القلب الاقتصادي للمغرب قرب من السكتة. الدارالبيضاء استقبلت 2021 على وقع حالة من الركود التجاري غير المسبوق، والذي طال بالمدينة مختلف القطاعات، التي تكبد المستثمرين فيها خسائر كبيرة نتيجة تفشي فيروس (كورونا)، الذي تطلبت مواجهته اعتماد استراتيجيات وقائية عدة كانت آخرها خطة «حظر التجوال الشامل» مع الإغلاق الكلي للمطاعم، وهو الإجراء الذي زاد من تعقيد الوضعية المالية لمجموعة من المشاريع التي كانت تذر مداخيل مهمة في الماضي. وقد انتهت فداحة هذه الخسائر بعدد من المستثمرين إلى الإفلاس. وهذا ما وقفت عليه «كود» في جولة لها، أمس السبت، في عدد من المناطق التجارية بالمدينة، حيث كان السدان أكثر ما يلفت الانتباه في فترة كانت قبل ظهور (كوفيد 19) تشكل الحركية الاستثنائية فيها مادة للحديث عنها ووصف الظروف والأجواء التي تمر فيها. وعاينت «كود» اختيار عدد من أصحاب المشاريع جعل الإغلاق نهائيا، كما كان عليه الشأن بالنسبة لمركب لعلامة تجارية عالمية للألبسة في منطقة آنفا، والذي كان من أبرز القبلات لهواة التسوق. وقد سبقه إلى هذه الخطوة فضاءات أخرى في القطاع نفسه، وسط حديث عن اتجاه أخرى لنهج الإجراء نفسه، والتي توجد في قائمة انتظار طويلة تتوسم خيرا في القادم من الأيام. ولم يقتصر هذا المشهد على هذا القطاع لوحده بالعاصمة الاقتصادية. فحسب ما رصدته «كود»، فإن سلسلة من المطاعم والمقاهي أوصدت أبوابها بعدما تراكمت على مالكيها ديون عجزوا عن سدادها، وذلك قبل صدور البلاغ الحكومي الأخير الذي أزم أصحاب الريسطورات بالمدينة، إلى جانب طنجة وأكادير ومراكش، بالإغلاق الكلي، والذي يتوقع أن يدفع بفوج آخر من المستثمرين بالقطاع إلى اتخاذ هذا القرار المؤلم. ومن أكثر المناطق التي تشهد انتشارا لمثل هذه الصور الصادمة كورنيش عين الذئاب، حيث توقفت محلات، بعضها تابع لسلسة مطاعم شهيرة، عن استقبال زبائنها ووضعت الأقفال على بواباتها، بعدما لم تعد حساباتها مخراجها لمواصلة العمل في هذه الظرفية الصحية الصعبة التي أتعبت الجميع وأنهكت أقوى الاقتصادات. يذكر أن الكنفيدرالية المغربية لمهن المطعمة كانت وجهت مراسلة إلى رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، تضمنت مطالب بتخفيف القيود المفروضة حاليا، والتي قسمت ظهر أرباب هذه الفضاءات التجارية. واقترحت الكنفيدرالية، في المراسلة المشتركة الموقعة أيضا من طرف رئيس الجامعة الوطنية للمخابز والحلويات بالمغرب، والفيدرالية المغربية لفنون الطبخ، والفيدرالية المغربية للمونين، والفيدرالية المغربية للعلامة التجارية، عودة خدمة تقديم الطلبات بعين المكان خلال زمن «حظر التجوال الشامل» من 12 ظهرا إلى الرابعة عصرا، وتمديد وقت خدمة توصيل الطلبات إلى العاشرة ليلا. كما اقترح في المراسلة، التي اطلعت عليها «كود»، استئناف القطاع لنشاطه ابتداء من الرابع من يناير الجاري، داعية في الوقت نفسه إلى دراسة واتخاذ الحكومة لخطوات من شأنها تعويض المستثمرين في القطاع عن تكاليف أجور المستخدمين وغيرها من الأعباء المالية الملزمين بأدائها. وترى الكنفيدرالية في هذه الإجراءات طوق نجاة مؤقت سيخفف عن أرباب المقاهي والمطاعم الفاتورة الثقيلة والكبيرة للخسائر التي تكبدوها طيلة التسعة الأشهر الماضية، والتي وضعت 30 في المائة من مهنيي القطاع، الذي يشغل مليوني شخص، أمام مصير الإغلاق النهائي وتوقيف نشاطهم.