بورصة البيضاء تستهل تداولات الجمعة على وقع الارتفاع    السلة: الوداد في صدام قوي أمام المغرب الفاسي    المنتخب المغربي يواجه اليوم نظيره الجزائري من أجل تعبيد الطريق نحو مونديال الدومينيكان    التوقيت والقنوات الناقلة لمباراة المغرب والجزائر ضمن تصفيات مونديال الفتيات    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    أزْهَر المُعْجم على يَد أبي العزْم!    محمد عاطف يكشف ل"القناة" تفاصيل جديده الفني "جايا"    الرباط.. حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية للحج    "إنرجيان" اليونانية تشرع في التنقيب عن الغاز بالعرائش بترخيص ليكسوس    المدرب المخضرم بيليغريني يحسم الجدل حول مستقبل المغربي الزلزولي    إصدار الحكم في قضية الدولي المغربي محمد الشيبي بمصر في 30 ماي    العثماني يلتقي قادة حماس في الدوحة    وزارة التضامن تُحدث منصة رقمية لتلقي طلبات الحصول على "بطاقة إعاقة"    السجن سنة ونصف للمدون يوسف الحيرش    ما الذي سيتغير إذا منحت فلسطين صلاحيات الدول الأعضاء في الأمم المتحدة؟    الشبيبة التجمعية تستقبل شبيبة حزب مؤتمر التقدميين النيجيري    هل يجوز الاقتراض لاقتناء أضحية العيد؟.. بنحمزة يجيب    تطبيق صيني للتجارة الإلكترونية بأسعار منخفضة "قياسية" يثير الجدل بالمغرب    خبير في النظم الصحية يحسم الجدل حول لقاح أسترازينيكا    معرض تلاميذي يحاكي أعمال رواد مغاربة    أيوب الكعبي يواصل تألقه في دوري المؤتمر الأوروبي    ارتفاع أسعار النفط بفضل بيانات صينية قوية وصراع الشرق الأوسط    حزب فيدرالية اليسار الديموقراطي بسوق السبت يرفض سرية اجتماعات المجلس البلدي ويدين "منع" المواطنين من حضور دوراته    وقفة احتجاجية لشغيلة قطاع الصحة أمام المندوبية الإقليمية للصحة ببني ملال    القضاء على عدد من الإرهابيين في غرب النيجر    مجلس حقوق الإنسان يستقبل قدماء المعتقلين الإسلاميين ويبحث مطالبهم الاجتماعية    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    الدمليج يقدم "بوريوس" في المهرجان الوطني الرابع لهواة المسرح بمراكش    الحسين حنين رئيس الغرفة المغربية لمنتجي الأفلام: يتعهد بالدفاع عن المهنيين وتعزيز الإنتاج الوطني    هل باتت إمدادات القمح بالعالم مهددة؟    تقرير إخباري l أمريكا تُقرر رفع الرسوم الجمركية على واردات "الفوسفاط المغربي" بسبب استفادته من امتيازات حكومية    المعرض الدولي للأركان في دورته الثالثة يفتتح فعالياته وسط موجة غلاء زيته واحتكار المنتوج    سابقة بالمغرب .. حكم قضائي يلزم الدولة بتعويض متضررة من لقاح كورونا    النادي الثقافي ينظم ورشة في الكتابة القصصية بثانوية الشريف الرضي الإعدادية/ عرباوة    محادثات الهدنة تنتهي دون اتفاق وحماس تقول إن "الكرة بالكامل في ملعب إسرائيل"    طانطان.. البحرية الملكية تقدم المساعدة ل 38 مرشحا للهجرة غير النظامية    المجلس الاقتصادي يوصي بإنشاء نظام معلوماتي وطني لرصد الشباب وتتبع مساراتهم    تشاد.. رئيس المجلس العسكري يفوز بالانتخابات الرئاسية    اختتام القمة الإفريقية حول الأسمدة وصحة التربة بمشاركة المغرب    في 5 دقائق.. 