font-family:" adobe="" arabic","serif";="" mso-fareast-font-family:"times="" new="" roman";mso-fareast-language:fr"=""
span lang="AR-SA" style="font-size:14.0pt;line-height:150%;font-family:" adobe="" arabic","serif";="" mso-fareast-font-family:"times="" new="" roman";mso-fareast-language:fr"=""هل ستضطر الأجهزة المخزنية لاختراق هذا الحزب، وتفتيته و تمزيقه لإضعافه، كما حصل مع الأحزاب الوطنية في الماضي، و هذا ما لا ننصح به، لأن تشرذم الإسلاموية سوف يضعها خارج مراقبة الدولة، وقد تنزلق بعض الفئات إلى المجهول أو إلى ما لا يحمد عقباه... هل سيلتجأ المخزن الآن إلى قطع الطريق عن الحزب بخلق عراقيل للتحالفات الحزبية الممكنة، وهكذا يجد الحزب نفسه معزولا و غير قادر على قيادة ائتلاف حكومي، هذا يبدو سيناريوها مستبعدا، لأنه سيضع البيجيدي ضحية التحكم، و قد يأجج أنصاره و قواعده لخوض معارك نضالية نحن في غنى عنها، و مما قد يؤدي بنا إلى سيناريوهات لا علم لنا بنتائجها.
span lang="AR-SA" style="font-size:14.0pt;line-height:150%;font-family:" adobe="" arabic","serif";="" mso-fareast-font-family:"times="" new="" roman";mso-fareast-language:fr"=""
span lang="AR-SA" style="font-size:14.0pt;line-height:150%;font-family:" adobe="" arabic","serif";="" mso-fareast-font-family:"times="" new="" roman";mso-fareast-language:fr"=""نحن واثقون أن الأجهزة الاستخباراتية لها المعطيات الكافية بخبايا الأمور، و نجاح البيجيدي في هذا الوقت بالذات له قراءة خاصة من طرف أجهزة الدولة، و البلدان التي تربطها علاقة مصالح مع المغرب، فعودة البيجيدي لكرسي الحكم متوقع جدا، رغم المناورات التي قامت بها بعض الجهات لفضح عورات الحزب وتقديمه في صورة مبتدئ في عالم السياسة، وهذه الصورة لم تجد نفعا.
span lang="AR-SA" style="font-size:14.0pt;line-height:150%;font-family:" adobe="" arabic","serif";="" mso-fareast-font-family:"times="" new="" roman";mso-fareast-language:fr"=""
span lang="AR-SA" style="font-size:14.0pt;line-height:150%;font-family:" adobe="" arabic","serif";="" mso-fareast-font-family:"times="" new="" roman";mso-fareast-language:fr"=""نحن نعلم أن النظام الحاكم واثق من نفسه، لأنه ينطلق من مقاربة ماركسية للوجود تقر بسلطة المال على الفكر، وبالتالي فمن يتحكم في عصب الاقتصاد قد يؤثر في القرارات السياسية، لكن حزب العدالة والتنمية إبان هذه الانتخابات الأخيرة، بين على أن الاقتصاد قد يصبح ضعيفا أمام صمود الفكر العقائدي، و لا ننسى في السياق نفسه نظرية ماكس فيبر التي تقول بأن الثقافة قد تقود الاقتصاد، إذ قد يعمل الحاكم على تجويع و تفقير و اضطهاد معتنق الفكر الإسلاموي، لكن لن يستطيع تغيير ولائاته العقائدية اتجاه الجماعة التي ينتمي إليها، وما يقع في مصر هو خير مثال عما نقول، و ذلك لأن هذه الجماعة الإسلامية تمنحه رأسمالا رمزيا يتجلى في هوية اجتماعية، و إحساس بالانتماء، بالرغم من عدم توفرها على رأسمال مادي قد يعتمد عليه المنخرط.
