تعمل نيفين أبو زرينة حافية القدمين على وقف تدفّق المياه إلى خيمتها، بعد هطول أمطار غزيرة على مخيّم مؤقت للنازحين في مدينة غزة. وتقول الفلسطينية لوكالة فرانس برس وقد بلّلت المياه حجابها: "أحاول منذ الصباح إخراج مياه الأمطار التي غمرت خيمتنا"، وتضيف: "المشهد معبّر. مياه الأمطار غمرت ملابسنا والفراش"، مع مواصلة قريب لها محاولة إخراج المياه، وهو أيضا حافي القدمين. والجمعة حذّر المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة، محمود بصل، من أن المياه غمرت آلاف الخيام المنصوبة لإيواء النازحين الذين تدفّقوا إلى المخيمات هربا من الحرب. وقال بصل: "منذ فجر اليوم تلقينا مئات المناشدات من نازحين غمرت مياه الأمطار منازلهم وخيامهم"، لافتا إلى أن الخيام المتوافرة غير كافية لإيواء المتضررين. "ما العمل؟" في قطاع غزة الواقع بين سيناء وصحراء النقب من جهة والمتوسط من الأخرى، يهطل القسم الأكبر من الأمطار في الخريف والشتاء. ومع فرض إسرائيل قيودا مشدّدة على دخول البضائع والمساعدات الإنسانية نصب غزيّون خياما وأقاموا مراكز إيواء مؤقتة لا تحمي من الأمطار الغزيرة. وبعد وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ الشهر الماضي رُفعت جزئيا القيود، لكن مع تضرّر نحو 92 بالمائة من المباني السكنية أو دمارها في الحرب، وفق الأممالمتحدة، تتخطى الاحتياجات بأشواط ما يدخل القطاع من بضائع ومساعدات عبر الشاحنات. ويفيد مصدر ينشط في الشأن الإنساني فرانس برس بأن القيود المفروضة على دخول العديد من المواد اللازمة لبناء مراكز إيواء في غزة، على غرار بعض أنواع أعمدة الخيام، لم ترفع بعد. وفي ناحية أخرى من المخيّم المحاذي للمتوسط يستخدم رجل مقبض مكنسة لإزالة المياه المتجمّعة فوق قطعة من القماش المشمّع استخدمها كمظلة لخيمته. وفي المناطق المنخفضة في المخيم تجمّعت المياه وتراكمت قبل أن تجد طريقها إلى البحر. وأظهرت لقطات لفرانس برس أطفالا يجوبون المخيّم حيث ارتفع منسوب المياه إلى مستوى الكاحل. وتقول إنعام البطريخي، وهي ناشطة في مخيم للنازحين، إنها شعرت بالعجز بعدما جاءت نساء لطلب المساعدة منها، متسائلة: "كيف أنقذهنّ؟"، موضحة أن خيمتها هي أيضا غمرتها المياه. وتقول نورا أبو الكاس، وهي أيضا نازحة، إنها وجدت فراشها وبطانياتها وملابسها كلّها مبلّلة، مضيفة أن ابنها أرسل إليها قطعة من القماش المشمّع "لكنها لا تقينا (الأمطار). ما العمل؟ أين أذهب؟". "نعيش في مقبرة" في مدينة خان يونس جنوبي غزة يعاني محمد شبات وزوجته وأولاده الخمسة بسبب الأحوال الجوية، مع تسرّب البرد إلى خيمتهم. يقول شبات جالسا على الرمل بين القبور: "نعيش في مقبرة، ولدي طفل. هذه الخيمة لا تقينا البرد أو المطر"، ويضيف: "قريبا سيحل الشتاء، وسيكون الأمر صعبا للغاية"... جالسة بجانب موقد مصنوع من كتل خرسانية مكدّسة تتخوّف زوجته آلاء من موسم الشتاء المقبل، وتقول: "الخيمة ليست مكانا آمنا للعيش مع أطفال صغار. الرياح الباردة تخترق الخيمة في المساء ودرجة الحرارة تنخفض كثيرا". وتنخفض الحرارة في غزة إلى ما بين 15 و20 درجة مئوية ليلا. لكن أي انخفاض في الحرارة يفاقم معاناة سكان القطاع الذين يعانون بالفعل بسبب بدائية مراكز الإيواء ونقص التغذية السليمة.