3 زلازل تضرب دولة جديدة    أصالة نصري تنفي الشائعات    ندوة دولية حول السيرة النبوية برحاب كلية الآداب ببنمسيك    الصين تطلق قمرا اصطناعيا جديدا    بعد محاولة اغتياله.. زيلينسكي يقيل المسؤول عن أمنه الشخصي    شركات عالمية تتوجه نحو منع "النقاشات السياسية" في العمل    حموشي يجري مباحثات ثنائية مع عدد من نظرائه الإسبان    حراس خواص يشتكون غياب الأجور    بركان تؤمن بالحظوظ في "كأس الكاف" .. ورئيس الزمالك يؤكد صعوبة المقابلة    تخصيص غلاف مالي بقيمة 98 مليون درهم لتأهيل المباني الآيلة للسقوط بالمدينة العتيقة لطنجة    صدمة أوناحي وحارث القوية في الدوري الأوروبي    سعار عضال.. خيال مخابرات الجزائر في مقال    هل جامعات المغرب مستعدة لتعليق تعاونها مع إسرائيل كما أعربت جامعات إسبانيا؟    المحكمة الإدارية تقضي بأداء وزارة الصحة تعويضا لمتضررة من لقاح كورونا    السعودية تختار المغرب باعتباره الدولة العربية الوحيدة في مبادرة "الطريق إلى مكة المكرمة"    الحكومة ترد على جدل أسترازينيكا.. اللقاحات في المغرب لا يتم العمل بها إلا بعد الترخيص    سبع دول من ضمنها المغرب تنخرط في مبادرة "طريق مكة" خدمة لضيوف الرحمن    المؤرخ برنارد لوغان يكتب: عندما كانت تلمسان مغربية    السعودية تفرض عقوبات على مخالفي أنظمة وتعليمات الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كتاب "صناعة الخوف" لبوصوف يفكك الأقنعة الإعلامية والسرديات الغربية الكبرى
نشر في هسبريس يوم 24 - 09 - 2023

إن الحديث عن المفكر المغربي عبد الله بوصوف هو حديث عن تفكيك المفاهيم والسرديات الغربية الكبرى، بالنظر إلى قدرته الفكرية على استدعاء التاريخ والعلوم المجاورة، استدعاء ثقافياً وفلسفياً ينتصر للحقيقة عبر كشف الأقنعة، التي تختفي وراءها المفاهيم المؤسسة للمركزية الغربية. وباعتباره مؤرخا متخصصاً في قضايا الدين والتدين والإسلام والإسلاموفوبيا، استطاع بوصوف أن يفكك صناعة الخوف عبر تفكيك أقنعة الإعلام بالغرب. ومن هنا، فقدرته على تجاوز البديهيات والكليشيهات، التي تخفي الصراعات الثاوية وراء رموز وعلامات الثقافة الغربية وقنواتها في صناعة الأذواق والعقول والاتجاهات، تجعله مزعجاً لإعلام القوى اليمينية المتطرفة.
إذا كان تقديم الكتب عادة ما يتخذ صيغة تأكيدية وتنويهية بما تتضمنه هذه الأخيرة، فإنني أجد نفسي ملزما، بالنظر إلى قيمة كتاب "صناعة الخوف، الإسلام والإعلام في الغرب"، بالتفكير بشكل مختلف، وبنهج طريق غير مألوفة في مثل هذه المناسبات.
فإذا كانت المناسبة شرطا حسب الفقهاء، فإن الشرط هنا يتحول إلى صيغة تساؤلية استفهامية، خاصة إذا كان كتاب "صناعة الخوف" هو في العمق تفكير من خارج المعتاد في مثل هذه الموضوعات، لا لكونه يتأسس على قاعدة منهجية مركبة في التناول والمعالجة فحسب، بل لكونه يسائل الضمير العالمي، وتحديدا الضمير الغربي في تجلياته الأوربية، كما يسائل النخب المثقفة والإعلامية هنا وهناك، في عالمين مختلفين عن بعضهما البعض، ومن جوهر هذا الاختلاف يقيم المفكر عبد الله بوصوف مدارات فكرية أحسبها فسحات يقترحها هذا المفكر على غرب أنهكته الحروب الدينية والسياسية والعسكرية والاقتصادية، قبل أن يستوي مع الحداثة عالماً متمركزاً على ذاته.
