وصف ديبلوماسي سابق وناشط سياسي جزائري معارض ، احتفالات القيادة الليبية بالذكرى الأربعين لوصول العقيد معمر القذافي للحكم، بأنها مناسبة حزينة من شأنها تعميق الفصام بين الشعوب المغاربية وحكامها، ومحطة جديدة للنظم المغاربية لتكريس حالة التوتر الأمني في المنطقة ضمانا لاستمرارهم في الحكم. وانتقد الدبلوماسي الجزائري السابق محمد العربي زيتوت محاولة الاصطفاف الليبي الجزائري إلى جانب البوليساريو، واعتبر ذلك عملية مقصودة لتأبيد الخلاف الجزائري المغربي وترسيخ التوتر في المنطقة لتأكيد حاجة النظام الدولي الرسمي لهذه الأنظمة. وقال زيتوت: "لقد كان واضحا أن حضور زعيم جبهة البوليساريو رسالة ليبية جزائرية واضحة فحواها أن الخلاف الجزائري مع المغرب لا بد أن يستمر، وأن التوتر في المنطقة لا بد لأن يتعمق ويستمر، وأن الخشية من الإرهاب ستبقى قائمة، حتى تبدو هذه الأنظمة وكأنها قدر لا مفر منه، وبالتالي فحاجة النظام الدولي لهذه الأنظمة من أجل حماية مصالحها في المنطقة ستظل قائمة، والخاسر للأسف الشديد هو التغيير الديمقراطي والشعوب الطامحة للانعتاق من هذا الاستبداد الخانق". وأشار زيتوت إلى أن عصب هذه السياسة التي وصفها ب "البائسة" هو مال النفط الليبي، وقال: "بالنسبة للغرب ولدوله الفاعلة في المنطقة المغاربية فإن هذا الوضع ملائم تماما، لأن قدوم أنظمة ديمقراطية سيجعلها مسؤولة أمام شعوبها على أي اتفاقية توقع مع أي جهة أجنبية، وبالتالي بقاء الحال على ما هو عليه هو ما يمكن من استمرار استخدام العقيد القذافي والرئيس عبد العزيز بوتفليقة لأموال الليبيين والجزائريين في شراء الذمم ليس الإفريقية والمغاربية فحسب بل والدولية أيضا، ومن ذلك الملايير التي بعثرت على تعويضات تفجير طائرات المدنيين الأبرياء، بينما تشير التقارير إلى أن نسبة المواطنين الليبيين تحت خط الفقر في تزايد وتتجاوز 25 %"، على حد تعبيره. واعتبر زيتوت في تصريحات خاصة ل "قدس برس" الحضور الرسمي الإفريقي والمغاربي في حد ذاته مبعثا للحسرة والألم على ما آلت إليه حال القيادات السياسية الإفريقية والمغاربية، وقال: "لقد شعرت بالأسى حقا، وأنا أتابع بعض فصول الاحتفالات البائسة بالاستبداد والتخلف التي أقامتها السلطات الليبية بالذكرى الأربعين لوصول العقيد القذافي إلى الحكم، ليس فقط لأن استمرار أي نظام في الحكم طيلة هذه السنوات يبعث على الحسرة، ولكن لأن الحضور الذي شارك في الاحتفالات كان حضورا مدفوع الثمن للأسف الشديد، كل على قدره، وهي أنظمة مفروضة بقوة السلاح على شعوبها، مما يجعل من هذه المناسبة محطة أخرى لتكريس الاستبداد وتدمير ليس فقط الشخصية الليبية وإنما لإشاعة الإحباط واليأس لدى كل الطامحين بالتغيير الديمقراطي والسلمي في المنطقة ويغذي دعاة الانفجار واستخدام العنف للتغيير"، كما قال. يذكر أن الوفد المغربي الذي كان يقوده الوزير الأول عباس الفاسي ويضم وزير الدولة محمد العنصر ووزير الخارجية الطيب الفاسي الفهري، قد انسحب من منصة عرض الاحتفالات أول من أمس ، وعزا ذلك إلى وجود زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية المدعو محمد عبدالعزيز ووفد من "الجمهورية الصحراوية" التي أُعلنت من طرف واحد، ضمن الوفود الرسمية المدعوة، على رغم "ضمانات" قُدّمت إلى الوفد المغربي بعدم حضور مندوبين عن "البوليساريو". وشمل الانسحاب كذلك أعضاء الفرقة العسكرية المغربية التي تضم مشاة ومظليين كانوا يشاركون في العرض العسكري الليبي للمرة الثانية بعدما شاركوا في تظاهرة مماثلة عام 1989. ويشكّل انسحاب الوفد المغربي من احتفالات ليبيا بالذكرى الأربعين لثورة "الفاتح من سبتمبر" أول أزمة سياسية بين المغرب وليبيا منذ اعتلاء الملك محمد السادس عرش بلاده قبل عشر سنوات.