"فيتش" تحذر المغرب من تخطي نفقات البنيات التحتية للمشاريع الكبرى للتقديرات    النيابة العامة الفرنسية تطلب إطلاق سراح ساركوزي بانتظار محاكمة الاستئناف    باريس.. قاعة "الأولمبيا" تحتضن أمسية فنية بهيجة احتفاء بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء    ألمانيا تطالب الجزائر بالعفو عن صنصال    الوداد ينفرد بصدارة البطولة بعد انتهاء الجولة الثامنة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    82 فيلما من 31 دولة في الدورة ال22 لمهرجان مراكش الدولي للفيلم    قتيل بغارة إسرائيلية في جنوب لبنان    200 قتيل بمواجهات دامية في نيجيريا    رئيس الوزراء الاسباني يعبر عن "دهشته" من مذكرات الملك خوان كارلوس وينصح بعدم قراءتها    عمر هلال: نأمل في أن يقوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بزيارة إلى الصحراء المغربية    انطلاق بيع تذاكر ودية المغرب وأوغندا    قرب استئناف أشغال متحف الريف بالحسيمة    احتقان في الكلية متعددة التخصصات بالعرائش بسبب اختلالات مالية وإدارية    مصرع أربعيني في حادثة سير ضواحي تطوان    المغرب يتطلع إلى توقيع 645 اتفاقية وبروتوكولا ومعاهدة خلال سنة 2026.. نحو 42% منها اقتصادية    إصابة حكيمي تتحول إلى مفاجأة اقتصادية لباريس سان جيرمان    الإمارات ترجّح عدم المشاركة في القوة الدولية لحفظ الاستقرار في غزة    الحكومة تعلن من الرشيدية عن إطلاق نظام الدعم الخاص بالمقاولات الصغيرة جداً والصغرى والمتوسطة    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بانخفاض    حقوقيون بتيفلت يندّدون بجريمة اغتصاب واختطاف طفلة ويطالبون بتحقيق قضائي عاجل    اتهامات بالتزوير وخيانة الأمانة في مشروع طبي معروض لترخيص وزارة الصحة    مكتب التكوين المهني يرد بقوة على السكوري ويحمله مسؤولية تأخر المنح    برشلونة يهزم سيلتا فيغو برباعية ويقلص فارق النقاط مع الريال في الدوري الإسباني    العالم يترقب "كوب 30" في البرازيل.. هل تنجح القدرة البشرية في إنقاذ الكوكب؟    البرلمان يستدعي رئيس الحكومة لمساءلته حول حصيلة التنمية في الصحراء المغربية    وقفة احتجاجية في طنجة دعما لفلسطين وتنديدا بحصار غزة    الركراكي يستدعي أيت بودلال لتعزيز صفوف الأسود استعدادا لوديتي الموزمبيق وأوغندا..    الدكيك: المنتخب المغربي لكرة القدم داخل القاعة أدار أطوار المباراة أمام المنتخب السعودي على النحو المناسب    كيوسك الإثنين | المغرب يجذب 42.5 مليار درهم استثمارا أجنبيا مباشرا في 9 أشهر    توقيف مروج للمخدرات بتارودانت    لفتيت: لا توجد اختلالات تشوب توزيع الدقيق المدعم في زاكورة والعملية تتم تحت إشراف لجان محلية    ساعة من ماركة باتيك فيليب تباع لقاء 17,6 مليون دولار    دراسة تُفنّد الربط بين "الباراسيتامول" أثناء الحمل والتوحد واضطرابات الانتباه    زايو على درب التنمية: لقاء تشاوري يضع أسس نموذج مندمج يستجيب لتطلعات الساكنة    العيون.. سفراء أفارقة معتمدون بالمغرب يشيدون بالرؤية الملكية في مجال التكوين المهني    احتجاجات حركة "جيل زد " والدور السياسي لفئة الشباب بالمغرب    حسناء أبوزيد تكتب: قضية الصحراء وفكرة بناء بيئة الحل من الداخل    هنا المغرب    مؤسسة طنجة الكبرى: معرض الطوابع البريدية يؤرخ لملحمة المسيرة الخضراء    لقاء الجيش و"الماص" ينتهي بالبياض    تراجع عجز السيولة البنكية إلى 142,1 مليار درهم    تتويج المغربي بنعيسى اليحياوي بجائزة في زيورخ تقديرا لالتزامه بتعزيز الحوار بين الثقافات    "أونسا" ترد على الإشاعات وتؤكد سلامة زيت الزيتون العائدة من بلجيكا    الدار البيضاء تحتفي بالإبداع الرقمي الفرنسي في الدورة 31 للمهرجان الدولي لفن الفيديو    ست ورشات مسرحية تبهج عشرات التلاميذ بمدارس عمالة المضيق وتصالحهم مع أبو الفنون    المنتخب المغربي الرديف ..توجيه الدعوة ل29 لاعبا للدخول في تجمع مغلق استعدادا لنهائيات كأس العرب (قطر 2025)    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بين ليلة وضحاها.. المغرب يوجه لأعدائه الضربة القاضية بلغة السلام    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاغتصاب الزوجي من العنف إلى الحماية القانونية
نشر في هسبريس يوم 09 - 03 - 2015


الى السيدة وزير الأسرة والتضامن
إذا كانت الأسرة هي نواة تضم زوجين يعيشان تحت سقف واحد، فإن العلاقة الزوجية فيها الشق العلني، الذي يعرفه المجتمع بعد إشهار الزواج، وفيها الشق الحميمي، الذي يجتمع فيه ما يدخل في خانة الخصوصية. ما يجمع بين زوجين ليس فقط الوثيقة العدلية التي تشهد على شرعية مؤسسة الزواج، ولكن هناك معطى السكن النفسي والتناغم الجنسي، الذي من المفروض أن يحصل بين كائنين لاستمرار العيش المشترك والتفكير في قرار النسل .
