اهتم علم أعصاب اللغة بالثنائية اللغوية لفهم التغييرات التشريحية المرتبطة بتعلم اللغة الثانية وعلاقتها بالمرونة العصبية. نستعرض هنا بعض نتائج مجموعة من الأبحاث والدراسات التي تدمج النماذج النظرية والنتائج التجريبية من علم النفس المعرفي، وعلم الأعصاب، لإثراء الفهم حول آثار ثنائية اللغة، وذلك من خلال التركيز على الدراسات التي تستخدم المقاييس العصبية المعرفية، مثل سمك القشرة الدماغية وحجم المادة الرمادية، لإبراز دور الثنائية اللغوية في إحداث آثار على بنية ووظيفة الدماغ، بصورة متباينة عند ثنائيي اللغة المبكرين من الأطفال مقارنة بأحاديي اللغة وعند ثنائيي اللغة المتأخرين من الأطفال مقارنة بأحاديي اللغة، وعند البالغين. كما سنشير إلى أثر التجربة اللغوية المبكرة وعمر التعرض للغتين على التنظيم العصبي في مناطق اللغة الكلاسيكية وفي مناطق أخرى فرعية. تعد الثنائية اللغوية ذات أهمية كبيرة في علم أعصاب اللغة، وفي فهم التغييرات التشريحية المرتبطة بتعلم اللغة الثانية، وذلك باعتبار اللغة وظيفة معرفية أساسية. وتمكن دراسات الثنائية اللغوية من معرفة الآليات الأساسية للمرونة العصبية، المرتكزة على الوظائف المعرفية وأنظمة الدماغ التي تخدمها والتغيرات العصبية المرنة التي تحدث في الدماغ ثنائي اللغة. ومع ذلك، يبقى البحث في آثار هذا الموضوع على الدماغ عند تعلّم أكثر من لغة واحدة، قليلا جدا. نستعرض هنا بعض نتائج مجموعة من الأبحاث والدراسات التي تدمج النماذج النظرية والنتائج التجريبية من اللسانيات وعلم النفس المعرفي، وعلم الأعصاب، لإثراء الفهم حول آثار ثنائية اللغة. ومن بين المقاييس العصبية المعرفية المستخدمة في الدراسات العصبية التصويرية للثنائية اللغوية سمك القشرة (Cortical thickness) ومناطق معالجة اللغتين في الدماغ. الأطفال متعلمون لغويون مرنون، إذ تمكنهم المرونة العصبية من تعلم لغتين أو أكثر. ينشأ الأطفال ثنائيو اللغة في ظروف مختلفة. فقد يولدون في أسر ثنائية اللغة، حيث يتحدث الأبوان لغتين مختلفتين، ويكون أحدهما أو كلاهما ثنائي اللغة. يختار بعض الآباء ما يرتبط بتقديم الرعاية أو الفرص التعليمية التي تعرّض أطفالهم للغة ثانية، مثل توظيف مربية تتحدث لغة مختلفة أو تسجيل أطفالهم في برامج الانغماس اللغوي في المدرسة. كما ينشأ العديد من الأطفال في مجتمعات متعددة اللغات، حيث يتحدث الجميع تقريبا لغات متنوعة. وقد تكون الهجرة أيضا سببا آخر شائعا للثنائية اللغوية في مرحلة الطفولة، وغالبا ما يكتسب الأطفال من الأسر المهاجرة لغة واحدة داخل المنزل ويتعلمون لغة أخرى خارجه. وأخيرا، يكتسب بعض الأطفال ثلاث لغات أو أكثر والبعض الآخر يتعرض إلى نوعين من نفس اللغة (Grosjean & Byers-Heinlein, 2018: 14). كما يمكن التمييز في ثنائيي اللغة بين أصناف عديدة؛ من بينها، الأطفال الذين تعرضوا للغتين في مرحلة مبكرة من حياتهم (ثنائيو اللغة المبكرون: من الولادة إلى سن 3 سنوات)، وأولئك الذين تعرضوا للغة ثانية في مرحلة متأخرة (ثنائيو اللغة المتأخرون: من 4-6 سنوات)، وثنائيو اللغة البالغون أو الذين تعلموا اللغة الثانية بعد تحقيق