كأس العالم للأندية 2025.. فلامنجو البرازيلي يتغلب على تشيلسي الإنجليزي بنتيجة (3 -1)    "ليفربول" يتعاقد مع الألماني "فلوريان فريتز"    استمرار موجة الحر في توقعات طقس السبت    المغرب بالمرتبة 70 عالميا.. اختلال العدالة الطاقية وتأمين الإمدادات يعطلان مسار التحول الطاقي    البنك الأوروبي يقرض 25 مليون دولار لتطوير منجم بومدين جنوب المغرب    محمد الشرقاوي يكتب: لحظة الحقيقة.. ما لا يريد أن يراه مناصرو التطبيع ووعّاظ الاتفاقات الإبراهيمية!    ضمنها الرياضة.. هذه أسرار الحصول على نوم جيد ليلا    كأس العالم للأندية 2025.. فوز الترجي الرياضي التونسي على لوس أنجلوس الأمريكي بنتيجة (1 – 0)    تراجع أسعار الفائدة قصيرة المدى في سوق السندات الأولية وفق مركز أبحاث    الفيفا يعلن آخر التعديلات على قانون كرة القدم .. رسميا    هزة ارضية تضرب سواحل الريف    بين الركراكي والكان .. أسرار لا تُروى الآن    إعلان العيون... الأقاليم الجنوبية حلقة وصل بين شمال إفريقيا والعمق الإفريقي ومجالا واعدا للاستثمار    فضيحة "وكالة الجنوب".. مؤسسة عمومية أم وكر مغلق لتبذير المال العام؟    محمد أشكور عضو المجلس الجماعي من فريق المعارضة يطالب رئيس جماعة مرتيل بتوضيح للرأي العام    السلطات الإمنية تشدد الخناق على مهربي المخدرات بالناظور    أمن الناظور يحجز كمية من المخدرات والمؤثرات العقلية    حرب الماء آتية    مقتل ضباط جزائريين في إيران يثير تساؤلات حول حدود التعاون العسكري بين الجزائر وطهران    رسميا .. الوداد يعلن ضم السومة    توظيف مالي لمبلغ 1,72 مليار درهم من فائض الخزينة    خالد الشناق: المخطط الأخضر يجب أن يخضع للتقييم ولا شيء يمنع من انتقاده        زلزال بقوة 5.1 درجة يهز شمال إيران    مطيع يوصي بدليل وطني للجودة ودمج التربية الإعلامية في الأنظمة التعليمية    بوعياش تلتقي أمين الأمم المتحدة    احتياجات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالمغرب تبلغ 11.8 ملايين دولار    بورصة البيضاء تغلق الأبواب بارتفاع    ترامب يمنح إيران مهلة أسبوعين لتفادي الضربة العسكرية: هناك "فرصة حقيقية" لمسار تفاوضي    المغرب يخمد 8 حرائق في الغابات    دعم "اتصالات المغرب" بتشاد ومالي    وزير الماء يدق ناقوس الخطر: حرارة قياسية وجفاف غير مسبوق يضرب المغرب للعام السادس توالياً    وقفات في مدن مغربية عدة تدعم فلسطين وتندد بالعدوان الإسرائيلي على إيران    مدينة المضيق عاصمة الكرة الطائرة الشاطئية الإفريقية    باحثون إسبان يطورون علاجا واعدا للصلع    وليد الركراكي يكشف سر استمراره رغم الإقصاء ويعد المغاربة بحمل اللقب على أرض الوطن    نشرة إنذارية: طقس حار من الجمعة إلى الثلاثاء، وزخات رعدية اليوم الجمعة بعدد من مناطق المملكة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    معهد صحي يحذر.. بوحمرون يتزايد لدى الأطفال المغاربة بهولندا بسبب تراجع التلقيح    بعد وفاة بريطانية بداء الكلب في المغرب.. هل أصبحت الكلاب الضالة تهدد سلامة المواطنين؟    