بوزنيقة.. إعادة انتخاب نزار بركة أمينا عاما لحزب الاستقلال    حزب الاستقلال يجدد الثقة في نزار بركة أميناً عاماً    المغرب يشارك في الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض    على هامش المعرض الدولي للفلاحة.. تتويج المربين الفائزين في مسابقات اختيار أفضل روؤس الماشية    الحرب في غزة محور مناقشات قمة اقتصادية عالمية في المملكة السعودية    ساعة جيب لأغنى ركاب "تايتانيك" بيعت في مزاد لقاء 1,46 مليون دولار    ما الذي سيحدث بعد حظر الولايات المتحدة تطبيق "تيك توك"؟    مسؤولون في الخارجية الأمريكية يقولون إن إسرائيل قد تكون انتهكت القانون الإنساني الدولي    محمد صلاح عن أزمته مع كلوب: إذا تحدثت سوف تشتعل النيران!    الحسنية يلحق الهزيمة الأولى بالجيش الملكي في البطولة    طقس الأحد.. أمطار رعدية وثلوج بهذه المناطق المغربية    السلطات المغربية تتعقب صاحب صفحة "لفرشة"    الحبس النافذ للمعتدين على فتيات بسبب تلاوتهن القرآن    الحصيلة المرحلية للحكومة في قطاع التعليم: من أجل أن تكتمل الصورة    محاولة الهجرة إلى سبتة تؤدي إلى مصرع شاب وظهور جثته في الحسيمة    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    افتتاح مهرجان تطوان المتوسطي ب"بنات ألفة"    توقيف سارق ظهر في شريط فيديو يعتدي على شخص بالسلاح الأبيض في طنجة    مرصد الصحراء للسلم والديمقراطية وحقوق الإنسان يندد بالإعدامات التعسفية في حق شباب محتجزين بمخيمات تندوف    صديقي: المملكة قطعت أشواط كبيرة في تعبئة موارد السدود والتحكم في تقنيات السقي    بمشاركة خطيب الأقصى.. باحثون يناقشون تحولات القضية الفلسطينية    "دكاترة التربية الوطنية" يطالبون بتعويض المتضررين من عدم تنفيذ اتفاق 2010    سيارة ترمي شخصا "منحورا" بباب مستشفى محمد الخامس بطنجة    ما هو صوت "الزنّانة" الذي لا يُفارق سماء غزة، وما علاقته بالحرب النفسية؟    مهرجان إثران للمسرح يعلن عن برنامج الدورة الثالثة    عاجل.. مؤتمر "الاستقلال" يختار نزار بركة أمينا عاما لولاية ثانية    حزب "الاستقلال" يختتم مؤتمره.. في انتظار الحسم في اختيار أمينه العام واتجاه لتزكية بركة لولاية جديدة    قيادة الاستقلال تتوافق على لائحة الأسماء المرشحة لعضوية اللجنة التنفيذية    خبراء وباحثون يسلطون الضوء على المنهج النبوي في حل النزاعات في تكوين علمي بالرباط    بدء أشغال المجلس الوطني لحزب "الميزان"    الجيش الملكي يستنكر "الأخطاء التحكيمية" في مباراة الحسنية ويشكو الرداد للجنة التحكيم    ابتدائية تنغير تصدر أحكاما بالحبس النافذ ضد 5 أشخاص تورطوا في الهجرة السرية    حكيم زياش يبصم على أداء كبير رفقة غلطة سراي التركي    وزان ..تحديد أفق إطلاق مشروع دار الاقتصاد الأخضر    صحيفة "النهار" الجزائرية: إتحاد العاصمة الجزائري يتجه إلى الإنسحاب من مواجهة نهضة بركان    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    انطلاقة مهرجان سينما المتوسط بتطوان    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    بفضل فوائده وجودته.. منتوج العسل المغربي يطرق أبواب السوق الأوروبية    بعد مشادات مع كلوب.. صلاح: حديثي سيشعل الأمر    الأمثال العامية بتطوان... (584)    اتحاد العاصمة باغيين يلعبو وخايفين من الكابرانات: هددو ما يلعبوش ويرجعو فالطيارة اليوم للجزائر وفاللخر مشاو يترينيو    صافرة كونغولية لمباراة نهضة بركان واتحاد العاصمة الجزائري    "حماس" تعلن ارتفاع عدد القتلى في غزة    انتخابات الرئاسة الأمريكية تؤجل قرار حظر "سجائر المنثول"    نادية فتاح: المغرب يتيح الولوج إلى سوق تضم حوالي مليار مستهلك بإفريقيا    جاري القروض الصغرى المستحقة يصل إلى 8,4 مليار درهم في متم 2022    رحلة الجاز بطنجة .. عودة للجذور الإفريقية واندماج مع موسيقى كناوة    مجلس الأمن .. حركة عدم الانحياز تشيد بجهود جلالة الملك لفائدة القضية الفلسطينية    تفاصيل وكواليس عمل فني بين لمجرد وعمور    ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء بالمغرب    السعيدية.. افتتاح النسخة الثامنة من تظاهرة "أوريونتا منتجعات السعيدية – حكايات فنية"    الأكاديمية تغوص في الهندسة العمرانية المغربية الإسبانية عبر "قصر الحمراء"    اكتشف أضرار الإفراط في تناول البطيخ    كورونا يظهر مجدداً في جهة الشرق.. هذا عدد الاصابات لهذا الأسبوع    الأمثال العامية بتطوان... (583)    دراسة: التمارين منخفضة إلى متوسطة الشدة تحارب الاكتئاب    بروفيسور عبد العزيز عيشان ل"رسالة24″: هناك علاج المناعي يخلص المريض من حساسية الربيع نهائيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الديمقراطية قزمت بنظرية سلطة الأغلبية وتجاهل الأقلية
نشر في السند يوم 06 - 01 - 2011


العلمانية الديمقراطية لا تتعارض مع الدين
ثروات كركوك والعراق مهدورة بدون الاستقرار والتآخي
كان السيد حميد مجيد موسى من الشخصيات الديمقراطية المشاركة في العملية السياسية بناء على قرار من قواعد الحزب الشيوعي العراقي. كما أنه ترأس لجنة تطبيق المادة 140 الخاصة بالمناطق المختلف بشأنها.