الكفاءة في لغتهم الأولى خلال مرحلة الطفولة المبكرة (4-7 سنوات) أو مرحلة الطفولة المتأخرة (8-13 سنة)، كما جاء ذلك عند((ياسينكا وبيتيتو (2013) Jasinska and Petitto، وعند جوديت نافغاسيكس (2019) Judit Navracsics)). ينتج عن اختلاف هذه الأصناف أن عملية اكتساب اللغة ومعالجتها ونتائجها عند المجموعتين من الأطفال والبالغين تظهر بشكل مختلف إلى حد ما. وأحد الأسباب المهمة هو أن هناك أدلة كبيرة على وجود فترة حرجة لاكتساب اللغة (critical period)، يتمكن الأطفال خلالها من إتقان اللغات، بسهولة أكبر وبشكل كامل، عندما يبدأ التعرض لها في وقت مبكر من الحياة. وأحد الآثار المترتبة على ذلك هو أن بعض جوانب ثنائية اللغة في مرحلة الطفولة قد تكون مختلفة نوعيا عن ثنائية اللغة التي تبدأ في مرحلة البلوغ. ومن ناحية أخرى، فإنه على الرغم من وجود هذه المرحلة الحرجة، يمكن للأفراد أن يصبحوا ثنائيي اللغة في أي عمر، من مرحلة الطفولة إلى مرحلة البلوغ (كروسجين وبييس-هاينلاين (2018) Grosjean and Byers‐Heinlein) فكيف يمكن تحديد الثنائية اللغوية؟ يعرف بلومفيلد Bloomfield (1933) الثنائية اللغوية باعتبارها التحكم في لغتين مثلما نتحكم في اللغة الأم. أيضا هاوجن (1969) Haugen الذي كان يدرك أن ثنائيي اللغة نادرا ما يكونون متساوين في إتقان لغتيهما بطلاقة، أكد على إتقان اللغتين بتقييد أقل مما ذهب إليه بلومفيلد معتبرا أن الثنائية اللغوية تبدأ عند النقطة التي يمكن من خلالها لمتحدث إحدى اللغتين من أن ينتج كلاما تاما وهادفا في اللغة الأخرى. وإذا كان بعض الباحثين قد استمر في وصف ثنائيي اللغة من حيث الكفاءة اللغوية، فقد شدد البعض الآخر على عامل آخر هو استخدام اللغة. ومن ثمة عرّف وينريش (1953)Weinreich الثنائية اللغوية على أنها ممارسة واستخدام لغتين بالتناوب، كما عرّفها ماكي (1962) Mackey، على أنها الاستخدام المتناوب للغتين أو أكثر عندالفرد نفسه. وهو التعريف نفسه الذي اعتمده معظم الباحثين، ومن بينهم جروجين (2013) Grosjean الذي عرّفها على أنها استخدام لغتين أو أكثر (أو لهجتين) في الحياة اليومية (كروسجين وبايير هيلاين (2018) Grosjean andByers‐Heinlein). فهل تحدث الثنائية اللغوية تغيرات بنيوية في الدماغ؟ وما علاقة سمك القشرة بعمر اكتساب اللغة الثانية؟ في دراسة لكلاين وغيره (2013) Klein et al. اهتم الباحثون بدراسة العلاقة بين بنية الدماغ وعمر اكتساب اللغة الثانية لدى المشاركين ثنائيي اللغة، وذلك باعتماد مراقبة العمر الزمني وإتقان اللغة وسنوات التعرض للغة الثانية. وانسجاما مع نتائج المقارنات بين المجموعات، كشف تحليلهم على أن عمر اكتساب اللغة والسمك القشري يرتبطان بشكل إيجابي في التلفيف الجبهي السفلي الأيسر عند ثنائيي اللغة، وكلما كان اكتساب اللغة الثانية في مرحلة متأخرة بعد أن يكون الفرد قد أتقن لغته الأولى، كلما كان سمك القشرة لديه أكبر. كما وجد أن علاقة سلبية مهمة ترتبط بعمر الاكتساب شوهدت أيضا في التلفيف الجبهي السفلي الأيمن عند ثنائيي اللغة، إذ كلما تعلموا اللغة الثانية في مرحلة متأخرة من أعمارهم، كلما أصبحت القشرة