وهنا نكون أمام كتابة تاريخ الغرب بشكل انعكاسي وتفكيكي، حيث نجد صدى كبيراً للتاريخ المخضب بتفكيكية جاك دريدا في كتابه "التفكيك"، وبانعكاسية بيير بورديو في "كتابه العقل العملي". وبما أن التفكيك والانعكاسية لا يستقيمان إلا باستحضار الخلفيات المرجعية لبناء المجتمعات الغربية، فإن المنهج التاريخي الذي ينطلق منه بوصوف هو الخيط الناظم لصناعة الخوف، على اعتبار أن هذه الصناعة تاريخية. ولذلك يأتي التاريخ في هذا الكتاب منسجماً ومتجاوراً مع الأدب السردي، حيث للخوف قصة، مثلما له تاريخ.
حينما تقرأ لعبد الله بوصوف، فهذا معناه أنك في حضرة التجربة والخبرة، وفي حضرة حكمة العالم والمؤرخ، وهي حكمة تمتد بجذورها عميقاً في جغرافيا مغرب الريف، أو مغرب "ثلاث الجبل" حيث الولادة والمنشأ. ومن هنا تنشأ ثقافة مختلفة في أبعادها الوجودية والإنسانية عن ثقافة الغرب الموغل في الفصل لا الوصل: فصل الدين عن الدولة، فصل العام عن الخاص، فصل الجسد عن الروح، فصل التاريخ عن الجغرافيا، وفصل الوجود عن جوهره، المتمثل في الإنسان بأبعاده الروحية المركبة. بيد أن ثقافة الوصل التي يرتكز عليها عبد الله بوصوف جعلته ينظر إلى العالم من منظور مختلف، وهو الاختلاف الذي يسائله هذا المفكر من داخل الثقافة العلمانية والحداثية الغربية من خلال استحضار أسماء مثقفين ومفكرين وإعلامين تنكروا لأصول الحداثة التنويرية.
إذا كانت صناعة الخوف بكل تأكيد صناعة ثقافية وسياسية، فإن استحضار مفاهيم الدولة، السلطة، العلمانية، الإعلام، الثقافة، الدين، العنصرية، الاقتصاد، وأخيراً الهوية، استحضار موضوعي بالنظر إلى أبعاد هذه المفاهيم في بناء وصناعة الخوف. ويستحيل الحديث الموضوعي عن هذه الصناعة دون بسط هذه المفاهيم للدراسة والتحليل. وعليه، فإن كل اختزال لمرتكزات وأسس هذه الصناعة بصيغة نقدية واستشكالية سيكون مجرد لغو لا قيمة له، أو بالأحرى سيكون حديثاً تمويهياً لصناعة تبتغي تكريس الفصل والاستبعاد والتهميش، على قاعدة حرب دينية وإيديولوجية، الهدف منها تكريس العداء للإسلام والمسلمين بصناعة عدو وهمي.
فبعد زوال الشيوعية والاشتراكية، والفاشية والنازية، وهي أنظمة ثقافية وسياسية كانت تعادي الرأسمالية في حقها المغتِصب للوجود، أصبحت نهاية التاريخ، حسب فرانسيس فوكا ياما، تعني نهاية لكل أنماط التفكير خارج الرأسمالية في صيغتها فائقة التدمير، أي النيوليبرالية. ومن أجل ذلك، فكل تفكير من خارج مدارات التفكير الغربي يعتبر في نظر إيديولوجيي الرأسمالية الغربية عدواً وجبت محاربته. وهنا تتأسس هذه الحرب حتماً على قاعدة فكرية وإيديولوجية، قبل أن تتخذ عبر الإعلام ومختلف وسائل وأدوات القوة الناعمة صيغاً شرعية للعدوان في أبعاده المادية، حيث صناعة الخوف من صناعة الرأي العام.