"الاتحاد" أرادت معرفة رأيه في الضجة التي أثيرت بشأن العديد من القضايا سواء ما يخص حق تقرير المصير أو الحريات المدنية، فكان هذا اللقاء
قيل أن لقاء المالكي - علاوي الأخير في بيت د. إبراهيم الجعفري كان إيجابياً؟.
- هذا هو المعلن، لكن لم تتوفر أية معلومات تفصيلية تؤكد ما أدلي به من تصريحات. فهناك منطلق خاطئ لتقاسم السلطة، يفهمه كل طرف بطريقته الخاصة. وإذا كان الأمر يتعلق بالاستحقاق الانتخابي فهو ما لا يمكن اغفاله عند تشكيل الحكومة، لكن إذا كان الأمر "استحقاقات" طائفية و"مكوّنية"، فهذا سيعقد العملية. وفي حالة الانطلاق من: اننا تنازلنا عن رئاسة الحكومة لاعتبارات تسهيل العملية السياسية ونريد مقابلها تعويضات، فأن ذلك سيقود إلى تشكيل حكومة مشابهة لما كان عليه الحال في إقليم كردستان (50% -50%)، وهي حالة خطيرة جدا وقد لا تستقيم في بغداد. وحتى في حال تشكيل حكومة كهذه، فان انفجارها وارد حتى في اللحظات الأولى، لان ازدواجية السلطة في ظل غياب المرونة مؤذية، وهي تفرخ توترات لأتفه الأسباب، ومآلها الانفجار والتصادم.
* كيف تنظرون إلى إعلان المالكي وعلاوي أن التشكيلات المستحدثة ستكون مكملة للسلطة التنفيذية وتعزز نجاحها؟.
- نتمنى أن تكرس مؤسسات السلطة التنفيذية في هذا الاتجاه. لكن وكما يقال فأن "الشيطان يكمن في التفاصيل". وما أعلن عن مشروع العراقية ل"المجلس الوطني لرسم السياسات العليا" يبين أنه يؤدي إلى رأسين للسلطة التنفيذية، بكل ما يتضمنه ذلك من ازدواجية حقيقية، بحكم الصلاحيات المقترح اناطتها برئيس مجلس رسم السياسات، وهي كبيرة، وكبيرة جداً، بحيث أدت إلى رد فعل مقابل - كما لاحظنا - يرفض هذه الازدواجية. ومع أن أحداً لم يعترض على تشكيل هذا المجلس، لكن لم يُذكر ما الذي سيقوم به وفق الصلاحيات المحددة في قانونه الخاص؟ فالمطروح هو أن يتمتع المجلس بصلاحيات تنفيذية يأخذها من الحكومة، و يأخذ أيضا صلاحيات تشريعية من البرلمان، بل وحتى يشرف على القضاء، الذي هو سلطة مستقلة! ويقابل مشروع العراقية هذا رأي يدعو إلى أن يكون دور المجلس تنسيقياً بين المؤسسات، في سياق العمل على إنضاج أطر ومفردات لسياسات الدولة بأتفاق أطرافه، على أن تأخذ هذه المفردات طريقها وفق الأصول التشريعية وبموجب ما حدده الدستور. هناك اذن فهمان متباينان، بل متقاطعان. وهنا يكمن منشأ الخلاف المعبر عن "صراع السلطة".
والمؤسف أن تجربة السلطة العراقية هي لحد الآن سباق في الحصول على أكبر قدر من كعكة الحكم، والتطلع إلى أكبر دور في صنع القرار السياسي، وبالطبع بأقل الكلف وبأسرع ما يمكن. ومن شأن هذا التعامل إلحاق الأذى ب"مبدأ التوافق" بمعناه الحقيقي، وب "مبدأ الحوار والتنازلات المتقابلة والبحث عن مشتركات الحوار" كما عشناه في الفترة الماضية. لذا ينبغي الانتهاء من مسألة حدود وصلاحيات المجلس. فالعناوين الكبرى لم تعد تكفي، ونحن الآن نواجه مفردات تفصيلية ينبغي التوافق عليها، لوضع خطوات عملية مدروسة مشرعة لإتخاذ القرار.
