مدخل مع بداية صيف 2000، وفي محاولة لحرمان جماعة العدل والإحسان بالخصوص من آليات للتعبئة والاستقطاب، منعت السلطة كل الحركات الإسلامية المغربية من تنظيم مخيمات خاصة بها اعتادت أن تنظمها منذ منتصف الثمانينات، وقد "أسست السلطة قرارها يقول محمد ضريف على كون الإسلاميين لن ينزلوا إلى الشواطئ العمومية، على اعتبار أنها مأهولة بالفتنة". لم تنتظر الجماعة طويلا، فسرعان ما أخذت زمام المبادرة وقررت النزول إلى الشواطئ العمومية عملا بالمقولة الشعبية " اللِّي عَنْدُ باب وْحْدَه الله يْسُدَّا عْلْه "، الشيء الذي أربك حسابات السلطة. وقبل ذلك، وابتداء من يوم 26 يونيو 2000، بدأت الجماعة في توزيع ما سمَّته " تذكرة المصطاف" على أعضائها، وهي عبارة عن ورقة داخلية أرادت من خلالها تأطير عملية النزول وتوحيدها. الورقة التالية محاولة جمع شتات ما جرى من خلال قصاصات الصحف الوطنية وبعض اليوميات العربية. وفي الحقيقة، ما كان لها أن ترى النور لولا مساعدة الصديق نور الدين إجوهراتن الذي أمدَّني ببعض المعطيات التي غابت عني، فله جزيل الشكر. I. البداية: "تذكرة المصطاف" أخي وأختي. منعنا ظلما وعدوانا من حقنا المشروع في التخييم الذي دأبنا عليه منذ عقدين من الزمان، وفي كل خير. ومن الآن فصاعدا سنشارك إن شاء الله إخواننا وأخواتنا من الشعب المغربي متعة الاستجمام بالشواطئ العمومية وهذا يتطلب منا أن نتذكر مبادئنا وتصورنا ولذلك نهيب بك أخي، أختي الالتزام بما يلي: 1 . أن تلتزم بالغرض الذي من أجله أنت في الشاطئ: الترفيه عن النفس والرغبة في الاستجمام. 2 . أن تحرص على راحة المصطافين وأن تحترم اقتناعاتهم. 3 . أن تتجنب المنفر من الهيئة و اللباس والمستنفر من الكلام، وأن تلتزم اللين والرفق المعهودين في أعضاء الجماعة. 4 . أن تدعو بالحال قبل المقال وبحسن الخلق وتراعي الذوق واللياقة. 5 . أن تتجنب الشعارات والمسيرات داخل الشواطئ. 6 . أن تتجنب الرد على ما قد يصدر من عناصر السلطة. 7 . أن تحرص على نظافة الشواطئ وأن تعين على ذلك. 8 . أن تجعل من اصطيافك مناسبة للتواصل والتعارف. 9 . أن تسارع إلى تقديم يد المساعدة إلى كل من يحتاج إلى ذلك رجالا ونساء وأطفالا. 10 . ألا تشغلك دنياك عن آخرتك وأن تتذكر دائما قوله تعالى:" إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا". وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:" جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا". II. رد السلطة 1. تصريح الناطق باسم الحكومة وزير التشغيل والتضامن الاجتماعي والناطق باسم الحكومة الاتحادي السيد خالد عليوة يقول : إن السلطات ستكون صارمة في تطبيق القانون لمنع احتلال الشواطئ ومضايقة المصطافين. [ الصباح 28/07/2000]. 