رئيس الحكومة يصدر منشور تنزيل القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة    إنقاذ فرنسيين قرب سواحل أكادير بمروحية تابعة للقوات المسلحة الملكية    القدرة على الادخار... آراء متشائمة للأسر خلال الفصل الثاني من سنة 2025 وفق مندوبية التخطيط    الرئاسة السورية تعلن وقفا شاملا وفوريا لإطلاق النار في جنوب البلاد    لقجع عن كأس كأس إفريقيا 2025 ومونديال 2030    نائب رئيس المجلس الأمريكي للسياسة الخارجية: المغرب عبأ استثمارات مهمة لتحقيق الازدهار الاقتصادي بمنطقة الصحراء    لقاء تواصلي هام بهدف تجويد خدمات قطاع الكهرباء بجهة الشرق    إدارة سجن الناظور تخرج عن صمتها بشأن وفاة سجين    أمن مرتيل يفتح تحقيقًا بعد العثور على جثة شخص بوادي الديزة    ثقة الأسر تسجل التحسن في المغرب    وزان يفشل في اجتياز الفحص الطبي للانتقال إلى نادي ريال مدريد    موجة حر شديدة تضرب مناطق واسعة من المغرب يوم السبت    "واتساب" يساهم في إبعاد وليامس عن "البارصا"    سعر صرف الدرهم يرتفع أمام الأورو ويتراجع مقابل الدولار    القدرات اللوجستية المتقدمة للمغرب عززت إشعاعه على الصعيد الدولي (نائبة سابقة للرئيس الكولومبي)    المغرب واليونسكو يعلنان عن تحالف جديد لتعزيز التنمية في إفريقيا عبر التعليم والعلم والثقافة    فرحات مهني: النظام الجزائري يحوّل تالة حمزة إلى قاعدة عسكرية ضمن مخطط لاقتلاع القبائل    لجنة دعم إنتاج الأعمال السينمائية تكشف عن مشاريع الأفلام المرشحة للاستفادة من الدعم    إصابة 19 شخصا في حادث ألعاب نارية خلال مهرجان شعبي بألمانيا        فيلدا: جاهزون لكل السيناريوهات في نصف نهائي الكان    توقعات أحوال الطقس اليوم السبت    ترامب: قريبا سيفرج عن 10 أسرى في غزة    أكثر من 20 عاما في فرنسا ويرفض منحه تصريح إقامة    محمد المهدي بنسعيد        المهدي حيجاوي    أرسنال يضم مادويكي من تشلسي بعقد لخمس سنوات وسط احتجاج جماهيري    أنفوغرافيك | ⁨جامعة محمد الخامس تقود سفينة البحث العلمي في المغرب خلال 2025⁩    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم للسيدات.. المنتخب المغربي يعبر لنصف النهائي بفوز مقنع على مالي    كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية عين الشق تحتضن مناقشة رسائل تخرج الطلبة الفلسطينيين    حملة هندية تستهدف ترحيل آلاف المسلمين .. رمي في البحر وهدم للمنازل    استئناف موسم صيد الأخطبوط بالمغرب    فتاح العلوي: مونديال 2030 فرصة تاريخية لتحقيق نمو اقتصادي كبير    الدفاع الجديدي يتعاقد مع حارس موريتانيا    تعاون مغربي فلسطيني في حقوق الإنسان    سائقو النقل بالتطبيقات يطالبون بترخيص السيارات المستعملة عبر دفتر تحملات    السغروشني: تكوين الشباب رهان أساسي لتحفيز التحول الرقمي بالمغرب    "الأشجار المحظورة" .. الشاعر المغربي عبد السلام المَساوي ينثر سيرته أنفاسًا    زيادة كبيرة في أرباح "نتفليكس" بفضل رفع أسعار الاشتراكات        الارتفاع ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    "أنا غني".. سجال هاشم يستعد لإشعال صيف 2025 بأغنية جديدة    مدينة تيفلت تفتتح سهرات المهرجان الثقافي الخامس بباقة موسيقية متنوعة    دراسة: الذكاء الاصطناعي يحول تخطيط القلب العادي إلى أداة فعالة لاكتشاف عيوب القلب الهيكلية        افتتاح بهيج للمهرجان الوطني للعيطة في دورته ال23 بأسفي تحت الرعاية الملكية السامية        بعد تشخيص إصابة ترامب بالمرض.. ماذا نعرف عن القصور الوريدي المزمن    "مهرجان الراي للشرق" بوجدة يعود بثوب متجدد وأصوات لامعة    البيت الأبيض يعلن إصابة ترامب بمرض مزمن    وداعا أحمد فرس    دراسة تكشف العلاقة العصبية بين النوم وطنين الأذن    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