الحريات العامة والشخصية
* ما هو موقف الحزب الشيوعي العراقي من التطورات الأخيرة التي طالت حرية التعبير والحريات الشخصية، والتي صار اتحاد الأدباء ومحافظة بغداد طرفي النزاع فيها. هل هزم التيار الليبرالي في معاركه الأخيرة، أم ماذا؟.
- أولاً نحن نسميه التيار الديمقراطي وليس الليبرالي. ف"الليبرالي" تعبير فضفاض لا نعرف حدوده تماماً. نحن في التيار الديمقراطي والحزب الشيوعي شركاء في العملية، وقد أنطلقنا في مواقفنا من مراجعة لمسار الأمور في السنوات السبع المنصرمة. وكنا قبل ذلك شركاء أساسيين في الكفاح ضد الدكتاتورية، وتعاونا مع الأخوة الآخرين لإنقاذ البلد مما تعرض له على يد الدكتاتورية، وبعد ذلك لإنهاء الإحتلال. وكنا قد أتفقنا على مشاريع وبرامج لهذا الغرض، لكن للأسف الشديد لم يتم في السنوات السبع المنصرمة انجاز ما يمكن الافتخار به، ومما كنا قد وعدنا الناس به. فقد وعدنا ببديل ديمقراطي بعد الدكتاتورية، لكن البديل لم يتشكل بعد، بفعل مجموعة عوامل في مقدمتها الحالة الأمنية والأوضاع الاقتصادية والخدمية.. وغيرها. دون أن يعني هذا تجاهل واقع مناخ الحرية العام القائم. وقد بادرنا إلى سؤال بقية الأخوة عما إذا كان المتحقق مرضٍ، أم أنه يستدعي المراجعة وإعادة النظر في الإدارة والمحاصصة الطائفية والتخلف الإداري والفساد والعلاقات الخارجية المتوترة.
نحن نعتقد بضرورة وقفة مراجعة ونفس جديد، نمط تفكر جديد، منهج جديد في إدارة الحكم والدولة. ووفق الردود الكلامية التي سمعناها، يوافقنا الجميع في ذلك. لكن كيف يتم تجاوز الحالة المأساوية؟ من جانبنا اقترحنا إقامة تحالف وطني واسع يضم القوى السياسية، التي ناضلت ضد الدكتاتورية وتصدت لمهام العملية السياسية، وكل من يقف إلى جانب بناء العراق الديمقراطي الاتحادي. وتجسيداً لذلك دعونا إلى أن يكون اطار هذا التحالف قائمة وطنية انتخابية عابرة للطوائف والقوميات وتعتمد مبدأ المواطنة، لعبور المرحلة الاستثنائية التي يعيشها البلد، وترك المشاريع الفكرية وأية قضايا أخرى خاصة لا تجد مجالاً للتنفيذ حالياً، حيث يعيش البلد فوضى واضطرابا أمنيا. بعدها يمكن لكل طرف التباري في تقديم الأفضل للشعب، وفي عرض منهجه الفكري، وأية قضايا أخرى سياسية تتعلق بالانتخابات اللاحقة.
تقزيم الديمقراطية
والمؤسف أن الأخوة لم يقبلوا مشروعنا، وأسفر ذلك عن قوائم أربعة رئيسة. ونحن نشعر أن هذا الصراع بدأت مطالعه في وقت مبكر، فكان مجلس النواب معطلاً في السنتين الأخيرتين، وكان من الممكن الخروج من هذه المعمعمة من خلال برنامج جديد وطني ديمقراطي يخلص البلد. لكننا مع الأسف رجعنا إلى الحالة السابقة، إلى اصطفافات آنية مؤقتة، لا تجمعها قناعات محددة، إنما هي لإغراض انتخابية. فبدأ الصراع على قانون الانتخابات، وكان ذلك أبرز ملامح التراجع عن الديمقراطية وتحجيمها، فقسم من السياسيين يفهم الديمقراطية بانها حكم الأغلبية.. ونقطة راس السطر. بينما نرى نحن أن الديمقراطية تعني احترام الأقلية ومنحها فرصة للنشاط. لكن قانون الانتخابات الأخير كرس "جريمة" تقزيم الديمقراطية، وكان واضحاً لنا أن تعديلات القانون ستحرمنا وتحرم أمثالنا من القوى السياسية. فنحن حزب وطني غير متكتل في محافظة أو منطقة معينة، إنما مؤيدوه متوزعون في أرجاء البلاد، وهو لهذا السبب لن يتمكن من جمع أصوات تمكنه من بلوغ العتبة الانتخابية وفقاً للقانون المعدل. فكان "فرهود" الأصوات.. حيث أستحوذ الفائزون على أصوات غير الفائزين. فالتعديلات المذكورة تتعارض مع القيم الديمقراطية العالمية، والخبراء الدوليون الأوائل عارضوها، لكن البيروقراطيين في مكتب الأمم المتحدة في العراق قبلوا بها بالضد من موقف الخبراء، الذين تم إعفاؤهم مبكراً من المساهمة في اجتماعات إعداد مسودة تعديل قانون الانتخابات.