اجتماع إيراني أوروبي في جنيف وترامب يرجئ قراره بشأن الانخراط في الحرب    أنامل مقيدة : رمزية العنوان وتأويلاته في «أنامل تحت الحراسة النظرية» للشاعر محمد علوط    «علموا أبناءكم».. أغنية تربوية جديدة تغرس القيم في وجدان الطفولة    لفتيت يذكر الشباب باستمارة الجندية    عن "الزّلافة" وعزّام وطرفة الشّاعر عبد اللطيف اللّعبي    افتتاح الدورة ال26 لمهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة    كارمن سليمان تفتتح مهرجان موازين بطرب أصيل ولمسة مغربية    7 أطباق وصحون خزفية لبيكاسو بيعت لقاء 334 ألف دولار بمزاد في جنيف    المغرب يعزّز حضوره الثقافي في معرض بكين الدولي للكتاب    التصادم الإيراني الإسرائيلي إختبار لتفوق التكنلوجيا العسكرية بين الشرق والغرب    بنكيران يهاجم… الجماهري يرد… ومناضلو الاتحاد الاشتراكي يوضحون    مجازر الاحتلال بحق الجوعى وجرائم الحرب الإسرائيلية    فحص دم جديد يكشف السرطان قبل ظهور الأعراض بسنوات    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وفاة ''غامضة'' في ضيافة الشرطة بآزمور.. وتقرير التشريح تجاوز حدوده (+ فيديو)
نشر في الجديدة 24 يوم 27 - 12 - 2016

دخل الملف الجنائي الذي يتابع في إطاره شرطيان من مفوضية أزمور، في حالة سراح، بتهمة "قتل مواطن"، مرحلة حاسمة في "المحاكمة العادلة"، بعد أن استجابت الغرفة الجنائية الاستئنافية بمحكمة الدرجة الثانية بالجديدة، الأربعاء 21 دجنبر 2016، للملتمس الذي تقدم به الأستاذ عبد الغفور شوراق، دفاع ذوي حقوق الهالك عبد الرحيم العطاوي، باستدعاء لجنة الطب الشرعي التي أجرت التشريح الطبي، للمثول، الأربعاء 01 فبراير 2017، أمام الهيئة القضائية، لتقديم إيضاحات وتوضيحات علمية وتقنية وواقعية وموضوعية علاقة بسبب الوفاة، المضمن في تقرير التشريح الذي أنجزته.
تقرير التشريح وأحكام متضاربة:
يعتبر تقرير التشريح الطبي قانونا وسيلة إثبات ما دية، اعتمدها أساسا قاضي التحقيق الجنائي (1)، والغرفة الجنحية (2)، والغرفة الجنائية الابتدائية (3)، في حيثيات وتعليل قراراتهم المتضاربة، والتي قضت على التوالي بما يلي:
1/ بعدم متابعة الشرطيين المتهمين، من أجل جناية الضرب والجرح بالسلاح المفضي إلى الموت، طبقا للفصول 401 و403 و401 و303 من القانون الجنائي (قرار قاضي التحقيق الجنائي)؛
2/ بإلغاء الأمر المستأنف، والتصريح بمتابعة المتهمين من أجل جناية الضرب والجرح بواسطة السلاح، المفضي إلى الموت، طبقا للفصول 401 و403 و410 من القانون الجنائي، وإحالتهما على غرفة الجنايات الابتدائية، لمحاكمتهما طبقا للقانون (قرار الغرفة الجنحية ، الصادر في موضوع التصريح باستئناف أمر قاضي التحقيق الجنائي، والمقدم من طرف النيابة العامة)؛
3/ بعدم مؤاخذة المتهمين من أجل ما نسب إليهما، والحكم ببراءتهما، وتحميل الخزينة العامة الصائر (قرار الغرفة الجنائية الابتدائية).