الجبهية اليمنى أرق. أما المنطقة الثانية الوحيدة التي تظهر ارتباطا كبيرا بعمر اكتساب اللغة الثانية فهي الفص الجداري العلوي الأيسر، حيث يزداد سمك القشرة كلما كان اكتساب اللغة الثانية متأخرا (كلاين (2013) Klein). كما أظهرت هذه الدراسة حول أحاديي اللغة وثنائييها أن اكتساب لغتين في الآن ذاته، مقارنة بلغة واحدة، ليس له أي تأثير إضافي على نمو الدماغ. ومع ذلك، فإن تعلم لغة ثانية بعد إتقان اللغة الأولى (اللغة الأم) يغير في بنية الدماغ. أما اكتساب اللغة الثانية في وقت متأخر من مرحلة الطفولة فيظهر زيادة في سمك القشرة الجبهية السفلية اليسرى في حين تكون القشرة الجبهية السفلى اليمنى أرق. فهل للثنائية اللغوية فوائد أو سلبيات على الدماغ؟ ازدادت وتنوعت في السنوات الأخيرة كمية الأبحاث التي تبحث في مسألة التأثير المحتمل لثنائية اللغة على الذهن والدماغ. وقد فحصت هذه الدراسات الأفراد في جميع مراحل العمر واستخدمت مجموعة متنوعة من الأساليب السلوكية والتصويرية. وبسبب اتساع نطاق البحث، ولفهم مسار هذه التأثيرات على مدى العمر أيضا، سيعمل الباحثون على عرض الأدلة بشكل منفصل حسب الفئة العمرية لفهم مسار هذه التأثيرات على مدى الحياة لكل من الأطفال، والبالغين. إن فكرة أن ثنائية اللغة يمكن أن يكون لها آثار معممة على القدرة الإدراكية غير اللفظية، نشأت في الأبحاث التي أجريت على الأطفال. وبعد الاعتقاد السائد بأن ثنائية اللغة كان ضارا بالذكاء (مراجعة في هاكوتا. Hakuta. 1986)، أفادت دراسة أجراها بيل ولامبرت (1962) Peal and Lambert عن أداء أفضل للأطفال ثنائيي اللغة مقارنة بالأطفال أحاديي اللغة في كل من المهام اللفظية والمهام غير اللفظية. وقدمت هذه الدراسة أول دليل على أنه بدلا من أن تكون الثنائية اللغوية قوة سلبية، فإنه قد يكون لها نتائج إيجابية كبيرة بدلا من ذلك. وعلى الرغم من أن هناك مشاكل في دراسة بيل ولامبرت (قد لا تكون المجموعات اللغوية متكافئة في الوضع الاجتماعي والاقتصادي أو الذكاء، وكانت المقاييس عبارة عن اختبارات ذكاء واسعة النطاق)، إلا أن النتائج أثارت الاهتمام بإمكانية أن ثنائية اللغة يمكن أن تؤثر على الإدراك غير اللفظي وأن التأثير قد يكون إيجابيا. ومع ذلك، فقد كانت دراستهما مفيدة في تقديم هذه المسألة باعتبارها مجالا مهما للبحث والتنظير. وركزت الأبحاث الأولية التي تلت دراستهما إلى حد كبير على نمو الوعي اللغوي لدى الأطفال أحاديي اللغة وثنائييها، حيث أفادت معظم الدراسات عن نمو مبكر أكثر عند الأطفال ثنائيي اللغة. ومع ذلك، فإن التركيز في هذه المراجعة سينصب على السلبيات المعرفية (بياليستوك (2017) Bialystok). وبالمقابل، أظهر اتجاه حديث في الدراسات آثار ثنائية اللغة الأطفال الرضع الذين ينشؤون في بيئات تُسمَع فيها منذ الولادة لغة واحدة أو أكثر، إذ لوحظ أنه إلى غاية عمر 7 أشهر تقريبا، يكون جميع الرضع حساسين للفروق الصوتية المرتبطة بجميع اللغات الطبيعية، لكن الأطفال الرضع الذين ينتمون إلى البيئات ثنائية اللغة يحافظون على هذه الحساسية العامة لفترة أطول (Bialystok, 2017: 5). وفي دراسة حديثة أجراها