نتائج متوقعة
ونحن في الأصل توقعنا عدم الفوز بأي مقعد، ولو كان هدفنا الحصول على مقاعد لكنا شاركنا مع أطراف عرضت علينا ذلك، ولصار لنا ربما 6 أو 7 مقاعد، استنادا إلى مقارنة الأصوات التي حصل عليها مرشحو الحزب الشيوعي بأصوات مرشحي بعض القوائم الأخرى. ونحن لم ندخل في التحالفات التي عرضت علينا، لأننا وجدنا تعارضاً بين ما ندعو له وما يدعو له الآخرون، فلم نجد ضرورة لقبول دعوتهم.
كان تحدياً قبلناه في التمسك ببرنامجنا، ولا نعتقد أنها إشكالية عندما لا نفوز بمقاعد نواب. فالشيء المهم أن يظل صوتنا المميز في طروحاته والحلول التي يقترحها لمعالجة الواقع العراقي. المسألة بالنسبة لنا ليست اذن مسألة منصب، وهم حالياً يأسفون ل"حرماننا" من الوصول إلى مجلس النواب، الذي كنا نرغب في الوصول اليه كي نساهم في طرح ما يخدم، عبر الدفاع عن برنامجنا وما يعبر عنه من أفكار تخدم شرائح وطبقات وقوى رئيسة في المجتمع.
ليست هزيمة
من جانبنا لا نعتبر النتيجة هزيمة. فهناك عوامل عدة لعبت دورها، منها التمويل وإدارة الحملة وتوظيف الطاقات، لكن هناك أمورا تتجاوز طاقتنا: التزوير والمال السياسي وقانون الانتخابات والتدخلات الإقليمية والإدارة السيئة من قبل المفوضية. هذه حقائق يعترف بها الأخوة الآخرون. السيد حيدر العبادي في برنامج السحور السياسي تحدث عن اعتراضات قدموها تشير إلى أن التزوير وصل إلى 20 في المائة و ليس 5 في المائة. نعم، عدم فوزنا يؤذي برنامجنا، ولكن لم يكن في وسعنا دخول ائتلافات وفق برامج القوائم الأخرى. كنا وما زلنا واثقين من صحة برنامجنا، وما جرى لحد الآن ونحن في الشهر التاسع بعد الانتخابات، يؤكد صحة بعض ما ذهبنا اليه، إن لم يكن الكثير منه. هل يعقل بقاء العراق بوضعه الحالي من دون حكومة كاملة الصلاحيات كل هذه المدة؟ وحتى لو تشكلت الحكومة بعد حالة التأزم والقطيعة والتوتر والشكوك وصعوبة التوافقات، فكيف يتوقع المرء أن تكون هذه الحكومة؟ إنه سؤال كبير بالغ الجدية، ينبغي الرد عليه قبل البت في شأن فرص تنفيذ أية مشاريع تخدم الشعب بسرعة.
التحالف مع الإسلاميين
* بعض الليبراليين يأخذون على الحزب الشيوعي تحالفه مع الإسلاميين الذين تخلوا عنه في أقرب وقت. أليس في تحالفكم هذا بذرة الأضرار، التي تتعرضون لها؟.
- دعني أكون دقيقاً في رسم الأمور. المعسكر الإسلامي ليس معسكراً صوانياً كونكريتياً موحداً، هناك إسلاميون وسطيون معتدلون، وهناك إسلاميون ديمقراطيون، وهناك متشددون متزمتون متطرفون. أنطلقنا من هذه الحقيقة فتعاملنا مع القوى الوسطية التي ناضلت ضد الدكتاتورية من اجل عراق ديمقراطي، يتمتع فيه الشعب بمكوناته وأطيافه وأحزابه بالحرية. لهذا حرصنا على العمل المشترك من منطلق فكرنا، الذي لا يستثني قوة وطنية من تحالف يسعى لإسقاط الدكتاتورية وتحقيق أهداف مشتركة، مع وعينا بالخلافات الأيديولوجية التي لا تضيرنا، وينبغي أن لا تضير الآخرين. فالخلافات الأيديولوجية لا تنقض التطلعات المشتركة لإنقاذ البلاد من الاستبداد وكل المعاناة. أما بشأن تنكر بعض القوى لهذا التحالف، فهذا مسؤوليتها، أما أن تخضع بعض القوى لابتزاز المتشددين والمتطرفين، فهذه مسؤولية من نكص عن ألتزاماته معنا. فنحن نؤمن بتحالف طويل الأمد، لأن العراق بحاجة إلى الكثير وينبغي تكريس كل الطاقات الوطنية لإنجازه.