ترتيباً على ما سبق، تصبح هذه الصناعة جزءا لا يتجزأ من "صراع الحضارات"، الذي بموجبه يبسط الغرب بزعامة أمريكية السبل المشروعة في نظره لمحاربة الإسلام والمسلمين، من أجل إعادة تشكيل النظام العالمي، حيث سيكون الصراع ما بعد الحرب الباردة صراعاً ليس بين الدول القومية، وبين اختلافاتها السياسية والاقتصادية، بقدر ما سيكون بين الاختلافات الثقافية، وهو ما يفسره صاموئيل هنتغنتون على قاعدة اغتيال العقل النقدي والفكر التنويري، الذي على أساسه جاءت الحداثة لتؤسس لفلسفة الاختلاف، كمورد رئيس لاستمرار السلم والأمن والحياة نفسها في العالم، من خلال كتابه "صراع الحضارات". بيد أن الرأسمالية ذاتها في صيغتها النيوليبرالية سرعان ما سوف تغتال العقل الأنواري، باغتيالها للاختلاف وللثقافة ولروح العالم، سواء تمثلت هذه الروح في الأخلاق أو في الدين.
يشير المفكر المغربي عبد الله بوصوف إلى الأفول الذي باتت تعرفه مساحة الدين والتدين في الغرب عبر استنطاق كثير من الأمثلة الدالة، وما تعيشه مجتمعات ما بعد العلمانية، حسب الفيلسوف داستن بورد، بمحاولة العودة إلى الدين في السجال العام الغربي، ومن خلال تحليل خلفيات تنزيل النظام العالمي الجديد بالقوة، عبر الشرق الأوسط الكبير أو صفقة القرن مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وإن كانت البدايات الكبرى لصناعة الخوف من الإسلام والمسلمين قد بدأت فعلياً مع جورج بوش الابن، عقب أحداث 11 شتنبر 2001، ولعلي أجد نفسي متفقاً مع يورغان هابرماس في دعوته لإعادة النظر في مقومات العلمنة الحديثة، خاصة أمام التحولات التي بات العالم والغرب تحديدا يعرفها بعد اغتيال الاختلاف وقيم التسامح، التي تأسست من داخل النهج "اليهودي- المسيحي"، ولم تشمل الإسلام نهائياً، وهو ما تحاول عدد من النخب الفكرية والإعلامية تكريسه على قاعدة استبعاد الإسلام والمسلمين من خلال وصمهم بالإرهاب والتطرف والعنصرية. وعليه، يمكن اعتبار كتاب عبد الله بوصوف هذا مجاورة فكرية وامتداداً لنقد هابرماس للحداثة في الغرب، خاصة فيما يتعلق بسؤال الدين في الفضاء العام.
وإذا كان عبد الله بوصوف، بشكل موضوعي فائق، يقر بارتكاب بعض الشباب المسلم، أو من أصول مهاجرة، لعمليات إرهابية، أو لجنوحهم نحو التطرف والغلو، فإنه بالمناسبة يقيم محاكمة فكرية غير مسبوقة لواقع السياسات العمومية الغربية والأوروبية، التي تنكرت لدور العرب والمغاربيين من المهاجرين، الذين على أكتافهم بنيت أوروبا الحديثة، بل بسواعدهم تحررت من النازية، واستنهضت هممها بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية. وهي محاكمة لا تبتغي الركون إلى المألوف والمكتسب من الأفكار، بل تهدف إلى تشريح عالم الأفكار والرؤى التي عملت النخب الإعلامية والفكرية اليمينية على ترويجها وصناعة رأي عام على المقاس، في أفق اجتثاث الإسلام والمسلمين، ووصمهم بالعار. لذلك، فتحليل عبد الله بوصوف هنا للعنصرية والتطرف يعتبر في اعتقادي محاورة فكرية لكتاب تيزفيتان تودوروف "نحن والآخرون.. التفكير الفرنسي حول التنوع الإنساني"، خاصة في تناوله للعرق والعرقية ومسارات العنصرية.
لذلك، فالقدرة التفكيكية والانعكاسية للتفكير عند بوصوف تجعله مرافعاً بشراسة عن القيم التي يدعيها الغرب، والتي هي قيم لا تتعارض مع الإسلام، محيلاً الإرهاب والتطرف والغلو إلى أبعادها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وإلى خلفياتها الفكرية التي تقف وراء صناعة الخوف في أوروبا، وهو ما تحاول هذه النخب حجبه وإخفاءه. ولهذه الأسباب يبدو المفكر المغربي عبد الله بوصوف مزعجاً لزيف النخب الغربية، ولضميرها الغارق في السبات الأخلاقي.
