دائما ما تكون للسياسة مبرراتها في تغيير مواقف ومبادئ الأشخاص والأحزاب والمؤسسات، تحت مُسمّيات المصلحة العامة للبلد والحفاظ على العلاقات.. لكن هذا السلوك الذي ما فتئنا نتعايش معه في الحالة المغربية، يخلق إحساسا بالإحباط لدى مواطن يئس من السّياسة وأصحابها. قبل أشهر، شاهدنا كيف أن الملك بعث بوزير الخارجية صلاح الدين مزوار بشكل رسمي إلى مصر لتهنئة عبد الفتاح السيسي، المُنتخَب رئيسًا خَلفاً للمعزول محمد مرسي بعد الانقلاب عليه.. الرجل العسكري الذي لا تزال العديد من دول العالم تشهد بضلوعه المفضوح في أحداث دموية لفض اعتصامات المؤيدين لمرسي بالقاهرة، والتي راح ضحيتها مئات القتلى من الأبرياء، منهم أطفال ونساء، بداعي "محاربة الإرهاب". إبان تلك الأحداث، التي يعيش المصريون ذكراها السنوية الأولى هذه الأيام، وقبل التنصيب الأخير، انتصبت العديد من الأحزاب المغربية لإدانة ما وصفته بالأحداث الإجرامية في حق مدنيّين عُزّل بمصر، دون أن يطرح حينها سؤال "وما علاقتنا بالشأن الداخلي لمصر !؟"، إلا أن هذا الأخير وجد له إجابة بالنفي حين ذهب مزوار ليصافح السيسي في قصر الاتحادية.. لأن الملك من قام بالمبادرة ليس إلا !!. قبل الحديث عن موقف إسلاميي الحكومة من زيارة السيسي للمغرب، نستحضر الزيارة الأخيرة التي قام بها الجنرال المصري للجارة الجزائر قبل أسبوع، والتي، رغم أنها حملت في طياتها رغبةً في تنسيق أمني لاحتواء الوضع الليبي المتدهور أمنيا والبحث عن دعم اقتصادي وسياسي جزائري لمصر، إلا أن الزيارة لم تسلم من ردود فعل غاضبة من إسلاميّي الجارة الشرقية، الذين أدانوا الخُطوة، بالموازاة مع استنكار شريحة من الرأي العام الجزائري، وفق ما تناقلته منابر إعلامية جزائرية واسعة الانتشار، الذي وصف الزيارة بالنكسة و"انحرافا للدبلوماسية الجزائرية". الأضواء مسلطة اليوم قبل أمس على رئيس الحكومة، السيد عبد الاله بنكيران، الذي يقود حزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية، والذي عبر قياديوه في مظاهرات وبيانات وتدوينات عن الموقف الصريح من الأحداث: "الشرعية وشعار رابعة" في وجه "الانقلاب وحكم العسكر". كثير من المتتبعين وصفوا تفويض مزوار مبعوثا رسميا لتهنئة السيسي عوضا عن رئيس الحكومة، ذكاءً من الملك في عدم إحراج بنكيران الرافض للانقلاب، انسجاما مع موافق حزبه، وللعملية غير الديمقراطية، التي جرى بها سحب السلطة من الرئيس المعزول مرسي ووضعها بين يدي العسكر.. إلا أن رئيس الحكومة سيجد نفسه، لا محالة، مُحرجا في القادم من الأيام في حالة قدوم السيسي أو أحد مُمثّليه إلى المغرب، لاعتباره مسؤولا حكوميا ومطالبا بالاستقبال أو التباحث والتشاور والتنسيق، في سياق ما تمليه "المصالح الخارجية والعلاقات الدولية" للمملكة.. موقفٌ قد يُحرج بنكيران مع إخوانه في الأمانة العامة للحزب وقواعده، كما حصل قبل 3 سنوات في الخروج للشارع، إبّان ربيع 20 فبراير المغربي لإسقاط الفساد والاستبداد.. أو قد يُخرجه من عنق الزجاجة سالماً من عاصفة الانتقادات اللاذعة، في حال تدخّلٍ ملكيّ جديد!!. https://www.facebook.com/attariqHadda