نحن في الحزب الشيوعي لا نرى أن تحالفنا مع الإسلاميين الوسطيين المعتدلين خاطئ أو اننا نندم عليه. بالعكس كان ضرورياً وما زال كذلك، من اجل إنقاذ العراق وبنائه ديمقراطياً واسترداد السيادة والاستقلال التامين، وتأمين حياة آمنة ومستقرة للشعب، وهي أهداف محفزة على إقامة تحالف طويل الأمد. أما بشأن الخلافات الأيديولوجية، فالتوصل إلى معالجة لها يحتاج إلى أجواء حوار وصدور رحبة، وبعيدا عن الأجواء المتشنجة. يحتاج إلى انفتاح عقلي يستمع لوجهات النظر. أما الانجرار وراء المتطرفين لإثارة قضايا يومية صغيرة، وخلق توترات كبيرة للتغطية على نواقص رئيسة، فهذا ما نرفضه.
إرهاب فكري
* يبدو أن الحزب الشيوعي أقحم في معركة تحولت إلى قضية الحريات، وتصدرها اتحاد الأدباء، هل خططتم لها؟.
- دعنا نشخص الحقائق من خلال تسلسلها الزمني. هناك إجراءات أتخذت من بعض المتزمتين في بعض المحافظات، لا تنسجم مع الدستور وتقاليد الشعب العراقي الأصيلة. الأمور بدأت تتعقد منذ منعت الموسيقى والغناء في مهرجان بابل ومنع السيرك في البصرة، ثم وصلت حد الهجوم على اتحاد الأدباء. الموقف لا يرضي الشيوعيين، ولكن الشيوعيين ليسوا الجهة الوحيدة الرافضة لمثل هذه الممارسات، هناك وسط واسع من القوى الديمقراطية، بل وحتى من الإسلاميين المعتدلين الرافضين للتطرف والتزمت ولعدم احترام التنوع في المجتمع، هؤلاء جميعاً اعترضوا. لكن يبدو أن من يبادر لمثل هذه الإجراءات في مواجهة الفكر الصحيح، يلجأ إلى الإرهاب الفكري والتشويه والتشهير والعودة إلى ترسانة الأنظمة السابقة، المعادية للحرية والديمقراطية والتي كان فيها معنا الإسلاميون في مواجهة الدكتاتورية. فالمقالات التي نشرت جاؤوا بها من لغة النظام السابق ومفرداته، ولغة الممارسات المعادية للحرية. إنهم يحرفون النقاش ويختزلونه بالخمر والخمارات، كأننا نحن أنصار عدم تنظيم النوادي الليلية وبيع الخمور، وكأنما نحن من أنصار الفوضى. هذا معيب، وليس نقاشاَ، انه دليل العجز حينما يختزل النقاش بقضية لا علاقة لها بصلب الموضوع. لسنا من رجال الملاهي ولا نملك أسهما فيها، والذين يربحون منها هم أصحاب مصلحة، نحن طالبنا أن يعتمد أسلوب حضاري ينسجم مع القانون ويحترم المواطن، لمعالجة أي خلل أو تجاوز. هل في ذلك ما يسيء إلى المجتمع؟ إنهم يرفضون نقاشاً موضوعياً هادئاً، وإلا فما معنى هجوم الشرطة على اتحاد الأدباء كأنه ماخور؟ الاتحاد فيه خيرة رجال العراق، ونحن في النهاية نتطلع إلى أن تفعل العقول الحكيمة فعلها في وقف التجاوزات والاحتكام للقانون، وليس لوسائل مستعارة من النظام السابق، وتطويق هذه الأزمة.
تحجيم المجتمع المدني
* كيف تنظرون إلى مستقبل العراق في ظل تحريك بعض القوى الإسلامية الشارع لتحجيم المجتمع المدني؟.
- إن ما يثار الآن لا يمكنه اخفاء محاولة الالتفاف على مشاكل المجتمع الحقيقية، فهو يعاني من الفقر والعوز والبطالة والفساد والمخدرات والجريمة المنظمة وعدم أنجاز المشاريع وتردي الخدمات في مجالات كثيرة، في مقدمتها الكهرباء والتعليم والرعاية الطبية. يجب تسخير الإمكانات لمحاربة هذه الأمور، والقضاء على كل الموبقات، وفي قناعتي أن الذين يحاولون تشويه الدفاع عن الحريات، ويقفون ضدها، لن يستطيعوا تقديم الكثير للشعب. وأؤكد أن هناك حتى داخل الأحزاب الإسلامية من سينتفض على انتهاك الحريات، وسيجد في الديمقراطيين حليفا حقيقيا في بناء المجتمع على أسس حضارية ديمقراطية. وان على الإسلاميين الحقيقيين الابتعاد عن اتهام الديمقراطيين بالكفر والزندقة وغير ذلك مما لجأت اليه الأنظمة الشمولية لتبرير محاربتها النضال من أجل الديمقراطية وضمان حقوق المكونات. فالعلمانية الديمقراطية الحقيقية لا تتعارض مع الدين والتدين، بل هي تحترم حرية العقيدة والإيمان.
تفسير سيء للتوافق
* ألا تعتقدون أن المحاصصة السياسية التي كنتم طرفاً فيها هي العائق أمام بلورة تيار ليبرالي وديمقراطي علماني؟.