2. تصريح وزير الداخلية في البرلمان اختار وزير الداخلية آنذاك أحمد الميداوي منبر مجلس النواب لتوجيه رسالة " إلى من يهمهم الأمر" في موضوع رهان القوة الذي تشهده بعض الشواطئ المغربية بين السلطة و جماعة العدل والإحسان إثر صدور قرار منع إقامة مخيمات خاصة بهذه الجماعة، كما كان الأمر عليه خلال السنوات القليلة الماضية. والمناسبة التي اختارها الوزير لتوجيه هذه الرسالة جوابه عن سؤال شفوي حول " المظاهر المخلة بالحشمة والحياء بالشواطئ ومراكز الاصطياف" طرحه النائب مصطفى الرميد الذي سأل الوزير عن الإجراءات التي اتخذتها الوزارة للحد من الممارسات التي تعرفها بعض الشواطئ والتي اعتبرت من قبل النائب "مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية" وعن عدم تمكين بعض الجماعات من إقامة مخيمات للاصطياف تحترم تلك الأحكام. رد الوزير كان قويا وصارما تجاوز ما كان مألوفا في التصريحات السابقة للوزير من حيث التعابير والمصطلحات التي استخدمها. فقد أكد الميداوي أنه " ليس من حق أي أحد أن ينصب نفسه وصيا على العقيدة الإسلامية التي هي عقيدة الأغلبية الساحقة للمغاربة" وأضاف أنه " لا وجود لشواطئ إسلامية وأخرى غير إسلامية" ومثل هذا الأمر "لن يسمح به في المغرب" وأعاد الوزير التأكيد على الطابع المعتدل والوسطي للإسلام معتبرا أنه " لا يمكن لأي أحد أن يفرض على الآخرين فهمه وتأويله الخاص للشريعة الإسلامية وأحكامها". وفي موضوع منع إقامة المخيمات "الإسلامية" على بعض الشواطئ أوضح الوزير أن الشواطئ أماكن للاستجمام والترفيه، ولن نسمح لجماعة بالقيام بما تريد وتحشر الأطفال والسيدات وتشحنهم بأفكار منحرفة، وأضاف " إن المجتمع المغربي مجتمع مسلم ومتماسك و لا يمكن أن نقبل بفكرة الطائفية التي لا علاقة لها بالدين " وأوضح الوزير أن لكل مرفق آدابه "فمن أراد أن يعبد الله ويقيم الصلاة فله ذلك في المساجد أو في بيته أما الشواطئ فهي للاستجمام والترفيه وليس هناك استجمام إسلامي وآخر غير إسلامي والإيمان الحقيق لا يكون بالمظاهر بل في القلب والروح والأعمال الحسنة وحسن التربية والمعاملة" وعن ما أسماهم بأصحاب "فكر الطائفية" قال الوزير " أن الدولة المغربية المسلمة ستتصدى لهم وتكسر شوكتهم بكل قوة". [ الاتحاد الاشتراكي عدد 6203 ليوم 4 غشت 2000 ] وقد رد على الميداوي السيد محمد يتيم عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية بمقال في جريدة التجديد عدد 91 ليوم 9 غشت 2000 بمقال تحت عنوان " حوار هادئ حول موضوع ساخن". III. الحدث من خلال الصحافة 1 . الشرق الأوسط قالت في عددها ليوم 07/06/2000 بأن جماعة العدل والإحسان المغربية تتهم الدولة بإعلان الحرب عليها بعد وقف المخيمات الأصولية. جاء في تغطيتها: " أعربت الحركات الأصولية في المغرب عن انزعاجها لقرار السلطة المغربية منع المخيمات الصيفية الخاصة بالأصوليين هذا العام. واعتبر نشطاء هذه الحركات قرار الدولة القاضي بمنع الترخيص للمخيمات [...] بأنه غير قانوني وغير معقول. وكان وزير الداخلية المغربي أحمد الميداوي قد أعلن أثناء لقاء له مع مهنيين في قطاع السياحة بالرباط بأن الدولة ستمنع هذا العام المخيمات الخاصة بالأصوليين" . 