يعيش المشهد السياسي بإقليمالحسيمة خلال الآونة الأخيرة على وقع دينامية متسارعة ومتشعبة، تترجمها التحركات الحزبية والمفاوضات حول التزكيات، استعدادًا للاستحقاقات التشريعية المقبلة. إلا أن هذه الدينامية، ورغم ما توحي به من تجدد، تكشف في عمقها عن استمرارية لوجوه تقليدية ظلت تسيطر على المشهد الانتخابي بالإقليم لعقود. وحسب مصادر جريدة دليل الريف الإلكترونية، فإن خريطة المنافسة على المقاعد الأربعة بمجلس النواب عن إقليمالحسيمة لن تشهد تغييرات جوهرية، حيث يتوقع أن يدور الصراع حولها بين معظم البرلمانيين الحاليين، في ظل غياب وجوه جديدة قادرة على كسر هذا النسق الروتيني. ففي حزب الاستقلال، يبدو أن تزكية نور الدين مضيان لإعادة الترشح شبه محسومة، بينما يمضي محمد لعرج نحو تزكية مؤكدة من طرف حزب الحركة الشعبية. أما عبد الحق أمغار، فقد ضمن رسمياً تزكيته من طرف حزب الاتحاد الاشتراكي، وهو ما يعزز فرصه للحفاظ على مقعده للمرة الثانية توالياً. وينطبق الأمر ذاته على بوطاهر البوطاهري، الذي يمثل حزب التجمع الوطني للأحرار. في المقابل، يعيش حزب الأصالة والمعاصرة حالة من الارتباك والتجاذب الداخلي، بين رغبة محمد بودرا في العودة إلى البرلمان من جهة، وإصرار محمد الحموتي على نيل تزكية الحزب من جهة أخرى. هذا الصراع الداخلي مرشح للتفاقم، ما قد يؤدي إلى انشقاقات داخل الحزب، وقد يدفع ببودرا إلى مغادرة "الجرار" وخوض الاستحقاقات المقبلة تحت لون سياسي جديد مما سيقلب معطيات كثير قد تدق اخر مسمار في نعش حزب البام بإقليمالحسيمة. على صعيد آخر، يطرح اسم عصام الخمليشي، رئيس جماعة تارجيست، كمرشح محتمل لتغيير انتمائه الحزبي، حيث يرجح توجهه نحو حزب السنبلة في حال ضَمِن له مقعداً بمجلس المستشارين. وإن لم يتحقق له ذلك، فقد يخوض مغامرة انتخابية جديدة في دائرة الحسيمة، التي ستتحول بالضرورة إلى "دائرة الموت"، بحثًا عن مفاجأت انتخابية. رغم كل هذه التحركات، فإن المشهد السياسي بالحسيمة لا يبدو مرشحًا لتجديد حقيقي، حيث تستمر نفس النخب في إعادة إنتاج نفسها عبر تزكيات حزبية متوقعة، وصراعات داخلية محدودة النطاق، دون أن تحمل أي ملامح لبدائل سياسية أو أسماء جديدة قادرة على خلخلة التوازنات القائمة. إنها دينامية شكلية تخفي وراءها جمودًا بنيويًا، يجعل من التغيير في إقليمالحسيمة عملية مؤجلة، وربما مستعصية في ظل استمرار منطق التزكيات القبلية والولاءات الشخصية، وتراجع دور الأحزاب في ضخ دماء جديدة في مؤسساتها وهياكلها المحلية لعلها تحضى بشيء من الشرعية الشعبية.