آفاق الحوار الاجتماعي
نشر في هسبريس يوم 03 - 10 - 2024

في إطار مواصلة الأنشطة الفكرية، والثقافية، والعلمية، وفي سياق التحديات الظرفية الراهنة، نظم المنتدى المغربي للتنمية الاجتماعية ندوة بمقر المديرية الجهوية للثقافة بشارع مولاي يوسف بفاس يوم الأحد 22 شتنبر 2024، حول موضوع آفاق الحوار الاجتماعي بالمغرب. ساهم في تأطيرها السيد مصطفى رجيب، المدير الجهوي لوزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولات الصغرى والتشغيل والكفاءات – قطاع التشغيل فاس مكناس – الذي قدم عرضاً بعنوان "المفاوضة الجماعية واتفاقات الشغل الجماعية". كما ساهم السيد محمد السباعي، دكتور في العلوم القانونية والسياسية، والذي قدم عرضاً بعنوان "حكامة حماية المنظومة الاجتماعية". وبدوري، ساهمت بعرض بعنوان "دور الحوار الاجتماعي في تقوية وتطبيق القانون الاجتماعي" ألخصه وفق ما يلي:
لا تأتي أهمية الحوار الاجتماعي في المغرب فقط من دوره في تحسين الأوضاع المهنية والاجتماعية للطبقة العاملة، وفي تنظيم العلاقات المهنية والاجتماعية والاقتصادية، بل وتأتي أيضاً لما للطبقة العاملة من علاقة بباقي الفئات الاجتماعية. تلك الفئات تشمل الفلاحين الصغار والمتوسطين، والتجار الصغار والمتوسطين، والحرفيين، وذوي الدخل المحدود سواء في القرى والبوادي أو المدن.
منذ أن نشأت الحركة النقابية المغربية في عهد الاستعمار الفرنسي، ظلت تناضل من أجل إقرار وتقوية الحوار الاجتماعي. ومن هنا، لا بد من الإشادة بما تم القيام به من خطوات كبيرة لتحقيق هذا الهدف، الذي تطلب من الطبقة العاملة تقديم تضحيات جسام. كذلك، لا يمكن إنكار الدور الذي قامت به الحكومات التي تناوبت على المسؤولية، والمركزيات النقابية، والاتحاد العام لمقاولات المغرب، لتنزيل الحوار الثلاثي الأطراف على أرض الواقع منذ التوقيع على التصريح المشترك عام 1996 على عهد الحكومة الثانية لعبد اللطيف الفيلالي.
هذا التصريح يحمل أهمية كبيرة لكونه جاء في سياق مجيء حكومة التناوب التوافقي، التي وضعت المحددات الأساسية للحوار الاجتماعي. ثم تلاه اتفاق 23 أبريل 2000 (19 محرم) على عهد حكومة التناوب التوافقي برئاسة عبد الرحمن اليوسفي، ثم اتفاق 30 أبريل 2003 والمحضر الملحق به في 28 يناير 2004 على عهد حكومة السيد إدريس جطو.
رغم الاختلافات الكبيرة وحدة النقاش التي كانت تحدث في كثير من الأحيان حول القضايا المطروحة، كان يتم التغلب عليها بفضل قناعة الجميع بأهمية الحوار باعتباره الوسيلة الوحيدة لإيجاد الحلول للقضايا المطروحة. وقد عرفت مرحلة حكومة السيد عباس الفاسي العديد من الصعوبات، إلا أنها تمكنت من التغلب على تلك الصعوبات في المراحل الأخيرة من عمرها بعد بذل مجهودات كبيرة. وساهمت في ذلك احتجاجات 20 فبراير 2011، التي أسفرت عن توقيع اتفاق 26 أبريل 2011، الذي تضمن العديد من المكتسبات التي أضيفت إلى ما تحقق في الاتفاقات السابقة.