- ينبغي تمييز التوافق السياسي الذي نراه يبقى ضرورياً ما دام المجتمع متعدداً، وما دامت هناك أحزاب فاعلة في المجتمع، وما استمر غياب القوة السياسية التي تؤلف أغلبية ساحقة أو مطلقة لتشكيل الحكومة. فالخلل يكمن في التفسير السيئ للتوافق، وعندما يتحول إلى محاصصة طائفية أثنية، وليس على أساس ديمقراطي ووفق الحضور السياسي للحزب أو المجموعة السياسية المعينة، إنما على أساس تقسيم المجتمع إلى هويات فرعية. هنا الخلل. وللأسف هذا الخلل أستشرى في سنوات ما قبل سقوط النظام، عندما عملت بعض القوى على ترسيخه في التحالفات السياسية للمعارضة العراقية، بدءاً من انعقاد المؤتمر الوطني الموحد (أربيل 1992)، حينما أستبدلت التصنيفات السياسية المعتمدة: تيار قومي عربي، تيار قومي كردي، تيار إسلامي (سني وشيعي سابقا) وتيار ديمقراطي، أستبدلت بتيارات: شيعي، سني، قومي كردي، قومي عربي. هكذا تم تجاوز تصنيفات مؤتمر بيروت 1991 ذات السياسية المعروفة وليس الطائفية والأثنية، وقد رسخ هذا التوجه ليس بمعزل عن الدعم الخارجي: الأميركي والعربي والإيراني، كل وفق مخططاته. اما نحن فلم نقبل هذا التقسيم، وحتى لم نحضر مؤتمري لندن وصلاح الدين، اللذين عقدا في 2002 ومطلع 2003،. وعندما شاركنا في مجلس الحكم فليس بإعتبارنا طرفاً في المحاصصة الطائفية، بل لم نفاتَح بهذه الفكرة ولم يُطرح علينا كوننا جزءا من مكون معين. هذا جزء من خطأ شائع. صحيح أنني مسلم عربي شيعي من الحلة، لكنني شيوعي ولم أدخل مجلس الحكم كجزء من مكون معين. كانت هناك مفاوضات مستقلة واضحة مع المعنيين، وكانت لنا رؤية سياسية - اقتصادية، ولو لم أكن أنا أميناً للحزب لكان هناك شخص آخر يمثل الحزب الشيوعي، وربما من قومية أو مذهب آخر.
أنا متيقن من أن العراق عانى كثيراً من المحاصصة الطائفية والاثنية، وقد أثبتت هذه المحاصصة فشلها لأنها تتعارض مع تعزيز البناء الوطني المتكامل للعراق، ومع تفعيل الديمقراطية بمبادئها الحقيقية المتكاملة. ومجتمعنا العراقي تتصاعد فيه الاتجاهات الرافضة للطائفية، الأمر الذي أضطر الكثير من القيادات السياسية الفاعلة في العراق إلى تجنب الحديث أو الادعاء أو تبني مسميات طائفية. لكن للأسف الشديد في الخفاء والدواخل ما زال ذلك فاعلا. ونحن الآن لا نرفض تشكيل الحكومة على أساس الاستحقاق الانتخابي، باعتبار ان لكل طرف مقاعد في البرلمان، لكن لسنا مع العودة إلى فكرة المكونات و"التوازن" بين المكونات، لأنها عودة صاخبة للمحاصصة الطائفية.
تقرير المصير حق مشروع
* كيف تفسرون الضجة التي أثيرت بشأن خطاب السيد مسعود برزاني أمين عام الحزب الديمقراطي الكردستاني في مؤتمر حزبه وليس بأية صفة أخرى؟.
- تعرفون اننا منذ أكثر من 70 سنة ننادي بحق تقرير المصير، ونعتقد أن لكل شعب، صغيراً أو كبيرا، الحق في اختيار نظامه السياسي والاجتماعي والاقتصادي وتقرير مصيره. لكن هذا الحق والمبدأ الذي تبنته الأمم المتحدة في ميثاقها ونصت عليه لائحة حقوق الإنسان، لا يمارس بمعنى الانفصال الحتمي. فحينما يجد الشعب في الاتحاد مصلحة له، يكون إتحاده مع الشعب الآخر اختيارياً في تقرير المصير. وحينما يرى في هذا الاتحاد عبئاً عليه، يطرح قضية الانفصال. ومن حيث المبدأ لا توجد إشكالية في ذلك.
ولننتقل إلى الواقع العراقي: الأحزاب السياسية العراقية ناضلت سوية من أجل حق الشعب الكردي في حكم ذاتي، وبعد أن أفرغ الحكم الذاتي من محتواه، تبنت المعارضة العراقية في أزمان متباينة وبدرجات متفاوتة مبدأ الفدرالية. ونحن كنا أول من طرح هذه الفكرة، التي استقرت دستورياً باعتبارها الشكل الملموس لتقرير المصير للشعب الكردي في الأرض العراقية. وفي الدستور ما يؤكد أن هذه الوحدة ضرورية وملحة لتطوير العراق، ما دمنا نلتزم بالاحترام المتبادل وعدم بخس الحقوق أو التجاوز عليها. فنحن نؤمن أنه كلما كانت الوحدة الوطنية مبنية على أساس الرضى والاحترام و المنافع المتبادلة، بعيداً عن القسر والإكراه، كلما كان عمرها طويلاً وكانت راسخة. والعكس بالعكس، أي في أجواء الشوفينية والتعصب القومي وترجيح المصلحيات الضيقة.