الشرطة تعتقل شاهد عيان:
حالت الشرطة بأزمور دون حضور الشاهد عبد الرحيم العاطي، أمام الغرفة الجنائية الاستئنافية، للإدلاء بشهادته، في جلسة الأربعاء 09 نونبر 2016، بعد أن عمدت دورية أمنية إلى إيقافه، في ساعة متأخرة من ليلة الثلاثاء – الأربعاء 08 – 09 نونبر 2016، بتهمة السكر العلني البين، ووضعه من ثمة تحت تدابير الحراسة النظرية، لمدة 48 ساعة، قبل أن تحيله الضابطة القضائية على النيابة العامة المختصة، والتي أخلت سبيله.
وحسب ذوي حقوق الهالك، في شخص نائبهم بوعزة العاطي، فإن الهيئة القضائية قد اعتبرت وقتها، في جلستها المنعقدة، الأربعاء 09 دجنبر 2016، أن ملف القضية كان جاهزا للمناقشة.. ولو في غياب الشاهد. حيث ألح الدفاع في التماس التأجيل إلى تاريخ لاحق. الأمر الذي استجابت له المحكمة، التي أرجأت البث إلى الأربعاء 21 دجنر 2016.
تشبث الشاهد بشهادته:
عرفت جلسة المحاكمة، الأربعاء 21 دجنبر 2016، والتي استغرقت حوالي ساعة و30 دقيقة، مناقشة ملف القضية. حيث استمعت مجددا الهيئة القضائية بالغرفة الجنائية الاستئنافية، التي يرأسها القاضي الحمدوني برين، للشاهد عيان محمد الرامي (مهنته نجار، وبدون سوابق عدلية)، والذي كان قاضي التحقيق الجنائي، والغرفة الجنائية الابتدائية استمعا إلى شهادته، بعد أدائه اليمين القانونية ونفيه أية علاقة عداوة أو قرابة بالشرطيين المتهمين، وأصدرا قراريهما المشار إليهما أعلاه، واللذين قضيا على التوالي، بعدم متابعة الشرطيين المتهمين (1)، والحكم ببراءتهما (3). وتعتبر بالمناسبة الشهادات والإفادات التي يدلي بها الشهود، بعد أداء اليمين القانونية، من وسائل الإثبات المادية، المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية، التي لا يمكن استبعادها أو الطعن فيها إلا بالزور، والتي تلزم المحكمة والقضاء، الأخذ بعين الاعتبار حجيتها في تعليل قراراتهما من الوجهتين الواقعية والقانونية.
وحسب الشهادة التي أكدها شاهد عيان في جميع مراحل التقاضي (أمام مؤسسة قاضي التحقيق الجنائي، والغرفة الجنائية الابتدائية، والغرفة الجنائية الاستئنافية)، فإنه تقدم من تلقاء نفسه، بمجرد أن علم، خلال يوم النازلة ذاته، إلى أسرة الهالك عبد الرحيم العاطي، وأبدى استعداده للإدلاء بشهادته أمام العدالة، استجابة لنداء الضمير، وسعيا لقول كلمة الحق، وإرضاء لله تعالى.
وأفاد شاهد عيان أنه كان يتواجد، صباح يوم النازلة، بمعية الهالك داخل السوق الأسبوعي بأزمور، حيث انهال على الأخير شرطيان بالزي المدني، بعصا حديدية لرفع الشمسيات، قبل أن يحكما قبضته من خلف عنقه (قفاه)، من قميصه (قبية)، ويجرانه مصفد إلى مخفر الشرطة (...).
قراءة في تقرير التشريح الطبي:
بالاطلاع على تقرير التشريح الطبي، فإن لجنة الطب الشرعي التي أنجزته، جزمت في خلاصتها بأن الأمر يتعلق ب: "انتحار بالشنق" ( suicide par pendaison:conclusion). وهذا يعني، ودون لبس أو التباس، أن جثة الهالك كانت أولا معلقة في فضاء مكان محدد جغرافيا وترابيا (المحبس)، وأنها ثانيا مشدودة إلى حبل (سقف المحبس أو نافذته..)، وأنها ثالثا، وبغض النظر عن أثار الانتحار في العنق وتحت الأذنين، وخروج سائل المني، تحمل رضوضا في الجسد والرأس، في حال تقطع وسيلة الانتحار (الحبل..)، وسقوط الجثة واصطدامها مع أرضية الزنزانة الصلبة (...). والحال أن الجثة تم العثور عليها داخل الزنزانة، ممدة على الظهر، وبدون حبل المشنقة، لا حول عنق الهالك، ولا في أي مكان آخر، حسب التقرير الإخباري الذي رفعه رئيس القسم المحلي للشرطة القضائية بمفوضية أزمور، إلى الوكيل العام للملك باستئنافية الجديدة.