عند مجيء دستور فاتح يوليوز 2011، تضمنت العديد من الفصول الإنجازات التي حققها الحوار الاجتماعي، استناداً إلى الاتفاقات الأربعة السابقة. ومع ذلك، في الوقت الذي كان من المتوقع أن يحدث تطور إيجابي، وقع العكس خلال مرحلة حكومة السيد عبد الإله بنكيران. فرغم كثافة المبادرات والاحتجاجات التي قادتها المركزيات النقابية، لم يتم إبرام أي اتفاق اجتماعي، وهو ما انعكس سلباً على الوضع الاجتماعي والاقتصادي.
وقد عرفت مرحلة حكومة السيد سعد الدين العثماني تطورات إيجابية أدت إلى إبرام اتفاق 25 أبريل 2019، كما عرفت اجتماعات مكثفة من أجل إصلاح نظام الوظيفة العمومية، غير أنها لم تصل إلى نتائج ملموسة. وكان يمكن أن تكون لهذه المرحلة نتائج أفضل بكثير.
خلال النصف الأول من ولاية حكومة السيد عزيز أخنوش، تم إبرام اتفاق وميثاق 30 أبريل 2022. وكان طبيعياً أن يتم ذلك بحكم التجربة التي عرفتها المراحل السابقة. غير أنه، مع الأسف، لم يتم الإسراع في العمل على تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، بما في ذلك الجوانب التي لا تتطلب اعتمادات مالية، مثل إحداث المرصد الوطني للحوار الاجتماعي، وإحداث أكاديمية التكوين في مجال الشغل والتشغيل، وإعداد التقرير السنوي حول المناخ الاجتماعي.
إضافة إلى ذلك، لم يُجرَ الحوار في معظم قطاعات الوظيفة العمومية إلا في الحالات التي فرضتها الإضرابات والاحتجاجات، كما لم يُجرَ الحوار على مستوى الجهات والأقاليم. بالإضافة إلى ذلك، كانت المنهجية المتبعة في مناقشة وضعية المتعاقدين في إطار الحوار الثلاثي الأطراف تفتقر إلى الفعالية، مما أدى إلى توتر الأجواء الاجتماعية، وإلى خوض العديد من الإضرابات والاحتجاجات في قطاعات مثل التعليم والصحة وغيرها. وقد نتج عن ذلك انعكاسات سلبية على المستويين الاجتماعي والاقتصادي.
وأمام ارتفاع وتيرة الإضرابات والاحتجاجات، تم إبرام اتفاق 29 أبريل 2024 من أجل تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، بالإضافة إلى إبرام اتفاقات في بعض قطاعات الوظيفة العمومية. ومع ذلك، ما زالت قطاعات أخرى تواصل الإضرابات والاحتجاجات من أجل تلبية مطالبها.
يبدو أن شروط نجاح الحوار الاجتماعي متوفرة حالياً أكثر من المراحل السابقة، نظراً لعدة اعتبارات، أهمها: الاستفادة من التراكمات التي تحققت في الاتفاقات السابقة، والاستفادة من المرحلة الممتدة من إبرام اتفاق 30 أبريل 2022 حتى الآن. حيث تبيّن أن عدم تنفيذ الحكومة لما تم الاتفاق عليه كان له انعكاسات سلبية على المستويين الاجتماعي والاقتصادي.
لضمان نجاح الحوار الاجتماعي، ينبغي على كل طرف أن يتحمل مسؤوليته كاملة. الحكومة من موقعها كمدبرة للشأن العام، والاتحاد العام لمقاولات المغرب من موقعه كمسؤول عن الجانب الاجتماعي للمقاولة، والمركزيات النقابية من موقعها كقوة اقتراحية. كل ذلك من أجل إيجاد الحلول للقضايا المطروحة، مع الأخذ بعين الاعتبار النقاش الجاري وسط الطبقة العاملة، المهنيين غير الأجراء، والرأي العام الوطني.