2 . جريدة العصر في عددها 115 ليوم 30 يونيو 2000 قالت: "بناء على التدابير الزجرية التي اتخذتها وزارة الداخلية لتحجيم وتقييد فرص تخييم المواطنين، حيث وضعت السلطة مجموعة من قوات الأمن بمكان مخيم شاطئ أبو النعائم الذي يفد إليه على الأقل عشرون ألف مصطاف [...] فقد قرر جزء من أعضاء جماعة العدل والإحسان يوم الأحد 25 يونيو 2000 النزول إلى شاطئ عين الذئاب بالدار البيضاء. وللإشارة فهو شاطئ معروف، يرتاده عادة الشباب المراهق ذكورا وإناثا بلباسهم الفاضح. استمرت الفسحة من السادسة والنصف صباحا حتى الظهر، كان عددهم حوالي 150 فردا. حيث بدأوا بلعب الكرة، و حوالي العاشرة صلَّوا صلاة الضحى، ثم أدَّوا بعض الأناشيد والأمداح، وختموا اليوم بصلاة الظهر على رمال البحر". 3 . جريدة الاتحاد الاشتراكي في عددها 6173 ليوم الأربعاء 5 يوليوز 2000 قالت:" حوالي 10 صباحا من يوم الأحد فاتح يوليوز أقدمت جماعة من الأشخاص ينتمون لتيار إسلامي معين بتهديد المصطافين بشاطئ السعيدية مستعملين في ذلك العصي، ولولا تدخل السلطات لتطورت الاصطدامات بينهم وبين المواطنين الذين استنكروا هذا السلوك إلى ما لا تحمد عقباه. والجدير بالذكر أنه في نفس اليوم نزل إلى شاطئ أكادير عدد من الملتحين والنساء المحجبات لاستفزاز المصطافين بمن فيهم السياح، لكن دون عنف مما جعل السلطات التي كانت تراقب الموقف للتدخل". 4 . جريدة القدس العربي في عددها 3469 ليوم الخميس 6 يونيو 2000 قالت: " اختار الإسلاميون المغاربة البحر ميدانا لتأكيد وجودهم في الساحة السياسية [...] فبشكل منسق ومنظم غزت مجموعات من جماعة العدل والإحسان شواطئ [...] مصطحبين نسائهم اللواتي التزمن بالزي الشرعي في محاولة لثني المصطافين عن كشف أجسداهم بما يخالف الشرع. غزْو الشواطئ العامة أسلوب جديد اختارته جماعة العدل والإحسان بعد أن حرمتها السلطات من شواطئ خاصة كانت تستفيد منها في عدد من المدن كانت تقيم على شواطئها مخيمات اصطياف". 5 . جريدة "الصحيفة الجديدة " في عددها 92 7/13 يوليوز 2000 خصصت ملفها الرئيسي لما سمته ب "حرب الشواطئ" التي تخوضها جماعة العدل والإحسان بعد منع مخيماتها. وقد تساءلت الجريدة عن الأهداف الحقيقية لقرار العدل والإحسان بالنزول إلى الشواطئ : هل هي فعلا راغبة في نقل تجربتها إلى الشواطئ العمومية ؟ أم أنها فقط تضغط في اتجاه دفع الداخلية للتراجع عن قرارها القاضي بحرمانها من شواطئها "الخاصة" التي كانت تقيم فيها مخيماتها ؟ 6 . جريدة الصباح في عددها 78 ليوم الاثنين 10 يوليوز 2000 كتبت بأن " الشواطئ المغربية تتحول إلى رهان سياسي بين السلطات والإسلاميين". وتقول بأن وزير الداخلية أحمد الميداوي أكد في مقابلة مع التلفزة الوطنية " أن الدولة لن تسمح بأي ممارسة فئوية تنثر بذور الانقسام في المجتمع المغربي" وأضاف " لا أحب المخيم الإسلامي على الشاطئ لأن مساحات الترفيه يجب أن تكون مفتوحة أمام جميع المغاربة وجميع السياح الذين يزورون المملكة". 7 . جريدة الأحداث المغربية في عددها ليوم 26 يوليوز 2000 تقول بأن مصادر مطلعة أكدت من مدينة الجديدة تراجع النشاط السياحي بالمنطقة مقارنة مع السنوات الماضية، فيما أفادت بعض وكالات الأسفار بالمدينة إقدام العديد من السياح الأجانب على الاتصال بها من أجل حجز تذاكر العودة قبل الموعد الذي كان محددا من قبل. وتربط أوساط سياحية هذه الأوضاع بالإنزال المكثف لعناصر جماعة العدل والإحسان بشاطئ الجديدة، والذي أسفر بعد زوال يوم الأحد الماضي عن اعتقال أحد عشر شخصا منهم. 8 . الأحداث المغربية في عددها ليوم 28 يوليوز 2000 تعنون إحدى مقالاتها ب " حرب الشواطئ أم حرب على السياحة ؟ " 9 . الأحداث المغربية في عددها ليوم 29 يوليوز 2000 تعنون إحدى مقالاتها ب " جماعة العدل والإحسان تصعد من غزوها للشواطئ: تخوفات من التأثير على القطاع السياحي". وفي التفاصيل نقرأ: " يبدو أن جماعة العدل والإحسان اختارت أسلوب شد الحبل واستعراض العضلات بعدما لم تتمكن هذه السنة من تنظيم مخيمات باحتلالها لبعض الشواطئ واتخاذها أماكن نفوذ خاصة بها يمنع على كل أجنبي عن الجماعة ولوجها إلا إذا كان على استعداد للرضوخ لقوانين الجماعة، وهذا أسلوب اتبعته الجماعة للاستقطاب. وأمام منع السلطات لهذا النوع من المخيمات وإعادة الأمور إلى نصابها والتأكيد على عمومية الشواطئ، استعملت الجماعة أسلوب الغزو مؤسسة بذلك لمرحلة جديدة في تعاملها". 10 . الاتحاد الاشتراكي في عددها ليوم 12 غشت 2000 تنشر مقالا تحت عنوان: خلفية احتلال جماعة العدل والإحسان للشواطئ العمومية توجه لا وطني لضرب السياحة والاقتصاد المغربي. 11 . محمد المرابط وهو كاتب تطواني يكتب ثلاثة مقالات بالمناسبة: الأول تحت عنوان : إنزالات العدل والإحسان إلى الشواطئ: من البحر إلى الجهاد [ الاتحاد الاشتراكي 28/07/2000] الثاني تحت عنوان: " إنزالات جماعة العدل والإحسان إلى الشواطئ وضرورة "التوبة والرجعى". [الاتحاد الاشتراكي 11/08 /2000] الثالث تحت عنوان : " إنزالات العدل والإحسان إلى الشواطئ: أعجاز نخل خاوية" [الاتحاد الاشتراكي 18/08/2000] وكلها، تهكم وتحريض ضد الجماعة. 12 . جريدة الصباح في عددها 134 تنشر مقالا تحت عنوان:" بونظيف يريد شواطئ المغرب أن تبتسم وعبد السلام ياسين يريدها أن تلتحي". 13 . بعد عام تقريبا، صحفي اسمه جمال هاشم يكتب في جريدة "الأحداث المغربية" عدد يوم 11 06 2001 مقالا تحت عنوان تهكمي " شواطئ الرحمن ... للعدل والإحسان" ومما جاء فيه : " من لم يعترف بالدولة وبقوانينها فلا ينبغي للدولة أن تعترف به، وعليها أن تعامله بالصرامة اللازمة ضمانا لحرمتها وحرمة القانون وحقوق الناس وأمنهم، فالدرس الجزائري لازال ماثلا أمام أعيننا، فرغم فشل الإسلاميين في الوصول إلى السلطة هناك، فإن حجم الخسائر كان كبيرا، ونحن لن نسمح في بلدنا بجزائر ثانية. فالمغرب بلد الاعتدال والاستقرار بتعدديته السياسية والنقابية وبتجذر قواه الوطنية وبمؤسسته الملكية المتجددة والضامنة للدين ولوحدة الأمة، ومن أراد أن يضع نفسه مكان مؤسسة من مؤسسات الدولة فهو يضع نفسه خارج إجماع ثلاثين مليون مغربي وخارج ثوابت هذه الأمة. " إن إمارة المؤمنين مسألة محسومة بالنسبة لنا نحن المغاربة، فالملك هو حامي حمى الدين ووحدة المذهب، والمؤسسة الملكية هي العمود الفقري لوحدتنا الوطنية والسياسية، وهي هيأة التحكيم التي نلجأ إليها عند كل خلاف مستعص، فلا حاجة لنا بأي شيخ أو زعيم ناطق بسم الدين، ويكفينا ملكنا الحداثي الشاب المجدد لملكيتنا الدستورية والمطور لها". ومناسبة هذا المقال وغيره كثير لم نشأ إثباتها هنا أن السلطة ومعها باقي المخالفين للجماعة كانت تظن أن الجماعة ستنزل مرة أخرى إلى الشواطئ العمومية في صيف 