اجتمع العدوان أخيرا على مائدة الخمر والمجون وبصحبتهما فتاة جميلة مكتملة الأنوثة. و ظل الصراع بينهما صامتا وملتهبا، إلى أن جاءت لحظة الحسم، حينما افتعل الجاني( س- ت) حادثا تافها حول قنينة خمر. وفي لحظة غدر يطعن صديقه ( ر- ج)، من الخلف لينهي بسرعة حربا لا يقدر عليها، لتنتهي الجلسة بجريمة قتل. ماهي الدوافع الحقيقية لهذه الجريمة؟ لنتابع الحكاية كما روتها محاضر الشرطة. صراع خفي بين رجلين ...... كانا من نفس الفترة العمرية، فالأول ولد سنة 1972، والثاني من مواليد 1974 ، كان كلاهما قويا وعنيدا، لا يستطيع أحد من سكان القرية التي يقطنان بها، والتي لا تبعد عن مدينة خريبكة إلا ب 12 كلم، أن يقف في وجهيهما، بسبب جبروتهما وبطشهما، لاسيما وأنهما معا من أصحاب السوابق العدلية، في مجال التعرض للمارة وسلب ممتلكاتهم والسكر العلني وحمل السلاح الأبيض. إلا انه وخلال كل مناسبة كانت تباح فيها الفرصة للمواجهة بينهما، كان كل منهما يفوت على الآخر تلك الفرصة تجنبا لخسارة غير محتملة، تجعل الغالب ″ المعلم ″ يجر ذيول العار والخزي والخيبة.. وإن كان كل معارفهما يعلمون أن ساعة الحسم قد قربت، بل منهم من يتمناها أملا في معرفة من له الحق في ادعاء القوة، ومن يجب أن يكون له الولاء من غيره، بعد الذي لاحظوه من صراعهما حول استمالة قلب إحدى فتيات القرية، فالعرين الذي سيحتضن الفتاة لن يقبل بأسدين . خصام حول قنينة خمر يفجر الصراع حول قلب فتاة وفي أحد الأيام من شهر مارس الأخير، حدث شيء ما كان يندر بأن نهاية أحدهما قد اقتربت. فقد اتفق الصديقان، العدوان، على جلسة يتبادلان فيها الأنس و يعاقران فيها الخمر صحبة فتاة جميلة تعيد إليهما ذكريات قديمة. كان كل شيء في الظاهر يوحي بان الصديقين وجدا التفاهم المفقود بينهما. وبأن حبل المودة الذي انقطع بينهما ربما عادت إليه بعض الحرارة المفقودة. وزاد من جمال الجلسة و حلاوتها، وجود (ابتسام- ت) التي اختطفت قلب الضحية ( ر- ج)، و تربعت على عرشه. وخاصة أنها فتاة في عقدها السابع، و لا تزال في بداية اكتمال أنوثتها. وكان وجودها وحده كافيا ليتحول عشيقها إلى أسد لا يجاريه احد في قوته وعربدته.. ويكفيه أنها اختارته دون غيره. وبعد انتشائهما بالكؤوس الأولى التي دغدغت أحاسيسهما و زادت من درجات حرارتهما. وبما أن الخلوة جمعت رجلين والخمر رابعهما، فان كل واحد منهما بدا يستعد في قرارة نفسه للمواجه القوية والحاسمة. و ما كان من الجاني ( س- ت)، إلا أن افتعل خلافا حول الخمر الذي يشربانه، و حاول الضحية أن يروع من أمر صاحبه الذي بدت ملامح الغدر و الخيانة ترتسم على قسمات و جهه . لكنه أعاد استفزازه لبسط قوته و إظهار رجولته أمام العشيقة ابتسام، التي نفذت سهامها إلى قلبه و سيطرت عليه. و أن كسر شوكة غريمه سينال رضاها و يسرق إعجابها به. فزاد من غطرسته و ما كان منه إلا أن استل سكينا وانهال به في طعنات قاتلة وغادرة في الظهر على مستوى القلب، ما يفسر انه اختار الغدر على المواجهة التي كان سيخسرها، نظرا لقوة غريمه. فكانت تلك الطعنات كافية لتجعل الضحية يعيش آخر لحظاته مذهولا و مرعوبا، وهو يلامس القطرات الأولى من دمائه التي تسربت بغزارة، بسبب درجة حرارته المرتفعة بسبب الكحول، ليسقط صريعا على الأرض بعدما خارت قواه و أوشكت الروح أن تسلم نفسها لخالقها . موت احد الشابين وتسليم الآخر نفسه للعدالة أمام هذا المشهد المرعب، استجمعت ابتسام قواها وفرت هاربة في حالة هستيرية، نحومركز الدرك الملكي، لتخبر عن مقتل حبيبها الذي نالت منه أيدي الغدر والخيانة.. وما هي إلا دقائق حتى خرج رجال الدرك في طلب القاتل. أما الجاني و بمجرد سقوط غريمه، وجد نفسه في حالة من الذهول و الذعرمما جنته يداه، فالأمر يتعلق بجريمة قتل وعواقبها معروفة، فخارت قواه ووجد نفسه عاجزا عن الهرب، بسبب الخوف و حالة السكر التي عطلت حركاته وتفكيره..و بمجرد ما أحس بقدوم رجال الدرك إلى عين المكان وبأنه أصبح مطلوبا للعدالة، حتى اخرج المدية و أشهرها في وجههم، بل وكاد أن يصيب احدهم في تحد سافر، ولاذ بالفرار دون أن تعرف الجهة التي قصدها، خاصة و أن الوقت كان ليلا ما سهل عملية اختفائه، و افسد على رجال الدرك أمرملاحقته، لتنقل بعد ذلك جثة الضحية إلى مستشفى الحسن الثاني بخريبكة.
القاتل فضل اقصر الطرق لإنهاء المطاردة، حيث فأجا الجميع وهو يلج باب المحكمة الابتدائية، سيما بعد أن تأكد من وفاة صديقه، مصحوبا بالمدية التي ارتكب بها الجريمة، ليعم الهرج و الهلع داخل المحكمة، لكنه كان هادئا و يائسا بعد فعلته. تم إخبار الجهات المعنية و المسؤولة، لتنتهي المطاردة ويلقى القبض على الجاني الذي اعترف بالمنسوب إليه دون عناء يذكر. و تمت إعادة تشخيص وقائع الجريمة بمكان وقوعها، كما تم إلقاء القبض على العشيقة وقدما في حالة اعتقال إلى قاضي التحقيق، بمحكمة الاستئناف بخريبكة من اجل الفساد والسكر وجناية القتل.