أنا أفهم طرح السيد برزاني لتدعيم اللحمة ومبادئ الاحترام المتبادل وحل المشاكل بالطرق السلمية بعيداً عن التجني وغمط الحقوق والقسر والعنف والتهديدات. فعندما نعمل على تطوير العراق وثرواته لخير كل العراقيين، تكون الوحدة متينة صلبة وإلا فسنواجه مطبات. وأعتقد أنه تم لاحقا توضيح الأمور في هذا الاتجاه. صحيح أن هناك متطرفين في الجانب العربي والتركماني يتطيرون من كل تعبير "تقرير مصير"، وعندنا بقايا شوفينيين في مواقع مسؤولة في السلطة الاتحادية يوترون العلاقة مع الكرد، ومازال في الجانب الكردي متعصبون قوميون تعوزهم النظرة الواقعية بعيدة المدى. هذان الطرفان يحرصان على توتير الموقف ودفع الأمور باتجاهات مضرة للشعب العراقي بكل قومياته.
* هل هناك موعد قريب لمؤتمر الحزب الشيوعي؟.
- في الشهر الخامس من العام المقبل موعد إنعقاد المؤتمر التاسع لحزبنا، ونحن نقوم بالإعداد له.
المادة 140
* هناك طرح يتسم بالتشنج في شأن قضية كركوك؟.
- من جانبي أرى التشنج يتضمن الكثير من الافتعال، وهو مرتبط بخطط ودوافع سياسية خارج إطار موضوع كركوك بالذات، إضافة إلى تأثير التدخلات الأجنبية. وإلا فأن القوى السياسية العراقية جميعها أتفقت على معالجة ديمقراطية سلمية هادئة وعادلة. وقد سطرت الأفكار الأولى هذا الحل في وثائق المعارضة قبل السقوط، وأكدتها في قانون إدارة الدولة العراقية، ثم في الدستور الذي صودق عليه بأصوات 12 مليون عراقي. ذات مرة عندما كنت رئيساً للجنة المادة 140 الخاصة بالمناطق التي يطلق عليها تعبير "المتنازع عليها" زارني السفير التركي، فسألته في هذا المكان: أنت تعرف ما حصل زمن صدام من تعريب وتبعيث وتغيير سكاني وتهجير آلاف الناس وهدم القرى ليس الكردية فقط، إنما تم طرد العرب الشيوعيين، والتركمان من تسعين وبشير، كذلك الآثوريين والكلدان. وعملياً خلال 10-12 سنة جرت إعادة هيكلة لمدينة كركوك، وبقرار سياسي جيء بأناس من مناطق أخرى لاحتلال أماكن السابقين. فماذا يكون موقف القوى الديمقراطية حين تأتي إلى السلطة، هل تعيد الحق لأهله وترفع الظلم عند معالجة المشكلة أم تبقي عليه؟ كان رد السفير التركي موجزاً وواضحاً:"لا، لا يمكن إلا أن تعالج المشكلة". كان سؤالي ثانية: ما هي الطريقة بالنسبة للديمقراطيين، أن تطبّع الأوضاع، ويمنع التلاعب في الإحصاء، ثم يستفتى الشعب؟ بعدها تناولت مخاوف الجبهة التركمانية من التلاعب، وشرحت له أن كل الوثائق في الأصل موجودة في بغداد، ويتم التعامل بموجبها لمنع زج أي أناس غير أهل المنطقة الحقيقيين في الاستفتاء.