2001، مما جعلها تستعد جيدا للمواجهة، لكن الجماعة كان لها رأي آخر... لم تنزل، بل بدأت في تنظيم رباطات تربوية عشرية وأربعينية. IV. توضيحات وتصريحات من قيادات الجماعة 1 . حوار مع الأستاذ فتح الله أرسلان جريدة الفتوة الناطقة بلسان حال شباب جماعة العدل والإحسان أجرت حوارا في عددها 22 الصادر يوم الاثنين 10 يوليوز 2000 مع الأستاذ فتح الله أرسلان. ومما جاء فيه: " منع المخيمات ينبغي أن نضعه في سياقه العام، فلو اقتصر منع السلطة على المخيمات لكان مقبولا مناقشة مبرراتها، لكن المنع جاء في إطار عام من التضييق والتعسفات التي تمارس على جماعة العدل والإحسان منذ ما يقرب من السنة، فهناك منع أنشطة الجمعيات التي ينشطها أعضاء من جماعتنا، حجز جريدتي "العدل والإحسان" و "رسالة الفتوة" بدون قرار رسمي أو حكم قضائي، ثم منع جميع الأنشطة والمنتديات التي تحاول الجماعة إقامتها والتضييق عليها، نستنتج إذن أن منع المخيمات جزء من خطة شاملة تستهدف تعميم الحصار على العدل والإحسان بدل الرمز فقط، ونقله من البيت إلى حصار متنقل يرقب خطواتنا ويترصد حركاتنا ويحصي أنفاسنا، وما حملة المطاردات اليومية التي تعرضت لها زيارات المرشد لمختلف مدن المغرب إلا خير شاهد". "بعد منع المخيمات وبعد التصريحات الرسمية المتواترة حول حرية استعمال الشواطئ وعدم التمييز بين المصطافين فيه فهمنا ضمنا أن السلطة تريد أن نذهب مع سائر الناس لنشاركهم الاصطياف ، فنزلنا إليها وكان بذلك وضع حد لتلك العزلة التي كانت مفروضة علينا لسنوات، ونعتبر أننا بهذا الولوج للمخيمات العمومية رجعت الأمور إلى نصابها، وتخففنا من عبء كبير كنا نعانيه في إعداد الأمكنة التي يسمونها بالمتوحشة ". " نسجل مع الأسف أن الحكومة لا تملك الجرأة كي تتكلم بصراحة ووضوح، فالمشكل ليس مشكل نزولنا بشكل منظم أو في إطار جمعيات ، ليقولوا بالمباشر أن العدل والإحسان لا يريدونها أن توجد بأي شكل من الأشكال، فهي ممنوعة سواء في المخيمات أو غيرها". 2 . ندوة صحفية لمجلس الإرشاد عقد مجلس إرشاد جماعة العدل والإحسان مساء الاثنين 10 يوليوز 2000 ندوة صحفية تطرقت للعديد من المواضيع ذات الصلة بتطور هذه الأحداث. وقد قامت مجموعة من الصحف الوطنية والعربية بتغطيتها، نختار هنا تغطية أسبوعية "الصحيفة الجديدة" في عددها 93 / 14 20 يوليوز 2000: " خيم جو العلاقة المتوترة القائمة حاليا بين جماعة العدل والإحسان والسلطة على الندوة الصحفية التي عقدتها الجماعة بمقرها بسلا. فقد كان واضحا أن التوترات الأخيرة التي عرفتها العديد من الشواطئ المغربية، وكذا الاحتكاك القوي الذي عرفته زيارة مرشد الجماعة للعديد من المدن المغربية بعد رفع الإقامة الجبرية ستكون على قائمة المواضيع التي ستفرض نفسها. فالتصعيد الأخير بدد كل الآمال التي كانت معقودة على ما بعد رفع الحصار عن مرشد الجماعة. وخلال الندوة ذكر رئيس الدائر السياسية للعدل والإحسان عبد الواحد المتوكل باستمرار الحصار ضد الجماعة، فلم يكن هناك ، حسب رأيه، أي انفراج حقيق. بل إن الحصار تحول من حصار ثابت إلى حصار متنقل ودائم [...] وبخصوص منع المخيمات الصيفية [...] أوضح فتح الله أرسلان أن