المعاينة والتقرير الإخباري:
بالرجوع إلى التقرير الإخباري، فإن قاعة المواصلات أخبرت هاتفيا رئيس قسم الشرطة القضائية، على الساعة الثالثة من هذا اليوم (يوم النازلة)، أنها تلقت إشعارا عبر الهاتف، أن المسمى قيد حياته عبد الرحيم العاطي، الموضوع تحت الحراسة النظرية، قد فارق الحياة داخل الزنزانة. وعلى التو، التحق بعين المكان، وبعد تأكيد الوفاة من طرف عناصر الوقاية المدنية، أشعر نائب الوكيل العام للملك باستئنافية الجديدة، الذي حضر إلى عين المكان، وانتدب طبيبا محلفا. وبالزنزانة، عاينوا جثة شخص ذكر ممدة على الظهر، يرتدي قميصا أبيض اللون (قبية)، وسروالا "دجين" أزرق اللون، لا يحمل أي أثر ظاهر للعنف، باستثناء ثلاث ندوب قديمة على مستوى البطن، وثلاث ندوب أخرى قديمة على مستوى ساعد يده اليسرى، وأثار زرقة على شكل خط على مستوى العنق (...)".
وبالمناسبة، وحسب التقرير الإخباري، فإن شرطيين عاملين بالقسم المحلي للشرطة القضائية (...) كانا قدما على الساعة 12 و45 دقيقة من اليوم ذاته، المسمى عبد الرحيم العاطي، أمام رئيسهما بالقسم، والذي لم يعاين عليه أية أثار للعنف أو ما شابه ذلك، وأنه يتمع بكامل قواه، و لا تبدو عليه أية اضطرابات، ويبدو في صحة جيدة. وبناء على حالة التلبس، تم وضعه، على الساعة 12 و45 دقيقة، تحت الحراسة النظرية، لفائدة البحث (...).
نفي "رواية البوليس":
في حوار صحفي خص به الجريدة، شكك بوعزة العاطي في أن يكون شقيقه عبد الرحيم العاطي، انتحر داخل محبس مفوضية الشرطة، اللصيق مباشرة بمقر القسم المحلي للشرطة القضائية، مستدلا بما يلي:
1/ غياب ما يفيد ويزكي من الوجهتين الواقعية والمادية، نازلة الانتحار "المفترضة"، من قبيل الوسائل التي يستعملها الشخص الذي يقدم على وضع حد لحياته بطريقة من الطرق المعتادة، وتحديدا بالشنق بواسطة "حبل"، بالنسبة للحالة "المزعومة"، التي تخص الضحية عبد الرحيم العاطي. حيث إن الجزم أو حتى القول بأن الهالك انتحر، يعتبر، في غياب وسيلة الانتحار، وحتى إن كانت سما، وليس فقط حبلا، أمرا لامعقولا، لا يمكن أن يتصوره حتى الخيال العلمي.