داخل بيت الزوجية، هناك فضاء مغلق، حافل بالأسرار، حيث يرغم بعض الأزواج زوجاتهم على الاغتصاب الزوجي دون رغبة منهن. وهو الإكراه البدني الذي له تداعيات نفسية وجسدية على مربية الأجيال، بشكل يتم فيه استخدام قاموس العنف بكل أنواعه، أو التهديد و الإهانة الحاطة بالكرامة، الشيء الذي يفرز لنا مشاعر سلبية تنعكس على الأطفال وعلى توازن الأسرة برمتها.
يعرف الطب النفسي الاغتصاب الزوجي، على أنه نوع من العنف يتلبس بالفعل الجنسي. و هو رغبة من الزوج في إثبات فحولته التي ربما تكون قد عانت في فترة من حياته الماضية من الخدش. أو لإثبات رجولته من جهة أخرى لتحدي القهر والفقر والعجز على مواجهة متطلبات الحياة العامة، التي يمكن أن يشعر أمامها بالاستصغار و يرغب في أن يكون أقوى منها ويحقق بذلك انتصارا رمزيا عليها. وما ميوله لتفريغ العنف في الفضاء الخاص إلا محاولة منه لإزاحة صورة القهر التي لا زالت عالقة بلا شعوره. أو هو إرضاء للشعور باللذة في رؤية الآخر يتألم. أو هو تصريف للضغط الذي يتعرض له في الشغل أو في فضاءات أخرى، يصدره نحو من يعتبرها ثقافيا وجسديا، الحلقة الأضعف في المجتمع؛ ألا وهي الزوجة.
إن لجزء من ثقافتنا العربية الإسلامية، حيزا كبيرا في ترسيخ صورة سلبية، لدور المرأة الجنسي في فراش الزوجية. حيث نصح الطبري الرجل المؤمن الذي ترفض زوجته المضاجعة بأن يوثقها ويهجرها في المضجع، أي يربطها مثل البهيمة بالفراش حتى تلين. هنا الرغبة في المجامعة، هي حق خاص بالرجل، إن شاء استوفاه وإن شاء تركة.
الفقهاء يجمعون على أن الزواج هو عقد تملك للبضع. والبضع يفيد تملك الرجل لفرج المرأة، التي يتم هنا إختزالها في هذا العضو فقط. والزواج هو تمليك حق منافع البضع من طرف الزوج. التعريفات أعلاه لا تورد ما يفيذ التبادل في هذه المنافع. إلى درجة جعلت فيها المرأة من المتاع المملوك للرجل، وتكرس عند البعض التعامل معها على هذا الأساس .
حتى أن تفاسير بعض الفقهاء، اللذين يوزعون صكون الحلال والحرام عن عواهلها، أجازوا على الزوج مجامعة المرأة ووطأها مرة واحدة في العمر، إن أراد فقط استيفاء الصداق. وبعد ذلك يمكنه هجرها مثل الجارية إن شاء. بل إن منهم طائفة ذهبت إلى تعريف الزواج، على أنه "عقد نكاح لمجرد التلذذ بآدمية"، ولذلك فالنفقة لا تجب على الواطئ وليس له أي حق عندها، إلا في شق الإستمتاع الذي يسقط في حق الزوجة المريضة، التي لا تصلح لذلك.
بل إن فريقا كان يحلل الاغتصاب الزوجي ويعتبره حق من حقوق الزوج على زوجته، التي إن رفضت المضاجعة تنعلها الملائكة. كثيرة هي المفاهيم الخاطئة الموروثة والتي رسخت لمفهوم الطاعة العمياء للبعل، في بعض الأحاديث والتي تدخل في خانة، حق الزوج على زوجتة. إذا رغب فيها وراودها عن نفسها، حتى وهي على ظهر بعير، عليها أن تنزل وتلبي رغبته.