كل من فيرجان راميريز، وراميريز، وكلارك، وتولو، وكوهل Ferjan Ramirez, Ramirez, Clarke, Taulu, and Kuhl استخدم كوهل تخطيط الدماغ المغناطيسي (MEG) لتوثيق كيف أن دماغ الرضيع ثنائي اللغة يبقى حساسا للفروق الصوتية. وتركز المناقشات الحالية على إمكانية أن يكون لهذه الاختلافات البيئية في مرحلة الطفولة آثار قابلة للقياس على النتائج غير اللفظية. وتلتقي ثلاثة أنواع من الأدلة الحديثة على استنتاج أنها كذلك. النوع الأول من الأدلة يفحص الانتباه البصري للوجوه باعتباره مصدرا للمعلومات اللغوية في السنة الأولى من العمر. وبالإضافة إلى الحفاظ على الانتباه فيما يتعلق بالتمييزات الصوتية، فإن الأطفال الرضع في البيئات ثنائية اللغة قادرون أيضا على استخدام الإشارات البصرية عندما ينتقل المتحدث بلغة إلى التحدث بلغة مختلفة، حتى في غياب المعلومات السمعية. ويستمر الرضع أحاديو اللغة باكتشاف مثل هذه التغييرات حتى عمر 7 أشهر تقريبا، لكن الأدلة المستقاة من الرضع الذين يشاهدون مقاطع الأشرطة الصامتة تظهر أن الأطفال ثنائيي اللغة تتواصل قدرتهم على ملاحظة تبديل المتحدث للغة حتى عمر سنة واحدة (بياليستوك (2017) Bialystok). وخلافا لذلك، يفشل الأطفال أحاديو اللغة في اكتشاف التبديل اللغوي خلال السنة بأكملها. وبالتالي، فإن الأطفال الرضع الذين يبنون أنظمة تمثيلية للغتين يتعلمون أيضا أنهما مختلفتان ويمكن التمييز بينهما. وتأكيدا لهذه النتائج، استخدم بونس وبوش وليوكوفيتش (2015) Pons, Bosch, and Lewkowicz تتبع العين لإظهار أنه من عمر 8 أشهر إلى 12 شهرا، يولي الرضع ثنائيو اللغة اهتماما أكبر لحركة الفم أثناء النطق أكثر من العينين، في حين أن الأطفال الذين تربوا في بيئة أحادية اللغة يولون عموما اهتماما أكبر بالعينين. وبحلول عمر 12 شهرا لا يصير هذا الاختلاف موجودا. وفي النوع الثاني من الأدلة أظهرت دراسة أجريت على أطفال رضع بعمر 6 أشهر تربوا في بيئات ثنائية اللغة وشاركوا في مهمة التعود البصري أظهروا ترميزا أفضل للمحفزات وذاكرة تمييز أفضل من نظرائهم الذين تربوا في بيئة أحادية اللغة. ومثل هذه النتائج تشير إلى مرونة أفضل في الانتباه لدى الرضع ذوي الخبرة ثنائية اللغة. وليس من المستغرب في نظر بياليستوك (2017) أن تؤدي الثنائية اللغوية إلى تغيير التمثيلات اللغوية وبنية الدماغ التي تكمن وراء اكتساب اللغة أو معالجتها. ومع ذلك، فإن الدليل الحالي يتجاوز هذه الآثار اللغوية وتقترح أن التجربة ثنائية اللغة تؤدي إلى تعديلات ليس فقط في بنية الدماغ ووظائفه المرتبطة بمعالجة اللغة، ولكن أيضا في تلك المناطق والعمليات المرتبطة بالأداء المعرفي غير اللفظي. وبالتالي، فإن الحجة هي أن ثنائية اللغة هي تجربة ذات قدرة على تعديل الدماغ والأنظمة الإدراكية بشكل عام (بياليستوك (2017)). وفيما يتعلق بالبالغين أجرى كلاين وكريستي وباركفال (2016) بفحص نسبة الإصابة بمرض الزهايمر في 93 دولة تم تصنيفها وتقييمها من حيث متوسط عدد اللغات التي يتحدث بها السكان. وقد وجدوا انخفاضا كبيرا في معدل الإصابة بمرض الزهايمر في البيئات متعددة اللغات. وعلى هذا النحو يبدو