لتسريع إيجاد الحلول للقضايا المطروحة خلال النصف الثاني من الولاية الحكومية الحالية، ينبغي العمل وفق روح الاتفاقات السابقة، واعتماد الحوار وفق منظور شمولي على أربع مستويات:
1. مستوى اللجنة العليا للحوار الاجتماعي، المتكونة من رئيس الحكومة والأمناء العامين للمركزيات النقابية الأكثر تمثيلية ورئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، لتنسيق ومتابعة الحوار على كافة المستويات.
2. مستوى الحوار الثلاثي الأطراف، المتكون من رئيس الحكومة ووزراء القطاعات الحكومية ذات العلاقة، والأجهزة التنفيذية للمركزيات النقابية الأكثر تمثيلية، والاتحاد العام لمقاولات المغرب، لمناقشة القضايا الكبرى ووضع خارطة طريق للحوار.
3. المستوى القطاعي، لمناقشة القضايا القطاعية.
4. مستوى الأقاليم والجهات، لمناقشة القضايا التي تخص الأقاليم والجهات.
يجب أن تكون جلسات الحوار متزامنة أو متقاربة لتحقيق الفائدة المرجوة، على أن تُتابَع القضايا التي تتطلب مزيداً من النقاش عبر لجان موضوعاتية بين دورتي أبريل وشتنبر. من الضروري تصنيف القضايا وفق ما يتلاءم مع طبيعتها، حيث تحال القضايا الكبرى على الحوار الثلاثي الأطراف، والقضايا القطاعية على الحوار القطاعي، والقضايا المتعلقة بالأقاليم والجهات على الحوار الجهوي والمحلي، وتتابع اللجان الموضوعاتية القضايا التي تتطلب مواصلة النقاش.
إن اعتماد منهجية تشاركية، والمتابعة الدقيقة للحوار، واتخاذ المبادرات الاستباقية على كافة المستويات، سيساعد على بناء الثقة المتبادلة وإيجاد الحلول للقضايا المطروحة على مائدة الحوار الاجتماعي. وتجدر الإشارة إلى أن الحوار الاجتماعي لا يعني فقط تحسين الأوضاع الاجتماعية والمهنية للأجراء، بل يعني أيضاً تطوير وتقوية العلاقات المهنية بالمؤسسات والمرافق العمومية والمقاولات، والاقتصاد الوطني بصفة عامة. لا يمكن تحقيق أي تقدم دون نجاح الحوار الاجتماعي كخيار استراتيجي لا بديل عنه.
نظراً لأهمية النقاش الفكري والعلمي في اقتراح الحلول وإيجاد المخرجات والبدائل المناسبة، تم فتح باب النقاش من طرف الحاضرين الذين قدموا اقتراحاتهم ومساهماتهم حول إيجاد الحلول للقضايا التي تهم الأجراء. وأكدوا على ضرورة إجراء إصلاحات شاملة في القطاعات التي يعملون بها، مع مراعاة الأوضاع المهنية والاقتصادية والاجتماعية. كما اقترحوا تنظيم ندوات فكرية وعلمية حول عدة قطاعات، خاصة: قطاع المقاهي والمطاعم، قطاع النقل بجميع مكوناته، قطاع البناء، قطاع الصناعة التقليدية، القطاع التجاري، والقطاع السياحي.
يمكن أن تشمل هذه الندوات جميع القطاعات المهنية كلما أمكن ذلك.
تم اقتراح تنظيم ندوات أخرى حول القضايا المطروحة على مائدة الحوار الاجتماعي، والتي تشمل: ملائمة الأجور والأسعار، تنظيم حق الإضراب، مدونة الشغل، الحماية الاجتماعية، إصلاح أنظمة التقاعد، تعديل قانون النقابات المهنية، احترام الحقوق القانونية للأجراء، والرفع من مردودية العمل، إضافة إلى هيكلة القطاع غير المهيكل.
كما تم اقتراح تنظيم مناظرة وطنية حول دور القانون الاجتماعي في تقوية الأوضاع الاجتماعية.
(*) رئيس المنتدى المغربي للتنمية الاجتماعية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.