قرار المنع يعد مسا خطيرا بالحقوق الطبيعية لأعضاء الجماعة، وتصعيدا لا مبرر له. وحول استعداد جماعة العدل والإحسان لدخول المعترك السياسي وفق شروطه الحالية، أوضح فتح الله أرسلان بأن الدولة حاليا هي المحددة لإطار وشروط اللعبة السياسية، وتفرض شروطها على كل راغب في دخول هذا الميدان وهو ما ترفضه الجماعة، داعيا في نفس الوقت إلى إيجاد أرضية للتفاهم يتم الاتفاق عليها من قبل الجميع. فالعدل والإحسان تعتبر نفسها حركة مجتمعية تدعو إلى إعادة النظر في التوجهات والسياسات الحالية باعتبارها لم تؤد إلى حل مشاكل البلاد باعتراف الجميع. وفي هذا الباب الجماعة مستعدة لتقديم تنازلات على أسس واضحة. وقد أقرت الجماعة بصعوبة الظرفية الحالية، وهو ما يستوجب، حسب رأيها، إصلاحا سياسيا عميقا. فالأساليب المنتهجة حاليا غير ذات جدوى، ولا بد من الجلوس لمناقشة الوضعية بدون إقصاء. السلطات منعت بالقوة إقامة مخيم خاص بالجماعة بشاطئ "الريفيين" بالقرب من "الفنيدق"على مشارف باب سبتة، وتستولي على جميع الممتلكات من خيام وأجهزة قدرت ب 200 ألف درهم، وذلك يوم 27 يوليوز 2000. وقد أصدرت جماعة العدل والإحسان فروع طنجة، تطوان، الفنيدق بيانا بهذه المناسبة. 3 الأمين العام للدائرة السياسية للعدل والإحسان عبد الواحد المتوكل صرح لأسبوعية "الصحيفة الجديدة" في عددها 96 / 8 14 شتنير 2000 : "نحن فرحون ومستبشرون بخصوص ما حصل، وبكل صراحة كنا في موقع مريح مع الآخر، الذي كان يظهر ظلمه وتسلطه". 4 الأستاذ عبد السلام ياسين قال: " طيلة 14 سنة ونحن نقيم مخيمات عبر شواطئ البحر للشباب وبمشاركة عامة المغاربة، واليوم يمنعوننا من ذلك. هب أن ما كنا نعمله لا ترضي صورته الغرب، لأن نساءنا يرتدين الحجاب، فها نحن اليوم نلتقي في الشواطئ العمومية ونقيم الصلاة في وقتها. وهذا شكَّل شوكة في حلق الحكومة لأنها تعتبر الصلاة على الشاطئ تشوه صورة المغرب. فقد قال لنا أحد المسؤولين السياسيين المحليين، "طيب اذهبوا إلى الشواطئ، لكن لا تقيموا الصلاة من فضلكم". وهذا ما لا نرضاه. إنها محاربة الدولة للإسلام. هؤلاء الناس فقدوا هويتهم". [ رسالة الفتوة عدد يوم 4 غشت 2000 ] 5 الأستاذ فتح الله أرسلان قال: " نعتبر ذهابنا إلى الشواطئ العمومية قمة في النبل والتسامح ونكران الذات، حيث أننا تنازلنا عن حقنا الطبيعي والقانوني والشرعي في التخييم، وفضلنا عدم الدخول في متاهات أو مشاكل رغم وجود مظاهر تخالف القانون ويمنعها، ونحن لن نقوم مقام الدولة في تطبيق القانون فهذه مسؤوليتها" [ رسالة الفتوة عدد 23 / 08 09 2000 ] V. شخصيات ومواقف 1 . موقف الشيخ يوسف القرضاوي: الشيخ يوسف القرضاوي قال: الذهاب إلى الشواطئ للاستجمام حق لكل مواطن ولكل إنسان، فليس الاستجمام حقا لكل اللادينيين وحدهم، حتى إذا ذهب الإسلاميون أنكر عليهم ذلك، فهل هواء البحر محرم على أهل الدين ؟ فإذا جاء وقت الصلاة جاء المسلمون على شواطئ البحر ليصلوا، فلماذا هذا الإنكار على جماعة "أهل العدل" ؟ 