2/ كيف لشخص موقوف أن ينتحر بأية وسيلة من الوسائل، علما أن أول عمل يقوم به ضابط الشرطة القضائية، بمجرد أن يوقفه أو يتسلمه قانونيا، وقبل وضعه تحت تدابير الحراسة النظرية، وإشعاره بحقوقه المنصوص عليها في المادتين 66 و67 من قانون المسطرة الجنائية، هو تجريده من جميع الأشياء التي قد يستعملها للاعتداء على نفسه أو على غيره ؟
3/ كيف للهالك أن يقدم على الانتحار داخل المحبس، وهو موضوع تحت تدابير الحراسة النظرية، أي أنه يخضع لمراقبة صارمة وعن كثب، من قبل حارسي أمن تابعين للهيئة الحضرية ؟
3/ كيف للهالك أن ينتحر، دون أن يكون ثمة سبب ... سيما أن التقرير الإخباري الذي رفعه رئيس القسم المحلي للشرطة القضائية إلى الوكيل العام للملك باستئنافية الجديدة، جاء فيه: "أنه (رئيس القسم) لم يعاين على عبد الرحيم العاطي أية أثار للعنف أو ما شابه ذلك، وأنه يتمع بكامل قواه، و لا تبدو عليه أية اضطرابات، ويبدو في صحة جيدة" ؟
4/ حسب التقرير الإخباري، فإن رئيس المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية بأمن الجديدة، وعناصر مسرح الجريمة (مصلحة الشرطة العلمية والتقنية)، انتقلوا بدورهم، إلى جانب نائب الوكيل العام، ورئيس القسم المحلي للشرطة القضائية، إلى مسرح النازلة (الزنزانة). حيث باشروا جميع الإجراءات القانونية والمسطرية (المعاينات ...).
5/ كيف يمكن الجزم أو القول بأن الأمر يتعلق بانتحار، في غياب تقرير من المفترض والمفروض أن تكون أنجزته الضابطة القضائية، سيما الفرقة الجنائية وعناصر مسرح الجريمة، ويتضمن تفصيليا جميع الإجراءات والمعاينات والتحريات الميدانية، وما استجمعوه من وسائل إثبات داخل المحبس، تفيد وقوع عملية الانتحار "المفترضة"، وكذا، ظروفها وملابساتها، للاستعانة به في البحث القضائي، تحت إشراف النيابة العامة المختصة.
6/ أين تبخرت وسيلة الانتحار "المفترض"، في الحالة التي تخص الهالك عبد الرحيم العاطي، والذي تم العثور عليه، حسب التقرير الإخباري، جثة ممدة على الظهر، يرتدي قميصا أبيض اللون (قبية)، وسروالا "دجين" أزرق اللون، لا يحمل أي أثر ظاهر للعنف، باستثناء ثلاث ندوب قديمة على مستوى البطن، وثلاث ندوب أخرى قديمة على مستوى ساعد يده اليسرى، وأثار زرقة على شكل خط على مستوى العنق ؟
7/ من غير الممكن أن تكون نازلة الانتحار "المفترضة" وقعت، في حال حدوثها على أرض الواقع، بعيدا عن أعين حارسي الأمن من الهيئة الحضرية، المكلفين بالمراقبة الصارمة وبتدابير الحراسة النظرية، وبعيدا عن أعين باقي الأشخاص الموقوفين، الموضوعين وقتها تحت تدابير الحراسة النظرية، من قبل المصالح الشرطية التابعة لمفوضية أزمور (القسم المحلي للشرطة القضائية – الدائرة الأمنية...). فهؤلاء الأشخاص الموقوفون "المفترضون"، قد يكونون شهود عيان على حقيقة ما حصل يوم وساعة النازلة. حيث يتعين الرجوع إلى سجلات الاعتقال، المودعة لدى المصالح الشرطية بمفوضية أزمور، لتحديد هوياتهم، واستدعائهم للمثول أمام الغرفة الجنائية الاستئنافية، للإدلاء بشهاداتهم وإفاداتهم.