إن المجتمع الذي تغيب فيه ثقافة المساواة، يستبيح سلوكات الرق، يعطي لكائن الحق في استعمال السلطة المفرطة على كائن أخر، لفرض ما يريد، و قتما يريد، و من أي جهة يريد. في ظل تزويج قاصرات لايعرفن ما ينتظرهن، وفي ظل غياب الثقافة الجنسية وغياب الحماية القانونية لهن، يعرض الزواج المبكر المرأة إلى الإستغلال الجنسي دون أن تدري نظرا لأميتها في هادين المجالين. أحيانا حتى ولو كان الوعي بالإستغلال الجنسي الشاد، فإن المرأة لا تجرؤ على الحديث عن رغبات زوجها المكتومة والمحمومة. الرضوخ لنزوات بعض الأزواج، يكون عموما خوفا من التفكك الأسري و الطلاق.
في المجتمعات الذكورية، تتربي المرأة على طاعة زوجها و الرضوخ له و الإنصياع لنزواته ولأوامر. هذا المجتمع يعترف فقط باحتياجات الرجل الجنسية، بينما يرى أنه ليس من حق المرأة التعبير عن احتياجاتها الشبقية، وإن فعلت ذلك، فانها ذات سوابق. ومن ثم تراكم تاريخيا، عند الرجل جواز السيطرة المطلقة على المرأة من أجل إرضاء احتياجاته البيولوجية.
السيدة الوزيرة المحترمة
في كل الدول الأوربية، أمريكا الشمالية والجنوبية استراليا وأفريقيا الجنوبية، الاغتصاب الزوجي مجرم قانونا. فيما بعض الدول تعاقب عليه حين يكون الزوجين منفصلين. في حين في باقي دول العالم السائر في طريق النمو، بما فيها المغرب، الاغتصاب الزوجي قانونيا يعتبر فقط نوع من أنواع العنف الأسري.
اذا كانت هشاشة المعطى الثقافي والاقتصادي تفرز لنا تزويج 30000 قاصر في السنة، وكان العنف ضد النساء يمثل نسبة 62.8%، فإن جزءا منها يؤشر على معدل الاغتصاب الزوجي، ولو أن القليلات يصرحن بذلك، لأنهن يعتبرن الموضوع يدخل في خانة الأسرار التي يصعب التصريح بها. لكن الأبحاث الاجتماعية الميدانية وعلم الجريمة، توقف على جرائم الجنس التي أظهرت أن المرأة لا تعيش في محيط آمن، بل تعيش العنصرية يوميا في الفضاء العام داخل أسرتها وحتى بيتها. الدراسات تؤكد أن امرأة واحدة ضمن ثلاثة تتعرض للتحرش و للعنف وترغم على ممارسة الجنس. والقليلات منهن من لم يتعرضن للاستغلال الجنسي خلال حياتهن. والباقيات يتم استغلالهن من طرف جاني يكون إما أجنبيا عنها، أو احد أفراد عائلتها أو شريكها.
صحيح أن الاغتصاب الزوجي من أكثر الجرائم شيوعاً على المستوى العالمي، لكن لا يمكن لأي مخططات تنموية، أن تعطي نتائج إيجابية، وجزء من نصف المجتمع يعاني من اضطرابات لها تكلفة على الواقع الاقتصادي، و أثار تنعكس على تربية الأطفال وعلى التوازن النفسي، العاطفي، الفكري والروحي. لذا انطلاقا من مسؤوليتكم كوصية على القطاع، يجب عليكم حمايتها قانونيا، وإنشاء مراكز لايواءها، وتسطير مخططات التقائية لتوفر لها الاستقلالية المادية، فرض ميثاق للمعاشرة الطيبة التي لها أصولها في ثقافتنا، تمرير وصلات إشهارية تضم رسائل فكرية وثقافية وروحية تسمح بالتواصل الراقي والحضاري بين الزوجين. كما أن التلوث الهمجي والإرهاب الذي تتعرض له هاته الفئة وآثارها على سلامتها العقلية والجسدية، تتطلب منكم توفير آليات الدعم الطبي، لامكانية تعرضها للأمراض المنقولة جنسيا، والدعم النفسي لتجاوز مراحل الاكتئاب وأثارها السلبية من احتقار للذات، الرغبة في الإنتقام أو الإنتحار. كما عليكم توفير الحماية لها في حال قررت اللجوء إلى القضاء والتبليغ عن معاناتها.
ونحن نعدل ونتمم الترسانة القانونية، لابد من صياغة مادة شاملة، واضحة في القانون الجنائي، تجرم الاغتصاب الزوجي، وتدرج ضمن قانون العقوبات، بل وتشدد على العقوبة لأن المواد الموجودة في ق ج تجرم التغرير بالقاصر، الإغتصاب و الإكراه على الجماع تحت التهديد أو الاستدراج، وتستثني في ذلك ما يمكن أن يقع للزوجة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.