لأول مرة في التاريخ السياسي المغربي لم يختلف الفاعل السياسي بأغلبيته ومعارضته حول تسمية لحكومة لا تزال في علم الغيب!! حكومة تم تسميتها سنة قبل أن يبدأ مخاض ولادتها، حيث انطلقت أولى المشاورات حول الانتخابات التشريعية. "حكومة المونديال" التي انطلقت أولى التسخينات لدخول ملعب المنافسة بين الأحزاب السياسية حول من سيفوز بغنائمها المتعددة مهما كلفها ذلك، وهو ما نتج عنه تدافع سياسي كبير وصل في بعض الأحيان لدرجة العنف السياسي، ومحاولة الإقصاء المبكر من دخول حلبة السباق في وجه بعض الأحزاب التي يحاول الكبار الدوس عليها وحصر المنافسة فيما بينهم كأقلية ذات أغلبية عادية. لماذا هناك محاولة من البعض حصر هدف الحكومة المقبلة وتأطيره بغلاف مونديال محدد في لعبة كرة القدم فقط؟ المملكة مقبلة على تحديات ورهانات و"مونديالات"، وليس مونديال وحيد وأوحد كما يحاول البعض إيهامنا به، وإلباسه بذلته الرياضية للحكومة المقبلة. نعم، نحن في حاجة لحكومة لكسب رهان "مونديال التنمية" ومحو الفوارق المجالية بين المجال القروي والمجال الحضري، مونديال يشارك فيه جميع مكونات الشعب المغربي بروح مواطنة من أجل بناء مغرب يستفيد من خيراته جميع أبناءه. نريد حكومة "مونديال الجهوية المتقدمة" وتنزيلها على أرض الواقع عبر تقديم المركز لتنازلات لفائدة الجهة حتى تستطيع القيام بدورها الكامل في المجال التنموي، لخلق التوازن المجالي بعيدًا عن التقسيم الموروث عن الاستعمار والمعروف بالجهات النافعة (الغنية) والجهات غير النافعة (الفقيرة)، وذلك لتحقيق نهضة تنموية شاملة ومستدامة على المستويين المحلي والوطني. أكثر ما نحتاجه هو حكومة "مونديال الحماية الاجتماعية" والتغطية الصحية، قادرة على جعل كل ألف نسمة مغطاة بمركز صحي وطبيب عام، وعقلنة القطاع الخاص وتحويله لقطاع مواطن وليس قطاعًا يستنزف جيوب المغاربة، حكومة قادرة على جعل الدواء في متناول كل مريض غنيًا كان أو فقيرًا.. حكومة "مونديال التشغيل"، أي حكومة قادرة على تخفيض نسبة البطالة وتوفير الشغل القار والحافظ لكرامة المواطن بعيدًا عن الاستغلال الذي يتعرض له من قبل الشركات التي لا ترى فيه سوى جزء من آليات الإنتاج. نحتاج لحكومة تعيد الكرامة للعامل المغربي وقبله للعاطل عبر تطوير آليات استقطاب المستثمر وخلق فرص شغل مع الاعتماد على المنتوج المغربي عوض تشجيع الاستيراد كبديل للمنتوج المحلي. من حق الفاعلين السياسيين التنافس حول من سيقود الحكومة المقبلة بالطرق الديمقراطية، وهذا أمر محمود كامتداد لتاريخ من الممارسة الديمقراطية، لكن يجب أن يكون تنافس برامج حقيقية قابلة للتنزيل على أرض الواقع وبإمكانياتنا وكفاءاتنا، وليس برامج مكاتب الدراسات الأجنبية المؤدى لها بالعملة الصعبة. انتخابات 2026 لن تكون انتخابات عادية، لوجود أولًا إرادة وتوجيهات من أعلى سلطة سياسية في البلاد لتمريرها في ظروف ديمقراطية بعيدًا عن سلطة المال وتدخل الإدارة، وهو ما سيجعل هذه المحطة لا تشبه مثيلاتها السابقة، وقد تفاجئ العديد من الفاعلين السياسيين، وقد تحمل مفاجأة كبيرة، قد ينتج عنها حكومة جديدة بقيادات جديدة وكفاءات مواطنة.