التشكيك في الانتحار "المفترض":
شكك ذوو حقوق الهالك، في شخص نائبهم بوعزة العاطي (الفيديو رفقته)، في نازلة الانتحار "المفترضة"، على غرار ما ذهبت إليه منابر إعلامية وطنية وازنة، من قبيل جريدة "الصباح"، التي كانت أوردت في حينه على أعمدة صفحتها الأولى، مقالا صحفيا تحت عنوان: "رجال الأمن يسارعون إلى نشر أخبار عن وفاة متهم تحت الحراسة النظرية، دون انتظار نتائج التشريح.. الموت بسبب وعكة صحية.. وصفة جاهزة للهروب من المسؤولية". مقال مما جاء فيه أن: "بعض رجال الأمن لديهم وصفات جاهزة من أجل الإفلات من العقاب، بعد وفاة شخص بمركز أمني، خلال فترة الحراسة النظرية. فبمجرد وقوع الحادث، يخرج المسؤول مطبوعا لا يفارقه، كتبت عليه عبارة "وفاة مواطن نتيجة وعكة صحية". ويضيف الاسم العائلي والشخصي للضحية، وظروف اعتقاله، ثم يبعثه إلى وكالة المغرب العربي للأنباء، من أجل تعميمه وإخماد الاحتجاجات، وسد باب الفرضيات، من قبيل تعرض الضحية لاعتداء أو تعذيب خلال التحقيق معه..".
تقرير التشريح تجاوز حدوده:
إن الخلاصة التي أوردتها لجنة الطب الشرعي في تقرير التشريح، والتي جزمت بصفة قطعية، لا تدع مجالا للشك أو لأي تأويل علمي أو طبي، بأن وفاة الهالك عبد الرحيم العاطي، كانت بسبب: "الانتحار بالشنق"، قد جاءت مخالفة لما تضمنه التقرير الإخباري المرفوع إلى الوكيل العام، وللمعاينات التي أجرتها في مسرح النازلة (الزنزانة/المحبس)، السلطات المعنية، القضائية والأمنية والصحية، ممثلة على التوالي في نائب الوكيل العام، ورئيس القسم المحلي للشرطة القضائية بمفوضية أزمور، ورئيس المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية بأمن الجديدة، وعناصر مسرح الجريمة (مصلحة الشرطة العلمية والتقنية)، والطبيب المحلف. خلاصة تنم عن تجاوز اللجنة الطبية الشرعية لحدودها، والخوض في أمور تدخل في نطاق اختصاصات وصلاحيات الضابطة القضائية، الموكول لها بحكم مقتضيات قانون المسطرة الجنائية، إجراء بحث قضائي في النازلة، تحت إشراف النيابة العامة المختصة، لتحديد ظروف وملابسات وأسباب الوفاة، التي حصلت داخل زنزانة المفوضية، والجزم أو الاستنتاج من ثمة بأن الأمر يتعلق بعملية انتحار، والذي يعتبر بالمناسبة فعلا إراديا وشخصيا، أو بشيء آخر، قد يكون جريمة قتل مقنعة بغطاء الانتحار. وهذا ما جاء في مناقشة الأستاذ عبد الغفور شوراق، دفاع ذوي حقوق الهالك.
تقرير التشريح والأحكام المتضاربة:
إن الخلاصة التي اعتمدتها لجنة الطب الشرعي في تقرير التشريح، قد كانت بدورها حاسمة في أحكام القضاء المتضاربة، والتي جاءت، كما تمت الإشارة أعلاه، على النحو التالي:
1/ بالنسبة لقاضي التحقيق الجنائي، محمد الدويري، فقد جاء قراره بعدم متابعة الشرطيين المتهمين، من أجل جناية الضرب والجرح بالسلاح المفضي إلى الموت، طبقا للفصول 401 و403 و401 و303 من القانون الجنائي. وجاء أيضا ضمن حيثيات وتعليل قرار قاضي التحقيق، أن النشريح الطبي يفيد أن الهالك توفي جراء الاختناق بالشنق؛ وأن شهادة الشاهد محمد الرامي، تتناقض مع التشريح الطبي؛ وأن التشريح الطبي يفيد أن الوفاة ناجمة عن انتحار بالشنق، وليس بسبب الضرب والجرح، بل أن التشريح أكد عدم وجود أي أثر للعنف على جسم الضحية، باستثناء مكان الشنق.