ولما كانت العلمنة ليست نهائية، أو وصفة طبية كاملة ومكتملة، بقدر ما هي مسار وسيرورة، كما يشير إلى ذلك كل من يورغان هابرماس وجوزيف راتسنغر في كتاب "جدلية العلمنة.. العقل والدين"، فإن معرفة تجليات إخفاق مجتمعات ما بعد العلمانية تعتبر أحد سبل معرفة الداء الغربي في أعراضه المتجددة والمتطورة. وإذا كان الفيلسوف البريطاني داستن بورد قد شخص بعض أعطاب هذه المجتمعات، خاصة في تعاملها مع الإسلام، في كتابه "الإسلام في المجتمعات ما بعد العلمانية"، فإن كتاب "صناعة الخوف" لعبد الله بوصوف يعتبر ذا أهمية كبرى، ربما تتجاوز هذه الكتابات لكونه يأتي من خلال سرد قصة صناعة الخوف، ليس نظرياً فقط، وليس عبر تفكيكه للحداثة المعطوبة في تجلياتها النظرية والفلسفية فحسب، بل لكون الكتاب يأتي ليربط النظري بالعملي والتجربة بالخبرة، وأساساً من خلال إخراج ما خفي في الكواليس والعتمات السياسية والثقافية اللامفكر فيها إلى صلب التجلي.
إن كتاب "صناعة الخوف.. الإسلام والإعلام في الغرب" يكشف بشكل تفكيكي وموضوعي إلى حد كبير زيف شعارات الغرب، وأوروبا تحديداً، بالنظر إلى تجربة المفكر عبد الله بوصوف الميدانية، التي من خلالها عاش وعايش تجارب صدامية غربية- إسلامية، وغربية- مسيحية- عربية، فقد كان أحد أهم الرموز الجمعوية والمدنية والفكرية في مدينة ستراسبورغ الفرنسية، وأحد الهامات التي سهرت لأزيد من عقدين من الزمن من أجل بناء مسجد ستراسبورغ الكبير، كما خَبِر مختلف التجارب السياسية لفرنسا، يمينها ويسارها، وترافع إلى جانب نخبة مغربية ومغاربية من أجل قضايا المهاجرين العادلة.
ولكونه أحد المطلعين على خفايا الأمور وتمظهراتها الصاعقة، النافية للاختلاف الثقافي في بلدان تدعي العلمانية والحداثة، فقد جاءت أفكاره، من خلال كتبه "صناعة الخوف"، و"في مواجهة المرآة.. من أجل سياسة عمومية لصورة المغرب"، و"الغرفة 305.. مخاض الولادة الثانية"، و"الإسلام والمشترك الإنساني"... إلخ، وهي إصدارات تُرجمت إلى عدد من اللغات، من قبيل: العربية، الفرنسية، الإنجليزية والإسبانية، أو من خلال مقالاته وندواته وتصريحاته، سواء في الإعلام العربي أو الفرنسي، تنديداً صريحاً بهذه الحداثة التي تم اغتيالها في عقر دارها وبأيدي أهلها، وتفكيكاً لمفاهيم العلمانية، والحداثة، والاختلاف، والتعدد الثقافي، والتنوع الاثني...إلخ، حيث يتبدى جلياً من خلال مختلف هذه الكتابات أن مجتمعات ما بعد العلمانية باتت تعيش أيامها الأخيرة قبل أن توارى الثرى، والمتهم مع سبق الإصرار والترصد هو الإسلام والمسلمون.
من هنا يمثل عبد الله بوصوف أحد المفكرين المغاربيين والعرب الذين يُفسدون على الغرب حفلاته التنكرية، مصادقاً على ما اعتبره بيير بورديو أن وظيفة المثقف هي إفساد الحفلات التنكرية على الناس. ولهذا كما يدلي بذلك بورديو نفسه، وفي أكثر من مناسبة، يصبح أمثال هذا المثقف محارباً من قِبل الإعلام والإعلاميين، لطالما رجَّ الرأي العام واستنهض قدرته على محو الزيف وتفكيك الضلالات، وعلى رأسها ادعاء الحداثة والاختلاف، في الوقت الذي يغط هذا الغرب، أخلاقياً وقيمياً، في سبات عميق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.