أن الثنائية اللغوية تسهم في الحماية من الشيخوخة. وهناك نظريات مختلفة حول كيفية تطور هذه الفوائد نفسها والمكاسب المقترحة لتعلم لغة ثانية والتي تقترن ببعض التحذيرات، ومن ذلك مثلا، أن عمر اكتساب اللغة له دور قوي في التغيرات المعرفية والدماغية المرتبطة بالثنائية اللغوية والانغماس في اللغة المتعلمة، مما قد يؤدي إلى التغيرات البنيوية التي قد تلاحظ في الدماغ. ومع ذلك، لا توجد دراسات للأطفال تظهر أن بنيات الدماغ تتأثر سلبا بتجربة الثنائية اللغوية المبكرة وأن اللغتين تؤديان دورا رئيسيا فيما يتعلق بالنمو الأكاديمي والاجتماعي (دانيلكيف وكرافنيك (2020) Danylkiv and Krafnick). وقد نوقشت فوائد تعلم لغات متعددة بشكل مطول في بياليستوك (2017) وأنطونيو (2019) Antoniou الذي ناقش موضوعات تشمل الفوائد المعرفية العامة، وتعزيز المرونة العصبية، ورأى أنه من المقبول أن تؤدي ثنائية اللغة إلى تغيير في الدماغ، مثل المرونة المعتمدة على الخبرة التي يكون لها آثار على وظائف الدماغ في المستقبل. يضاف إلى ذلك تأثر العديد من البنيات والشبكات الدماغية (بما في ذلك البنيات والشبكات الحيوية للوظائف التنفيذية والمناطق الدماغية التي تخدم التحكم الإدراكي) كالتلفيف الجبهي السفلي الأيسر، والقشرة الحزامية الأمامية، والفص الجداري السفلي، والعقد القاعدية، وخاصة البوتامين، والنواة المذنبة اليسرى، والمخيخ. ويُظهر ثنائيو اللغة كثافة أكبر للمادة الرمادية (أجسام الخلايا والخلايا العصبية). وترتبط الكثافة الأكبر بالقدرات والمهارات المختلفة عند ثنائيي اللغة مقارنة بأحادييها في العديد من شبكات الدماغ بما في ذلك الفصيص الجداري السفلي الأيسر (الذي يتغير حسب عمر الاكتساب والإتقان). كما يتمتع ثنائيو اللغة أيضا بسلامة أعلى للمادة البيضاء (حزم الألياف العصبية التي تربط مناطق الدماغ) أكثر من أحادي اللغة (أنطونيو (2019). ويبدو من خلال ما تقدم من نتائج هذه الأبحاث العصبية والتصويرية في الثنائية اللغوية أن تعلم لغة ثانية بعد إتقان اللغة الأولى يعدل بنية الدماغ اعتمادا على العمر والتجربة، في حين أن الاكتساب المتزامن للغتين ليس له أي تأثير إضافي على نمو الدماغ. وتوفر دراسات الأفراد الذين يختلفون من حيث تعلم لغة واحدة أو لغتين ومن حيث العمر فرصة فريدة لاكتشاف التأثير المحتمل للتنوع في الخبرة اللغوية المبكرة على تشكيل وظيفة وبنية الدماغ وقدرته على المرونة. ويأتي القلق من عدم تجانس العينات في دراسات ثنائية اللغة والدماغ بسبب مجموعة من العوامل مثل، سن الاكتساب وكيفية تعلم اللغة الثانية؛ إذ قد يؤدي التباين في اختيار العينات والمنهجية إلى عدم إمكان تعميم النتائج في الدراسات. أما الأبحاث والدراسات التي تستخدم حجم المادة الرمادية وسمك الدماغ باعتبارهما أداتين للبحث في التشريح العصبي للثنائية اللغوية فقد أظهرت اختلافات حول كثافة أو قلة المادة الرمادية عند ثنائيي اللغة مقارنة بأحادييها. وبشكل عام، أدى هذا التباين بالإضافة إلى عدم تجانس عينات الدراسة ومنهجيتها إلى نقص دعم تشريحي واضح للنظريات الكبرى. -كلية الآداب والعلوم الإنسانية- الرباط