2/ وبالنسبة للغرفة الجنحية برئاسة القاضي حسن أزنير، فإن قرارها الصادر في موضوع التصريح باستئناف أمر قاضي التحقيق الجنائي، والمقدم من طرف النيابة العامة، كان بإلغاء الأمر المستأنف، والتصريح بمتابعة المتهمين من أجل جناية الضرب والجرح بواسطة السلاح، المفضي إلى الموت، طبقا للفصول 401 و403 و410 من القانون الجنائي، وإحالتهما على غرفة الجنايات الابتدائية، لمحاكمتهما طبقا للقانون.
ومما جاء في تعليل وحيثيات قرار الغرفة الجنحية: "وحيث إن التشريح الطبي المجرى على جثة الهالك، وإن استنتج في خلاصة منجزه، بأن الهالك انتحر، فإن هذه الواقعة ليس عليها دليل، باعتبار أن مصلحة الشرطة لم يرد عليها أي تقرير، يفيد حصول عملية الانتحار داخل مرافق أقسامها، بتاريخ الواقعة، ولا حجز أو معاينة الحبل الذي استعمل في ذلك. ومن جهة أخرى، فإنه يؤكد (أي التشريح) بأن سبب وفاة الهالك هو اختناق، نتج عن عملية شنق. وهو ما ينسجم مع الظروف والملابسات المرافقة لأطوار عملية إلقاء القبض عليه، وأقوال الشاهد محمد الرامي الذي أكد من خلالها أن أحد المتهمين كان يحمل قضيبا، واستعمله في عملية القبض على الهالك، التي لم تسفر عن إصابته إلا بتلك الإصابات التي على مستوى العنق، والتي أكد التشريح بأنها من أعراض الوفاة بالشنق..".
3/ أما الغرفة الجنائية الابتدائية برئاسة القاضي نورالدين الفايزي، فقد جاء قرارها الجنائي بعدم مؤاخذة المتهمين من أجل ما نسب إليهما، والحكم ببراءتهما، وتحميل الخزينة العامة الصائر. ومما جاء في تعليل وحيثيات القرار الجنائي الابتدائي أن تقرير التشريح الطبي يثبت أن المسمى قيد حياته عبد الرحيم العاطي قد توفي بسبب الانتحار شنقا.
وبالمناسبة، فإن دفاع المتهمين كان التمس من الهيئة القضائية أساسا البراءة لموكليه، واحتياطيا تكييف الفعل (جناية الضرب والجرح بواسطة السلاح، المفضي إلى الموت)، إلى ضرب وجرح غير عمدي، وتمتيعهما بظروف التخفيف.
فرضية القتل كما أوردها الدفاع:
استحضر دفاع ذوي حقوق الهالك، خلال مناقشة ملف القضية الجنائية، وقائع وفرضيات، صبت في العلاقة السببية بين فعل اعتداء الشرطيين المتهمين على الضحية عبد الرحيم العاطي، وجره مصفد اليدين، من خلف عنقه (قفاه)، من قميصه (قبية بدون خيط)، كما أكد الشاهد عيان، خلال جميع مراحل التقاضي، إلى مخفر الشرطة، عند مدخل المحطة الطرقية، اللصيقة بالسوق الأسبوعي بآزمور، والكائن (المخفر) على بعد حوالي 100 متر من مكان الاعتداء، (ألعلاقة السببية بين فعل الاعتداء)، والوفاة التي تكون حصلت، حسب الدفاع، داخل سيارة الشرطة. واستدل المحامي عبد الغفور شوراق على وفائع النازلة، والفرضيات الموضوعية والمنطقية، بكون الشرطيين برتبتي مقدم الشرطة وحارس الأمن، اللذين لا يحظيان بالصفة الضبطية، لم يكن عليهما مرافقة سيارة النجدة، التي حضرت لتوها إلى مخفر الشرطة، وتسلم ضابط الشرطة القضائية الذي كان على متنها، "الفاعل المفترض"، (لم يكن عليهما مرافقة سيارة الشرطة) إلى مقر القسم المحلي للشرطة القضائية بمفوضية أزمور، من أجل مباشرة الإجراءات المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية، والتي هي من اختصاص ومهام ضابط الشرطة القضائية. ومن ثمة، لم يكن عليهما ترك مقر عملهما، المحدد مكانيا وترابيا وحتى إداريا، من قبل رئيسيهما المباشر (رئيس القسم المحلي للشرطة القضائية)، حسب التقرير الإخباري المرفوع إلى الوكيل العام، والذي نص على أن "الشرطيين العاملين بالقسم، معينان للقيام بحملات داخل السوق الأسبوعي بهذه المدينة (أزمور)، الذي يعرف رواجا خلال هذا اليوم، بحكم انعقاد السوق الأسبوعي (...)". وخلص الدفاع إلى أن مغادرة الشرطيين مكان عملهم، والتحاقهما، في حدود الساعة 12 و45 دقيقة، بقسم الشرطة القضائية، الذي يبعد بحوالي كيلومتر، يعتبر مخالفة للضوابط المهنية (abandon de poste)، وأن الغاية من ذلك كانت تدبر أمرهما، وطمس معالم الجريمة، بعد أن كان الضحية قضى نحبه داخل سيارة الشرطة.
