بدعوة كريمة من أحد أصدقائي وبوحي أحد عشاق الأغنية المغربية، حضرت يوم السبت 22 نونبر 2014 بمدينة الدارالبيضاء، حفلا فنيا جميلا اجتمعت فيه مواصفات البهجة والحفاوة الإنسانية والإختيارات النغمية البديعة. وقد كان الحفل من تنظيم جمعية نغم، وهي تضم مجموعة من محبي الموسيقى العربية الأصيلة، وتهدف إلى المساهمة والتعريف والحفاظ على التراث الموسيقي العربي. وقد وفرت الجمعية شروط النجاح لهذا الحفل الفني الذي كرم الشاعر المغربي الكبير عبد الرفيع جواهري واحتفل بإبداعاته التي لحنها وغناها جملة من الفنانين المغاربة المتميزين. وقد كان الإستحضار قويا لأغنية "القمر الأحمر" بمناسبة مرور 50 سنة على إبداعها كانت اللحظة سعيدة ومفعمة بالمشاعر الإنسانية الرقيقة، لأن وجها إبداعيا مثل الأستاذ عبد الرفيع جواهري يستحق الإعتراف والتكريم لما قدمه من مساهمات غنية في ميادين الشعر والصحافة والمحاماة، وفي مجال خدمة الشأن العام الحقوقي. خلال تلك الأمسية، تذكرت الحضور النوعي من الإعلاميين والمثقفين والمتذوقين للفن الراقي في لحظات من تاريخ الموسيقى والغناء المغربيين. كان الأستاذ عبد الرفيع جواهري، الذي واكبت مسيرته منذ السبعينات، في منتهى التواضع والود والتألق، متفاعلا مع الأجواء الجميلة التي وفرتها جمعية "نغم" . إلا أن ما حزّ في نفسي وجعلني أختار التعبير بهذا الصوت المسموع، أن الأستاذ عبد الرفيع، وهو يتحدث عن رائعة "القمر الأحمر"، استحضر كل التفاصيل المرتبطة بهذا العمل حيث ذكر الملحن الراحل عبد السلام عامر، وعازف العود الأستاذ عمر الطنطاوي، والسمفونية الفرنسية التي أدت الجزء الأول من هذه القطعة، قبل أن يؤديها الجوق الوطني كاملة برئاسة الأستاذ أحمد البيضاوي. كما ذكر المذيعة لطيفة الفاسي، بقراءتها التعبيري للقصيدة، والمذيعة بديعة ريان، والمطربة بهيجة إدريس التي أدت جزءا صغيرا من الأغنية بصوتها. ذكر الأستاذ عبد الرفيع كل هذه الأسماء، ونسي إسما كبيرا، وكبيرا جدا في تاريخ الأغنية المغربية، الأستاذ عبد الهادي بلخياط، الذي أدى بشكل ساحر أغنية "القمر الأحمر" وساهم بشكل حاسم في نجاحها، وفي خلودها ضمن "الريبيرتوار" الفني المغربي . أظن بأن الإنصاف كان يقتضي ذكر عبد الهادي بلخياط، وأظن بأن العلاقات الفنية سموها تتطلب ذلك... معروف بأن الفنان عبد الهادي أصبحت له اختيارات أخرى في الحياة، تلك حريته، ولكنه يبقى إسما بارزا في الأغنية المغربية، كما يبقى الأستاذ عبد الرفيع اسما بارزا في الشعر المغربي. أعرف بأن الظروف التي حالت دون حضور الفنان عبد الهادي بلخياط للحفل هي تواجده خارج الوطن بالديار الهولندية، وأعرف جيدا بأنه لم يكن ليتخلى عن الحضور لولا هذه الظروف. رغم كل شيء، إذا كان الأستاذ عبد الرفيع جواهري قد نسي ، فإننا نلتمس له العذر، وإذا كان قد تناسى، سنلتمس له العذر كذلك، المهم أن تبقى العلاقات بين فنانينا ومبدعينا قوية ونبيلة.لأننا في حاجة إليهم جميعا.. جميعا.