أجرى المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني، عبد اللطيف حموشي، زيارة تفقدية إلى ملعب الأمير مولاي عبد الله بالرباط، اليوم الجمعة، للاطلاع ميدانيًا على الترتيبات الأمنية المعتمدة لتأمين مباراة المنتخب الوطني المغربي أمام منتخب النيجر، والتي تدخل في إطار التصفيات الإفريقية المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2026. الزيارة الميدانية شملت مختلف مرافق المركب الرياضي، واطّلع خلالها حموشي على البروتوكول الكامل الخاص بالأمن والسلامة، الذي أعدّته ولاية أمن الرباط لتأمين هذه المباراة الجماهيرية، وذلك بتنسيق مع المصالح المركزية المختصة. وشمل هذا البروتوكول، إلى جانب الجوانب التنظيمية واللوجيستية، مخطط السير والجولان الرامي إلى ضمان انسيابية التنقل نحو الملعب ومغادرته، والتدابير الوقائية الموجهة لحماية الجماهير وضمان انتظام اللقاء في ظروف مثالية. وقدّم والي أمن الرباط خلال هذه الزيارة شروحات مفصلة حول الموارد البشرية والإمكانات المادية واللوجستيكية التي تم تعبئتها لتأمين هذا الحدث الرياضي، مشيرًا إلى أن هذه الإجراءات تراعي الطابع المعماري والهندسي الحديث للمركب الرياضي الجديد. كما تم استعراض منظومة المراقبة الرقمية الحديثة التي تم تزويد الملعب بها، والتي تشمل شبكة واسعة من الكاميرات الذكية عالية الدقة، إلى جانب تقنيات متطورة لرصد التحركات ومراقبة الفضاءات الحساسة. وتأتي هذه الخطوة في سياق التحضيرات الشاملة التي تباشرها مصالح الأمن الوطني استعدادًا لمواكبة الاستحقاقات الرياضية القارية والدولية التي ستحتضنها المملكة في المرحلة المقبلة، وفي مقدّمتها نهائيات كأس إفريقيا للأمم 2025، وكأس العالم 2030 التي ستنظمها المملكة بشراكة مع كل من إسبانيا والبرتغال. كما تعكس الزيارة الحرص على التقييم الميداني والمتواصل لبروتوكولات الأمن والسلامة، بما يعزز الثقة في جاهزية البنية التحتية الأمنية الوطنية، ويكرّس صورة المغرب كبلد قادر على تأمين كبريات التظاهرات الرياضية بمعايير احترافية. الملعب الذي أعيد بناؤه حديثًا، بتوجيهات ملكية سامية، صُمّم ليستجيب لأعلى المعايير الدولية من حيث الهندسة والمرافق، وتبلغ سعته الإجمالية 68 ألفًا و700 متفرج، ويضم بنية رياضية متطورة تدمج بين الأداء والجمالية والوظيفة. وقد زوّد بأرضية طبيعية هجينة تُعد الأولى من نوعها في إفريقيا، تجمع بين العشب الطبيعي والألياف الاصطناعية، ما يتيح مقاومة عالية واستدامة في الأداء، مع الحفاظ على سلامة اللاعبين وجودة المباريات. ويتوفر المركب على أربع غرف ملابس حديثة التجهيز، ومصحة طبية متعددة التخصصات، وفضاءات خاصة للتحضير البدني والتعافي، إلى جانب فضاءات ضيافة متميزة تشمل 110 مقصورات وخمسة صالونات بسعة إجمالية تصل إلى 5400 مقعد. كما تم تخصيص فضاءات ملائمة لوسائل الإعلام، تتيح للصحافيين والمراسلين تغطية الأحداث في أفضل الظروف، بما في ذلك قاعات المؤتمرات والاجتماعات، إلى جانب تجهيزات البث والإنتاج السمعي البصري. وفي ما يتعلق بالبنية التقنية، تم تزويد الملعب بنظام إضاءة مطابق لمعايير الاتحاد الدولي لكرة القدم من الفئة (أ)، يضمن جودة مثالية للبث التلفزيوني في التظاهرات الكبرى، كما تم تثبيت شاشتين عملاقتين وشاشة محيطية بتقنية LED، لتوفير تجربة مشاهدة غامرة للجمهور. وتشمل تجهيزات السلامة أيضًا نظام مراقبة مرئي مدعوم ب800 كاميرا ذكية تغطي مختلف الفضاءات والمنشآت التابعة للملعب، ما يسمح بتتبع دقيق لأي طارئ واتخاذ التدابير الاستباقية عند الحاجة. وتجسّد هذه الإجراءات الأمنية واللوجستية رؤية متكاملة للمديرية العامة للأمن الوطني، تقوم على الانتقال من منطق الاستجابة إلى منطق الاستباق، ومن المعالجة التقليدية إلى الإدارة الذكية للفعاليات الكبرى، سواء من خلال تطوير الفرق المتخصصة في الأمن الرياضي، أو عبر التعاون مع الشركاء الدوليين، خاصة من خلال الانخراط في منظومة "ستاديا" التي تشرف عليها منظمة الأنتربول، لتأمين المنشآت الرياضية والتظاهرات الدولية. وتعكس هذه الدينامية حرص المؤسسات الأمنية على أن تكون في صلب استراتيجية الدولة لاستضافة الأحداث الدولية الكبرى، ليس فقط من خلال ضمان الأمن، بل أيضًا بتقديم نموذج مؤسساتي يُحتذى في التهيئة، والتنسيق، والانضباط، بما يواكب طموحات المغرب في الحضور الفاعل والناجح على الساحة الرياضية الدولية.