span lang="AR-SA" style="font-size:14.0pt;line-height:150%;font-family:" adobe="" arabic","serif";="" mso-fareast-font-family:"times="" new="" roman";mso-fareast-language:fr"=""
span lang="AR-SA" style="font-size:14.0pt;line-height:150%;font-family:" adobe="" arabic","serif";="" mso-fareast-font-family:"times="" new="" roman";mso-fareast-language:fr"=""لهذا نحن ندعو جميع اللاعبين السياسيين، بما فيهم جميع مكونات الدولة بالسهر على إرساء مبادئ ديمقراطية حقيقية تقوم بتجديد النخب السياسية، و إعادة ثقة المواطنيين في العمل السياسي، و إبعاد السماسرة عن الميدان، لأن استمرار سماسرة الانتخابات في اكتساح الساحة السياسية، هو من سيعطي مصداقية وتعاطف لابن كيران وحزبه. و حتى لا نكون متحاملين على بن كيران وأتباعه، فلا عيب في هذا الحزب سوى أنه قد يقود البلد نحو انتشار و توسع الحاضنة الإسلاموية، لأنه لا يسعى لتحقيق أهداف سياسية واقتصادية واضحة، بقدر ما يسعى لترسيخ مبادئ لا علاقة لها بهموم الشعب، فالمغاربة ليسوا في حاجة لتخليق الحياة العامة بتطبيق الشريعة على الطريقة السلفية أو الخوارجية، بقدر ما هم في حاجة لتخليقها بمبادئ المواطنة و شروط العيش الكريم، وتطوير الاقتصاد، وخلق فرص الشغل.
span lang="AR-SA" style="font-size:14.0pt;line-height:150%;font-family:" adobe="" arabic","serif";="" mso-fareast-font-family:"times="" new="" roman";mso-fareast-language:fr"=""
span lang="AR-SA" style="font-size:14.0pt;line-height:150%;font-family:" adobe="" arabic","serif";="" mso-fareast-font-family:"times="" new="" roman";mso-fareast-language:fr"=""لنعود إلى مهرجان بنكيران الخطابي بأكادير، والذي أذيع على الجزيرة مباشر، إذ تحدث فيه بالواضح عن قوة الحزب، وكيف يتحكم هو بوصفه قائد في حماسة شبابه الثورية، وكيف عمل على الحفاظ على الملكية بعدم موافقته على نزول الشبيبة العدلية إلى الشارع رفقة حركة 20 فبراير للمطالبة بإسقاط الفساد، كما أنه اعتمد لهجة الند بالند مع رموز الدولة، و أرسل رسائل مبطنة لمن يهمهم الأمر بأن الإسلام قادم وزائد في الانتشار، وكأن المغرب في العمق يدين بدين غير الإسلام. إن كل من يتقن تحليل الخطاب، سيكتشف أن خطاب بن كيران لم يكن بريئا، حيث لوح في فترات عديدة بأن الجماعة مستعدة لخوض معركة مصيرية في حال إن أبعدت الأجهزة الحزب عن الحكم، بالرغم من نفيه الصريح بأنه يمارس السياسة، و لا يمكن أن يقامر باستقرار البلد.
span lang="AR-SA" style="font-size:14.0pt;line-height:150%;font-family:" adobe="" arabic","serif";="" mso-fareast-font-family:"times="" new="" roman";mso-fareast-language:fr"=""
span lang="AR-SA" style="font-size:14.0pt;line-height:150%;font-family:" adobe="" arabic","serif";="" mso-fareast-font-family:"times="" new="" roman";mso-fareast-language:fr"=""هنا تطرح عدة أسئلة، كيف لنا أن نستمر في اللعبة الديمقراطية بأرضية عقائدية تستمد قوتها من المقدس، وتسعى لمحو ثقافة إسلامية شعبية متجذرة في هذا المجتمع، تنبني على طقوس وشعائر تمزج بين التلاقح الثقافي الذي شهده المغرب عبر التاريخ، و يرى فيها أتباع التوحيد والإصلاح أنها هرطقة وخروج عن الشريعة. حين يصبح المواطن المغربي يصوت بوازع ديني على من يصلي ويؤدي الفرائض، ويرفض التصويت على غير الملتزم بصفة عامة دون النظر إلى الكفاءة السياسية في تدبير الشأن العام، ستنزلق بنا السفينة لا محالة إلى حاضنة تفرخ الدواعش، و يَصْدُق فيها كلام ياسّين: " الإسلام أو الطوفان"
span lang="AR-SA" style="font-size:14.0pt;line-height:150%;font-family:" adobe="" arabic","serif";="" mso-fareast-font-family:"times="" new="" roman";mso-fareast-language:fr"=""
span lang="AR-SA" style="font-size:14.0pt; line-height:150%;font-family:" adobe="" arabic","serif";mso-fareast-font-family:="" "times="" new="" roman";mso-fareast-language:fr"=""ذ. محمد معروف، أستاذ بجامعة شعيب الدكالي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.