سألت الجبهة التركمانية ما الذي تريدونه؟ قالوا لا نريد استفتاء. سألتهم لماذا؟ قالوا "يأخذها الكرد"، قلت لماذا تبدون متأكدين من أن الكرد يشكلون أغلبية؟ قالوا" لأنهم جلبوا الكثير من الكرد" قلت "أطمأنوا، لن يتم اعتماد أية وثيقة غير الإحصاء المتفق على اعتماده، وأن العائدين الذين يحق لهم التصويت هم الذين كانوا قد هجروا وليس أي أحد آخر. وأضفت" إن من يحدد من هجّر ومن له حق التصويت، انما يستند إلى وثائق ليست لدى الكرد، وهي وثائق موجودة في بغداد في ملفات الأمن العامة والمخابرات ومجلس قيادة الثورة. هذا هو الأساس في التعامل مع المشاركين في الاستفتاء، فلماذا كل هذا الخوف؟ إنا متيقن من أنه لو تركت قضية كركوك للحل الوطني العراقي الطبيعي، وعلى أساس الحقوق المشروعة المعترف بها من قبل جميع الأطراف، لأمكننا التوصل إلى نتيجة إيجابية بشأن كركوك وأي موضوع مشابه. فليس بالضرورة أن يكون الأمر محسوماً بهذا الاتجاه أو ذاك. هناك تعقيدات كثيرة، ولدى أهالي كركوك آراء متنوعة، ومن الجائز أن لدى الكرد الكركوكيين، أو على الأقل قسم منهم، آراءهم. فهل لهذا السبب نجعل المسألة أمراً محرماً مسبقاً: لا انتخابات لمجالس محافظات، ولا إحصاء سكاني.. ولا نجري أي شيء؟ هذا موقف متناقض مع السعي لحل المشكلة، وقد سمعت أحدهم يقول إن الحكومة الحالية ليست جديرة بإجراء أي تدبير، ولا حتى إجراء إحصاء، لأنها غير ماسكة بزمام الوضع في العراق، والوضع في كردستان غير طبيعي.. الخ. هذا معناه أن هؤلاء يريدون تغيير النظام السياسي القائم وطبيعته الديمقراطية السلمية الاتحادية، ولا أعتقد أن هذا موضوع يمس قضية كركوك فقط، إنما هو أوسع منه تماما، وله أهدافه المغايرة لكل ما هو قائم. أنا أعتقد أن هناك واقعاً جديداً، وعلينا العمل من اجل تضافر الجهود لتطبيع الوضع، وربما يترتب على التطبيع تبلور رأي ثانٍ لدى أهالي كركوك. عندما نغير الحال نوفر للناس عملاً، فلا يتوجهوا إلى المليشيات. علينا ان نبني الجديد و نعمر ما خرب، آنذاك قد تتبلور مواقف ربما تكون مغايرة لما كان في ظل الدكتاتورية، بل من المحتم أن يكون هناك تبدل، وهو ما نراهن عليه جميعاً. المؤسف أن البعض يرفضون مسبقاً كل شيء، إلى حد أن الأمر يتحول إلى قضية ذات طابع أيديولوجي أكثر مما هي قضية سياسية، وهذا موقف لا يمكن احترامه، فهو يعقد القضية ويثير ردود فعل معاكسة، فيخلق المزيد من التوتر ويفتح الباب أمام التدخلات الأجنبية.
مدينة تآخي قومي
* في حين أن مكرم الطالباني يقول في مذكراته "طرحنا في الحزب الشيوعي فكرة أن تكون مدينة كركوك مدينة تآخٍ قومي"؟.
- نحن دائماً نحرص على ذلك ونشجعه، ولا يمكن التخلي عن كركوك، فأينما كانت، وبأية صيغة يختارها شعب كركوك، يجب أن تبقى مدينة تآخٍ. انها عراقية في كل الأحوال، سواء أصبحت في إقليم مستقل، أو صارت في إقليم محافظات أخرى، أو ضمن إقليم كردستان. ففي الأصل الجميع عراقيون. وينبغي أن تقام علاقات التآخي بينهم جميعاً: حقوق المواطنة واحترام الخصوصيات الثقافية القومية والاجتماعية. ينبغي أن لا يقبل أحد انتهاك حقوق أية أقلية قومية أخرى بأية صيغة كانت. لكن حالياً مطروح حل دستوري للمعالجة، صيغة قانونية أو بالأصح مستقاة من القانون الأساس، الدستور، فكيف نلتزم به ونوفر الأجواء الكفيلة بتحقيقه، بوسائل سلسة تحافظ على الوئام بين المكونات. والمؤكد أن جو التوتر لن يحل قضية كركوك أو أية قضية أخرى. وفي الأصل علينا التمييز بين ما تطرحه الأحزاب القومية الكردية وبين الحل الدستوري، فالحل الدستوري يربط تقرير مصير كركوك بالاستفتاء، أي بإرادة مواطنيها، وهذا هو الحل الموضوعي. ولدينا نماذج كثيرة من تجارب الشعوب. ففي كندا كويبك فرنسية، لكن في الاستفتاء الذي جرى مرتين، لم تصوت الأغلبية لصالح الانفصال، وبدل ذلك صارت هناك حكومة محلية فرنسية. هناك أمثلة عديدة على التعاطف القومي ومواقف معينة في الاستفتاء. في أسبانيا أيضا هناك كتالونيا. لكن المأساة هي أن لدينا سياسيين ضيقي الأفق، وليس مهما عندهم ما أقوله أنا أو الجبهة التركمانية أو التحالف الكردستاني. الدستور واضح ويقول بالاحتكام لأصوات الناخبين في استفتاء حر، وهو الفيصل الحاسم دستورياً.
ينبغي الا ننسى إن أية ثروة، ضمنها نفط كركوك، لن تحقق للعراقيين أية فوائد بدون الاستقرار وأجواء الثقة والسلم الأهلي. فالمطلوب في تقديري هو خلق جو آخر ليس في كركوك وحدها، إنما في أرجاء البلاد كافة.
بغداد - خاص من حسين فوزي:
* نص الحديث الذي نشرته الزميلة "الاتحاد" في عددها الصادر يوم 27/12/2010.
جريدة "طريق الشعب" ص4
الاثنين 3 / 1 / 2011


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.