قال عبد الله حمودي، أستاذ فخري بجامعة برينستون وأستاذ سابق بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة، إن "الأسطول الكوني يختلف عن كل الأساطيل المعروفة، لأنه لا يملك قوة السلاح؛ بل قوة العزم"، مضيفًا أن "محركه هو الوازع الإيتيقي، وأن هدفه إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة؛ من ماء وغذاء وأدوية ووسائل العلاج المناسبة". وأشار حمودي، في مقال له بعنوان "الأسطول الكوني سيكسر الحصار على غزة"، إلى أن "ما يجري هو أكبر انتفاضة في البحر"، موردًا أنها "إنسانية متحركة نحو هدف هو كسر الحصار"، وموضّحًا أن "صمود الأسطول مستلهم من صمود الشعب الفلسطيني في وجه الشعب-العسكر الإسرائيلي، وأنه صمود أحرار العالم بمن فيهم أحرار اليهود خارج إسرائيل وداخلها". نص المقال: هو أسطول أعده أفراد من شعوب تسوسها 140 دولة، تموقعت في جميع القارات. التنظيم محكم، والقيادة تتمتع بمشروعية تمخضت عن نقاش؛ وإجماع المنخرطين نساء ورجالا على إنجاز عظيم: كسر الحصار سلميا على غزة. ثم إيصال المساعدات الإنسانية؛ من ماء وغذاء ومواد وكماليات، لتغذية الأطفال وكل ذوي الاحتياجات الخاصة، من حوامل ومرضعات، وكذلك المرضى والمصابين والمسنين والعجزة... كما الأدوية ووسائل العلاج المناسبة. إنه أسطول كوني؛ على خلاف الأساطيل المعروفة، ليست لديه قوة سلاح؛ قوته قوة العزم، ومحركه الوازع الإيتيقي ليس إلا. أكبر انتفاضة تجري في البحر، تصورها منظموها كحراك إنساني، أو إنسانية متحركة نحو هدف: ذلكم هو أسطول الصمود؛ صمود ألهمه صمود الشعب الفلسطيني في وجه الوحشية التي تقمصت الحضارة، في وجه إرهاب الدولة العظمى وحليفتها الدولة-العسكرفاشية، في وجه الشعب-العسكر الإسرائيلي الذي اخترع دينا مبنيا على إعدام الإنسانية، على إعدام كل المعايير الأخلاقية والأدبية. صمود هو صمود أحرار العالم نفسه، في كل مكان؛ بمن فيهم أحرار اليهود خارج إسرائيل وداخلها. شاهدتُ الأسطول وهو يتقدم في اليمّ نحو الهدف، وراية فلسطين ترفرف فوق السفن، بين الماء والسماء، والسفن تجوب الفلك، لا يحد ملاحتها حد يُرى. تصورتُ لغاتها، وكأنها لغات الأرض بأكملها: بابل يجوب الفلك. منفصلا عن كل المعالم في الطريق، ما عدا معلمة تنيرها الأديان، وينيرها العقل، ويغذيها حس التواصل الإنساني. إنه مستقبل البشرية الذي يبشر به صمود غزة، محنة غزة. هي بابل اللغات. ولغات الأسطول ليست اللغة الأحادية؛ ولكن بابل اللغات المتعددة، المنفتحة على بعضها البعض، في أفق الثقة والإبداع. إنسانية تختلف وتعترف باستعداد البشر لولوج كونية شاملة، تتطلع دوما إلى ما هو أشمل. شاهدتُ اليوم (الأحد 7 شتنبر 2025) فيديو الحياة على ظهر السفينة القيادية؛ سمعتُ كلام الطاقم، في موضوع النظام الداخلي، من تمرين على اللياقة البدنية، وتوزيع للمهام والوظائف، من تسيير للسفينة، واليقظة، كما رصد المخاطر. وفي الطبخ، والأكل، والتنظيف، بتفاصيل كل وظيفة، الصغيرة منها والكبيرة. وتوزيع الأشغال هذا لا يخضع لطبقة اجتماعية، أو لطبقات العلم، أو لطبقات المهارات؛ لكنه يحترم العلم والمهارة، وأصحابهما من نساء ورجال. إن أسطول الصمود مخاض؛ ربما هو ذلك الرحم الذي سوف ينجب إنسانية المستقبل. بسلام، في أفق وئام.