جاء في وصية الإمام أحمد بن حنبل على فراش الموت، أنه كان يعرق ،و كان ابنه عبد الله يجفف عرقه،و كان يدخل في غيبوبة ،ثم يصحو فيقول : لا .بعد ، و أنه قال لابنه، و هو يسأله عما يقصد بقوله لا . بعد ، : إني أرى الشيطان قائما على حذائي،عاضا على أنامله، يقول :فتني يا أحمد، فأقول له لا.بعد.تؤكد هذه الوصية الصالحة، المصلحة مجموعة من الأحكام، منها أن للموت سكرات وأحوال، و أن كل من عليها فان إلا الله ،و أن الأعمال بالخواتم ،و أن الشيطان عدو للأنسان ،و أنه لا ييأس في الكيد للبشر ، و أنه حاول أن يخسر الإمام أحمد رحمه الله تعالى، وأسكنه فسيح جناته، في خاتمته ،دنياه و أخرته بدفعه إلى المقارنة بين أعمالهما المختلفتين ،من حيث الطاعة باختيار أمر الله على غير أمر الله ، و العصيان بالتزام تضليل العباد عن طريق الخير بتقديم الحق في صورة باطل ،والباطل في صورة حق ،و الخير في زي شر ،و الشر في زي خير ،و حثه له على أن يشرك بالله بتقريره لنفسه الجنة، التي لا يقررها إلا الله وحده ،و لا شريك له، و إذا كانت العبرة ليس بالعلم ؛ وإنما بالعمل به، فما أحوجنا إلى أن نقدر الله تعالى حق قدره ، و أن لا نشرك به شيئا ، و أن نعوذ به من شرور أنفسنا ، ومن سوء أعمالنا و أن نتخذ الشيطان الجاري فينا مجرى الدم عدوا، و أن نربي ناشئتنا على مثل هده المعاني، و العبر ،و القيم النافعة .