"المحاكمة العادلة":
إن الشرطيين المتابعين في حالة سراح، أمام الغرفة الجنائية الاستئنافية، من أجل "جناية الضرب والجرح بواسطة السلاح، المفضي إلى الموت"، يظلان بريئين، إلى أن يثبت العكس، أو تثبت براءتهما نهائيا، في إطار "محاكمة عادلة"، تستند أساسا إلى ما يلي:
1/ التوضيحات والإيضاحات العلمية والتقنية والواقعية والموضوعية، التي ستقدمها لجنة الطب الشرعي، أمام الغرفة الجنائية الاسئنافية، في جلسة الأربعاء 01 فبراير 2017، علاقة بسب الوفاة (الانتحار شنقا)، الذي ضمنته في تقرير التشريح الطبي الذي أنجزته؛
2/ المعاينة التي أجرتها السلطات المختصة (نائب الوكيل العام – رئيس القسم المحلي للشرطة القضائية – الطبيب المحلف..)، في مسرح النازلة (المحبس/الزنزانة)، والتقرير الإخباري المرفوع إلى الوكيل العام، والذي تضمن، حسب حرفية نصه، ما يلي: "(...) وبالزنزانة، عاينوا جثة شخص ذكر ممدة على الظهر، يرتدي قميصا أبيض اللون (قبية)، وسروالا "دجين" أزرق اللون، لا يحمل أي أثر ظاهر للعنف، باستثناء ثلاث ندوب قديمة على مستوى البطن، وثلاث ندوب أخرى قديمة على مستوى ساعد يده اليسرى، وأثار زرقة على شكل خط على مستوى العنق (...)"؛
3/ شهادة شاهد عيان التي أكدها في جميع مراحل التقاضي، والتي اعتمدتها من الوجهة الواقعية الغرفة الجنحية برئاسة القاضي حسن أزنير، في تعليل وحيثيات قرارها، الذي تضمن، من باب التذكير، ما يلي: "وحيث إن التشريح الطبي المجرى على جثة الهالك، وإن استنتج في خلاصة منجزه، بأن الهالك انتحر، فإن هذه الواقعة ليس عليها دليل، باعتبار أن مصلحة الشرطة لم يرد عليها أي تقرير، يفيد حصول عملية الانتحار داخل مرافق أقسامها، بتاريخ الواقعة، ولا حجز أو معاينة الحبل الذي استعمل في ذلك. ومن جهة أخرى، فإنه يؤكد (أي التشريح) بأن سبب وفاة الهالك هو اختناق، نتج عن عملية شنق. وهو ما ينسجم مع الظروف والملابسات المرافقة لأطوار عملية إلقاء القبض عليه، وأقوال الشاهد محمد الرامي الذي أكد من خلالها أن أحد المتهمين كان يحمل قضيبا، واستعمله في عملية القبض على الهالك، التي لم تسفر عن إصابته إلا بتلك الإصابات التي على مستوى العنق، والتي أكد التشريح بأنها من أعراض الوفاة بالشنق..".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.