2 . السيد عبد المنعم بن صديق: السيد عبد المنعم بن صديق نجل العلامة عبد العزيز بن صديق رحمه الله يكتب في جريدة الخضراء الجديدة في عددها 378 ليوم الخميس 27 يوليوز 2000: " الصلاة لا تجوز في مكان كشاطئ البحر أمام النساء العرايا". "هذه ليست صلاة ... هذا منكر يهدف لتسييس العبادة". وقد رد عليه محمد بن الأزرق في العدد 24 من رسالة الفتوة ليوم 4 غشت 2000 بمقال تحت عنوان " الإعلام بما في فتوى عبد المنعم بن صديق من أوهام" . 3 . الفقيه التطواني محمد الأمين بوخبزة: الفقيه التطواني محمد الأمين بوخبزة قال: " إن ما تفعله جماعة العدل والإحسان من النزول إلى الشواطئ العامة المختلطة المزدحمة بالفساق والفجار بنسائهم للسباحة والصلاة والناس ينظرون، بدعوى إعلان شعائر الدين والدعوة إلى الله، وهم كاذبون في ذلك، ومقصود رؤسائهم تحدي السلطة ولفت الأنظار إليهم والتصعيد، حتى إذا وقع اصطدام تحدثت وسائل الإعلام عنهم [...] والصلاة في تلك الرمال الملوثة فيها نظر ، على أن مواضع الصلاة هي المساجد حيث ينادى لها إلا لضرورة شرعية ". نقل هذه الفتوى تلميذه بدر العمراني في مقال له حول الموضوع نشره في جريدة الأحداث المغربية عدد يوم 25 غشت 2000. خاتمة في كتابه "الدين والسياسة في المغرب" الصادرة طبعته الأولى في نونير 2000 يعتبر محمد ضريف بأن هاجس مواجهة الجماعة بهدف تحجيمها شكل أحد البواعث المركزية ل "حرب الشواطئ"، ويعتبر هذه "الحرب" محصلة ونتيجة لصراع طويل بين الجماعة والسلطة. ويطرح سؤالا عميقا يبحث من خلاله عن خلفيات هذا التصعيد. على طول صفحات 153 165 من الكتاب اشتغل محمد ضريف على جملة من الأفعال وردود الأفعال المتبادلة بين الطرفين، والتي شكلت قاعدة لانفجار ما سمي ب "حرب الشواطئ"، نقوم في هذه الخاتمة بتركيبها على الشكل التالي: قيام طلبة العدل والإحسان بتنظيم وقفات احتجاجية ابتداء من 24 نونبر 1999 بعد إعلان الملك عن بداية الشروع في تطبيق مقتضيات الميثاق الوطني للتربية والتكوين. وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية يلقي درسا افتتاحيا ضمن سلسلة الدروس الحسنية يوم 11 دجنبر 1999 ، فتحدث بشكل إيجابي عن القوى العلمانية، ووصفها بأنها قوى "عميقة الإيمان"، في حين تحدث بشكل سلبي عن التيار الإسلامي، واعتبر ممثليه أشخاصا يسعون إلى تنصيب أنفسهم "زعماء" ويرغبون في احتكار الدين. في نفس اليوم 11 دجنبر 1999 أعلن مجلس إرشاد الجماعة عن تنظيم مسيرة تضامنية مع الشعب الشيشاني يوم الأحد 16 دجنبر 1999. السلطة تمنع تنظيمها. عبد السلام ياسين يوجه رسالة إلى الملك محمد السادس بعنوان "مذكرة إلى من يهمه الأمر". وزعت خلال الحفل الذي نظم بسلا بتاريخ 31 يناير 2000 تخليدا للذكرى العاشرة لفرض الحصار. رفع الحصار عن الأستاذ ياسين في ماي 2000، لكنه لم يأت في سياق إحداث انفراج بين السلطة والجماعة، ولكن أتى في سياق تصور يرمي إلى حصار الجماعة بأساليب أخرى، ما دام أن حصار "الرجل" استنفذ مبررات وجوده. تذكير الأستاذ ياسين بشكل ضمني في الندوة الصحفية التي تلت رفع الحصار عنه، بعدم اعترافه بإمارة المومنين، وذلك حين قال بأن السلطة عرضت على الجماعة سنة 1991 تأسيس حزب سياسي شريطة الاعتراف بإمارة المومنين، ولكن طلبها رفض. وعن سؤال حول إمكانية تقديم نفس العرض، كان الجواب أن "لا تغيير في الموقف".