لم تكن شابة عمرها لا يتخطّى 24 سنة تدري أنها ستكون ضحية ل"خطأ طبي" على يد اختصاصية في أمراض النساء والتوليد أجْرَت لها عملية قيصرية الصيف المنصرم، وذلك بعد أن تَركت جسما غريبا تبيَّن لاحقا أنه مادة معدنية استقرّت في رحم المريضة. الحزن يسود بنَظرات عيني الأم الشابة وهي تحكي ما أصابها قبل شهور خمسة من الآن، وبالضبط يوم 9 يوليوز المنصرم حين توجهت صوب إحدى المصحات الخاصة بمدينة سلا قصد وضع مولودُها الأول عن طريق إعملية قيصرية تكلفت بها طبيبتها التي تابعت معها تطورات فترة الحمل وسط عيادتها الخاصة. الآلام المبرحة والانتفاخ الكبير على مستوى البطن اللذان رافقا الشابة طيلة أسبوع، بعد الولادة، جعلاها لا تستطيع الجلوس ولا الوقوف، وحتى التنفس صار صعبا.. فيما كان المفسرون من حولها يرون الامر عاديا بعد "القيصرية" وفق ما أوردته هدى أغزافن ضمن حديثها لهسبريس، لكن استمرار تلك الأعراض دفعتها للعودة، من جديد، صوب عيادة اختصاصية الولادة التي وصفت عددا من الأدوية في محاولة لتخطي الإشكال، دون أن يتم البصم على أي تحسن يُذكر، ليصبح إجراء فحص إشعاعي على الرحم ضرورة مُلحة. أجواء الصيف الحارة، بداية غشت المنصرم، كانت أكثر وطأة على هدى وزوجها.. خصوصا يوم توجها لإخضاع البطن الموجوع ل"السكانير" بإحدى مرافق للكشف بالأشعة بالعاصمة الرباط، والمفاجأة أن المشرفين على الاختبار طالبوا المريضة بإزالة "صفيحة معدنية " قد تكون في جيب لباسها أو ربما تُزينها، ليُعرِّضها نَفيُ وجود "المعدن" للتفتيش من طرف إحدى الممرضات.. وأما السؤال عن اسم الإطار الطبي الذي أشرف على عملية الولادة فقد كان بابا مشرعا أمام معاملة بطريقة حذرة تبعث على الشك، ليرفض بعدئذ القائمون على "السكانير" تسليم هدى وزوجها نتائج الفحص الكاشفة لحقيقة الوضع. الزوج الغاضب أصر على أن لا يغادر المصحة دون الحصول على التقرير الذي دفع لأجله ما يزيد عن 3000 درهم.. فما كان من المواجهين بالغضب إلا أن سلموه نسخة من الصور دون أي تقرير مكتوب يوضح الحالة، بينما طلبت تقنية من الزوج معاملة زوجته المريضة برفق وعدم تحريكها بطريقة عنيفة لأن في رحمها تستقر "مادة معدنية". في نفس اليوم حملت هدى نُسخة من صور الفحص بالأشعة وتوجَّهت صوب عيادة اخصائية التوليد التي عملت على طَمأنتها، وهي العالمة بتفاصيل ما وقع في عيادة الأشعة.. "الدكتور الذي سبق له أن أجرى عملية إزالة مرّارة لك، في شهر حملك السابع، هو المعني بالخطأ الطبي، فقد نسي القطع المعدنية و ضمادة داخل بطنك، وأنت الآن في حاجة لإجراء عملية ثانية على رحمك" تقول الطبيبة لهدى. الشابة الضحيّة لم تجد أمامها إلا الامتثال لطبيبة تثق بها، وعادت لذات المصحة ووضعت نفسها بين يدي ذات الأطباء، مجرية عملية على رحمها نالت من القطعة المعدنية التي أختفَت.. "لقد رُمِيَت" هذا ما أُخبرت به بعد إفاقتها من تخدير التدخل الجراحي بعد أن كانت الطبيبة قد وعدتها بتسليمها "المادة الدخيلة"، وبالطبع غاب أي تقرير صحي عن الحالة. لم تنتهي متاعب هدى الصحية بعد إزالة ما كان في رحمها واكتشافها حقيقة تعرضها لخطأ طبي هدَّد استقرار حياتها الأسرية وجعلها تُهمل طفلها وتحرمه، بسبب متاعبها وآهاتها، من الرضاعة، كما هدد علاقتها الزوجية، وأصابها بأمراض نفسية تتابع على إثرها علاجا نفسيا مكثفا., وبزفرة عميقة تقول لهسبريس: "عاودتني الآلام وقصدت طبيبا اختصاصيا آخر ليخبرني أن رحمي مُصاب بتليَّف خطير، وأن مبيضي الأيسر تأذى كثيرا ومن الضرورة إجرائي لعملية جراحية ثالثة في أقرب وقت". هدى تقر بالخوف والإحباط الذي أضحى لا يفارقها، وتورد أنها لم تعد تثق في مشرط أي طبيب، ولا تملك مالا حتى تكشف على رحمها ومبيضيها بفحوص جديدة، كما أنها لا تستطيع إجراء العملية المستعجلة بعدما أصبح زوجها مهددا بخسارة عمله، وذلك جراء الوضع الاقتصادي المحرج للعائلة التي تراكمت عليها قروض وباعت ما كانت تتوفر عليه من سيارة ومجوهرات وأثاث لسداد الديون، كما خسرت الأسرة اطمئنانها وفرحها بالمولود الذي رزقت به. "تعرضتُ للكذب والخداع، وتأذَّيتُ نفسيا وماديا وصحيا ،ولا زلت أُعاني الآلام المبرِّحة، يوميا، إلى جانب إفرزات غامضة مرفوقة بمخلفات صلبة، فمن ينقذني وأنا وسط بلدي" تقول هدى لهسبريس وهي تغالب دموعها التي أبت إلاّ أن تقع على رأس طفلها الذي كانت تحمله بين يديها. لمزيد من المعطيات، ولكل غاية مفيدة، هاتف أسرة هدى هو: 0694350380