لفترة الانتقالات الثانية تواليا، عجز ريال مدريد الإسباني عن تعزيز تشكيلته، فيما أبلغت إدارة غريمه برشلونة مدربها الهولندي رونالد كومان عدم قدرتها على توفير ثلاثة ملايين يورو لضمّ لاعب في مركز قلب الدفاع. لكن قبل سنتين فقط، تعاقد ريال مع البلجيكي إدين هازار مقابل 100 مليون يورو وبرشلونة مع لاعب الوسط الهولندي الشاب فرنكي دي يونغ مقابل 75 مليونا. قال كومان في شتنبر الماضي "ما أريده كمدرب ليس متوفرا من الناحية المالية". لتخفيف الضغوط المالية، قد يتمّ التخلي عن بعض النجوم وتخفيض رواتب آخرين. وفي ظل الأزمات المالية المتلاحقة بسبب تفشي فيروس كورونا، قد تكون مسابقة الدوري السوبر الأوروبي "سوبر ليغ" بارقة أمل للأندية الكبرى لتخطي ضائقتها المالية. قال رئيس الريال فلورنتينو بيريس في دجنبر الماضي "كلنا ندرك صعوبة الفترة الحالية والتحديات التي سنواجه في الأشهر المقبلة". وأضاف بيريس (73 عاما) المصاب راهنا بفيروس كورونا: "كرة القدم تحتاج أفكار جديدة لتصبح أكثر تنافسية، أكثر إثارة واقوى". بدوره، كان رئيس برشلونة المستقيل جوزيب ماريا بارتوميو أول المعلنين رسميا عن رغبة فريقه بالمشاركة. قال في أكتوبر الماضي إن الدوري السوبر "سيضمن مستقبلا ماليا مستداما للنادي". وألقت جائحة "كوفيد-19" بظلالها على عملاقي الكرة الإسبانية، أكثر من أندية الطليعة في الكرة الإنجليزية، حيث تتمتع بمناعة مالية نتيجة العقود الخيالية للبث التلفزيوني والقدرة المالية الهائلة لمالكي الأندية من مختلف أنحاء العالم. - الجائحة عزّزت المشكلات - وعند انتهاء الموسم الجاري، يتوقع برشلونة أن يكون قد خسر إيرادات بنحو نصف مليار يورو بسبب كورونا مقابل نحو 400 مليون لريال مدريد. لكن كورونا لم يتسبب بمفرده بأزمة أطلت برأسها قبل فيروس أرهق الاحداث الرياضية العالمية بالتأجيل أو الإلغاء. تكبّد ريال مدريد 575 مليون يورو لتجديد ملعبه سانتياغو برنابيو، فيما كان يخوض مبارياته على ملعبه الرديف "ألفريدو دي ستيفانو" الواقع في مدينته الرياضية فالديبيباس. أما برشلونة، فأعدّ خطة لإضافة مقاعد وسقف لملعبه كامب نو سترهق خزينته ب800 مليون يورو على المدى البعيد. وكان الاتحاد الدولي (فيفا) أكد في 21 يناير أنه لن يعترف بالدوري السوبر الأوروبي، مشيراً إلى أن اللاعبين يواجهون خطر الاستبعاد عن كأس العالم في حال مشاركتهم في صفوف أنديتهم. ويملك النادي الكاتالوني أصلا أعلى معدل رواتب في أوروبا قبل جائحة كورونا. أما الريال فقد أنفق 350 مليون يورو في فترة الانتقالات عام 2019. يقول الدكتور دان بلاملي، خبير اقتصاد كرة القدم في جامعة شيفيلد هالام "برشلونة، بشكل خاص، كان (يعاني) منذ فترة". وتابع "كانت مالية النادي دوما على الحافة". بعد انتهاء الجائحة وعودة الإيرادات، يتوقع أن ينهض ريال مدريدوبرشلونة بسرعة من كبوتهما المالية. وكانت خسائر برشلونة الأعلى في إسبانيا الموسم الماضي، إلا أنه ليس الوحيد في أوروبا. تكبّدت أندية روما وميلان ويوفنتوس خسائر كبيرة، فيما بلغت الديون الصافية لمانشستر يونايتد في إنجلترا نحو 650 مليون دولار مطلع الجائحة العام الماضي. وتصدّر برشلونة لائحة "ديلويت لدوري كرة القدم المالي" مع إيرادات بلغت 715 مليون يورو في موسم 2019-2020. قال رئيس رابطة الدوري الإسباني خافيير تيباس "إذا كان النادي يتمتع بهكذا إيرادات وديونه مليار يورو، هل يكون الأمر متوازنا؟ الأمر ليس مثاليا لكن بالمقدور إعادة هيكلته. مستوى الديون مبالغ فيه". - عذر مفيد؟ - وإذا كان الدوري السوبر الذي يضمّ نخبة الأندية في بطولة شبه مغلقة، هو الهدف النهائي، قد يكون عذر الجائحة مفيدا. رئيس برشلونة السابق خوان لابورتا المرشح للعودة إلى منصبه بدلا من بارتوميو، توقع حصول جائزة تبلغ 800 مليون يورو لكل ناد مجرّد المشاركة في البطولة. قال جيمي بورنز كاتب عدة أندية عن تاريخ إسبانيا وكرة القدم في البلاد "يخوض الناديان اللعبة. فلورنتينو رجل أعمال محنّك ويظهر التاريخ أن ريال مدريدوبرشلونة لا يخشيان الخروج عن النص". يضيف بلاملي "ماليا، لا يحتاجان إلى هذا الأمر. يحتاجان إلى النهوض وتقليص الفوارق". لكن في أرض الملعب، خسر الريال أمام أمثال قادش، ألافيس وليفانتي بالإضافة إلى ألكويانو من الدرجة الثالثة في الكأس. ويتخلف برشلونة وريال مدريد بفارق 10 نقاط عن أتلتيكو الذي يحلّق في صدارة الليغا. وفيما يتوقع أن يكون الفارق الكبير في إسبانيا موقتا، يواجه القطبان صعوبة أكبر في غزو القارة الأوروبية مجددا. سقط برشلونة بنتيجة تاريخية أمام بايرن ميونيخ 2-8 في ربع نهائي دوري الأبطال العام الماضي، وذلك بعد سقوط الريال أمام باريس سان جرمان الفرنسي ومانشستر سيتي الإنجليزي المملوكين من قطر والامارات تواليا. يضيف بورنز "يملك الناديان تاريخا عريقا، ممزوجا بثقافة وسياسة معينتين، مما يخلق لغزا". وختم "لكن في الواقع، اشترك برشلونة وريال مدريد في السنوات العشرين الأخيرة في تظاهرات توسعية كبيرة. والدوري السوبر هو مجرّد تطوّر طبيعي لتلك الأفكار".