من قال إن صعوبة التحرك قد تعيق عزائم المُصرّين، فطلب العلم لا يسلّم نفسه سوى للتلميذ المِلحاح، بغض النظر عن ظروفه الصحية الصعبة، فالإعاقة ليست إعاقة جسد.. هذا ما تؤكده حالة التلميذ بالثانية باكالوريا، عمر أحساين، الذي يتابع دراسته بشعبة العلوم الرياضية (أ) بثانوية صلاح الدين الأيوبي بنيابة تنغير. أخوه حمزة أوحساين التلميذ معه بنفس القسم، يلازمه طول الوقت، ويساعده على الحركة والتحرك داخل الثانوية، وفي طريقه إليها. يتحرك بصعوبة بالغة على كرسي متحرك، ويكتب الكلمات بتثاقل، لكنه من أنجب التلاميذ في جهة سوس ماسة درعة، إذ حصل على 18.32 كمعدل في الدورة الأولى، و17.30 في الامتحان الجهوي الموحد، حتى إن الكثير يُلقّبه في الثانوية ومحيطة ب"ستيفن هوكينغ" تنغير. وإذا كان الرجلان يشتركان في الإعاقة الجسدية ودراسة الرياضيات والفيزياء وتحدّي الصعاب، فإنه لا مجال لمقارنة مُجتمع متقدم يمنح الفرص للطاقات الشابة، ويوّفر الإمكانيات لذوي الاحتياجات الخاصة ليُحقّقوا أحلامهم ويخدموا بلدانهم، ومجتمع مغربي ما يزال ينظر بعين أخرى لمثل هؤلاء. أحساين: هذه مطالبي عمر أحساين، الحامل للرقم الوطني رقم 12015251 والمصاب بمرض نادر ألزمه الكرسي المتحرك، يطالب من وزير التربية الوطنية والتكوين المهني، ووزير التعليم العالي، السماح له بوقت إضافي في مادة الرياضيات والفيزياء والكيمياء، من أجل اجتياز جيد للامتحانات مراعاة لحالته الصحية، حيث يكتب بشكل متثاقل لا يسمح له بمواكبة أقرانه من التلاميذ الأصحاء الذين لا يعانون من أي مرض. أُوحساين، الذي وجّه رسالة إلى الوزيرين المعنيين، وإلى الديوان الملكي ومختلف الهيئات، يطالب فيها مساعدته على الاجتياز الملائم لوضعه الصحي لامتحانات الباكالوريا، طالب أيضا بمساعدته على تحقيق حلم طفولته باجتياز امتحان الولوج للأقسام التحضيرية رغم تجاوز السن القانوني المسموح به، بسبب الانقطاع المتكرر للدراسة الناتج عن ذلك المرض النادر، فولادته كانت في أكتوبر 1991. وصرح التلميذ لهسبريس بالقول "انقطعت في المستوى الرابع، وعدت، ثم انقطعت في المستوى السادس، فالمجتمع لا يرحم، وإذا لم يُعرقل مسيرتك لن يساعدك، وعندما بلغ أخي التاسعة أساسي تسجلت أنا أيضا في التاسعة مع الأحرار، ونجحت بتفوق، وشجعني وجود أخي حمزة ليساعدني على الدخول والخروج من القسم وغير ذلك. وتابع "الآن فهمت أنه عليّ أن أُواجه قدَري، وأن تكون إعاقتي مُحفزا لعزيمتي لا معيقا لأحلامي، هذا إذا وجدت الدعم الكافي الذي أتمنى أن أحظى به من طرف الحكومة المغربية، فأنا أريد أن تراعي الوزارة الوصية حالتي وتمنحني الفرصة لأجيب على كل اختباراتها في الفيزياء والكيمياء والرياضيات." أساتذة : عُمر تلميذ مثالي ويستحق مُعاملة خاصة "عُمر تلميذ متميز، يْقدر يْمشي بعيد، إذا وَجَدَ من يأخد بيده " يقول أستاذه في الرياضيات، علي أُوحداد، في تصريح لهسبريس، قبل أن يُضيف بأن "هذا التلميذ يجد صعوبات كثيرة في تحريك يديه، لكنه شخص مثابر، فقد حصل على أعلى معدل في شعبة الرياضيات على صعيد إقليم تنغير". هذا المعطى يؤكده أستاذه في الفيزياء، لحسن باسلام الذي قال إن "هذا الشخص تلميذ مثالي، سلوكا وعملا، دائم الابتسامة، يواجه قَدَرَه بالابتسامة والمثابرة، وليس من العدل أن نتحاسب معه في الوقت أو في العمر، بل يجب أن نُليّن في وجهه الصعاب، ونقطته في الفيزياء لا تقل دائما عن 19.75، لذلك خسارة أن يضيع هذا التلميذ بسبب وضعه الصحي". هسبريس حاولت الاتصال بالسيد عمر ملاحيظ، نائب وزير التربية الوطنية بتنغير، من أجل أخد تصريحات في موضوع هذه الحالة النادرة، وإمكانية تقديم الدعم المعنوي الكافي للتلميذ النجيب عمر أحساين، إلا أنه رفض الإدلاء بأي إفادات في الموضوع. مرض نادر يُقعد 7 أفراد من العائلة لا تقتصر هذه الإعاقة البدنية على عُمر، وإنما شملت 7 أفراد من أسرة أحساين القاطنة بحي الموظفين بتنغير. إنه مرض نادر لا يظهر بوضوح إلا بعد خمس سنوات، حيث تبدأ علامات الإعاقة الجسدية بوضوح في حركة المشي واليدين، سرعان ما تتطور سلبا مع مرور السنوات إلى أن تجعل من الطفل مُقعدا لا يستطيع بعدها تحريك رجليه مع تثاقل في تحريك اليدين. " هذه الإعاقة حرمت إخوتي الكبار من الدراسة، بسبب قلة الإمكانيات لذوي الاحتياجات الخاصة، رغم نبوغهم في الدراسة، لكن هذا المرض لا يسمح بمتابعة الدراسة في وسط فقير، وبعيد عن مراكز العلاج كمدينة تنغير" يقول عُمر، موضحا أن أُخته لم تتمكن من إتمام دراستها بنفس السبب، لكنها هذه السنة توفقت في اجتياز السنة التاسعة مع الأحرار، وحصلت على معدل جيد". يشع وجه عمر أُحساين بابتسامة دائمة، لكنها لا تستطيع أن تُخفي خوفه من تحقيق حلم حياته وتحدي إعاقته بولوج الأقسام التحضيرية رفقة أخيه حمزة الذي يُرافقه كل لحظة، وهو أيضا تلميذ متفوق وحاصل على 17.30 في الامتحان الجهوي و18.20 في الدورة الأولى في شعبة الرياضيات. هل ستعمل الوزارة الوصية على تليين الصعوبات أمام شاب ذكي وطموح.. وحدهما الوزيران لحسن الداودي ورشيد بلمختار يملكان الجواب.